الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: وضع الفروض
نعرف الفرض بأنه: تخمين معقول للحل الممكن للمشكلة. أو أنه: جملة أو عدة جمل تعبر عن إمكانية وجود علاقة بين عامل مستقل وآخر تابع، فهو يعبر عن:
المسببات والأبعاد التي أدت إلى المشكلة والتي تم تحديدها بوضوحز وقد ذكرنا في موضع آخر بأن مشكلة البحث تصاغ بشكل سؤال أو أكثر من سؤال وحل هذه المشكلة هي الإجابة عن أسئلة الدراسة، هذه الإجابة هي ما نسميه فروضا، وهي جهد أساسي لكل باحث علمي.
يتم وضع الفروض بعد أن يكون الباحث قد استند إلى مصادرها وهي:
1-
البحوث والدراسات والنظريات السابقة التي تعرضت إلى موضوع البحث.
2-
الملاحظات العامة التي تجمع وتتعلق بموضوع البحث.
3-
البيانات والإحصاءات التي تم جمعها حول موضوع البحث.
وهناك ثلاثة أسس يعتمد عليها بناء الفروض هي:
1-
المعرفة الواسعة: حول موضوع المشكلة وما يتصل بها من موضوعات.
2-
التخيل: ويعني هذا أن تكون عقلية الباحث قادرة على تصور الأمور وبناء علاقات يخضعها للتجريب.
3-
الجهد المبذول: سواء بالمناقشة مع الآخرين، أو استخدام الاختبارات والقياس في عملية بناء الفروض.
إن الفروض غير الافتراضات وهذه هي: مسلمات البحث، وهي عبارات يصيغها الباحث، قد تكون حقائق واضحة، أو بدهيات لا تحتاج إلى إثبات، أو أن يقدم الباحث عليها دليلا، وقد تكون العكس بشرط أن لا يخالف الباحث حقائق علمية معروفة وأن يبني على هذه المسلمات استنتاجاته ونظريته، وبحدود هذه المسلمات تكون استنتاجاته أو نظريته صحيحة، والباحث يستطيع أن يفترض ما يشاء من مسلمات على أن لا يخالف حقائق علمية معروفة بحيث تكون الإجابة على مسلماته صحيحة.
أما الفروض فهي إجابات مختلفة لهذا فهي فروض مبدئية "Tentative Hypothesis" قد تثبت الدراسة صحتها أو عدم صحتها، ومن هنا كانت الفروض.
نوعان سلبية "Non Hypothesis""صيغة النفي" وإيجابية أو مباشرة "Directional Hypothesis" صياغة الإثبات ومهما كان الأمر فإن الإجابة المتحملة أو الفرض، هو استنتاج غير عشوائي من الباحث، مبني على معلومات نظرية أو خبرة علمية محدودة من التعميمات القائمة على الملاحظة، فما يتعلق باتجاه أو آلية السببية بطريقة تسمح بإجراء تجارب علمية1 لاختبار هذه الفروض، ولهذا العمل أهمية ليس في ممارسة البحث العلمي فحسب، فهي أداة رئيسة حاسمة في علوم الأحياء "البيولوجيا" والطب وعلم النفس، بل إنها ذات أهمية قصوى في البناء النفسي والفلسفي للمعرفة العملية.
يقوم الباحث بفحص الفرض بوساطة اكتشاف حقائق جديدة وفق مبادئ متفق عليها في المعرفة والمنطق، ينتهي إلى صحة الفرضية أو العكس، وبالتالي يشكل الباحث النتيجة الرئيسة في بحثه، وبهذا يضيف إلى حصيلة المعرفة حقيقة جديدة، وتكمن قيمتها في أنها تفسر كل الحالات المشابهة، والتي لم تدخل في مجال البحث الذي قام به، هذه العملية هو ما نسميه بالتعميم "Generalization".
يستطيع الباحث أن يميز فروضه إن كانت جيدة أو العكس وذلك بالرؤية المباشرة "الضوضاء في الشارع" أو باختبارها إحصائيا، أو بسلسلة من الخطوات: استنباط المترتبات "كتعريف الكاتب" أو من خلال معقولية الفرض وإمكان التحقق منه وقدرته على تفسير الظاهرة المدروسة وانسجامه مع النظريات القائمة، أو باستخدام الاختبارات وهي قسمان:
1-
وجود علاقة أو ارتباط بين مجموعتين أو أكثر: ويتم استخدامها في حالة الفرضيات التي تقوم على فحص مدى وجود علاقة أو ارتباط بين متغيرين أو أكثر،
1 نعرف التجربة العلمية بأنها تمثل إيجاد ظروف اصطناعية محددة، تسهل دراسة استجابة نظام، والقيود تفرض بطريقة علمية، وبشكل ما، كأن يمكن أن يحدث في الطبيعة دون تدخل القائم بالتجربة، لذلك فإن الفلكيين لا يقومون بإجراء التجارب، وإنما يقومون بإجراء ملاحظات، وعلى العكس يعمل المشتغلون بعلوم الفيزياء والكيمياء والعلوم البيولوجية في ظروف أن توجد دون تدخل الباحث.
