الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وستمائة
فيها قدم رسول جلال الدّين حسن صاحب الألموت بدخول قومه في الإسلام، وأنهم قد تبرّؤوا من الباطنية وبنوا المساجد والجوامع، وصاموا رمضان، ففرح الخليفة بذلك.
وفيها وثب قتادة الحسني [1] أمير مكّة على الركب العراقي بمنى، فنهب النّاس، وقتل جماعة، فقيل: راح للناس ما قيمته ألف ألف دينار. ولم ينتطح فيها عنزان. قاله في «العبر» [2] .
وفيها كانت زلزلة عظيمة بمصر هدمت دورا كثيرة بالقاهرة، ومات خلق كثير تحت الهدم. قاله السيوطي [3] .
وفيها توفي أبو العبّاس العاقولي أحمد بن الحسن بن أبي البقاء [4] المقرئ. قرأ القراءات على أبي الكرم الشّهرزوري، وسمع من أبي منصور القزّاز، وابن خيرون، وطائفة. وتوفي يوم التّروية، عن ثلاث وثمانين سنة.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الحسيني» والتصحيح من «الكامل في التاريخ» (12/ 401) و «العبر» وانظر «العقد الثمين» (6/ 39) .
[2]
(5/ 26- 27) .
[3]
انظر «كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة» للسيوطي ص (115) بتحقيق الأستاذ عبد الرحمن ابن عبد الجبّار الفريوائي، طبع مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
[4]
انظر «العبر» (5/ 27) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 598) .
وفيها جهاركس، ويقال جركس، الأمير الكبير فخر الدّين الصلاحي [1] . أعطاه العادل بانياس والشّقيف، فأقام هناك مدّة، وكان أحد أمراء صلاح الدّين. شهد الغزوات كلّها، وتوفي في رجب بدمشق ودفن بقاسيون في تربته التي وقف عليها [2] قرية بوادي بردى تسمّى الكفر [3] وعشرين قيراطا من جميع قرية بيت سوا، سوى أحكار بيوت بالصالحية، وعلى قبره قبة عظيمة على جادة الطريق.
قال ابن خلّكان: كان كريما، نبيل القدر، عالي الهمّة، بنى بالقاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة إليه. رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون: لم نر في شيء من البلاد مثلها في حسنها وعظمها وإحكام بنائها، وبنى بأعلاها مسجدا كبيرا وربعا معلّقا.
وجهاركس: بكسر الجيم، معناه بالعربي أربعة أنفس.
وفيها ابن حمدون صاحب «التذكرة» أبو سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون البغدادي، كاتب الإنشاء للدولة. قاله في «العبر» [4] فكناه بأبي سعد، وجزم بوفاته في هذه السنة.
وقال ابن خلّكان [5] : أبو المعالي محمد بن أبي سعد الحسن بن محمد [ابن] علي بن حمدون الكاتب، الملقب كافي الكفاة، بهاء الدين البغدادي.
كان فاضلا ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة، من بيت مشهور بالرئاسة، هو،
[1] انظر «وفيات الأعيان» (1/ 381) و «تاريخ الإسلام» (61/ 267- 268) و «العبر» (5/ 27) .
[2]
لفظة «عليها» سقطت من «آ» .
[3]
قلت: لعلها «كفر مدير» وهي في الغوطة الشرقية لدمشق. انظر «غوطة دمشق» للعلّامة الأستاذ محمد كرد علي رحمه الله ص (178) .
[4]
(5/ 27) .
[5]
انظر «وفيات الأعيان» (4/ 380- 382) وذكره ابن شاكر الكتبي في «فوات الوفيات» (3/ 323- 324) والصفدي في «الوافي بالوفيات» (2/ 357) .
وأبوه، وأخواه أبو نصر وأبو المظفّر. وسمع أبو المعالي من أبي القاسم إسماعيل بن الفضل الجرجاني وغيره، وصنّف كتاب «التذكرة» وهو من أحسن المجاميع، يشتمل على التاريخ، والأدب، والنوادر، والأشعار، لم يجمع أحد من المتأخرين مثله، وهو مشهور بأيدي النّاس، كثير الوجود، وهو من الكتب الممتعة.
