المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: دراسة العلاقات المتبادلة - البحث العلمى أساسياته النظرية وممارسته العملية

[رجاء وحيد دويدري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌المحتوى

- ‌مقدمة الكتاب:

- ‌محتوى تنظيم الكتاب:

- ‌الباب الأول: العلم والتفكير العلمي

- ‌الفصل الأول: العلم والبحث العلمي

- ‌المبحث الأول: العلم…ما هو

- ‌المبحث الثاني: بين العلم والمعرفة

- ‌المبحث الثالث: أهداف العلم

- ‌المبحث الرابع: التفكير العلمي وخصائصه

- ‌المبحث الخامس: تصنيف العلوم عند العرب

- ‌المبحث السادس: قبسات علمية من التراث العربي

- ‌المبحث السابع: العلم الحديث.. إحياء واجتهاد

- ‌الفصل الثاني: الباحث والبحث العلمي

- ‌المبحث الأول: قراءة تاريخية

- ‌المبحث الثاني: الباحث العلمي وخصائصه

- ‌المبحث الثالث: خصائص البحث العلمي

- ‌المبحث الرابع: أنشطة البحوث

- ‌المبحث الخامس: دور التراث العربي في إحياء البحث العلمي

- ‌المبحث السادس: المنظور المعاصر للبحث العلمي

- ‌الفصل الثالث: المفاهيم والمصطلحات في البحث العلمي

- ‌المبجث الأول: المفهوم

- ‌المبحث الثاني: مفاهيم في البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: الملاحظة، والحقيقية، والنظرية

- ‌المبحث الرابع: البناءات والمتحولات

- ‌الباب الثاني: مناهج البحث العلمي

- ‌الفصل الرابع: المناهج

- ‌المبحث الأول: تعريف بالمصطلحات:

- ‌المبحث الثاني: الخلفية التاريخية لمناهج البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: قبسات منهجية من التراث العربي الإسلامي

- ‌المبحث الرابع: تصنيفات مناهج البحث العلمي

- ‌الفصل الخامس: منهج البحث التاريخي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: منهج البحث التاريخي عند العرب

- ‌المبحث الثاني: مراحل البحث التاريخي

- ‌المبحث الثالث: نقد الوقائع والحقائق

- ‌المبحث الرابع: التركيب التاريخي

- ‌المبحث الخامس: إنشاء البحث التاريخي

- ‌المبحث السادس: تقويم منهج البحث التاريخي

- ‌الفصل السادس: منهج البحث الوصفي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: منهج البحث الوصفي عند العرب

- ‌المبحث الثاني: مراحل المنهج الوصفي

- ‌المبحث الثالث: أنماط البحوث الوصفية

- ‌المبحث الرابع: دراسة العلاقات المتبادلة

- ‌المبحث الخامس: الدراسات النمائية

- ‌المبحث السادس: تحليل المضمون

- ‌المبحث السابع: تقويم منهج البحث الوصفي

- ‌الفصل السابع: منهج البحث التجريبي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المنهج التجريبي عند العرب:

- ‌المبحث الثاني: تعريف بالمصطلحات

- ‌المبحث الثالث: المناهج التجريبية

- ‌المبحث الرابع: البحث التجريبي وسماته العلمية

- ‌المبحث الخامس: أسلوب البحث التجريبي

- ‌المبحث السادس: التصميم التجريبي وقواعده

- ‌المبحث السابع: مراحل التصميم التجريبي

- ‌المبحث الثامن: صياغة الفرضية من أجل التجريب

- ‌المبحث التاسع: مشكلة التصميم والتفصيلات الإجرائية للتجربة

- ‌المبحث العاشر: مرحلة النظرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تقويم منهج البحث التجريبي

- ‌الباب الثالث: الطرائق الرياضية في البحوث العلمية

- ‌الفصل الثامن: التحليل الإحصائي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: جانب من علم الإحصاء:

- ‌المبحث الثاني: الأساليب الإحصائية

- ‌المبحث الثالث: الأساليب الإحصائية الارتباطية

- ‌الفصل التاسع: الأساليب الرياضية الحديثة في البحث العلمي الأنظمة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تعريف النظام

