الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وخمسين وستمائة
فيها دخل هولاكو [1] ديار بكر قاصدا حلب، ونزل على آمد، وأرسل يطلب الملك السعيد صاحب ماردين، فسيّر إليه ولده، وقاضي البلد مهذّب الدّين محمد بن مجلّي بهدية واعتذر أنه ضعيف، فلم يقبل منه، وقبض على ولده. وسيّر إلى الملك يستحثه، فعظمت الأراجيف [2] وعدوا الفرات، وخرج أهل الشّام جافلين منهم، وخرج الملك النّاصر بعساكره لملتقى التتار، فنزل على برزة [3] ، واجتمع إليه أمم عظيمة، من عرب، وعجم، وأكراد مطوّعة.
وكان هولاكو [4] قد قدم في خلق لا يعلمهم إلا الله تعالى، فنزل على حرّان، وسيّر ولده أشموط إلى الشام، فوصل إلى حلب وبها بوران شاه بن السلطان صلاح الدّين، وكانت في غاية التحصين، فنزل التتار على السليمة. [5] وامتدوا إلى حيلان [6] ، فخرج عسكر حلب ومعهم خلق، فولّت التتار منهم مكرا
[1] في «آ» و «ط» : «هلاكو» وفي «العبر» : «هولاوو» .
[2]
الأراجيف: جمع إرجاف، وهي الأخبار. انظر «مختار الصحاح» (رجف) .
[3]
برزة: قرية صغيرة إلى الشمال الشرقي من دمشق، تحولت في أيامنا إلى بلدة صغيرة. انظر «معجم البلدان» (1/ 382- 383) .
[4]
في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
[5]
في «آ» : «إلى المسلمية» وهو خطأ.
[6]
تصحفت في «آ» و «ط» إلى «جيلان» والتصحيح من «النجوم الزاهرة» (7/ 75) . قال ياقوت في «معجم البلدان» (2/ 332) : حيلان: من قرى حلب، تخرّج منها عين فوّارة كثيرة الماء تسيح إلى حلب وتدخل إليها في قناة وتتفرق إلى الجامع وإلى جميع مدينة حلب.
وخديعة، فتبعهم العسكر والعوام، فرجعوا عليهم فانكسر المسلمون، وتبعوهم إلى أبواب حلب يقتلون ويأسرون، ونزل التتار بظاهر حلب وهي مغلّقة الأبواب.
وفيها توفي نجم الدّين أبو إسحاق وأبو طاهر إبراهيم بن محاسن بن عبد الملك بن علي بن منجّا التّنوخي الحموي ثم الدمشقي [1] الفقيه الحنبلي الأديب الكاتب. سمع من ابن طبرزد، والكندي، وغيرهما.
توفي في العشر الأواخر من المحرم بتل ناشّر من أعمال حلب، ودفن به، رحمه الله.
وفيها الشيخ مجد الدّين أبو العباس أحمد بن علي بن أبي غالب الإربلي النّحوي الحنبلي [2] المعدّل. سمع بإربل من محمد بن هبة الله [بن الكرم الصّوفي] ، وسكن دمشق، وحدّث بها، واشتغل مدة في العربية بالجامع. وقرأ عليه جماعة من الأصحاب وغيرهم، منهم: الفخر البعلبكي، وابن الفركاح، وتوفي في نصف صفر بدمشق.
وفيها الرئيس صدر الدّين أبو الفتح أسعد بن عثمان بن المنجّا التّنوخي الدمشقي الحنبلي [3] واقف المدرسة الصّدرية بدمشق، ودفن بها.
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بدمشق، وسمع بها من حنبل، وابن طبرزد. وحدّث. وكان أحد المعدّلين ذوي الأموال والثروة والصدقات، وولي نظر الجامع مدة، وثمّر له أموالا كثيرة، واستجدّ في ولايته أمورا.
توفي في تاسع عشر شهر رمضان.
[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 267- 268) .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 268) وما بين الحاصرتين مستدرك منه.
[3]
انظر «العبر» (5/ 239) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 375) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 268) و «النجوم الزاهرة» (7/ 71) .
وفيها ابن تامتّيت [1] أبو العبّاس أحمد بن محمد بن الحسن اللّواتي الفاسي [2] المحدّث المعمّر، نزيل القاهرة. كان صالحا، عالما، خيرا. روى بالإجازة العامّة عن أبي الوقت [السّجزي] .
قال الشريف عز الدّين: مولده فيما بلغنا في المحرّم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وتوفي في رابع المحرّم، رحمه الله.
