الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: التصميم التجريبي وقواعده
تتنوع التجارب من حيث: مكان إجرائها بين تجارب معملية وتجارب غير معملية، ومن حيث مجموعات التجربة بين تجارب على مجموعة واحدة وتجارب تجري على أكثر من مجموعة، ومن حيث مدة التجربة بين تجارب قصيرة المدى وتجارب طويلة المدى.
ولقد أوضحنا في موضع آخر أن التجربة هي: محاولة مضبوطة لإثبات فروض معينة وأن البحث التجريبي هو إثبات الفروض بوساطة التجريب، وإثبات الفروض هذا يتطلب تعميم تجربة أو تخطيطا دقيقا للعملية وذلك باتخاذ إجراءات متكاملة لعملية التجريب، وهذا ما نسميه بالتصميم التجريبي.
يتخذ التصميم التجريبي أشكالا متعددة هي:
1-
التجارب المعملية والتجارب مع الناس، أو التجارب المعملية والتجارب غير المعملية: تتم الأولى داخل المختبر أو المعمل في ظروف صناعية خاصة، تصمم لأغراض التجارب، تضبط فيه وتثبت وتعزل العوامل الخارجية، مما يمكن من إدخال المتغير التجريبي وقياس آثاره ونتائجه على المتغير التابع، وتتميز هذه التجارب بالضبط والتحكم وإمكانية التكرار، أما الثانية فالباحث يضع فرضه بوساطة تجميع المعلومات من الظاهرات الطبيعية "مجموعات من الأفراد خارج المختبر" بدلا من اصطناعها، مما يجعلها أقل دقة وأكثر صعوبة، لصعوبة ضبط العوامل المؤثرة.
2-
التجارب التي تستخدم فيها مجموعة واحدة من الأفراد "The one Group Method" أو أكثر: وذلك ببيان أثر عامل مستقل معين عليها، ففي الحالة الأولى يتعرف الباحث على اتجاهات أفراد المجموعة ثم يدخل العامل التجريبي عليها، بعد ذلك يتعرف من جديد على اتجاه أفراد المجموعة، والفرق بين الحالتين يكون ناتجا عن تأثير العامل التجريبي، ويمكن أيضا أن تجري التجربة مع مجموعة واحدة لمعرفة أثر حذف عامل معين عليها، بحيث يقاس سلوك الجماعة قبل وبعد حذف هذا العامل، والفرق ينتج عن تأثرها بهذا العامل.
3-
التجارب التي يستخدمها الباحث على مجموعتين: "إحداهما "تجريبية" والثانية "ضابطة" تخضع الأولى للعامل التجريبي، وتترك الثانية في ظروفها الطبيعية، على أن تكونا متكافئتين "Equivalent" ما عدا المتغير التجريبي وذلك باستخدام أحد الأساليب الآتية:
1-
الأسلوب الإحصائي: ويتم باستخدام المعايير الإحصائية مثل المتوسط الحسابي والانحراف المعياري لكل عامل مؤثر في المجموعتين بشكل متكافئ، وبعد ذلك يعرض المجموعة التجريبية للمتغير التجريبي، ويبقى المجموعة الضابطة دون متغير تجريبي.
2-
الأسلوب العشوائي: يختار الباحث مجموعة الدراسة ثم يقسمها إلى مجموعتين متكافئتين بالطريقة العشوائية دون تحيز.
3-
أسلوب الأزواج المتماثلة: يختار مجموعة من الأفرد ويحلل العوامل المؤثرة في المتغير الناتج ثم يضيف كل اثنتين متماثلتين في زوج واحد.
4-
أسلوب التوائم: وهو دقيق لكنه لا يستخدم إلا نادرا، ويستخدم لإيجاد المجموعات المتكافئة على أساس أن التوائم متماثلة.
5-
أسلوب تدوير المجموعات: وفيها يقارن الباحث بين أسلوبين في العمل أو بين تأثير متغيرين مستقلين حيث يعمل الباحث على إعداد مجموعتين متكافئتين، يعرض الأولى
للمتغير التجريبي الأول والثانية للمتغير الثاني، وبعد فترة من الزمن، يخضع المجموعة الأولى للمتغير التجريبي الثاني والثانية للمتغير التجريبي الأولى، ثم يقارن بين أثر الأول على المجموعتين وكذلك الثاني، ثم بحسب الفرق بين أثر المتغيرين.
