الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
نشاط النظام المفتوح مستمر، فهو يستورد مواده الأساسية من البيئة ويحولها إلى مخرجات تلبي حاجة البيئة، وهذه المخرجات تؤثر بدورها مرة أخرى على مدخلات النظام من حث النوع والكم.
5-
النظام المفتوح أكثر قدرة على البقاء والاستمرار، لأنه قادر على استيراد الطاقة والموارد الأساسية بشكل مستمر.
6-
يتلقى النظام المفتوح تغذية راجعة منظمة، ويستجيب لهذه التغذية، ويعدل من مدخلاته وعملياته في ضوء ما يتلقاه من تغذية راجعة.
7-
أجزاء النظام المفتوح مترابطة ومتكاملة، يقوم كل منها بعمله، بحيث يستمر نشاط النظام وهو حصيلة نشاط أجزائه.
8-
تتشابه النظم المفتوحة عند نشأتها، وبعد فترة من تفاعلها مع البيئة تتميز عن بعضها، وذلك حسب نشاط كل نظام.
9-
إن الحالات التي تبدأ مختلفة تؤدي في النهاية إلى نتائج متشابهة.
المبحث السادس: استخدام الأنظمة
ما ذكرناه يقودنا إلى القول: إن تحليل المنظومات أداة تقنية مناسبة للبحث العلمي نظرا لكونها تسهم في تحديد المشكلة، وترشد الباحث إلى إبقاء ما ينبغي واستبعاد ما هو ليس بمؤثر، أي تبقي ما يشكل وحدة وظيفة وتبعد ما هو ليس بذي صلة بالمشكلة موضوع البحث، وكل ذلك يخضع لمعايير علمية يوفرها للباحث تحليل البيانات، كما أن المنظومات ترشد إلى الفرضيات الأهم التي ينبغي وضعها، والمتغيرات ذات الصلة بالمشكلة أو الظاهرة المدروسة، كما يسهم في إحداث الوضع الملاحظ وانتقاء التقنيات المنهجية الملائمة، ويزود بمنهج علمي لتحليل وتفسير الظاهرات، من منطلق اكتشاف الوحدة الوظيفية والبرهنة على وجودها بوساطة هذه الطريقة العلمية.
ونورد فيما يلي أمثلة على استخدام الأنظمة:
استخدامها في علم الجغرافية:
ظل تطبيق الأنظمة في الماضي على هامش الفكر الجغرافي والعلوم المختلفة بسبب صعوبة الكشف عن عناصر النظام المعقد وارتباطاتها المتبادلة داخل النظام وخارجه، وقد تغلب الباحثون على هذه الصعوبات بعد تطور النماذج والأنظمة المتحركة، وأصبح الجغرافيون اليوم يصيغون المواضيع الجغرافية بمفهوم الأنظمة، ونورد فيما يلي تطبقات على الأنظمة على كل من الدراسات الجغرافية: الطبيعية والبشرية والاقتصادية والعمران.
1-
الدراسات الطبيعية:
حاول تشارد تشورلي في عام "1962" إعادة صياغة التفكير في "الجيومورفولوجيا" بمفهوم "نظرية "الحرارة الحركية" "Thermodynamics"، على اعتبار أنها نظام مفتوح تصلح للتطبيق على "الجيوموروفولوجيا" ونشر بحثه "الجيوموروفولوجيا ونظرية الأنظمة العامة" وقد رأى تشورلي أن هناك شبها مباشرا بين الأنظمة المفتوحة والأحواض المصرفية "Drainage Basins" وعناصر الانحدار والجداول النهرية وجميع أشكال الأرض، وتتضمن فكرة النظام المفتوح أيضا فكرة الأنظمة المقفلة، لأنها حالة من حالات النظام المفتوح، وذلك حينما يصبح نقل المادة والطاقة من وإلى النظام صفرا، وعلى كل حال يمتاز النظام المفتوح بالثبات والتوازن، بحيث يتعادل الوارد من المادة والطاقة مع الصادر.
