الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وتسعين وستمائة
استهلت وسلطان الإسلام الملك المنصور حسام الدّين لاجين، ونائبه منكوتمر مملوكه، وهو معتمد عليه في جلّ الأمور. فشرع يمسك كبار الأمراء وينفي آخرين.
وفي ربيع الآخر استوحش قبجق المنصوري نائب الشام، وبكتمر السّلحدار، وغيرهما من فعائل منكوتمر، وخافوا أن يبطش بهم، وبلغهم دخول ملك التتار في الإسلام، فأجمعوا على المسير إليه، فساروا من حمص على البريّة، فلم يلبثوا أن جاء الخبر بقتل السلطان ومنكوتمر على يد كرجي الأشرفي، ومن قام معه. هجم عليه كرجي في ستة أنفس، وهو يلعب بالشطرنج بعد العشاء ما عنده إلّا قاضي القضاة حسام الدّين الحنفي، والأمير عبد الله، ويزيد البدوي، وأمامه المجير بن العسّال.
قال حسام الدّين: رفعت رأسي فإذا سبعة أسياف تنزل عليه، ثم قبضوا على نائبه فذبحوه من الغد، ونودي للملك النّاصر وأحضروه من الكرك فاستناب في المملكة سلّار، ثم قتل طغجي وكرجي الأشرفيّان، ثم ركب الملك الناصر بخلعة الخليفة وتقليده، وقدم الأفرم على نيابة دمشق في جمادى الأولى، وكان الملك المنصور أشقر، أصهب، فيه دين وعدل في الجملة، وله شجاعة وإقدام.
وفيها توفي ابن الحصيري [1] نائب الحكم نظام الدّين أحمد بن
[1] في «آ» و «ط» : «الحصير» والتصحيح من «العبر» (5/ 387) مصدر المؤلف، وهو مترجم في
العلّامة جمال الدّين محمود بن أحمد البخاري الدمشقي الحنفي، وله نحو من سبعين سنة، قاله في «العبر» .
وفيها الصّوابي الخادم الأمير الكبير بدر الدّين بدر الحبشي [1] .
كان أميرا على مائة فارس بدمشق، وأقام في الإمرة نحوا من أربعين سنة. وكان خيّرا، ديّنا، معمرا، موصوفا بالشجاعة والعقل والرأي.
قال الذهبي: روى لنا عن ابن عبد الدائم. وتوفي فجأة بقرية الخيارة [2] في جمادى الأولى.
وقال ابن شهبة: وحمل إلى قاسيون فدفن بتربته، وهو أول من أبطل ما كان يجبى من الحجّاج في كل سنة لأجل العربان. وهو على كل جمل عشرة دراهم، أقام ذلك من ماله، وأبطل الجباية، وذلك سنة إحدى وثمانين، فبطل ذلك إلى الآن. انتهى.
وفيها التّقيّ البيّع الصّاحب الكبير أبو البقاء توبة بن علي بن مهاجر التكريتي، عرف بالبيّع. كان تاجرا، فلما أخذت التتار بغداد حضر إلى الشام وتولى البيعية بدار الوكالة، ثم ضمنها في أيام الظّاهر وخدم المنصور وأقرضه ستين ألفا بلا فائدة، فلما تولى المنصور أطلق له دار الوكالة وما كان عليه مكسورا، وهو مائة ألف درهم، وولّاه كتابة الخزانة، ثم نقل إلى وزارة الشام، وتوزّر لخمس [3] ملوك: الأشرف، والمنصور، والعادل كتبغا،
«البداية والنهاية» (14/ 4) وقد تحرفت «الحصيري» فيه إلى «الحصري» فلتصحح، و «الجواهر المضية» (2/ 155) طبع حيدرآباد، وقال صاحبه: «الحصيري: نسبة إلى محلّة ببخارى يعمل فيها الحصير، كان ساكنا بها.
[1]
لفظة «الحبشي» سقطت من «آ» وهو مترجم في «العبر» (5/ 386) .
[2]
الخيارة: قرية من قرى غوطة دمشق، يقال لها:«خيارة نوفل» وهي من أعمال قرية عقربا.
انظر «غوطة دمشق» للعلّامة محمد كرد علي ص (19) طبع دار الفكر بدمشق.
[3]
في «ط» : «الخمسة» .
ولاجين، والناصر. وكان حسن الأخلاق، ناهضا وافرا [1] ، كافيا، وافر الحرمة.
توفي في جمادى الآخرة، ودفن بتربته بسفح قاسيون عن ثمان وسبعين سنة.
وفيها صدر الدّين أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الأنجب بن الكسّار الواسطي الأصل البغدادي المحدث الحافظ الحنبلي [2] .
ولد سنة ست وعشرين وستمائة، وسمع ببغداد من ابن قميرة وغيره.
وبواسط من الشريف الدّاعي الرّشيدي. وقرأ كثيرا من الكتب والأجزاء. وعني بالحديث. وكانت له معرفة حسنة به.
قال الذهبي: قال لنا الفرضي: كان فقيها، محدّثا، حافظا، له معرفة.
وقال الذهبي: وبلغني أنه تكلّم فيه، وهو متماسك، وله عمل كثير في الحديث، وشهرة بطلبه.