والغاية من هذه الفرضيات إيجاد مدى تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع، وقد تكون العلاقة موجبة أو سالبة، وكلما اقتربت العلاقة من "-" أو "+" تكون قوية بين المتغيرين، وكلما اقتربت من الصفر تكون ضعيفة و "-1" و"+1" هي نتائج معظم الاختبارات التي تستخدم في مثل هذه الحالات.
يستخدم هذا النوع من الفرضيات نوعين من الاختبارات:
الأول: في حالة كون مجتمع الدراسة الذي أخذت منه العينة موزعا توزيعا طبيعيا.
والثاني: يستخدم في حالة كون مجمع الدراسة الأصلي الذي أخذت منه العينة موزعا توزيعا غير طبيعي.
ومن الأمثلة عن هذه الاختبارات التي تستخدم لقياس العلاقة بين متغيرين أو أكثر في حالة "التوزيع غير الطبيعي"، اختبار سبيرمان "Spearmans Rank Correlation" ومن الأمثلة عن الاختبارات التي تستخدم في مجتمع الدراسة "التوزيع الطبيعي" اختبار تحليل الانحدار "Regression Analysis".
2-
اختبار وجود اختلاف بين متغيرين أو مجموعتين من الأفراد أو المشاهدات أو أكثر: يقيس هذا النوع من الاختبارات مدى وجود اختلاف أو تباين، وبشكل مقبول إحصائيا ما بين مجموعتين من الأفراد أو المشاهدات أو أكثر: ومن أمثلة الفرضيات التي يمكن فحصها بهذا النوع من الاختبارات "الاختلاف بين استهلاك الفرد من المشروبات الساخنة في فصل الصيف وبينها في فصل الشتاء" وبين "رواتب الذكور ورواتب الإناث في معمل ما" و"نسبة ربح سهم الشركة بين كل من الشركات الصناعية وشركات الخدمات وشركات التأمين".
نلاحظ من خلال هذه الفرضيات أن الاهتمام يتركز في محاولة إيجاد مدى التفاوت أو الاختلاف بين مجموعتين من الأفراد، أو المشاهدات، ففي حالة فرضية الرواتب نحاول التحقق من مدى وجود اختلاف في مستوى الرواتب بين الذكور والإناث.
ويتم هنا استخدام الاختبارات التي يكون فيها مجتمع الدراسة الأصلي "التوزيع الطبيعي" أو "غير الطبيعي" وبنفس الشروط استخدام الاختبارات في حالة الاختبارات التي تقيس مدى وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر كما شرحنا أعلاه، ومن الأمثلة على الاختبارات "التوزيع غير الطبيعي" لقياس الاختلاف بين مجموعتين من الأفراد أو المشاهدات اختبار مان وتني "Man-whitiney" ومن الأمثلة على الاختبارات التي تقيس نفس الاختلاف بين مجموعتين أو أكثر اختبار كرسكل ولاس "Kriskal-wallis" ومن الأمثلة على اختبارات المعلمية التي تقيس الاختلاف بين مجموعتين من الأفراد أو المشاهدات اختبار "T. Test" واختبار "Multiple Discriminant Analysis"1.
يعبر الفرض عن علاقة بين متغيرين لهذا يصاغ بشكل يوضح هذه العلاقة رغم أن العلاقة بين المتغيرات ليست بالضرورة بهذا القدر من الوضوح أيضا، ويتم اختبار الفروض بعد بنائها "البرهان" إذ أن بناء الفروض لا يعني وصول الباحث إلى الحقيقة في حل مشكلة البحث فالفرض تخمين يتم اختباره واختبار الفرض يؤدي إلى قبوله أو عدم قبوله، يقبل الفرض في حالة استطاعة الباحث أن يجد دليلا واقعيا ملموسا يتفق مع جميع المترتبات على هذه الفروض، والفروض لا تثبت على أنها حقائق، ولكن وجود الأدلة يشير إلى أن هذه الفروض على درجة عالية من الاحتمال، وتزداد درجة الاحتمال إذا تمكن الباحث من الأدلة التي تؤيد الفرض، أما في حالة عدم قدرة الباحث على إيجاد الأدلة التي تؤيد صحة الفرض، فإن الفرض يجب أن يبقى قائما، وفي حال وجد الباحث أدلة تعارض هذا الفرض وتثبت عدم صحته، حينئذ على الباحث التخلي عن فرضه، هذا ورغم تشابه الفرضية مع النظرية في كونهما تخيلات ذهنية، إلا أن النظرية أوسع من الفرضية فهي تشمل عدة فورض، وهي بعد إثباتها.
أكثر قدرة من الفرض على تفسير أكثر قدر من الظاهرات.
وهكذا تتمثل الفروض في توجيه الباحث نحو المعلومات والبيانات المتعلقة بالفروض، ونحو الطرق السليمة لما يجب جمعه لإنجاز أهداف الدراسة التي تم وضعها سلفا، لتحديد مسببات المشكلة أو الظاهرة موضوع البحث، وتقديم المساعدة لتحديد الأساليب المناسبة لاختبار العلاقات المحتملة بين عاملين أو أكثر من خلال تقديمها تصورات نظرية "بداية ونهاية" للعلاقات بين العوامل المستقلة والتابعة من جهة، وبذلك تمد الباحث بإطار نتائج البحث.
1 محمد عبيدات وزملاؤه. منهجية البحث. مرجع سبق ذكره، ص136، 139.