ولتوضيح الفكرة نضرب مثالا عن ذلك بحوض ماء يملأ بأنبوب، وفي أسفل الحوض فتحة يتم بوساطتها تصريف ماء الحوض، وكل تغير في إحدى هذه العناصر يؤدي إلى تغير في الوضع العام إذا توقف الأنبوب عن الصب في الحوض أو إذا أغلقت الفتحة
وحال ذلك دون تصريف مياه الحوص، والنتيجة بأن النظام سيتخذ ملامح كثيرة من خصائص النظام المقفل، وفي هذه الحالة فإن التغيرات في مورد الكتلة والطاقة الآتية من الخارج تؤدي إلى تعديل ذاتي للنظام كي يتمشى وهذه التغيرات، كذلك إذا زادت كمية المياة الواردة إلى الحوض ستؤدي إلى ارتفاع مستواه، ولا بد حينئذ من زيادة صرفها بوساطة الفتحة كي يحدث توازن بين ما يرد وما ينصرف، حتى يعود مستوى الماء في الحوض إلى حالة الثبات، هذا التعديل يطلق عليه اسم التعديل الذاتي أو المنظم الذاتي "Selfregulatory"، وقد حاول جلبرت "Gilbert" تطبيق هذا المبدأ على تطور أشكال الأرض، كما رأي تشورلي أن تطبيق النماذج المفتوحة على "الجيومورفولوجيا" مفيد1 ذلك لأن النماذج توازن عملية البحث بين الشكل "Form" والأجزاء "Process"، كما أن النظام المفتوح يساعد على كشف سلوك الظاهرة متعددة التغير.
2-
الدراسات البشرية: يعتبر الإقليم ذو العقد أقرب شبيه للنظام المفتوح، ويتألف هذا الإقليم من عناصر هي: مدن، قرى، مزارع
…
هذه العناصر تتصل ببعضها من خلال تبادل وتفاعل نشاطات حركية "مادة" هي: النقود، الهجرة، النقل والشحن
…
أما الطاقة "المخرجات" فتتمثل في هذه النظام في المتطلبات الحيوية "البيولوجية" والاجتماعية للمجتمع، فإذا أردنا أن نستعرض في الإقليم ذات العقد على أساس أنها أنظمة مفتوحة، ينبغي أن ننظر إلى خصائصها النموذجية، ونتفحص تواجدها في النظام الإقليمي. وللأنظمة المفتوحة كما يقول "هاجيت" "Hagget" ست خصائص نذكرها في مثال إقليمي: يحتاج التنظيم الإقليمي إلى حركة دائمة من السكان والبضائع والنقود، كما يحتاج الإقليم إلى معلومات تستمر على ضوئها هذه الحركة وهذا الاتصال، ثم إن زيادة الحركة التي تدخل الإقليم تؤدي إلى اتساع المدينة وامتداد
1 Chorley، R. j. "Geomorphology، and General Systems Theory in the conceptual revolution in Geography". London. 1970. pp 282-300.
العمران الحضري، والانكماش يؤدي إلى تقلص المدن وموتها، ومن الممكن أن تمتد المنطقة الظهيرة التي تتبع الإقليم أو تتقلص لتواجه ازدياد أو انكماش التدفق الحركي للسكان والنقود والبضائع، هذا وتظهر خصائص الإقليم على شكل علاقة بين درجة وحجم المركز الحضري، والذي ميل إلى كونه ثابتا نسبيا على مستوى الزمان والمكان، وأن نمو المدن والتقاء المدن الرئيسة في القارات المختلفة من حيث الشكل، ويثبت هذا لنا بأن النظام الحضري المفتوح قادر على التصرف باتزان، كما أن استعراضنا للإقليم كنظام مفتوح ويوجه انتباهنا إلى الصلة بين الأجزاء والشكل الذي سبق ذكره، لدى بحث النماذج في "الجيومورفولوجيا"، مما يضع الجغرافية البشرية على مستوى العلوم البيولوجية والاجتماعية التي تنظم أفكارها بهذه الكيفية1.