- ‌المبحث الثاني: عناصر النظام والروابط بينها

- ‌المبحث الثالث: المدخلات والمخرجات

- ‌المبحث الرابع: منهاج تحليل النظم

- ‌المبحث الخامس: أنواع الأنظمة

- ‌المبحث السادس: استخدام الأنظمة

- ‌الفصل العاشر: الأساليب الرياضية الحديثة في البحث العلمي-النماذج

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تعريف النموذج

- ‌المبحث الثاني: بناء النموذج

- ‌المبحث الثالث: أنواع النماذج واستخدامها

- ‌المبحث الرابع: النماذج الرياضية والتجريبية والطبيعية

- ‌المبحث الخامس: أهمية النماذج

- ‌الباب الرابع: أدوات البحث العلمي

- ‌الفصل الحادي عشر: العينة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: اختيار العينة

- ‌المبحث الثاني: أنواع العينات

- ‌المبحث الثالث: مزايا العينة وعيوبها

- ‌الفصل الثاني عشر: الملاحظة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الملاحظة الدقيقة

- ‌المبحث الثاني: أنواع الملاحظة وإجراءاتها

- ‌المبحث الثالث: مزايا الملاحظة وعيوبها

- ‌الفصل الثالث عشر: المقابلة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: أسس المقابلة العلمية وطرقها

- ‌المبحث الثاني: طرق إجراء المقابلة وأنواعها

- ‌المبحث الثالث: مزايا المقابلة وعيوبها

- ‌الفصل الرابع عشر: الاستبيان

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: قواعد تصميم الاستبيان وخطواته

- ‌المبحث الثاني: محتويات الاستبيان وأشكاله

- ‌المبحث الثالث: مزايا وعيوب الاستبيان

- ‌الفصل الخامس عشر: وسائل القياس

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: كيفية اختيار المقياس

- ‌المبحث الثاني: طرق القياس

- ‌المبحث الثالث: الاختبارات

- ‌المبحث الرابع: الأساليب الإسقاطية

- ‌المبحث الخامس: أساليب أخرى

- ‌الباب الخامس: مصادر البحث العلمي

- ‌الفصل السادس عشر: إعداد المصادر والمراجع وتقويمها

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المصدر والمرجع

- ‌المبحث الثاني: إعداد المراجع وتقويمها

- ‌المبحث الثالث: مصادر ومراجع المعرفة العلمية

- ‌المبحث الرابع: الإنترنت

- ‌الفصل السابع عشر: الباحث والمكتبة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: التصنيف العشري

- ‌المبحث الثاني: تصنيف مكتبة الكونغرس

- ‌الفصل الثامن عشر: أساليب التوثيق الحديثة

- ‌المبحث الأول: التوثيق والتكشيف

- ‌المبحث الثاني: التقنيات الحديثة لتخزين المعلومات وتكشيفها

- ‌الفصل التاسع عشر: نسل المعلومات

- ‌المبحث الأول: نسل المعلومات

- ‌المبحث الثاني: التهميش "تدوين المصادر والمراجع

- ‌الباب السادس: خطوات البحث العلمي

- ‌الفصل العشرون: مرحلة الإعداد للبحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: اختيار موضوع البحث

- ‌المبحث الثاني: وضع عنوان البحث

- ‌المبحث الثالث: وضع خطة البحث

- ‌المبحث الرابع: إعداد أولي للمصادر والمراجع

- ‌الفصل الحادي والعشرون: مرحلة إعداد البحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تحديد مشكلة البحث وبيان أبعادها

- ‌المبحث الثاني: وضع الفروض

- ‌المبحث الثالث: تحديد المادة العلمية اللازمة وجمعها

- ‌المبحث الرابع: إعداد المادة العلمية وخزنها

- ‌المبحث الخامس: تحليل المادة العلمية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: كتابة تقرير البحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: التمييز بين المقالة وتقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثاني: كتابة تقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: نتائج عرضها ومناقشتها

- ‌المبحث الرابع: التوصيات

- ‌المبحث الخامس: مستخلص البحث

- ‌الفصل الثالث والعشرون: الشكل، المنهاج، المحتوى

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: أسلوب الكتابة

- ‌المبحث الثاني: الجانب الشكلي

- ‌المبحث الثالث: الهوامش

- ‌المبحث الرابع: الجداول والأشكال والصور الفوتوغرافية

- ‌المبحث الخامس: المنهاج

- ‌المبحث السادس: المحتوى الفكري

- ‌الفصل الرابع والعشرون: مراجعة تقرير البحث العلمي وإخراجه وتقويمه

- ‌المبحث الأول: مراجعة تقرير البحث

- ‌المبحث الثاني: إخراج البحث

- ‌المبحث الثالث: تقويم تقرير البحث العلمي

- ‌الفصل الخامس والعشرون: ملحقات

- ‌المبحث الأول: ثبت محتويات تقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثاني: ثبت المصادر والمراجع "البيبليوغرافيا

