الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وعشرين وستمائة
لما علمت التتار بضعف جلال الدّين خوارزم شاه، بادروا إلى أذربيجان، فلم يقدم على لقائهم، فملكوا مراغة، وعاثوا، وبدّعوا [وفرّ هو إلى آمد][1] وتفرّق جنده، فبيّته التتار ليلة فنجا بنفسه. وطمع الأكراد والفلّاحون وكلّ أحد في جنده وتخطّفوهم. وانتقم الله منهم، وساقت التتار إلى ماردين يسبون ويقتلون، ودخلوا إلى إسعرد [2] فقتلوا نيفا وعشرين ألفا، وأخذوا من البنات ما أرادوا، ووصلوا إلى أذربيجان ففعلوا كذلك، واستقرّ ملكهم بما وراء النهر، وبقيت مدن خراسان خرابا لا يجسر أحد يسكنها.
وفيها توفي أبو نصر بن النّرسي أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله البغدادي البيّع [3] روى عن أبي الوقت [السّجزي] وجماعة، وتوفي في رجب.
وفيها الملك الأمجد مجد الدّين أبو المظفّر بهرام شاه بن فرّوخ شاه
[1] ما بين الحاصرتين مستدرك من «العبر» (5/ 110) .
[2]
ذكرت «إسعرد» غير مرة في «الكامل في التاريخ» لابن الأثير. وقال في «بلدان الخلافة الشرقية» ص (145) مدينة «سعرت» أو «سعرد» أو «إسعرت» كانت تعد في الغالب من أعمال أرمينية، وانظر «آثار البلاد وأخبار العباد» ص (360) أثناء الكلام على «حيزان» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 110) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 307- 308) و «تاريخ الإسلام» (63/ 278- 279) .
ابن شاهنشاه بن أيوب بن شادي [1] ، صاحب بعلبك. تملّكها بعد والده خمسين سنة، وكان جوادا [2] كريما شاعرا محسنا، قتله مملوك له جميل بدمشق في شوال. وسببه أنه سرقت له دواة من ذهب تساوي مائتي دينار، فظهرت عند هذا المملوك، فحبسه في خزانة في داره، فلما كان ليلة الأربعاء ثامن شوال فتح الخزانة بسكين كانت معه قلع بها رزة الباب، وأخذ سيف الأمجد، وكان يلعب بالشطرنج، فضربه فحلّ [3] كتفه، وطعنه بالسيف في خاصرته فمات، وهرب المملوك، فثارت عليه المماليك وقتلوه، ودفن الأمجد بتربة أبيه على الشرف الشمالي.
ومن شعره في مليح يقطع بانا:
من لي بأهيف قال حين عتبته
…
في قطع كلّ قضيب بان رائق
تحكي شمائله الرّشاق إذا انثنى
…
ريّان بين جداول وحدائق:
سرقت غصون البان لين معاطفي
…
فقطعتها والقطع حدّ السّارق
ورؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال:
كنت من ذنبي على وجل
…
زال عنّي ذلك الوجل
أمنت نفسي بوائقها
…
عشت لمّا متّ يا رجل
وفيها جلدك التقويّ الأمير [4] . ولي نيابة الإسكندرية، وسدّ [5] الدّيار
[1] انظر «مرآة الزمان» (8/ 441- 442) و «وفيات الأعيان» (2/ 453) و «تاريخ الإسلام» (63/ 281- 282) و «النجوم الزاهرة» (6/ 275- 276) وأورد له أبياتا أخرى من شعره يحسن بالقارئ الوقوف عليها.
[2]
تحرفت في «ط» إلى «جودا» .
[3]
في «آ» و «ط» : «حل» وما أثبته من «مرآة الزمان» .
[4]
انظر «فوات الوفيات» (1/ 300- 301) و «العبر» (5/ 111) و «الوافي بالوفيات» (11/ 174- 175) .
[5]
في «العبر» بطبعتيه: «وشدّ» .
المصرية، وكان أديبا شاعرا. روى عن السّلفي، ومولاه- هو صاحب حماة- تقي الدّين عمر. توفي في شعبان.
وفيها الزّين الكردي محمد بن عمر المقرئ [1] . أخذ القراءات عن الشّاطبي، وتصدّر بجامع دمشق مع السّخاويّ.
وفيها المهذّب الدّخوار عبد الرحيم بن علي بن حامد الدّمشقي [2] ، شيخ الطّب وواقف المدرسة التي بالصّاغة العتيقة على الأطباء [3] .
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة، وأخذ عن الموفق بن المطران، والرّضي الرّحبي [4] . وأخذ الأدب عن الكندي. وانتهت إليه معرفة الطب، وصنّف التصانيف فيه، وحظي عند الملوك ولما تجاوز سنّ الكهولة عرض له طرف خرس حتّى بقي لا يكاد يفهم كلامه. واجتهد في علاج نفسه فما أفاد، بل ولّد له أمراضا. وكان دخله في الشّهر مائة وخمسون دينارا، وله أقطاع تعدل ستة آلاف وخمسمائة دينار. ولما ثقل لسانه كان الجماعة يبحثون بين يديه فيكتب لهم ما أشكل عليهم في اللوح، واستعمل المعاجين الحادة فعرضت له حمّى قوية أضعفت قوته، وزادت إلى أن سالت عينه.
