الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وثلاثين وستمائة
في ربيعها جاءت فرقة من التتار فكسرهم عسكر إربل، فما بالوا، وساقوا إلى بلاد الموصل، فقتلوا وسبوا، فاهتمّ المستنصر بالله، وأنفق الأموال، فردّوا ودخلوا [1] الدّربند [2] .
وفيها أخذت الفرنج قرطبة واستباحوها، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون [3] .
وفيها توفي الجمال أبو حمزة أحمد بن عمر [بن الشيخ أبي عمر][4] المقدسي الحنبلي [5] . روى عن نصر الله القزّاز، وابن شاتيل، وأبي المعالي ابن صابر. وكان يتعانى الجندية، وفيه شجاعة وإقدام. توفي في ربيع الأول.
[1] لفظة «ودخلوا» سقطت من «آ» .
[2]
ويسمى أيضا «باب الأبواب» . انظر «معجم البلدان» (2/ 449) .
[3]
قال الذهبي: فقال لنا أبو حيّان- يعني الغرناطي النحوي أثير الدّين المفسّر المشهور- توفي ابن الرّبيع- يعني أبو سليمان ربيع بن عبد الرحمن القرطبي- بإشبيلة بعد استيلاء النصارى على شرقي قرطبة سنة ثلاث وثلاثين. انظر «تاريخ الإسلام» (64/ 13- 14 و 130) والتعليق عليه.
[4]
ما بين الحاصرتين سقط من «آ» .
[5]
انظر «العبر» (5/ 133) و «تاريخ الإسلام» (64/ 83) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (262) .
وفيها القيلويي [1] المؤرّخ، أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل.
عاش سبعين سنة، وروى عن الأبله الشاعر وغيره، فكتب الكثير. وكان أديبا أخباريا.
وفيها زهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر [أم الحياء، الأنباريّة][2] .
شيخة صالحة صوفية. روت عن ابن البطّي، ويحيى بن ثابت، وتوفيت في جمادى الأولى عن تسع وسبعين سنة.
وفيها خطيب زملكا، عبد الكريم بن خلف بن نبهان الأنصاري [3] ، وله اثنتان وسبعون سنة. روى عن أبي القاسم بن عساكر، وتوفي في ذي الحجّة.
وفيها ابن الرّمّاح عفيف الدّين علي بن عبد الصّمد بن محمد المصري [4] . المقرئ النحوي. قرأ القراءات على أبي الجيوش عساكر بن علي، وسمع من السّلفي، وتصدّر للإقراء والعربية بالفاضلية وغيرها، وتوفي في جمادى الأولى.
وفيها ابن روزبه أبو الحسن علي بن أبي بكر [بن روزبه][5] البغدادي القلانسي العطّار الصّوفي [6] . حدّث بالصحيح عن أبي الوقت [السّجزي] ،
[1] تحرفت نسبته في «ط» إلى «القليوبي» وما جاء في «آ» هو الصواب. انظر «العبر» (5/ 133) و «تاريخ الإسلام» (64/ 129- 130) .
أقول: وفي «معجم البلدان» (4/ 423) القيلوي، نسبة إلى قيلوية، ينسب إليها أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي. (ع) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 133- 134) و «تاريخ الإسلام» (64/ 131) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[3]
انظر «العبر» (5/ 134) و «تاريخ الإسلام» (64/ 136) وقد توسع في ترجمته فراجعه.
[4]
انظر «العبر» (5/ 134) و «تاريخ الإسلام» (64/ 138- 139) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (261) و «غاية النهاية في طبقات القراء» (1/ 549) .
[5]
ما بين الحاصرتين لم يرد في «آ» .
[6]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (3/ 409- 410) و «العبر» (5/ 134) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 387- 389) و «تاريخ الإسلام» (64/ 140- 141) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (262) .
ببغداد، وحرّان، ورأس العين، وحلب. وردّ منها خوفا من الحصار الكائن بدمشق على الناصر داود، وإلّا كان عزمه المجيء إلى دمشق. توفي فجأة في ربيع الآخر وقد نيّف على التسعين.
وفيها العلّامة الحافظ ابن دحية أبو الخطّاب عمر بن حسن بن محمد الجميّل [1] بن فرح [2] بن خلف الكلبي الدّاني ثم السّبتي [3] الحافظ اللّغوي الظّاهري المذهب. روى عن أبي عبد الله بن زرقون، وابن بشكوال، وهذه الطبقة. وعني بالحديث أتمّ عناية، وجال في مدن الأندلس ومدن العدوة، وحجّ في الكهولة، فسمع بمصر من البوصيري، وبالعراق «مسند الإمام أحمد» ، وبأصبهان «معجم الطبراني» من الصيدلاني، وبنيسابور «صحيح مسلم» بعلو بعد أن كان حدّث به بالغرب بالإسناد النازل للأندلسي، وكان يقول: إنه حفظه كلّه.
قال في «العبر» : وليس هو بالقويّ، ضعّفه جماعة. وله تصانيف ودعاو [4] مدحضة، وعبارة متغيرة ومبغضة. وقد نفق على [الملك] الكامل وجعله شيخ دار الحديث بالقاهرة. انتهى.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متفننا في الحديث، والنحو، واللغة، وأيام العرب وأشعارها.
حصّل ما لا حصّل غيره [5] من العلم، وكان في المحدّثين مثل ابن عنين في
[1] الجميّل: تصغير جمل. قاله الذهبي في «تاريخ الإسلام» (64/ 15) .