3-
يمكننا تطبيق الأنظمة على مختلف المستويات في الجغرافية الاقتصادية: حيث يمكننا اعتبار أي مصنع من المصانع نظاما قائما بذاته، ولو أخذنا مصنعا للنسيج في سورية مثالا على هذا النظام، لاعتبرنا مجموعة المصانع من هذا النوع ترتبط بوساطة شركة، أو مجمع للصناعات الوطنية، أو تتصل بمصنع على النطاق العالمي مثلا، ويمكن اعتبار كل مستوى من هذه المستويات المختلفة "مصنع محلي أو وطني قطري، أو يرتبط بمصنع عالمي" نظاما له كيانه واتصالاته وتفاعلاته الداخلية والخارجية، ففي حالة المصنع "إذا اعتبرناه نظاما" نرى أن غرضه الربح، كما أن المصنع "نظام" يتألف من عناصر "وحدات الإنتاج" وهذه الوحدات ترتبط ببعضها لاعتمادها المتبادل في الإنتاج، كما ترتبط هذه العناصر بالبيئة التي هي فيها بوساطة عدد من الأعضاء "الأجهزة" تراقب سير هذه الوحدات، وتنميها وتضبطها، مثل الدائرة الذاتية "الموظفون" والدائرة المالية وغيرهما من الدوائر التي تخدم هذا النوع من الصناعة.
إن عدد هذه الدوائر والأجهزة ودرجة كفايتها ستحدد قابلية النظام ومدى استجابته للتغيرات الناجمة عن البيئة، كما أنها تسمح للنظام بالمبادرة بنفسه كي يؤثر
1 Haggett، p "Locational Analysis in Human Geograpy". op. cit. pp. 16-19.
على البيئة المحيطة به، ولهذه الأجهزة ميزة وهي قابليتها على المبادرة أكثر من كونها أشياء تستجيب لمؤثرات خارجية، أي أن النظام والبيئة أمران لا يمكن فصلهما، هكذا يمكننا دراسة نظام الصناعة النسيجية من خلال تحليله إلى عناصره وتفاعل هذه العناصر مع بعضها، وارتباطها بالبيئة والتأثير المشترك الناتج عن هذا الارتباط، وكذلك ارتباط هذا النظام كوحدة مع باقي الأنظمة الأخرى.
4-
جغرافية العمران: لقد نشر بري "Barry" في عام "1964" بحثا عن "المدن كأنظمة داخل أنظمة في المدن" وفيه بين كيفية الاستفادة من تطبيق منهج الأنظمة على دراسة المناطق الحضرية، وكذلك نوه إلى استخدام الطريقة العلمية التي تعتمد على الكمبيوتر وغيره من الوسائل التقنية المتقدمة، وكانت أهم نقاط بحثه ما يدور حول دراسة المناطق الحضرية على شكل مجموعتين، تعطي إحداهما تعميمات استقرائية وتمدنا الثانية باستنتاجات منطقية، ويقول بري:"إن هاتين المجموعتين يجب أن تتكاملا إذا كنا بصدد تطوير الدراسة الحضرية، وبنتيجة هذا التكامل يمكننا تحويل التعميمات الاستقرائية إلى نظرية، والاستنتاجية إلى نظرية، وأن ينتج لدينا أعمال اختبارية تجريبية هي اشتقاق من الإجراء الأول"1.
أما بقية بحث بري فقد خصص لبيان إمكانية وتحقيق هذا التكامل في أربعة ميادين هامة، أحدهما يتناول الخصائص الحضرية والثانية تتناول الخصائص الحضرية الداخلية، وهاتان المجموعتان يمكن تقسيمهما إلى توزيعات فردية متعددة، تعتمد على عدد المتغيرات التي تشملها الدراسة، تتمثل الحالة الأولى بدراسة كثافات السكان الحضر، وأحجام سكان المدن، وتتمثل الثانية بالمناطق الاجتماعية وخصائص المكان الأوسط وفي كل حالة بين "بري" أثر المناهج الكمية الحديثة بوساطة ابتكار معادلات رياضية بنائية لكل ميدان من ميادين البحث الهامة، بل توزيعات كل ميدان وينتهي إلى القول: إن تطبيق نظرية الأنظمة العامة في ميدان الدراسات الحضرية ممكن ومناسب2.
1 Barry' BjL. "Cities as systems within systems of cities in "the ocnceptual Revolution in Geography" london 1941. pp 312-330.
2 محمد علي الفرا. مناهج البحث في الجغرافيا بالوسائل الكمية، مرجع سبق ذكره ص 298-307.