ذكره العماد الكاتب الأصبهاني في «الخريدة» فقال: كان عارض العسكر المقتفوي [1] ثم صار صاحب ديوان الزّمان المستنجدي، وهو كلف باقتناء الحمد وابتناء المجد، وفيه فضل ونبل، وله على أهل الأدب ظل وأكفّ [2] . وألّف كتابا سمّاه «التذكرة» وجمع فيه الغثّ والسمين، والمعرفة والنكرة، فوقف الإمام المستنجد [3] على حكايات ذكرها نقلا من التواريخ، توهم في الدولة غضاضة، فأخذ من دست منصبه وحبس، ولم يزل في نصبه إلى أن رمس، وذلك في أوائل سنة اثنتين وستين وخمسمائة.
وأورد له:
يا خفيف الرّأس والعقل معا
…
وثقيل الرّوح أيضا والبدن
تدّعي أنّك مثلي طيّب
…
طيّب أنت ولكن بلبن [4]
انتهى ما أورده ابن خلّكان ملخصا، فانظر التناقض بين كلامه وكلام «العبر» .
وفيها أسباه مير بن محمد بن نعمان الجيلي، الفقيه الحنبلي، أبو
[1] في «آ» و «ط» : «المقتدي» وأثبت لفظ «وفيات الأعيان» .
[2]
لفظة «وأكف» لم ترد في «ط» و «وفيات الأعيان» .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «المستنجدي» والتصحيح من «وفيات الأعيان» ، وهو الخليفة العبّاسي المستنجد بالله أبو المظفّر يوسف بن المقتفي المتوفى سنة (566 هـ) . انظر «تاريخ الخلفاء» للسيوطي ص (442- 443) .
[4]
علق الصفديّ على ذلك بقوله: يريد أنه قرع.
عبد الله [1] . تفقّه ببغداد على الشيخ عبد القادر، ونزل عنده، ولازم الاشتغال بمدرسته إلى آخر عمره.
وسمع من ابن المادح، وحدّث عنه باليسير، وعمّر. وسمع منه ابن القطيعي وجماعة. وكان أصابه صمم شديد في آخر عمره.
قال ابن النجار: كان شيخا صالحا [2] مشتغلا بالعلم والخير، مع علو سنّه، وأظنه ناطح المائة.
وقال ابن رجب: توفي ليلة الجمعة حادي عشري ربيع الأول، ودفن بباب حرب.
وفيها الخضر بن كامل بن سالم بن سبيع الدمشقي السّروجي المعبّر [3] . سمع من نصر الله المصّيصي، وببغداد من الحسين سبط الخيّاط.
توفي في شوال.
وفيها عبد الرحمن الرّومي عتيق أحمد بن باقا البغدادي [4] . قرأ على أبي الكرم الشّهرزوري، وروى «صحيح البخاري» بمصر والإسكندرية، عن أبي الوقت [السّجزي] . توفي في ذي القعدة وقد شاخ.
وفيها ابن نوح الغافقيّ العلّامة أبو عبد الله محمد بن أيوب بن محمد ابن وهب الأندلسي البلنسي [5] .
ولد سنة ثلاثين وخمسمائة، وقرأ القراءات على ابن هذيل، وسمع من
[1] انظر «التكملة لوفيات النقلة» (2/ 223) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 63) .
[2]
لفظة «صالحا» سقطت من «آ» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 27) و «تاريخ الإسلام» (61/ 269) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 28) و «تاريخ الإسلام» (61/ 271) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[5]
انظر «العبر» (5/ 28) و «تاريخ الإسلام» (61/ 276- 277) .
جماعة، وتفقّه وبرع على مذهب مالك، ولم يبق له في وقته نظير بشرق الأندلس تفنّنا واستبحارا. كان رأسا في الفقه، والقراءات، والعربية، وعقد الشروط.
قال [ابن] الأبّار: تلوت عليه، وهو أغزر من لقيت علما وأبعدهم صيتا. توفي في شوال.
