الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وأربعين وستمائة
فيها توفي أبو العبّاس أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلمان النجّار الحرّاني الحنبلي [1] ، المحدّث الزاهد الثقة القدوة. سمع الكثير من ابن كليب، وكتب الأجزاء والطّباق، وصحب الحافظ عبد الغني المقدسي، والحافظ الرهاوي، والشيخ موفق الدّين [2] . وسمع منهم وسمع منه جماعة.
قال ابن حمدان: سمعت عليه كثيرا، وكان من دعاة أهل السّنّة وأوليائهم، مشهورا بالزّهد والورع والصلاح.
توفي وسط العام بحرّان.
وفيها إسماعيل بن سودكين أبو الطّاهر النّوري [3] ، الحنفي الصّوفي.
كان صاحب الشيخ محيي الدّين بن العربي، وله كلام وشعر.
توفي في صفر وروى عن الأرتاحي.
وفيها صفية بنت عبد الوهاب بن علي القرشية [4] ، أخت كريمة. لم
[1] انظر «العبر» (5/ 188) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 243) .
[2]
يعني ابن قدامة المقدسي.
[3]
انظر «العبر» (5/ 188) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 188- 189) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 270- 271) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) .
تسمع شيئا بل أجاز لها مسعود الثقفي والكبار، وتفرّدت في زمانها. توفيت في رجب بحماة.
وفيها ابن البيطار، الطبيب البارع، ضياء الدّين عبد الله بن أحمد المالقي العشّاب [1] ، صاحب كتاب «المفردات في الأدوية» انتهت إليه معرفة النبات وصفاته ومنافعه وأماكنه، وله اتصال بخدمة الكامل ثم ابنه الصالح، وكان رئيسا في الدّيار المصرية. توفي بدمشق في شعبان.
وفيها ابن رواحة عز الدّين أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري الحموي الشافعي [2] .
ولد بصقلية وأبواه في الأسر سنة ستين وخمسمائة، وسمّعه أبوه بالإسكندرية من السّلفي الكبير، ومن جماعة.
توفي في ثامن جمادى الآخرة وله خمس وثمانون سنة.
وفيها ابن الحاجب العلّامة أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي الأسنائي [3]- وأسنا: بفتح الهمزة [4] وسكون السين المهملة وفتح النون وبعدها ألف، بليدة صغيرة من أعمال القوصيّة بالصعيد الأعلى من مصر-.
ولد في أواخر سنة سبعين وخمسمائة بأسنا، وكان أبوه حاجبا للأمير عز الدّين موسك الصلاحي، فاشتغل هو بالقراءات على الشّاطبي وغيره.
[1] انظر «العبر» (5/ 189) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 256- 257) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 189) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 261- 263) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) .
[3]
انظر «وفيات الأعيان» (3/ 248- 250) و «العبر» (5/ 189- 190) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 648- 649) و «مرآة الجنان» (4/ 114- 115) و «النجوم الزاهرة» (6/ 360) .
[4]
تنبيه: كذا ضبطها المؤلف- رحمه الله بفتح الهمزة، وقد تبع في ذلك ابن خلّكان، وضبطها ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 189) ومحققو «معرفة القراء الكبار» بكسر الهمزة. وجاء في هامش «النجوم الزاهرة» : إسنا، بالكسر وتفتح.
وبرع في الأصول والعربية، وتفقه في مذهب الإمام مالك.
قال اليافعي: وبلغني أنه كان محبا للشيخ عز الدّين بن عبد السلام، وأن ابن عبد السلام حين حبس بسبب إنكاره على السلطان، دخل معه الحبس موافقة ومراعاة. ولعل انتقاله إلى مصر كان بسبب انتقال الشيخ ابن عبد السلام، وفيهما أنهما اجتمعا في الإنكار.