- ‌المبحث الثالث: الملاحق

- ‌المبحث الرابع: جدول الخطأ والصواب

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌ثبت مصادر ومراجع الحواشي باللغة "العربية والأجنبية

- ‌ثبت المصادر والمراجع للاطلاع "باللغة العربية والأجنبية

- ‌المصطلحات والمفاهيم العلمية

الفصل: ‌المبحث الرابع: دراسة العلاقات المتبادلة

‌المبحث الرابع: دراسة العلاقات المتبادلة

إذا كانت الدراسات المسحية تكتفي بجمع البيانات والمعلومات عن الظاهرات التي تدرسها، من أجل وصف وتفسير هذا المعلومات لفهم هذه الظاهرات، فإن دراسة العلاقات لا تكتفي بعملية الوصف والتفسير، بل تهتم بدراسة العلاقات بين الظاهرات، وتحليلها والتعمق بها لمعرفة الارتباطات الداخلية في هذه الظاهرات، والخارجية بينها وبين الظاهرات الأخرى، ونذكر في هذا الصدد ثلاثة أنماط من هذا الدراسات هي:

1-

دراسة الحالة.

2-

الدراسة السببية "العلية" المقارنة.

3-

دراسات الترابط.

1-

دراسة الحالة 1 "Case Study": وهي بحث متعمق في حالة من الحالات، وبحث في العوامل المعقدة التي أثرت فيها، والظروف الخاصة التي أحاطت بها، والنتائج العامة والخاصة التي نتجت عن ذلك كله، ويرجع استخدام منهج دراسة الحالة خلال نصف القرن الماضي في نظر البعض إلى ظهور نظرية "الجشطلت Gestalt" التي لفتت الانتباه إلى ضرورة الاهتمام بالموقف الكلي، الذي يتفاعل فيه الكائن الحي، واعتباره جزءا من الموقف لا ينفصل عنه إلا بقصد التحليل فقط، وقد سبق إلى ذلك قدماء المصريين ومؤرخو رحالة العرب، حيث استخدموا دراسة الحالة في وصف حياة الناس والأمم، والأمثلة على ذلك كثيرة في تراثنا، وفي العصر الحديث اعتمد الباحثون هذا الأسلوب في صياغة بعض النظريات مثل "سيغموند فرويد" كما اكتشف فريدريك لابلاري تاريخ الحالة جزئيا ويعتبر عام "1951"، نقطة تحول كبيرة بالنسبة لهذا المنهج عندما نشر وليام هيلي "W. Healy" كتابه "الأحداث الجانحين".

1 Goode carter V. and Scates. D. E. "Methods of Research Education، Psychological and Sociological". op. cit. pp 7632-730.

ص: 200

وقد تكون الحالة المدروسة فردا أو أسرة أو جماعة أو مؤسسة اجتماعية أو مجتمعا محليا، وباستخدام أدوات للبحث معينة، تجمع بيانات تدل على الوضع القائم للحالة المدروسة، حاضرها وماضيها، علاقتها مع غيرها من الحالات، وبعد النظر العميق في العوامل والأسباب، يستطيع الباحث أن يرسم صورة متكاملة للحالة وأن يفترض الفروض عن أسبابها، وأن يشخص علاقتها، وإذا كان القصد هو في الأعم الأغلب العلاج، يستطيع أن يصف الدواء الناجع، هذا وإن معظم دراسة الحالات دراسة تشخيصية علاجية إرشادية توجيهية، وإن كانت في الوقت نفسه تلقي الضوء على الأحداث النفسية: أسبابها وتطوراتها وعواملها ودوافعها وبالتالي علاجها بعد تشخيصها.

تتميز دراسة الحالة بالعمق، لأن الحالة المدروسة تكون ضيقة المدى فردا أو جماعة محدودة، بل إن دراسة الحالة قد تنصب على جانب من جوانب حالة معينة محدودة، وتتم دراسة الحالة في إطار اجتماعي، الأسرة أو الجماعة أو المجتمع، ولما كان الإطار الاجتماعي ديناميكيا دوما، فإن دراسة الحالة لا بد أن تتضمن معلومات ذات علاقة بالدراسة عن الناس المحيطين بصاحب الحالة المدروسة والجماعة أو الجماعات الذين له بهم علاقة، والمواقف التي يتم فيها التفاعل، وطبيعة العلاقات بين الحالة والحالات المماثلة والمجاورة، ومن البديهي أن الباحث يعمد إلى كل مصدر ممكن فيستقي منه ما يعتبره مفيدا من المعلومات1.