وفيها عماد الدّين محمد بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك العلّامة أبو حامد [الإربلي] الشافعي [1] .
تفقّه على والده، وببغداد على يوسف بن بندار وغيره، ودرّس في عدة مدارس بالموصل، واشتهر، وقصده الطلبة من البلاد.
قال ابن خلّكان [2] : كان إمام وقته في المذهب، [والأصول، والخلاف، وكان له صيت عظيم في زمانه، صنّف «المحيط» جمع فيه بين «المهذّب» ][3] و «الوسيط» وكان ذا ورع ووسواس في الطهارة، بحيث إنه يغسل يده من مس القلم، وكان كالوزير لصاحب الموصل نور الدّين، وما زال به حتى نقله إلى الشافعية، وتوجّه إلى بغداد، وتفقّه بالمدرسة النظامية على السّديد محمد، وسمع بها الحديث من الكشميهنيّ وغيره. وعاد إلى الموصل ودرّس بها في عدّة مدارس، منها النّورية، والعزّية، والزّينبية، والبقشية [4] ، والعلائية.
وقال ابن شهبة [5] : كان لطيف المحاورة، دمث الأخلاق. وكان مكمّل
[1] انظر «العبر» (5/ 28- 29) .
[2]
انظر «وفيات الأعيان» (4/ 253- 254) وقد نقل المؤلف كلامه عن «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.
[3]
ما بين الحاصرتين سقط من «آ» .
[4]
في «ط» : «والبغشية» .
[5]
انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 85) وراجع ترجمته في «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (8/ 97- 98) .
الأدوات، لم يرزق سعادة في تصانيفه، فإنها ليست على قدر فضله. توفي في جمادى الآخرة. انتهى.
وقال الذّهبي [1] : هو جدّ مصنّف «التعجيز» تاج الدّين عبد الرحيم [2] بن محمد بن محمد الموصلي.
وفيها منصور بن عبد المنعم بن أبي البركات عبد الله بن فقيه الحرم محمد بن الفضل الفراوي أبو الفتح وأبو القاسم [3] .
ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وسمع من جدّه وجدّ أبيه، وعبد الجبّار الخواري، ومحمد بن إسماعيل الفارسي، وروى الكتب الكبار، ورحلوا إليه، وتوفي في ثامن شعبان بنيسابور.
وفيها ابن سناء الملك، القاضي أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرّشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد سناء الملك المصري [4] الأديب، صاحب «الديوان» المشهور، والمصنّفات الأدبية. قرأ [القرآن][5] على الشريف الخطيب [6] ، وقرأ النحو على ابن برّي، وسمع من السّلفيّ، وكتب بديوان الإنشاء مدة، وكان بارع التّرسّل والنظم.
[1] انظر «العبر» (5/ 29) وراجع «تاريخ الإسلام» (61/ 280- 282) .
[2]
تحرفت في «ط» إلى «عبد الرحمن» وانظر «تاريخ الإسلام» (61/ 282) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 29) .
[4]
انظر «وفيات الأعيان» (6/ 61- 66) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 480- 481) و «العبر» (5/ 29- 30) و «تاريخ الإسلام» (61/ 284- 486) .
[5]
سقطت لفظة «القرآن» من «آ» و «ط» و «المنتخب» لابن شقدة (139/ ب) ومن «العبر» بطبعتيه، واستدركتها من «سير أعلام النبلاء» و «تاريخ الإسلام» .
[6]
هو الإمام أبو الفتوح ناصر بن الحسن الزّيدي، مقرئ الدّيار المصرية في عصره. انظر ترجمته في «معرفة القراء الكبار» (2/ 525- 526) وقد تحرفت «الزّيدي» إلى «الزّيري» في حاشية «سير أعلام النبلاء» (1/ 480) فتصحح.
قال ابن خلّكان: كان كثير التخصص [1] والتنعّم، وافر السعادة، محظوظا من الدّين، اختصر كتاب «الحيوان» للجاحظ، وسمّى المختصر «روح الحيوان» وهي تسمية لطيفة. وله ديوان جميعه موشحات سماه «دار الطّراز [2] » . وجمع شيئا من الرسائل الدائرة بينه وبين القاضي الفاضل، وفيه كل معنى مليح.