وقال ابن خلّكان: انتقل إلى دمشق ودرّس بها في زاوية المالكية، وأكبّ الناس على الاشتغال عليه، والتزم له الدروس، وتبحر في العلوم، وكان الأغلب عليه علم العربية. وصنّف «مختصرا» في مذهبه، و «مقدمة» وجيزة في النحو، سمّاها «الكافية» وأخرى مثلها في التصريف سمّاها «الشافية» وشرح المقدمتين. وله:
أيّ غد مع يد دد ذي حروف
…
طاوعت في الرّويّ وهي عيون
هذا جواب البيتين المشهورين:
ربما عالج القوافي رجال
…
في المعاني فتلتوي وتلين
طاوعتهم عين وعين وعين
…
وعصتهم نون ونون ونون
وله في أسماء قداح الميسر:
هي فذّ وتوأم ورقيب
…
ثم حلس ونافس ثم مسبل
والمعلّى والوغد ثم سفيح
…
ومنيح هذي الثلاثة تهمل
ولكل مما عداه نصيب
…
مثله أن تعد أول أول
وصنّف في أصول الفقه، وكل تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة.
وخالف النّحاة في مواضع، وأورد عليها إشكالات وإلزامات تتعذر الإجابة عنها. وكان من أحسن خلق الله ذهنا.
ثم عاد إلى القاهرة، وأقام بها والناس ملازمون الاشتغال عليه. وجاءني
مرارا بسبب أداء شهادات، وسألته عن مواضع في العربية مشكلة فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام، ومن جملة كلامه عن مسألة اعتراض الشرط على الشرط في قولهم «إن أكلت، إن شربت، فأنت طالق» لم يتعين تقدم الشرب [1] على الأكل بسبب وقوع الطلاق، حتى لو قال: ثم شربت، لا تطلق.
وسألته عن بيت المتنبي:
لقد تصبّرت حتّى لات مصطبر
…
والآن أقحم حتّى لات مقتحم [2]
ولات ليست من أدوات الجرّ، فأطال الكلام فيها، وأجاب فأحسن الجواب عنها، ولولا التطويل لذكرت ما قاله.
ثم انتقل إلى الإسكندرية للإقامة بها، فلم تطل مدته هناك. توفي ضحى نهار الخميس سادس عشري شوال، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح ابن أبي شامة. انتهى.
وفيها ابن الدبّاج العلّامة أبو الحسن علي بن جابر [3] النحوي المقرئ، شيخ الأندلس. أخذ القراءات عن أبي بكر بن صاف، والعربية عن أبي ذر بن أبي ركب الخشني، وساد أهل عصره في العربية.
ولد سنة ست وستين وخمسمائة، وتوفي بإشبيلية بعد أخذ الرّوم الملاعين لها في شعبان بعد جمعة، فإنه هاله نطق الناقوس وخرس الأذان، فما زال يتلهف ويتأسف ويضطرب إلى أن قضى نحبه، وقيل مات يوم أخذها.
[1] في «وفيات الأعيان» : «لم تعين تقديم الشرب» .
[2]
البيت في «ديوان المتنبي» بشرح العكبري (4/ 40) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 190) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 209- 210) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) و «غاية النهاية في طبقات القراء» (1/ 528- 529) .
وفيها وزير حلب علي بن يوسف القفطي [1]- بكسر القاف وسكون الفاء نسبة إلى قفط بالطاء المهملة، بلد بصعيد مصر- عرف بالقاضي الأكرم أحد الكتّاب المبرزين في النثر والنظم. كان عارفا باللغة، والنحو، والفقه، والحديث، وعلوم القرآن، والأصول، والمنطق، والحكمة، والنجوم، والهندسة، والتاريخ. وكان صدرا، محتشما، كامل المروءة. جمع من الكتب ما لم يجمعه أحد، وكان لا يحب من الدّنيا سوى الكتب، ولم تكن له دار ولا زوجة. وصنّف كتاب «الدر الثمين في أخبار المتيمين» [2] وكتاب «إصلاح خلل صحاح الجوهري» وكتاب «الكلام على صحيح البخاري» وكتاب «نزهة الناظر ونهزة الخاطر» [3] وغير ذلك.
وفيها صاحب المغرب المعتضد، ويقال له أيضا السعيد أبو الحسن المؤمني علي بن المأمون إدريس بن المنصور يعقوب بن يوسف [4] ، ولي الأمر بعد أخيه عبد الواحد سنة أربعين، وقتل وهو على ظهر جواده وهو يحاصر حصنا بتلمسان في صفر.