هذا وإن منهج دراسة الحالة لا يعتبر علميا بصفة كلية لأن عنصر الذاتية "Subjectivity" والحكم الشخصي موجود في اختيار الحالات وفي تجميع البيانات، إضافة إلى عدم صحة البيانات المجمعة أحيانا وصعوبة تعميم النتائج، رغم ذلك فقد أثبتت دراسة الحالة في الوقت الحاضر فعاليتها وقيمتها في مجالات متعددة كالتعليم

1 فاخر عاقل. أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية. مرجع سبق ذكره، ص121-122.

ص: 201

والاجتماع، وما يبدو مؤكدا أننا نتمكن من رؤية العلاقة بين العوامل المعزولة بصورة أكثر وضوحا من مجرد التحليل الكمي1.

تشبه دراسة الحالة المسح ولكنها أضيق وأعمق وهي دراسة كيفية بينما المسح دراسة كمية، وكثيرا ما تتكامل الطريقتان، ويعتمد الباحث كليهما من أجل الوصول إلى الحقيقة، إذ إنه يمسح أفقا واسعا، يتعمق في حالات قليلة نموذجية، فيكون قد جمع بين السعة والعمق، إلا أن دراسة الحالة وإن كانت على جانب كبير من الفائدة، وبخاصة بالنسبة للأفراد والجماعات المحدودة، فإن إمكانية الاعتماد عليها في التعميم محدودة، ومن هنا كان حرص الباحثين على انتقاء حالات مماثلة ما أمكن، رغم ذلك فإن التعميم فيها خطير، ونشير إلى أن متابعة تاريخ حياة أحد الأفراد أو عمليات تطوير إحدى الهيئات والمجتمعات تتطلب مصادر وقواعد ومناهج بحث أخرى كمنهج البحث التاريخي، كما تتطلب من القائم بدراسة الحالة أن يتمتع بإمكانات عقلية يتمكن بوساطتها الوصول إلى ما يؤيد فرضه، ويلحظ ما يعاكسها ويحرص دائما على الموضوعية والدقة والضبط، لئلا تأتي تشخيصاته خاطئة ومعالجته مغلوطة وتعميماته خارجة عن الصدد، رغم ذلك فإن عنصر الذاتية في هذا المنهج لا يعتبر علميا.

1-

خطوات دراسة الحالة:

1-

تحديد الظاهرة أو المشكلة أو نوع السلوك المطلوب دراسته.

2-

تحديد المفاهيم والفروض العلمية والتأكد من توافر البيانات المتعلقة.

3-

اختبار العينة المماثلة للحالة التي يقوم بدراستها.

4-

تحديد وسائل جمع البيانات كالملاحظة والمقابلة والوثائق الشخصية كتواريخ الحياة والسير والمفكرات إلخ.

1 أحمد بدر. أصول البحث العلمي ومناهجه. مرجع سبق ذكره، ص329.

ص: 202

5-

تدريب جامعي البيانات.

6-

جمع البيانات وتسجيلها ووضع التعميمات1.

وتبدو خطوات دراسة الحالة وهي: التعريف والتحديد والتفسير شبيهة إلى حد ما بالبحث الوثائقي، وبالفعل فإن طريقة دراسة الحالة شبيهة فعلا بالبحث الوثائقي "التاريخي" مع فارق هو أننا في دراسة الحالة نتناول الأشخاص الأحياء والجماعات الاجتماعية.

2-

المنهاج والوسائل:

يتكامل منهج دراسة الحالة مع المناهج والأدوات والأساليب البحثية الأخرى. حيث تستخدم وسائل جمع البيانات كالاستبيان وبطاقة العلامات "Score Cards" ومقاييس التدرج "Rating Scales"، كم أن الملاحظة المباشرة ضرورية في معظم الأحوال، وربما تخدم المقابلة كوسيلة لملاحظة الأغراض أو العلاقات وتجميع البيانات والتشخيص والمعالجة والمتابعة، ولا يكفي الإحصاء لشرح وتفسير العوامل الديناميكية الإنسانية المؤثرة في الموقف الكلي، ولكن قد تستخدم الأساليب الإحصائية عندما تكون الحالات مصنفة وملخصة، لتكشف عن عدد مرات تكرار حدوث الظاهرة، فضلا عن التطورات والاتجاهات ونماذج السلوك، ومن هنا كانت أهمية دراسة الحالة والبعيد بها عن التجريد وفهمها فهما متعمقا وشاملا.

