الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وستين وستمائة
في جمادى الأولى افتتح الظّاهر بيبرس يافا بالسيف وقلعتها بالأمان، ثم هدمها، ثم حاصر الشّقيف عشرة أيام وأخذها بالأمان، ثم أغار على أعمال طرابلس وقطع أشجارها وغوّر أنهارها. ثم نزل تحت حصن الأكراد فخضعوا له، فترحل إلى حماة ثم إلى فامية، ثم ساق، وطلب [1] أنطاكية فأخذها في أربعة أيام، وحصر من قتل بها فكانوا أكثر من أربعين ألفا [2] .
وفيها توفي المجد بن الحلوانيّة المحدّث الجليل أبو العبّاس أحمد ابن المسلم بن حمّاد الأزدي الدّمشقي التّاجر [3] .
ولد سنة أربع وستمائة، وسمع من أبي القاسم ابن الحرستاني فمن بعده، وكتب العالي والنّازل، ورحل إلى بغداد، ومصر، والإسكندرية، وخرّج «المعجم» . وتوفي في حادي عشر ربيع الأول.
وفيها الشيخ العزّ خطيب الجبل أبو إسحاق إبراهيم بن الخطيب شرف الدّين عبد الله بن أبي عمر الزّاهد المقدسي الحنبلي [4] .
[1] في «العبر» مصدر المؤلف: «وبغت» .
[2]
زاد الذهبي في «العبر» : «ثم أخذ بغراس بالأمان» وبغراس: مدينة في لحف جبل اللّكام، بينها وبين أنطاكية أربعة فراسخ، على يمين القاصد إلى أنطاكية من حلب. انظر «معجم البلدان» (1/ 467) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 283- 284) و «النجوم الزاهرة» (7/ 226- 227) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 284) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 277- 278) .
ولد سنة ست وستمائة، وسمع من العماد، والشيخ موفق الدّين، وأبي اليمن [1] الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وخلق. وأجاز له القاسم الصفّار وجماعة. وكان إماما في العلم والعمل، بصيرا بالمذهب، صالحا، عابدا، زاهدا، مخلصا، صاحب أحوال وكرامات، وأمر بالمعروف، قوّالا بالحقّ. وقد جمع المحدّث أبو الفداء بن الخبّاز سيرته في مجلد وحدّث وسمع منه جماعة، منهم: أبو العبّاس الحيري وهو آخر أصحابه.
توفي في تاسع عشر ربيع الأول، ودفن بسفح قاسيون، وهو والد الإمامين عزّ الدّين الفرائضي، وعزّ الدّين محمد خطيب الجامع المظفّري، رحمهم الله تعالى.
وفيها بولص الرّاهب الكاتب المعروف بالحبيس [2] .
أقام بمغارة بجبل حلوان بقرب القاهرة [3] فقيل: إنه وقع بكنز الحاكم صاحب مصر، فواسى منه الفقراء والمستورين من كل ملّة، واشتهر أمره وشاع ذكره، وقام عن المصادرين بجمل عظيمة مبلغها ستمائة ألف دينار، وذلك خارجا عمّا كان يصرفه للفقراء. طلبه السلطان فأحضره وتلطّف به، وطلب منه المال، فجعل يغالطه ويراوغه، فلما أعياه ضيّق عليه وعذّبه إلى أن مات ولم يقرّ بشيء، فأخرج من القلعة ميتا، ورمي على باب القرافة، وكان لا يأكل من هذا المال شيئا ولا يلبس، ولا ظهر منه شيء في تركته.
قال الذّهبيّ: وقد أفتى غير واحد بقتله خوفا على ضعفاء الإيمان من المسلمين أن يضلّهم ويغويهم.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «أبي النمر» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[2]
انظر «ذيل مرآة الزّمان» (2/ 189- 190) و «العبر» (5/ 284) و «مرآة الجنان» (4/ 165- 166) وقد تحرفت «الحبيس» فيه إلى «الحنش» فتصحح.