[2]
تصحف في «ط» إلى «فرج» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 134- 135) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 389- 395) و «تاريخ الإسلام» (64/ 141- 146) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (262) و «التبيان شرح بديعة البيان» لابن ناصر الدّين الدمشقي (176/ آ) .
[4]
في «آ» و «ط» : «ودعاوى» وأثبت لفظ «العبر» .
[5]
أقول: في «سير أعلام النبلاء» (22/ 391) : «وحصّل ما لم يحصّله غيره» . (ع) .
الشعراء. يثلب علماء المسلمين ويقع في أئمة الدّين، فترك الناس كلامه وكذّبوه. ولما انكشف حاله للكامل أخذ منه دار الحديث وأهانه، ودخل دمشق، فمال إليه الوزير ابن شكر، فسأله أن يجمع بينه وبين الشيخ تاج الدّين الكندي، فاجتمعا وتناظرا، وجرى بينهما البحث، فقال له الكنديّ: أخطأت، فسفّه عليه، فقال الكنديّ: أنت تكذب في نسبك إلى دحية الكلبي، ودحية بإجماع المحدّثين ما أعقب، وقد قال فيك ابن عنين:
دحية لم يعقب فكم تنتمي [1]
…
إليه بالبهتان والإفك
ما صحّ عند النّاس فيه سوى
…
أنّك من كلب بلا شكّ
توفي في رابع عشر ربيع الأول، وله سبع وثمانون سنة، ودفن بالقاهرة.
وفيها الإربلي فخر الدّين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سليمان الصّوفي [2] . روى عن يحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النّقور، وجماعة كثيرة، وتوفي بإربل في رمضان، وروايته منتشرة عالية.
وفيها أبو بكر المأموني محمد بن محمد بن أبي المفاخر سعيد بن حسين العباسي النيسابوري ثم المصري الجنائزي [3] . روى عن السّلفي وتوفي في ربيع الآخر.
وفيها نصر بن عبد الرزّاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني [4] قاضي القضاة، عماد الدّين، أبو صالح الجيلي ثم البغدادي الحنبلي. أجاز له ابن
[1] في «سير أعلام النبلاء» : «فلم تعتزي» .
[2]
انظر «العبر» (5/ 135) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 395- 396) و «تاريخ الإسلام» (64/ 147- 148) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (262) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 135) و «النجوم الزاهرة» (6/ 296) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 136) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 136) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (262) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 189- 192) و «المنهج الأحمد» الورقة (366) .
البطّي، وسمع من شهدة وطبقتها، ودرّس، وأفتى، وناظر، وبرع في المذهب، وولي القضاء سنة ثلاث وعشرين، وعزل بعد أشهر، وكان لطيفا ظريفا متين الدّيانة، كثير التواضع، متحرّيا في القضاء، قوي النفس في الحقّ، عديم المحاباة والتكلف. قاله في «العبر» .
وقال ابن رجب: كان عظيم القدر، بعيد الصّيت، معظّما عند الخاصة والعامة، ملازما طريق النّسك والعبادة، مع حسن سمت، وكيس، وتواضع، ولطف، وبشر، وطيب ملاقاة [1] . وكان محبا للعلم، مكرما لأهله، ولم يزل على طريقة حسنة، وسيرة مرضية. وكان أثريّا، سنّيّا، متمسكا بالحديث، عارفا به. ولّاه الظّاهر الخليفة بن الناصر قضاء القضاة بجميع مملكته، فيقال: إنه لم يقبل إلّا بشرط أن يورّث ذوي الأرحام. فقال له: أعط كل ذي حقّ حقّه، واتق الله، ولا تتق سواه. وأرسل إليه عشرة آلاف دينار يوفي بها ديون من في سجنه من المدينين الذين لا يجدون وفاء.
ورد إليه النظر في جميع الأوقاف: وقوف العامة ووقوف المدارس [2] الشافعية والحنفية، وجامعي السلطان وابن عبد المطّلب [3] ، فكان يولي ويعزل في جميع المدارس حتّى النظامية.
ولما توفي الظاهر أقرّه ابنه المستنصر مديدة، وكان في أيام ولايته يؤذّن نوّابه في مجلس الحكم، ويصلي جماعة، ويخرج إلى الجامع راجلا. وكان يلبس القطن، متحريا في القضاء، قوي النّفس في الحقّ، ويتخلق بسائر سيرة السّلف. ولما عزله المستنصر أنشد عند عزله:
[1] في «آ» و «ط» : «وطيب ملتقى» وأثبت لفظ «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف.
[2]
في «ط» و «ذيل طبقات الحنابلة» : «الوقوف العامة ووقوف المدارس» .
[3]
في «ط» : «وابن عبد اللطيف» وفي «ذيل طبقات الحنابلة» : «وابن المطلب» بدون لفظ «عبد» .
حمدت الله عز وجل لمّا
…
قضى لي بالخلاص من القضاء
وللمستنصر المنصور أشكر
…
وأدعو فوق معتاد الدّعاء
ولا أعلم أحدا من أصحابنا دعي بقاضي القضاة قبله، ولا استقلّ منهم بولاية قضاء القضاء في مصر غيره. وقد صنّف في الفقه كتابا سمّاه «إرشاد المبتدئين» وخرّج لنفسه أربعين حديثا. وتفقه عليه جماعة وانتفعوا به، وسمع منه الحديث خلق كثير. وروى عنه جماعة، منهم: عبد الصّمد بن أبي الجيش، وتوفي سحر يوم الأحد سادس عشر شوال عن سبعين سنة، ودفن بتربة الإمام أحمد رضي الله عنه. انتهى ملخصا
.