الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعطي العلوم نماذج عن العالم الخارجي، وكلما ازدادت المعلومات يتغير النموذج، فيصبح أفضل تمثيلا للأصل، وحينما يستعمله العلم إنما يرمي إلى تجسيد بعض المعاني التي تعبر عن طبيعة شيء من الأشياء، وقد استطاعت العلوم المختلفة بالاستعانة بالنماذج في تنسيق وترتيب المعلومات وتحليل البيانات وكشف مظاهر الارتباط الهامة بالواقع، وقد صنف العلماء النماذج كل بطريقته الخاصة، وبحسب الميدان العلمي الذي تخصص فيه، ومن أشهرهم1 تشورلي "R. J. Chorley" في سنة "1964"، وكرمبن "W.G. Krembin" وجريبل " F. A. Graybill" سنة "1965".
1انظر: Chorley. R. J. "Geography and Monolgue theory". in spatial Analyses edited by berry، B. J. L and marble D. F. prention Hall new Jersy. 1968. pp. 42-52.
المبحث الأول: تعريف النموذج
لم يتفق العلماء على تعريف واحد يحدد به مفهوم النموذج، بل وضعوا تعريفات مختلفة يتفق واحدها مع وظائف النموذج واستخداماته وتطبيقاته، وقد قام تشاور "Y. R. choa" في سنة "1962" بتجميع عدة تعاريف أهمها أن النموذج عبارة عن:
- إطار مرجعي، وصف لشيء ما، نظير أو شبيه، منهج مقترح للبحث، تمثيل دقيق للشيء المطلوب دراسته، عرض موجز للحالة قيد الدراسة، الإطار العام الذي به نصف الموضوع، صورة تبين كيف يعمل النظام، نظرية تفسر تركيب أو بنية شيء ما1.
وتعاريف أخرى تقول: النموذج تمثيل للواقع يحاول تفسير ظاهرة من ظواهر هذا الواقع، وهو أبسط منه لكنه قريب من كماله لدرجة يحقق معها الهدف الذي بني من أجله.
- ضرورة منطقية ووسيلة تفسيرية تساعد على استخلاص النتائج الصحيحة، تصغير للحقيقة، في صورة بسيطة متلاحمة تستمد أصولها من الحقيقة، تمثيل مبسط للظاهرة، وشامل لها في آن واحد.
1 محمد علي الفرا. مناهج البحث في الجغرافية بالوسائل الكمية، مرجع سبق ذكره ص251.
ينطوي النموذج العلمي على:
1-
الملامح العامة كما انطبعت في ذاكرة الباحث.
2-
الصورة التي يستحضرها الباحث في ذهنه، التفكير في النموذج أو الأصل.
3-
الكلمات التي تعبر عن المفهوم الذي يمثله النموذج.
4-
ما ينطوي عليه المفهوم من مسلمات ومبرهنات.
5-
ما يرافق البحث المفهوم أو عرضه من رسوم هندسية وأشكال.
6-
العلاقات الرياضية التي ينطوي عليها مفهوم النموذج.
7-
مجموع العناصر المادية والمركبات التي يتكون منها النموذج.
ولما كانت الغاية من النموذج هي فهم العالم الخارجي من أجل ربط الأسباب بالمسببات فإن ما يكفينا من النموذج هو إمكانية التنبؤ الدقيق، وعندها قد لا يبقى حاجة إلى الخوض فيما ينطوي عليه النموذج إلا من أجل تحسينه أو إنشاء نموذج أفضل.
تتيح النماذج للباحث فرضا يقابله بالواقع، وقد تنهض النماذج على أساس من النظريات أو القوانين أو المعادلات، والتي تمثل خطوة تتيح للإنسان اختبار مدى صحتها، واستنباط نظريات أو تعميمات أو مبادئ عامة.
ويتضح من هذا أن النموذج سابق للنظرية، يستخدم مقدمة للوصول إليها، للفرضية، ويساعد الباحث على الاستنتاج، على أن تفترض علاقة تمثيل أو ارتباط بين بعض المظاهر في الواقع، وبين النموذج الذي نطلق عليه في هذه الحال بالشبيه أو النظير.
هذا وتعمل الدراسات العلمية الحديثة في دراسة الظاهرات المختلفة على الاستعاضة عن الظاهرة المدروسة بما يسمى بـ "نموذج الظاهرة"، إذ أن استخدام النماذج يمثل صياغة سهلة للظاهرات، يسهل استعمالها ورصدها وضبطها والسيطرة عليها وعمل استنتاجات فيها، وهذه بدورها يمكن إعادة تطبيقها على الظاهرة الحقيقية لمعرفة مدى صدقها وانطباقها على الواقع والخروج بعد ذلك بقوانين وأحكام عامة.