الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وعشرين وستمائة
فيها جاء الخبر إلى السلطان جلال الدّين وهو بتوريز [1] أنّ التتار قد قصدوا أصبهان وبها أهله، فسار إليها وتأهب للملتقى، فلما التقى الجمعان خذله أخوه غياث الدّين وولّى، وتبعه جهان بهلوان، فكسرت ميمنته ميسرة التتار، ثم حملت ميسرته على ميمنة التتار فطحنتها أيضا، وتباشر الناس بالنصر، ثم كرّت التتار مع كمينها، وحملوا حملة واحدة كالسّيل، وقد أقبل الليل، فزالت الأقدام، وقلت الأمراء [واشتد القتال][2] وتداعى بنيان جيش جلال الدّين، وثبت هو في طائفة يسيرة، وأحيط [3] به، فانهزم على حميّة، وطعن طعنة لولا الأجل لتلف، وتمزّق جيشه، وكانت ملحمة لم يسمع بمثلها في الملاحم في انهزام كلا الفريقين [4] ، وذلك في رمضان. قاله في «العبر» [5] .
[1] لم أقف على ذكر لها فيما بين يدي من كتب البلدان والمعجمات. وإنما ورد ذكرها في «المختار من تاريخ ابن الجزري» ص (137) .
وجاء في حاشية التحقيق من «تاريخ الإسلام» (63/ 18) ما نصه: وهي تبريز، هكذا تلفظ عند بعضهم، دون الإحالة على مصدر الكلام.
[2]
ما بين الحاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» و «العبر» .
[3]
في «آ» و «ط» : «واحتيط» والتصحيح من «العبر» .
[4]
في «ط» : «الفرقين» وهو تحريف.
[5]
(5/ 97- 98) .
وفيها في رمضان قبل [هذا][1] المصاف بأيام، اتفق موت جنكزخان طاغية التتار وسلطانهم الأعظم، الذي خرّب البلاد وأباد الأمم، وهو الذي جيّش الجيوش، وخرج بهم من بادية الصين، فدانت له المغول، وعقدوا له عليهم، وأطاعوه طاعة الأبرار للملك القهّار، واسمه قبل الملك تمرجين [2] ، ومات على الكفر، وكان من دهاة العالم، وأفراد الدّهر، وعقلاء التّرك، وهو جدّ ابني العم بركة وهولاكو.
وفيها توفي قاضي حرّان، أبو بكر عبد الله بن نصر بن محمد بن أبي بكر [3] ، الفقيه الحنبلي المقرئ. رحل إلى بغداد، وتفقه بها، وسمع الحديث من شهدة، وابن شاتيل، وطبقتهما. ورحل إلى واسط، وقرأ بها القراءات بالروايات.
قال ابن حمدان الفقيه: سمعت عليه أشياء. قال: وكان مشهورا بالدّيانة والصيانة، متوحدا في فنّه، وفي فنون القراءة وجودة أدائها. وصنّف في القراءات، وعاش خمسا وسبعين سنة.
وفيها عبد الله بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني [4] .
سمع أباه، ونصر بن المظفّر، وعلي بن محمد المشكاني [5] راوي «تاريخ البخاري» [6] وجماعة. توفي في شعبان.
[1] مستدركة من «العبر» .
[2]
تصحف في «آ» و «ط» إلى «تمرحين» والتصحيح من «العبر» و «تاريخ الإسلام» (63/ 168) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 98- 99) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 182) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 171- 172) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 99) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 263- 264) .
[5]
انظر ترجمته في «الأنساب» (11/ 334- 335) و «سير أعلام النبلاء» (20/ 311- 312) .
[6]
يعني «التاريخ الصغير» كما جاء مبينا في «الأنساب» و «سير أعلام النبلاء» .
وفيها البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي [1] ، الفقيه الحنبلي الزاهد، بهاء الدّين أبو محمد، ابن عم البخاري.
ولد سنة خمس، وقيل: ست وخمسين وخمسمائة. وسمع بدمشق من ابن [2] أبي الصقر وغيره، ورحل إلى بغداد، وسمع بها من شهدة، وعبد الحق اليوسفي، وطبقتهما. وسمع بحرّان من أحمد بن أبي الوفاء الفقيه، ويقال: إنه تفقه ببغداد على ابن المنّي، وبالشام على الشيخ موفق الدّين ولازمه، وصنف التصانيف، منها «شرح عمدة [3] الشيخ موفق الدين» وهو في مجلد، نصّ في أوله أن الماء لا ينجس حتّى يتغير مطلقا، ويقال: إنه شرح «المقنع» أيضا.
قال سبط ابن الجوزي: كان يؤم بمسجد الحنابلة بنابلس، ثم انتقل إلى دمشق. قال: وكان صالحا، ورعا، زاهدا، غازيا، مجاهدا، جوادا، سمحا.
وقال المنذري: كان فيه تواضع وحسن خلق، وأقبل في آخر عمره على الحديث إقبالا كليّا [4] وكتب منه الكثير. وحدث بنابلس، والشام. توفي- رحمه الله في سابع ذي الحجة، ودفن من يومه بسفح قاسيون.
وفيها قاضي القضاة ابن السّكّري عماد الدّين عبد الرحمن بن
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 212- 213) و «العبر» (5/ 99) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 99) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 170- 171) و «القلائد الجوهرية» (2/ 475) طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
[2]
لفظة «ابن» سقطت من «آ» .