إن جميع مصادر دراسة الحالة كالشهادة الشخصية "Testimony Personal" وهي أهمها وأولها، والترجمة، أو سيرة الشخص الذاتية "Autobiography"، والوثائق المجمعة، والتاريخ الطبي، والمحادثات والمقابلات "الأكلينيكية" وغير ذلك، جميع هذه المصادر والوثائق تفحص وتحلل بطريقة مماثلة لما يتم في تحليل وثائق المنهج التاريخي بهدف تحديد درجة أصالتها "Authenticity" ومعناها الصحيح، لأن هدف الباحث

1 عبد الباسط محمد حسن. أصول البحث الاجتماعي، ط3، مرجع سبق ذكره، ص380.

ص: 203

من دراسة الحالة ليس الوصف الدقيق للشخص أو الجماعة المفحوصة، بل التعرف أيضا على الأسباب الرئيسية التي أدت بالفرد أو الجماعة إلى وضعها الحاضر "Present Study".

ونتناول المقابلة الشخصية "Personal interview" لأنها أكثر الأساليب الشائعة المستخدمة في دراسة الحالة، وهي أقرب إلى الحالة الطبيعية للشخص، على أن يتم ذلك وفق ترتيب وتنسيق، وأن يحتفظ المجرب بموقعه الموضوعي قدر الإمكان، ولو أن الموضوعية العلمية التامة أمر عسير، لأن فهم الباحث للحالة، كما هو الحال بجميع وطرق مناهج البحث، هي التعرف على الطبيعة الحقيقية للناس والأشياء. ومهمة الباحث في منهج "دراسة الحالة" هي دور التشخيص أكثر منه دور الإصلاح.

تشكل كتابة الملاحظات في دراسة الحالة جزءا أساسيا، ويفضل أن تسجل وتكتب المقابلة بكلمات الشخص ذاته ومباشرة والتحقق من المعلومات التي تم الحصول عليها. أما استخدام الاستبيان أو التخطيط المعد مسبقا في دراسة الحالة، فإنه لا يؤدي دائما إلى أفضل النتائج، لأسباب تتعلق بالشخص ذاته وهي حرية الحديث، وبطبيعة الأسئلة "طريقة نعم أولا"، هذا وإن المواد المميزة لدراسة الحالة ليست بالضرورة مواد كمية، قد تتصل بصفة أكبر بالطريقة الوثائقية للبحث أكثر من اتصالها بالأساليب الكمية السائدة في استبيانات المسح.

إن ما يؤخذ بالاعتبار دائما البيانات الأكثر دلالة واتصالا بأغراض الدراسة والبحث، وأن تشمل البيانات المعلومات التالية:

تاريخ المقابلة، أسماء الأشخاص الذين أدلوا بياناتهم، الكلمات الفعلية المستخدمة في هذه البيانات، وصف مختصر للظروف المحيطة بعملية المقابلة، ملخص للأساليب الخاصة التي استخدمت في أي جزء من الدراسة "الملاحظة، المقابلة، الاستبيان" تحديد الشخص أو الوثيقة التي تمدنا بالمعلومات، أي أن تكون المعلومات شاملة لكل ما يرتبط بالحالة.

ص: 204

بشكل انتقائي لا عشوائي، على أن تحلل وتفسر هذه المعلومات قبل الوصول إلى النتائج.

هذا وإن دراسة الحالة التي تتم بصورة صحيحة، تتطلب عادة أن تكون كل خطوة من خطواتها كاملة لعدم تكرارها ثانية، وأن تكون صحيحة، ويتطلب ذلك فترة طويلة من الزمن نتيجة القيام بأكثر من مقابلة واحدة، لمتابعة تطور تشكيل الحالة والحصول على المعلومات، قد لا توفرها الوثائق بشكل خاص وبصفة مباشرة، كما وأن هذا العمل يتميز بالعمق والشمول، وهكذا فإن الباحث في دراسة الحالة يركز اهتمامه في تعلم كل شيء عن عدد محدود من الحالات.

2-

الدراسة السببية "العلية" المقارنة:

يدل اسم هذه الدراسة على ماهيتها، إنها تبحث عن الأسباب وتقارن بين الأحداث بغية الوصول إلى جوهر الحقيقة، تقارن وجوه الشبه والخلاف بين الظاهرات بغية اكتشاف العوامل والظروف التي تصاحب حدثا معينا أو واقعة بعينها.