6-
الشكل الملائم للتصميم التجريبي: إن كل تصميم يجري يصلح لنوع من الدراسات، ولكن يمكن للباحث أن يقلل من قصور كل تصميم وذلك: بضبط العوامل والمؤثرات الأخرى عدا العامل التجريبي، وأن يكون دقيقا في تسجيل التغيرات والآثار التي تحدث نتيجة استخدام المتغير التجريبي، وقادرا على تسجيل التغيرات وتقديرها كميا، والتمييز بين المتغيرات السلوكية الناتجة عن المتغير التجريبي أو عن علوم أخرى، ونخص بالذكر الحذر من التحيز لمتغير دون الآخر1.
هذا ويراعى في إجراء التجارب ما يلي:
1-
أن يحاول الباحث استخدام قيم متباينة للمتغير التجريبي لمعرفة أثر هذا التباين في المتغير التابع.
2-
يمثل المفحوصون الذين سيجري عليهم الدراسات التي تتناول الظاهرات الإنسانية عاملا هاما في النتائج لذلك يجب أن يتدرب هؤلاء على بعض مواقف التجربة وذلك بأن:
أ- يثير دوافع المشاركة عند المفحوصين الذين سيخضعون للتجربة.
ب- أن يتدرب هؤلاء على أداء أدوارهم من خلال تعليمات معينة.
جـ- أن يحافظ على استمرارية دافعية المفحوصين.
د- أن يحرص الباحث من إجراء تدريبات يمكن أن تؤثر إيجابيا أو سلبيا على النتائج.
1- لمزيد من الاطلاع في شأن هذه الأساليب ارجع إلى: ذوقان عبيدات وآخرون. البحث العلمي، مرجع سبق ذكره، ص252-257.
هـ- أن يعزل الباحث أية عوامل قد تؤثر على النتائج أثناء تنفيذ التجربة.
و أن يقلل الباحث أثر اختلاط أفراد المجموعة الضابطة وأفراد المجموعة التجريبية، كي لا يؤثر اختلاطهم على دقة النتائج1.
أما قواعد تصميم التجارب.
فقد قام جون ستيوارت ميل، واضع كتاب "نسق المنطق System of logic" بدراسة مشكلة "الأسباب" التي يتناولها البحث التجريبي، وتوصل إلى خمس قواعد يمكن أن تفيد في تصميم التجارب والبحث عن تلك الأسباب وهي:
1-
طريقة الاتفاق "Methoe of Agreement" وتشير إلى أنه إذا كانت الظروف المؤدية إلى حدث معين، تتحد جميعا في عامل مشترك واحد، فإن هذا العامل يحتمل أن يكون السبب، وقد استخدمت هذه الطريقة في دراسات عديدة، وقد تكون العوامل المسببة غير واضحة، لهذا على الباحث أن يميز بين العوامل ذات الدلالة وذات العلاقة بالمشكلة "الموت بمرض لمجموعة أفراد ينجم عن تلوث المياه" وقد يكون ناجما عن عوامل أخرى.
2-
طريقة الاختلاف "Method of Difference" إذا كان هناك مجموعتان أو أكثر من الظروف المتشابهة في كل شيء ما عدا عامل واحد فقط، وإذا حدثت نتيجة معينة عند وجود هذا العامل فقط، فإن هذا العامل موضع البحث، يحتمل أن يكون سبب هذه النتيجة، ولكن هذه النتيجة لا يمكن أن تكون قاطعة وحاسمة، إلا إذا تأكدت في حالات كثيرة جدا، ولعل معظم البحوث الموثوق فيها تتحقق في الدراسات التي تستخدم الطريقتين السابقتين.
3-
الطريقة المشتركة "Joint method" وتعني أنه يجب أن نطبق أولا طريقة الاتفاق لاختبار الفرض، ثم نطبق طريقة الاختلاف، وإذا أدت كلتاهما إلى النتيجة نفسها، فإن الباحث يكون واثقا إلى حد كبير أنه قد وجد السبب، وقد استخدم العالم باستور هذه الطريقة في تجاربه.
1 المرجع السابق ص257-259.