[3]
المعروف ب «عمدة الفقه» وهو مطبوع أكثر من مرة آخرها بدمشق بتحقيق ثناء الهوّاري وإيمان زهراء.
[4]
في «لتكملة» : «إقبالا كثيرا» .
عبد العلي بن علي المصري [1] الشافعي. تفقه على الشهاب الطّوسي، وبرع في المذهب، وأفتى، وولي القضاء بالقاهرة وخطابتها، وحدّث وأفتى ودرّس، وله حواش على «الوسيط» مفيدة، و «مصنّف في مسألة الدّور» وعزل قبل موته من القضاء بسبب أنه طلب منه قرض شيء من مال الأيتام فامتنع.
ويحكى عنه أنه عزل الشيخ عبد الرحمن النويري لحكمه بالمكاشفات، فقال النويري: عزلته وعزلت ذرّيته، فعزل بعد ذلك.
وفيها حجّة الدّين الحقيقي أبو طالب عبد المحسن بن أبي العميد الأبهري [2] الشافعي الصوفي.
ولد سنة ست وخمسين وخمسمائة، وتفقه بهمذان، وعلّق «التعليقة» عن الفخر النّوقاني [3] . وسمع بأصبهان من التّرك وجماعة، وببغداد من ابن شاتيل، وبدمشق ومصر. وكان كثير الأسفار، والعبادة، والتهجد، صاحب أوراد، وصدق، وعزم. جاور مدة بمكة، وتوفي في صفر.
وفيها الملك المعظّم سلطان الشّام، شرف الدّين عيسى بن العادل [4] الحنفي، الفقيه الأديب.
ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين وخمسمائة، وحفظ القرآن، وبرع في الفقه، وشرح «الجامع الكبير» في عدة مجلدات بإعانة غيره، ولازم الاشتغال
[1] انظر «العبر» (5/ 99) و «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (8/ 170- 171) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 67) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 92) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 99- 100) و «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (8/ 314) و «العقد الثمين» (5/ 493- 495) .
[3]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «البوقاني» والتصحيح من المصادر المذكورة في التعليق السابق.
[4]
انظر «وفيات الأعيان» (3/ 494- 496) و «العبر» (5/ 100) و «تاريخ الإسلام» (63/ 185- 189) و «البداية والنهاية» (13/ 121- 122) .
زمانا، وسمع «المسند» [كلّه][1] لابن حنبل. وله شعر كثير. وكان عديم الالتفات إلى النواميس وأبّهة الملوك [2] ، ويركب وحده مرارا ثم تتلاحق به مماليكه. وكان فيه خير وشرّ كثير، سامحه الله تعالى.
قال ابن الأهدل: كان حنفيا شديد التعصب لمذهبه، ولم يكن في بني أيوب حنفيّ سواه، وتبعه أولاده، وكان قد شرط لمن حفظ «المفصّل» للزمخشري مائة دينار وخلعة، فحفظه جماعة لهذا السبب، وكان من النّجباء الأذكياء. انتهى.
وقال غيره: ومن شعره- وقد مرض بالحمى-:
زارت ممحّصة [3] الذّنوب وودّعت
…
تبّا لها من زائر ومودّع
باتت معانقتي كأنّي حبّها
…
ومقيلها ومبيتها في أضلعي
قالت وقد عزمت على ترحالها
…
ماذا تريد؟ فقلت: ألا ترجعي
وله:
هجم الشتاء ونحن بالبيداء
…
فدفعت شرّته بصوت غناء
وجمعت قافات يزول بجمعها
…
همّ الشتاء ولوعة البرحاء
قدح وقانون وقاني قهوة
…
مع قينة في قبّة زرقاء
ومرض ابن عنين، فكتب إليه:
أنظر إليّ بعين مولى لم يزل
…
يولي الندى وتلاف قبل تلافي
أنا كالذي أحتاج ما تحتاجه
…
فاغنم ثوابي والثناء الوافي
فجاء إليه فعاده ومعه صرّة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: هذه الصلة وأنا
[1] زيادة من «العبر» مصدر المؤلف.
[2]
في «العبر» بطبعتيه: «وأبّهة الملك» .
[3]
في «ط» : «ممخضة» .
العائد، وهذه لو وقعت لأكابر النّحاة لاستحسنت منه، فكيف هذا الملك.
توفي- رحمه الله في سلخ ذي القعدة.
وقال ابن خلّكان: توفي يوم الجمعة، مستهل ذي الحجة بدمشق، ودفن في قلعتها، ثم نقل إلى الصالحية ودفن في مدرسته هناك، بها قبور جماعة من إخوته وأهل بيته، تعرف بالمعظمية. انتهى.
وفيها الفتح بن عبد الله بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السّلام، عميد الدّين، أبو الفرج البغدادي [1] الكاتب.
ولد في أول سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وسمع من جدّه أبي الفتح، وأبي الفضل الأرموي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، وطائفة، وتفرّد بالرواية عنهم، ورحل الناس إليه.
توفي في الرابع والعشرين من المحرم، وهو من بيت حديث وأمانة.
[1] انظر «العبر» (5/ 100- 101) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 272- 274) و «تاريخ الإسلام» (63/ 189- 191) .