حين يدرس العلماء الظاهرات ويبحثون عن الأسباب والمسببات يطبقون الطريقة التجريبية حيث يرتبون العوامل ويضبطونها ويحصرونها ويثبتونها إلا واحدا يغيرون فيه، ويرون أثر هذا التغيير في النتيجة وتحولاتها، إلا أن هذه الطريقة غير ممكنة أحيانا ولا سيما في العلوم السلوكية، بسبب تعقد الظاهرات الاجتماعية، واستحالة بضبط جميع عواملها من جهة، والتغير الذي يدخله هذا الضبط على طبيعة الحادثة الاجتماعية أو السلوكية، لذلك يعمد العالم إلى الدراسة السببية المقارنة، نضيف إلى ذلك أن استخدام الطريقة التجريبية يكون في بعض الأحيان غير عملي، ويتطلب الكثير من الجهد والوقت والمال، هذا ونشير إلى أنه حينما يستخدم الباحث الطريقة السببية المقارنة لا يرتب التجربة كما يرتبها في المخبر، وإنما يدرس المفحوصين في حياتهم العادية وخبراتهم اليومية.

ص: 205

يقول "فان دالين"1: إن الدراسة السببية المقارنة، تتبع من طريقة "جون ستورات ميل" في اكتشاف الارتباطات السببية، والتي تقرر أنه:"إذا كان لحالتين أو أكثر للظاهرة المدروسة ظرف مشترك واحد فقط، فإن الظرف الذي تتفق فيه وحده كل الحالات يكون هو السبب لهذه الظاهرة وقد يكون نتيجتها"، مثلا زيادة الإنتاج القومي في عدد من الدول وذلك نتيجة تطبيق خطة التنمية، إذن تطبيق خطة التنمية هو سبب زيادة الإنتاج القومي لهذه الدول.

ومن المهم للباحث وهو يبحث عن العلاقة السببية أن يتأكد من ظهور السبب الذي يدرسه دائما مع النتيجة، أو أن السبب يظهر قبل النتيجة، وهل السبب حقيقي أم مجرد علاقة ما مع السبب الحقيقي، وهل هذا السبب هو السبب الوحيد أم هناك أسباب أخرى، وما هي الظروف التي تكون فيها العلاقة قوية بين السبب والنتيجة "زيادة الإنتاج وخطط التنمية"، مما يسهل بالتالي على الباحث ربط السبب بالنتيجة، وتفسير الظاهرة بأسبابها، ونشير فيما يلي إلى:

- طرق جون ستيورات ميل في الكشف عن الروابط العلية:

1-

طريقة التلازم في الوقوع: أي إن العلة والمعلول متلازمان، ففي المثال السابق زيادة الدخل القومي نتيجة تطبيق خطط التنمية يبين أن الزيادة ترتبط بالتخطيط، ومن هنا يمكن فهم أساس هذه الطريقة وهو ارتباط النتيجة بالسبب.

2-

طريقة التلازم في التخلف: إن زيادة الدخل نتيجة خطة لا يمنع من أن يكون هناك أسباب أخرى يحتمل أن تكون هي التي أدت إلى زيادة الدخل كرفع كفاءة العاملين مثلا ومن هنا كانت طريقة التلازم في الوقوع ليست كافية لإثبات علاقة العلة بالمعلول فوضع "ميل" الطريقة الثانية وهي التلازم في التخلف.

1 Van Dalen، D. B. "understanding Education Research". op. cit.

2 Mill، J. S. "System of Logic". New york، Harper and Brothers، 1864. p 224.

ص: 206

3-

طريقة التلازم في الوقوع والتخلف: من الطريقة السابقة يتضح أن زيادة الدخل القومي يمكن أن يكون ناتجا عن وجود التنمية، كما يمكن أن يكون ناتجا عن أسباب أخرى لم يدرسها البحث، ومن هنا لا يجوز الاكتفاء بهذه الطريقة للحكم على ارتباط العلة بالمعلول، ولا بد من البحث عن طريقة أخرى وهي طريقة الجمع بين التلازم في الوقوع والتخلف وتستند هذه الطريقة إلى الأسس التالية:

إذا كان العامل "أ" هو المسئول عن أحداث نتيجة "ب" فإن هذا يعني أنه كلما وجدت "أ" وجدت "ب" وكلما غابت "ب" أي أنه إذا وجدت العلة وجد المعلول، وإذا غابت العلة غاب المعلول، أي أننا نجمع بين طريقتي التلازم في الوقوع والتلازم في التخلق، ومن هنا يكون الباحث أكثر ثقة في الحكم على أن "أ" هي علة "ب".

