الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وستين وستمائة
في شعبانها افتتح السّلطان حصن الأكراد بالسيف، ثم نازل حصن عكّا، وأخذه بالأمان، فتذلّل له صاحب طرابلس، وبذل له ما أراد، وهادنه عشر سنين.
وفي شوّالها جاء سيل بدمشق في بحبوحة الصّيف، وذلك بالنهار والشمس طالعة، فغلّقت أبواب البلد، وطغا الماء وارتفع، وأخذ البيوت والأموال، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع، حتّى طلع الماء فوق أسطحة عديدة، وضجّ الخلق، وابتهلوا إلى الله تعالى. وكان وقتا مشهودا، أشرف الناس فيه على التّلف، ولو ارتفع ذراعا آخر لغرق نصف دمشق.
وفيها توفي ابن البارزيّ قاضي حماة شمس الدّين إبراهيم بن المسلم بن هبة الله الحموي الشّافعي [1] تفقه بدمشق بالفخر بن عساكر، وأعاد له، ودرّس بالرّواحية، وولي تدريس معرّة النّعمان، ثم تحوّل إلى حماة ودرّس بها، وأفتى، وولي قضاءها فحمدت سيرته، وكان ذا علم ودين.
وتوفي في شعبان عن تسع وثمانين سنة.
وفيها الشيخ حسن بن أبي [2] عبد الله بن صدقة الأزدي الصّقليّ
[1] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 457- 458) و «العبر» (5/ 291) و «الوافي بالوفيات» (6/ 146- 147) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 268- 269) .
[2]
لفظة «أبي» سقطت من «آ» .
المقرئ [1] ، الرّجل الصّالح. قرأ القراءات على السّخاوي، وسمع الكثير، وأجاز له المؤيد الطّوسي، وتوفي في ربيع الآخر، وكان صالحا، ورعا، مخلصا، متقلّلا من الدّنيا منقطع القرين، عاش تسعا وسبعين سنة.
وفيها ابن قرقول، صاحب كتاب «مطالع الأنوار» إبراهيم بن يوسف الحموي [2] . كان من الفضلاء الصّلحاء. صحب علماء الأندلس، وكتابه ضاهى به «مشارق الأنوار» للقاضي عياض. صلّى الجمعة في الجامع ثم حضرته الوفاة، فتلا سورة الإخلاص، وكرّرها بسرعة، ثم تشهّد ثلاث مرّات وسقط على وجهه ميّتا ساجدا، رحمه الله تعالى.
وفيها ابن سبعين الشّيخ قطب الدّين أبو محمد عبد الحقّ بن إبراهيم ابن محمد بن نصر الإشبيلي المرسي الرّقوطي [3] الأصل الصّوفي المشهور [4] .
قال الذهبي: كان من زهّاد الفلاسفة، ومن القائلين بوحدة الوجود. له تصانيف وأتباع يقدمهم يوم القيامة. انتهى.
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقاته» : درّس العربية والآداب بالأندلس، ثم انتقل إلى سبتة وانتحل التصوف على قاعدة زهد الفلاسفة وتصرّفهم، وعكف على مطالعة كتبه، وجدّ واجتهد، وجال في بلاد المغرب،
[1] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 458) و «العبر» (5/ 291) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 675) و «الوافي بالوفيات» (12/ 92) .
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (1/ 62- 63) و «الوافي بالوفيات» (6/ 171) .
[3]
نسبة إلى رقوطة، وهي حصن منيع بقرب مرسية. قاله الفاسي في «العقد الثمين» .
[4]
انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 460) وقد تحرفت «الرقوطي» فيه إلى «الزقوطي» و «رقوطة» إلى «زقوطة» بالزاي مكان الراء. «عنوان الدّراية» ص (237) بتحقيق الأستاذ عادل نويهض، و «العبر» (5/ 291- 292) و «الوافي بالوفيات» (18/ 60- 64) و «الإحاطة» في أخبار «غرناطة» (4/ 31- 38) و «العقد الثمين» (5/ 326- 335) و «نفح الطيّب» (2/ 196) .
ثم رحل إلى المشرق، وحجّ حججا كثيرة، وشاع ذكره، وعظم صيته، وكثرت أتباعه، على رأي أهل الوحدة المطلقة، وأملى عليهم كلاما في العرفان على رأي الاتحادية، وصنّف في ذلك أوضاعا كثيرة وتلقّوها عنه وبثّوها في البلاد شرقا وغربا، وقد ترجمه ابن حبيب فقال: صوفيّ متفلسف متزّهد متعبّد متقشّف، يتكلم على طريق أصحابه، ويدخل البيت لكن من غير أبوابه، شاع أمره، واشتهر ذكره، وله تصانيف، وأتباع، وأقوال، تميل إليها بعض القلوب وينكرها بعض الأسماع. وقال لأبي الحسن الشّشتري [1] عند ما لقيه- وقد سأله عن وجهته وأخبره بقصده الشيخ أبا أحمد- إن كنت تريد الجنّة فشأنك ومن قصدت، وإن كنت تريد ربّ الجنّة فهلمّ إلينا. وأما ما نسب إليه من آثار السّيما [2] والتصويف فكثير جدا.
ومن نظمه:
كم ذا تموّه بالشّعبين والعلم [3]
…
والأمر أوضح من نار على علم
أصبحت [4] تسأل عن نجد وساكنها
…
وعن تهامة هذا فعل متّهم
وقال البسطامي: كان له سلوك عجيب على طريق أهل الوحدة، وله في علم الحروف والأسماء اليد الطّولى، وألّف تصانيف، منها:«كتاب الحروف الوضعية في الصّور الفلكية» و «شرح كتاب إدريس عليه السلام» الذي وضعه في علم الحرف، وهو نفيس.