وقال ابن رجب: كان- رحمه الله زريّ اللّباس، وسخ الثياب، على نحو طريقة أبي محمد بن الخشّاب النّحوي كما سبق ذكره [3] . وكان بعض الشيوخ يتكلم فيه وينسبه إلى التهاون في الصّلاة. وكان الدّقوقي يقول: إنهم كانوا يحسدونه لأنه كان يبرز عليهم في الكلام في المجالس، والله أعلم بحقيقة أمره.
سمع منه خلق من شيوخنا وغيرهم.
توفي في رجب، ودفن بمقبرة باب حرب. انتهى كلام ابن رجب.
[1] لفظة «وافرا» سقطت من «آ» .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 339) .
[3]
تقدم ذكره في وفيات سنة (567) من المجلد السادس صفحة (364- 367) فراجعه.
وفيها العماد عبد الحافظ بن بدران بن شبل المقدسي النّابلسي [1] ، صاحب المدرسة بنابلس. روى عن الموفق، وابن راجح، وموسى بن عبد القادر، وجماعة. وطال عمره، وقصد بالزيارة، وتفرّد بأشياء، وتوفي في ذي الحجّة.
وفيها الشيخ علي الملقّن بن محمد بن علي بن بقاء الصّالحي المقرئ [2] ، العبد الصّالح. روى عن ابن الزّبيدي وغيره، وعاش ستا وثمانين سنة [3] ، وتوفي في رابع شوال.
وفيها ابن القوّاس مسند الوقت، ناصر الدّين، أبو حفص. عمر بن عبد المنعم بن عمر الطّائي الدمشقي [4] . سمع حضورا من ابن الحرستاني، وأبي يعلى بن أبي لقمة، فكان آخر من روى عنهما. وأجاز له الكندي وطائفة، وخرّجت له «مشيخة» . وكان ديّنا، خيرا، متواضعا، محبّا للرّواية.
توفي في ثاني ذي القعدة، وله ثلاث وتسعون سنة.
وفيها ابن النحّاس العلّامة حجّة العرب بهاء الدّين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي عبد الله الحلبي [5] . شيخ العربية بالدّيار المصرية.
روى عن الموفق بن يعيش، وابن اللّتي، وجماعة. وكان من أذكياء أهل زمانه.
توفي في جمادى الأولى، وله إحدى وسبعون سنة.
[1] انظر «العبر» (5/ 388) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (292) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 388) و «النجوم الزاهرة» (8/ 189) .
[3]
لفظة «سنة» سقطت من «آ» .
[4]
انظر «العبر» (5/ 388) و «معجم الشيوخ» (2/ 74- 76) و «النجوم الزاهرة» (8/ 189) .
[5]
انظر «العبر» (5/ 389) و «النجوم الزاهرة» (8/ 183- 185) .
وفيها ابن النّقيب الإمام المفسّر العلّامة المفتي [1] جمال الدّين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن حسن البلخي ثم المقدسي الحنبلي [2] .
مدرّس العاشورية بالقاهرة.
ولد سنة إحدى عشرة وستمائة، وقدم مصر، فسمع بها من يوسف بن المخيلي، وصنّف تفسيرا كبيرا إلى الغاية. وكان إماما، زاهدا، عابدا، مقصودا بالزّيارة. متبرّكا به. أمّارا بالمعروف، كبير القدر.
توفي في المحرّم ببيت المقدس. قاله في «العبر» .
وفيها صاحب حماة الملك المظفّر تقيّ الدّين محمود بن الملك المنصور ناصر الدّين محمد بن المظفّر محمود بن المنصور محمد بن عمر شاهنشاه الحموي [3] آخر ملوك حماة.
مات في الحادي والعشرين من ذي القعدة.
وفيها جمال الدّين ياقوت المستعصمي [4] . الكاتب الأديب البغدادي. آخر من انتهت إليه رئاسة الخطّ المنسوب. كان يكتب على طريقة ابن البوّاب، وهو من مماليك المستعصم أمير المؤمنين.
قال الحافظ علم الدّين البرزالي، قال: أنشدني أبو شامة، قال:
أنشدني ياقوت لنفسه:
رعى الله أياما تقضّت بقربكم
…
قصارا وحيّاها الحيا وسقاها
فما قلت إيه بعدها لمسامر
…
من الناس إلّا قال قلبي آها
[1] لفظة «المفتي» سقطت من «ط» .
[2]
انظر «العبر» (5/ 389) و «معجم الشيوخ» (2/ 193- 194) و «البداية والنهاية» (14/ 4) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 389) و «البداية والنهاية» (14/ 5) و «النجوم الزاهرة» (8/ 189) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 390) و «فوات الوفيات» (4/ 263- 264) و «البداية والنهاية» (14/ 6) .
وفيها الملك الأوحد نجم الدّين يوسف بن النّاصر [1] ، صاحب الكرك، داود بن المعظّم.
توفي بالقدس في ذي الحجّة، وله سبعون سنة. سمع من ابن اللّتي، وروى عنه الدّمياطي في «معجمه» .
[1] انظر «العبر» (5/ 390) و «البداية والنهاية» (14/ 5) .