[3]
انظر «معجم البلدان» (2/ 293) .
وفيها عزّ الدّين عبد العزيز بن منصور بن محمد بن وداعة الحلبي [1] . كان خطيبا بجبلة من أعمال السّاحل، ثم اتصل بصلاح الدّين، فصار من خواصه، فلما ملك دمشق ولّاه شدّ الدواوين، وكن يظهر النّسك، وله حرمة وافرة، فلما تولى الظّاهر ولّاه الوزارة، وتولى جمال الدّين أقوش [2] النّجيبيّ نيابة الشام، فحصل بينهما وحشة [باطنة] ، وكان النّجيبيّ يكرهه لتشيعه. وكان النّجيبي مغاليا في السّنّة، وعند عزّ الدّين تشيّع. فكتب عزّ الدّين إلى الظّاهر أن الأموال تنكسر وتحتاج الشّام إلى مشدّ تركيّ شديد المهابة، تكون أمور الولايات وأموالها راجعة إليه لا يعارض، وقصد بذلك رفع يد النائب فجهز [3] الظّاهر علاء الدّين كشتغدي الشّقيريّ، فلم يلبث أن وقع بينهما، لأن الشّقيريّ كان يهينه غاية الهوان، فإذا اشتكى إلى النّائب لا يشكيه ويقول: أنت طلبت مشدّا تركيا. فكتب الشّقيريّ إلى الظّاهر في حقّه.
فورد الجواب بمصادرته، فأخذ خطّه بجملة يقصر عنها ماله، وضربه وعصره، وعلّقه. فكان كالباحث عن حتفه بظلفه. وكانت له دار حسنة باعها في المصادرة، ثم طلب إلى مصر. فتوفي بها عقب وصوله، ودفن بالقرافة الصّغرى قريبا من قبّة [4] الشّافعيّ، ولم يخلّف ولدا، ولا رزقه الله في عمره [كلّه] ولدا [5] فإنه لم يتزوج إلّا امرأة واحدة في صباه، ثم فارقها بعد أيام قلائل، وبنى بجبل قاسيون تربة ومسجدا وعمارة حسنة، وله وقف على وجوه البرّ.
[1] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 390- 392) وما بين الحاصرتين زيادة منه، و «القلائد الجوهرية» (1/ 323- 324) .
[2]
في «آ» و «ط» : «أقش» وما أثبته من «ذيل مرآة الزمان» و «عقد الجمان» (1/ 331) .
[3]
في «ط» : «فجهر» بالراء وهو خطأ.
[4]
تحرفت في «ط» إلى «قبلة» .
[5]
لفظة «ولدا» الثانية هذه لم ترد في «ذيل مرآة الزّمان» ولفظة «كلّه» زيادة منه.
وفيها صاحب الرّوم السّلطان ركن الدّين [1] كيقباد [2] بن السّلطان غياث الدّين كيخسرو بن السلطان كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن قتلمش [3] بن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق [4] السّلجوقي [5] كان هو وأبوه مقهورين مع التتار، له الاسم ولهم التّصرّف، فقتلوه في هذه السنة، وله ثمان وعشرون سنة، لأن بعضهم نمّ عليه بأنه يكاتب الظّاهر، فقتلوه خنقا وأظهروا أن فرسه رماه. ثم أجلسوا في الملك ولده كيخسرو وله عشر سنين.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «زكي الدّين» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[2]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى قيقباد» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3]
كذا في «آ» و «ط» و «وفيات الأعيان» (5/ 71) و «العبر» : «قتلمش» وفي «ذيل مرآة الزمان» و «النجوم الزاهرة» : «قطلمش» .
[4]
تحرفت في «النجوم الزاهرة» إلى «دقماق» فتصحح، وانظر «وفيات الأعيان» (5/ 184) .
[5]
انظر «ذيل مرآة الزّمان» (2/ 403- 406) و «العبر» (5/ 285) و «النجوم الزاهرة» (7/ 226) .