[1] هو علي بن عبد الله النّميري الشّشتري، الفقيه الصوفي الصالح العابد، المتوفى سنة (668 هـ) انظر ترجمته في «عنوان الدّراية» ص (339- 242) و «الأعلام» (4/ 305) وتعليق العلّامة الزركلي عليه.
[2]
في «ط» : «السيمايا» . وقال الصّفدي في «الوافي بالوفيات» : ولقد اجتمعت بجماعة من أصحاب أصحابه ورأيتهم ينقلون عن أولئك، أن ابن سبعين كان يعرف السيمياء والكيمياء، وأن أهل مكة كانوا يقولون: إنه أنفق فيها ثمانين ألف دينار.
[3]
في «آ» و «ط» : «فالعلم» والتصحيح من «الإحاطة» و «نفح الطّيب» .
[4]
«الإحاطة» و «نفح الطيب» : «ظللت» .
ومن وصاياه لتلامذته وأتباعه: عليكم بالاستقامة على الطريقة [1] ، وقدّموا فرض الشريعة على الحقيقة، ولا تفرّقوا بينهما، فإنهما من الأسماء المترادفة، واكفروا بالحقيقة التي في زمانكم هذا، وقولوا: عليها وعلى أهلها اللعنة. انتهى.
وأغراض الناس متباينة بعيدة عن الاعتدال، فمنهم المرهق المكفّر، ومنهم المقلّد.
ومما شنّع عليه به، أنه ذكر في [2]«كتاب البدّان» [3] صاحب «الإرشاد» إمام الحرمين، إذا ذكر أبو جهل وهامان فهو ثالث الرجلين، وأنه قال في شأن الغزّاليّ: إدراكه في العلوم أضعف من خيط العنكبوت، فإن صحّت نسبة ذلك إليه، فهو من أعداء الشريعة المطهّرة بلا ريب.
وقد حكي عن قاضي القضاة ابن دقيق العيد أنه قال: جلست معه من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تفهم مركّباته، والله أعلم بسريرة حاله.
وقد أخذ عن جماعة، منهم: الحرّاني، والبوني. مات بمكّة. انتهى كلام المناويّ بحروفه.
وفيها أبو الحسن بن عصفور علي بن مؤمن بن محمد بن علي النّحوي الحضرميّ الإشبيلي [4] ، حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس.
[1] في «آ» و «ط» : «على الطريق» وما أثبته من «الإحاطة في أخبار غرناطة» .
[2]
لفظة «في» سقطت من «آ» .
[3]
كذا في «آ» و «ط» : «البدّان» وفي «الإحاطة» و «العقد الثمين» : «البدّ» مفردا، وعلّق الأستاذ فؤاد سيد رحمه الله على «العقد الثمين» بما يلي: المعروف أن اسمه «بدّ العارف» أو «بدء العارف» ومنه نسخة مكتوبة سنة (679 هـ) ومحفوظة بمكتبة جار الله بإستانبول برقم (1273) وأخرى في برلين برقم (1744) .
[4]
انظر «عنوان الدّراية» ص (317- 319) و «الوافي بالوفيات» (22/ 265- 267) و «فوات
قال ابن الزّبير: أخذ عن الدّبّاج والشّلوبين ولازمه مدة، ثم كانت بينهما منافرة ومقاطعة. وتصدّر للاشتغال مدة بعدة بلاد، وجال بالأندلس، وأقبل عليه الطلبة. وكان أصبر النّاس على المطالعة، لا يملّ من ذلك. ولم يكن عنده ما يؤخذ عنه غير النحو، ولا تأهّل لغير ذلك.
قال الصّفديّ: ولم يكن عنده ورع، وجلس في مجلس شراب، فلم يزل يرجم بالنّارنج إلى أن مات في رابع عشري ذي القعدة. ومولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وصنّف «الممتع في التصريف» [1] . كان أبو حيّان لا يفارقه، «المقرّب» شرحه لم يتم، «شرح الجزولية» ، «مختصر المحتسب» ، ثلاث شروح على «الجمل» ، «شرح الأشعار الستة» وغير ذلك.
ومن شعره:
لمّا تدنّست بالتّفريط في كبري
…
وصرت مغرى بشرب الرّاح واللّعس
أيقنت [2] أنّ خضاب الشّيب أستر لي
…
إنّ البياض قليل الحمل للدّنس
ورثاه القاضي ناصر الدّين بن المنيّر. قال ذلك السيوطي في كتابه «بغية الوعاة في طبقات اللّغويين والنّحاة» .
وفيها المجد بن عساكر محمد بن إسماعيل بن عثمان بن مظفّر بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدّمشقي [3] المعدّل.
سمع من الخشوعي والقاسم [4] ، وجماعة، وتوفي في ذي القعدة.
[ (-) ] الوفيات» (3/ 109- 110) و «بغية الوعاة» (2/ 210) .
[1]
نشرته مكتبة دار العروبة في الكويت، ونشر في بيروت أيضا.
[2]
في «الوافي بالوفيات» و «فوات الوفيات» : «رأيت» .
[3]
انظر «ذيل مرآة الزّمان» (2/ 463) و «العبر» (5/ 292) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (279) و «الوافي بالوفيات» (2/ 219) .
[4]
هو القاسم بن علي بن عساكر الدمشقي.