فلو أن باحثا حاول أن يدرس الصلة بين وجود الكلس في طعام الطفل وزيادة قوة أسنانه فإن عليه أن يختبر هذه الصلة من خلال تطبيق طريقة الجمع بين التلازم في الوقوع والتخلف على النحو التالي:

يلاحظ الباحث أن وجود الكلس في طعام الطفل وزيادة قوة أسنانه، ثم يلاحظ أن غياس الكلس في طعام الطفل يؤدي إلى ضعف في الأسنان، وبعد أن يتأكد من هاتين الملاحظتين يستطيع أن يقول: بأن وجود الكلس يؤدي إلى زيادة في قوة أسنان الطفل1.

4-

طريقة التغيير النسبي: وفحوها أن المعلول يتغير مع العلة زيادة أو نقصا، فكلما زادت العلة زاد المعلول، والعكس. فإذا لاحظ الباحث أن تطبيق خطط التنمية يؤدي إلى زيادة في الإنتاج القومي، وإن عدم تطبيقها بشكل كامل يؤدي إلى نقص الإنتاج القومي فإن الباحث حينئذ يصبح قادرا على إثبات العلاقة بين الإنتاج القومي وخطط التنمية كعلاقة علة بمعلول.

1 ذوقان عبيدان وزملاؤه. البحث العلمي. مرجع سبق ذكره، ص220-224.

ص: 207

5-

طريقة العوامل المتبقية: وتستند إلى ما يلي: هناك علتان "أ، ب" لمعلولين مختلفين "ج، د" وتمكنا من إيجاد علاقة علية بين "أ، د" فإننا نستطيع القول: إن هناك علاقة عليه بين "ب، ج" مثال ذلك أن الموارد المائية تساعد على زيادة الإنتاج، إذن الموارد المائية هي المسئولة عن زيادة الإنتاج.

إن طريقة الدراسات المقارنة واسعة الاستعمال في العلوم السلوكية، وتعطي نتائج مفيدة في التربية وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع، إلا أن لهذا النوع من الدراسات حدودا وصعوبات نذكر منها ما يلي:

1-

صعوبة تحديد العوامل المتصلة بعضها ببعض وذات العلاقة المتبادلة.

2-

تتطلب هذه الطريقة في الاتفاق أو الاختلاف أن يكون ثمة عامل واحد مسئول عن الظاهرة أو غيابها، ولكن نادرا ما يكون الأمر كذلك، ذلك بأنه من المعتاد أن يكون للأحداث أسباب متعددة وليس سببا واحدا، ويكون لهذه الأسباب علاقات عديدة متشابكة.

3-

قد تنتج الظاهرة عن سبب ما في حالة، وعن سبب آخر في حالة آخرى.

4-

كشف العلاقات لا يحل المشكلة دوما وبالضرورة ولا يبين الأسباب في كل الأحوال، ومن الصعب في بعض الأحيان أن نعين أي العاملين هو السبب وأيهما هو النتيجة، وفي بعض الأحيان قد يخيل أن ظرفا عرضيا هو السبب الحقيقي مع أنه ليس كذلك.

5-

تصنيف المدروسين إلى مجموعات يقارن بينها، له مشكلاته الكبرى وذلك على اعتبار أن الظاهرات الاجتماعية لا تتشابه إلا بمعنى واسع.

6-

الضبط الدقيق في هذه الدراسات عامة، واختيار المدروسين خاصة أمر صعب وهو بالتأكيد أصعب منه في التجريب العادي1.

1 فاخر عاقل. أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية. مرجع سبق ذكره، ص124-125.

ص: 208

رغم ما ذكرناه من صعوبات فإن ذلك لا يقلل من قيمة الدراسات السببية المقارنة، ولا تحدد من استعمالها في كثير من البحوث العلمية، كما يبرز دورها في بعض الدراسات الأخرى كالدراسة التجريبية، بل يعتبرها البعض أنها جزء من الأسلوب التجريبي ومن الأسلوب المسحي أيضا، هذا وتبدو أهمية هذه الدراسات أيضا بأنها تعطي دقة أكثر في البحث، وأن كثرا من الظاهرات الإنسانية لا يمكن دراستها بخاصة لا تخضع للتجربة إلا من خلال أسلوب الدراسة العلية المقارنة، مثال أثر نقص الكلس في طعام الأطفال، وأخيرا فإن الدراسات العلية لا تتطلب الجهد والتنظيم والنفقات التي تتطلبها الدراسات التجريبية.