واتفق في عصره جماعة من الشعراء المجيدين، وكان لهم مجالس تجري بينهم فيها مفاكهات ومحاورات يروق سماعها. ودخل في ذلك الوقت إلى مصر شرف الدّين بن عنين، فعملوا له الدعوات، وكانوا يجتمعون على أرغد عيش، وكانوا يقولون: هذا شاعر الشام، وجرت لهم محافل سطّرت عنهم.
ومن شعر ابن سناء الملك [3] .
لا الغصن يحكيك ولا الجؤذر
…
حسنك مما ذكروا [4] أكثر
يا باسما أبدى لنا ثغره
…
عقدا ولكن كلّه جوهر
قال لي اللّاحي ألا تسمع [5]
…
فقلت يا لاحي ألا تبصر
وله يتغزل بجارية عمياء [6] :
شمس بغير الشّعر لم تحجب
…
وفي سوى العينين لم تكسف
[1] في «آ» و «ط» : «كثير التخصيص» وما أثبته من «وفيات الأعيان» .
[2]
تحرف اسمه في «آ» و «ط» إلى «درّ الطّراز» والتصحيح من «وفيات الأعيان» وهو مطبوع بتحقيق الدكتور جودت الركابي وانظر «كشف الظنون» (1/ 732) .
[3]
انظر «ديوانه» ص (344) طبع دار الجيل ببيروت.
[4]
في «آ» و «ط» : «مما أكثروا» وفي «وفيات الأعيان» : «مما كثروا» والتصحيح من «ديوانه» .
[5]
في «آ» و «ط» : «ألا تستمع» والتصحيح من «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[6]
انظر «ديوانه» ص (484- 485) .
مغمدة المرهف لكنّها
…
تجرح في الجفن [1] بلا مرهف
رأيت منها الخلد [2] في جؤذر
…
ومقلتي يعقوب في يوسف
وله في غلام ضرب ثم حبس [3] :
بنفسي من لم يضربوه لريبة
…
ولكن ليبدو الورد في سائر الغصن
ولم يودعوه السّجن إلّا مخافة
…
من العين أن تعدو على ذلك الحسن
وقالوا له شاركت في الحسن يوسفا
…
فشاركه أيضا في الدّخول إلى السّجن
وله أيضا [4] :
وما كان تركي حبّه عن ملالة
…
ولكن لأمر يوجب القول بالتّرك [5]
أراد شريكا في الذي كان بيننا
…
وإيمان قلبي قد نهاني عن الشّرك
وقال العماد الكاتب في «الخريدة» : كنت عند القاضي الفاضل في خيمته، فأطلعني على قصيدة كتبها إليه ابن سناء الملك، وكان سنّه لم يبلغ عشرين سنة، فعجبت منها، وأولها [6] :
فراق قضى للهمّ والقلب بالجمع
…
وهجر تولّى صلح عيني مع الدّمع
وتوفي ابن سناء الملك في العشر الأول من شهر رمضان بالقاهرة، عن بضع وستين سنة.
[1] كذا في «آ» و «ط» وفي «ديوانه» : «تقتل بالغمد» .
[2]
في «آ» و «ط» : «الجلد» بالجيم، وما أثبته من «ديوانه» و «وفيات الأعيان» .
[3]
انظر «ديوانه» ص (783- 784) .
[4]
انظر «ديوانه» ص (528) .
[5]
كذا رواية البيت في «آ» و «ط» و «وفيات الأعيان» وروايته في «ديوانه» :
تركت حبيب القلب لا عن ملالة
…
ولكن لذنب أوجب الأخذ بالترك
[6]
البيت في «وفيات الأعيان» (6/ 65) .
وفيها يونس بن يحيى الهاشمي أبو محمد البغدادي القصّار، نزيل مكّة. روى عن أبي الفضل الأرموي، وابن الطّلّاية، وطبقتهما. قاله في «العبر» [1] .
[1](5/ 30) وانظر «تاريخ الإسلام» (61/ 288- 289) .