وفيها أبو الحسين بن السرّاج، المحدّث الكبير، مسند المغرب، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الإشبيلي [3] .
ولد سنة ستين وخمسمائة، وسمع من ابن بشكوال، وعبد الله بن زرقون، وطائفة. وتفرّد في زمانه. وكانت الرحلة إليه بالمغرب، وتوفي في سابع صفر.
وفيها ابن اللّمط شمس الدّين أبو محمد عبد الله بن يوسف الجذامي المصري [4] .
رحل مع ابن دحية، وسمع من أبي جعفر الصيدلاني، وعبد الوهاب بن سكينة، وتوفي في ربيع الآخر، وله خمس وثمانون سنة.
وفيها صاحب الموصل الملك الرّحيم بدر الدّين لؤلؤ الأرمني
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «تاميت» وتحرفت في «العبر» بطبعتيه إلى «ما متّيت» فتصحح. قال الصفدي في «الوافي بالوفيات» : تامتّيت: بتاء ثالثة الحروف ومثلها بعد الميم مشدّدة ومثلها بعد الياء آخر الحروف.
[2]
انظر «العبر» (5/ 238) و «الوافي بالوفيات» (7/ 384) و «مرآة الجنان» (4/ 148) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 239) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (275) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 331- 332) و «النجوم الزاهرة» (7/ 71) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 239) .
الأتابكي [1] مملوك نور الدّين أرسلان شاه بن عز الدّين مسعود، صاحب الموصل. كان مدبّر دولة أستاذه ودولة ولده القاهر مسعود، فلما مات القاهر سنة خمس عشرة وستمائة، أقام بدر الدّين ولد القاهر صورة، وبقي أتابكه مدة، ثم استقلّ بالسلطنة، وكان صارما، شجاعا، مدبّرا، خبيرا. توفي في شعبان، وقد نيّف على الثمانين، وانخزم [2] نظام بلده من بعده.
ومنها ابن الشّيرجي الصّدر نجم الدّين مظفّر بن محمد بن إلياس الأنصاري الدمشقي [3] . ولي تدريس العصرونية والوكالة، وحدّث عن الخشوعي وجماعة، وولي أيضا الحسبة ونظر الجامع، وتوفي في آخر السنة.
وفيها العدل بهاء الدّين محمد بن مكّي القرشي الصّالحي، عرف بابن الدّجاجيّة [4] . كان فاضلا، وله نظم جيد [5] .
وفيها الشيخ يوسف القمّيني المولّه [6] .
قال الذهبي في «العبر» الذي تعتقده العامة أنه وليّ الله [7] ، وحجّتهم الكشف والكلام على الخواطر. وهذا شيء يقع من الكاهن والرّاهب والمجنون الذي له قرين من الجنّ، وقد كثر هذا في عصرنا، والله المستعان.
وكان يوسف يتنجّس ببوله ويمشي حافيا ويأوي أقميم [8] حمّام نور الدّين ولا يصلي. انتهى.
[1] انظر «العبر» (5/ 240) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 356- 358) .
[2]
تحرفت في «ط» إلى «وانخرط» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 240) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 403) .
[4]
انظر «الوافي بالوفيات» (5/ 58- 59) و «النجوم الزاهرة» (7/ 71) .
[5]
انظر نموذجا من شعره في ص (492) من هذا المجلد.
[6]
انظر «ذيل الروضتين» ص (202) و «العبر» (5/ 240) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 302- 303) و «البداية والنهاية» (13/ 216) وعنده «كان يعرف بالأقميني» .
[7]
في «العبر» بطبعتيه: «أنه وليّ» .
[8]
في «العبر» بطبعتيه: «قمين» .
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : كان يأوي القمامين والمزابل، وغالب إقامته بإقميم حمّام نور الدّين بسوق القمح [1] ، وكان يلبس ثيابا طوالا تكنس الأرض، ولا يلتفت إلى أحد والناس يعتقدون فيه الصلاح، ويحكون عنه عجائب وغرائب، ودفن بتربة المولّهين بسفح قاسيون، ولم يتخلف عن جنازته إلّا القليل. انتهى.
[1] قلت: المعروف أن حمّام نور الدّين يقع في سوق البزوريين أو ما يعرف في أيامنا بسوق البزورية وقد رقّم حديثا. انظر «عدة الملمات في تعداد الحمّامات» ضمن كتاب «رسائل دمشقية» لابن المبرد ص (38) بتحقيق الأستاذ صلاح محمد الخيمي، طبع دار ابن كثير.