[1] انظر «العبر» (5/ 111) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 111- 112) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 316- 317) و «تاريخ الإسلام» (63/ 292- 294) و «القلائد الجوهرية» (1/ 331- 333) طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
[3]
وقد تحولت مدرسته في هذه الأيام إلى متحف للطب العربي الإسلامي القديم، وتقام فيها- على فترات متباعدة- بعض الندوات العلمية وتلقى فيها المحاضرات في الأمسيات الصيفية غالبا، ومن جملة من حاضر فيها محاضرة علمية إسلامية الشكل والمضمون قبل ثلاث سنوات، العالم الجزائري الفاضل الدكتور أحمد عروة، تحدث فيها عن خلق الإنسان في القرآن الكريم، وقد تنادى إلى حضورها أهل العلم والثقافة والأدب في دمشق في حينه.
[4]
في «العبر» بتحقيق الأستاذ الدكتور صلاح الدين المنجد «الرّخي» وتبعه محقّق «العبر» طبع بيروت، وهو خطأ.
وفيها ناصح الدّين أبو محمد عبد الوهاب بن زاكي بن جميع الحرّاني [1] الفقيه الحنبلي. نزيل دمشق. سمع بحرّان من عبد القادر الرّهاوي.
قال ابن حمدان: كان فاضلا في الأصلين، والخلاف، والعربية، والنثر، والنظم، وغير ذلك. رحل إلى بغداد، وقرأت عليه «الجدل الكبير» لابن المنّي، و «منتهى السول» وغير ذلك. وكان كثير المروءة والأدب، حسن الصحبة.
وذكر المنذري: أنه حدّث بشيء من شعره. قال: وجميع: بضم الجيم وفتح الميم. وتوفي خامس ذي القعدة، ودفن بسفح قاسيون.
وفيها الدّاهري أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران البغدادي الحافظ [2] الخفّاف الخرّاز [3] . سمع من أبي بكر الزّاغوني، ونصر العكبري، وجماعة. وكان عاميّا مستورا، كثير الرّواية. توفي في ربيع الأول.
وفيها ابن رحّال العدل نظام الدّين علي بن محمد بن يحيى المصري [4] . سمع من السّلفي وغيره، وتوفي في شوال.
وفيها أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى الحميري الكتامي الفاسي القطّان [5] ، قاضي الجماعة. كان حافظا ثقة مأمونا، لكن نقمت عليه أغراض في قضائه. قاله ابن ناصر الدّين.
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 292) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 177- 178) .
[2]
لفظة «الحافظ» لم ترد في «ط» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 112) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 304- 306) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 112) و «تاريخ الإسلام» (63/ 297- 298) .
[5]
انظر «تاريخ الإسلام» (63/ 296- 297) و «التبيان شرح بديعة البيان» (175/ آ) .
وفيها القاسم بن القاسم الواسطي [1] ، شاعر فاضل.
من نظمه:
لا ترد من خيار دهرك خيرا
…
فبعيد من السرب السّراب
منطق [2] كالحباب يطفو على الكا
…
س ولكن تحت الحباب الحباب
عذبت في اللقاء ألسنة القو
…
م ولكن تحت العذاب العذاب [3]
وله:
ديباج خدّك بالعذار مطرّز
…
برزت محاسنه وأنت مبرّز
وبدت على غصن الصّبا لك روضة
…
والغصن ينبت في الرّياض ويغرز
وجنت على وجنات خدّك حمرة
…
خجل الشقيق بها وحار القرمز
لو كنت مدّعيا ملاحة يوسف
…
لقضى القياس بأن حسنك معجز
أو كان عطفك مثل عطفك ليّن
…
ما كان منك تمنّع وتعزّز
وفيها ابن عصيّة أبو الرّضا محمد بن أبي الفتح المبارك بن عبد الرّحمن الكندي الحربي [4] . روى عن أبي الوقت وغيره، وتوفي في المحرم.
وفيها ابن معطي النحوي الشيخ زين الدّين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النّور الزّواوي- نسبة إلى زواوة قبيلة كبيرة بأعمال
[1] انظر «معجم الأدباء» (16/ 296- 316) و «تاريخ الإسلام» (63/ 239) و «فوات الوفيات» (3/ 192- 196) وقد ذكروا جميعا بأنه مات سنة (626) فتنبه.
[2]
في «فوات الوفيات» : «رونق» .
[3]
رواية البيت في «فوات الوفيات» :
عذبت في النفاق ألسنة القو
…
م وفي الألسن العذاب العذاب
[4]
انظر «العبر» (5/ 112) و «تاريخ الإسلام» (63/ 300) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) .
إفريقية- الفقيه الحنفي [1] .
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، وأقرأ العربية مدّة بمصر ودمشق، وروى عن القاسم بن عساكر وغيره، وهو أجلّ تلامذة الجزوليّ، وانفرد بعلم العربية، وصنّف «الألفية» المشهورة [2] وغيرها، ومات في ذي القعدة بمصر وقبره قريب من تربة الإمام الشّافعي.
[1] انظر «وفيات الأعيان» (6/ 197) و «العبر» (5/ 112) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 324) و «تاريخ الإسلام» (63/ 303- 305) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (259) .
[2]
انظر «كشف الظنون» (1/ 155- 156) .