وولي بعده المرتضى [5] أبو حفص فامتدت دولته عشرين عاما.
وفيها الملك العادل كمال الدّين أبو بكر بن الملك الكامل بن أيوب [6] .
[1] انظر «فوات الوفيات» (3/ 117- 118) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 227) و «العبر» (5/ 191) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (270) ومقدمة الأستاذ الكبير محمد أبي الفضل إبراهيم لكتابه «إنباه الرّواة» ومقدّمة صديقي العزيز الأستاذ الفاضل رياض عبد الحميد مراد لكتابه «المحمدون من الشعراء وأشعارهم» مصورة دار ابن كثير.
[2]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «المنتمين» والتصحيح من «فوات الوفيات» .
[3]
في «فوات الوفيات» : «نهزة الخاطر ونزهة الناظر» .
[4]
انظر «وفيات الأعيان» (7/ 17- 18) و «العبر» (5/ 190) و «نفح الطيب» (4/ 384) .
[5]
وهو أبو حفص عمر بن إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن. انظر «وفيات الأعيان» (7/ 18) و «نفح الطيب» (7/ 384) .
[6]
انظر «مرآة الزمان» (8/ 512) .
قتله أخوه الملك الصالح خنقا بقلعة دمشق، ودفن بتربة شمس الدولة ولم تطل مدة أخيه بعده بل كان بينهما عشرة أشهر، ورأى في نفسه العبر.
وفيها أفضل الدّين الخونجي [1]- بخاء معجمة مضمومة ثم واو بعدها نون ثم جيم- محمد بن ناماور- بالنون في أوله- ابن عبد الملك، قاضي القضاة، أبو عبد الله الشافعي.
ولد في جمادى الأولى سنة تسعين وخمسمائة، واشتغل في العجم، ثم قدم مصر وولي قضاءها، وطلب وحصّل، وبالغ في علوم الأوائل، حتّى تفرّد برئاسة ذلك في زمانه. وأفتى وناظر، وصنّف «الموجز» و «الجمل» و «كشف الأسرار» وغير ذلك.
قال أبو شامة: كان حكيما، منطقيا، مات في رمضان ودفن بسفح المقطّم.
ورثاه تلميذه العزّ الإربلي الضرير فقال من قصيدة أولها:
قضى أفضل الدّنيا فلم يبق فاضل
…
ومات بموت الخونجيّ الفضائل
فيا أيّها الحبر الذي جاء آخرا
…
فحلّ لنا ما لم تحلّ الأوائل
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : له «الموجز» في المنطق، وكتاب «أدوار الحميات» وكان تلحقه غفلة فيما يفكره من المسائل العقلية. جلس يوما عند السلطان وأدخل يده في رزّة هناك ونسي روحه في الفكرة، فقام الجماعة وبقي جالسا تمنعه أصبعه من القيام، فظنّ السلطان أن له حاجة، فقال له: أللقاضي حاجة؟ قال: نعم تفك أصبعي من الرزّة، فأحضر حدادا
[1] انظر «ذيل الروضتين» ص (182) و «العبر» (5/ 191) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 228) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 105- 106) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 502- 503) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 158- 159) .
وخلص أصبعه، فقال: إني فكرت في بسط هذا الإيوان فوجدته يتوفر فيه بساط إذا بسط على ما دار في ذهني، فبسط على ما قال ففضل بساط.
انتهى.
وفيها أبو الحسن محمد بن يحيى بن ياقوت الإسكندراني المقرئ [1] . روى عن السّلفي وغيره، وتوفي في سابع عشر ربيع الآخر.
وفيها منصور بن السّند بن الدّبّاغ [2] أبو علي الإسكندراني النحّاس.
روى عن السّلفي، وتوفي في ربيع الأول.
[1] انظر «العبر» (5/ 191) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 271) .
[2]
في «آ» و «ط» : «منصور بن السيد بن الدماغ» والتصحيح من «النجوم الزاهرة» (6/ 361) وانظر «العبر» (5/ 191) و «حسن المحاضرة» (1/ 377) .