3-

دراسات الترابط "Correlation": وهي بدورها توصل إلى أوصاف بعض الظاهرات، إذ تؤكد مدى ترابط متغيرين وإلى أي حد تتطابق تغيرات عامل ما مع تغيرات عامل آخر، فإذا أردنا أن نعرف ما إذا كان يوجد ارتباط بين العلامات التي حصل عليها الطلبة في مادة ما وبين حاصل ذكائهم، ومقدار هذا الارتباط في نهاية السنة الدراسية، فإننا نستطيع أن نفترض أن الطالب الذكي يحصل على علامة أعلى، ولكن ثمة طرقا رياضية محددة تعيننا على معرفة ذلك بالدقة وبالضبط، حيث توجد طرق إحصائية لقياس معامل الارتباط بين متغيرين، إذ إن الباحث لا يستطيع من خلال الملاحظة أن يكون درجة الترابط، ويحدد مداه فالباحث يلاحظ وجود علاقة ما أو ترابط ما بين متغيرين، ويضع الفروض التي يفسر بواسطتها هذه العلاقة أو الترابط، ثم يحاول جمع المعلومات والبيانات اللازمة لإثبات صحة هذه الفروض، والوصول إلى النتائج.

يتراوح الترابط بين "-1" و"10" مارا بالصفر، وهكذا فإن العلاقة بين ارتفاع عمود الزئبق في ميزان الحرارة وارتفاع درجة الحرارة نفسها علاقة إيجابية مقدارها "+1" أي أن كل ارتفاع من الحرارة يقابله ارتفاع مماثل تماما في ميزان الزئبق، أما

ص: 209

العلاقة بين درجة الحرارة وحجم ميزان الزئبق فهي معدودة، وإذا كانت كل زيادة في متغير ما يحتمل أن تكون مصحوبة بزيادة أو نقص في متغير آخر، فإن درجة الارتباط بين المتغيرين معدومة، أو لا ارتباط بينهما، كما قد لا تكون درجات الارتباط كلية تماما أي +1 أو -1، وقد تكون صفرا، ففي كثير من المتغيرات نجد أن درجات الارتباط تتراوح بين "-1، +1، 0.2 +0.3 +0.4

".

إذا كانت نسبة الارتباط بين العاملين كبيرة نسبيا، فإن الباحث يستطيع أن يتنبأ بدرجة مناسبة من الدلالة "Significance" أو بمستوى معين من الثقة بالتعميم بالنسبة لهذه العلاقة. ويعبر عن كمية ودرجة العلاقة بمعامل الارتباط "Cofficient of Correlation" ومعامل الارتباط يكون كما أشرنا أعلاه صفرا، أو أن يكون الارتباط إيجابيا أو سلبيا "+ أو -". وفي حال كون النسبة منخفضة تصل إلى "-1" فإن ذلك يعني أن العلاقة بين العاملين علاقة عكسية، أي إن الزيادة في عامل معين تعني نقصانا ما في العامل الثاني بنسبة ثابتة، والارتباط الإيجابي "3+" أو الأعلى من ذلك، يمكن أن يعتبر دليلا كافيا للدرجة الإيجابية للعلاقة وإن كان ذلك يخضع أحيانا لحكم الباحث وتقديره، الذي عليه أن يحسب كمية الخطأ في الأرقام المستخدمة قبل أن يقرر أن هناك علاقة قوية أو ضعيفة بين عاملين.

يمكن أن تستمر العلاقة الإيجابية بين عاملين حتى نقطة معينة من مثال. إن الدراسة تؤمن نجاح الطالب، ولكن المتابعة لدرجة تفوق درجة الإشباع توجد عند الطالب فعلا معاكسا يتمثل في عدم تمكنه من الاستيعاب، أي تؤدي الزيادة إلى نتيجة معاكسة، لهذا على الباحث أن يضع نصب عينيه دائما الظروف المتغيرة، وأن يتجنب التعميم والارتباطات والوصول إلى النتائج عن العلاقات السببية إلا بعد تمحيص واختبار لجميع الجوانب التي يتطلبها البحث، كما يجب أن يأخذ بالاعتبار أن البيانات الإحصائية تعتبر مجرد أرقام رغم ما يبدو من دقتها، وأن الإحصاءات هي وسيلة لغاية وليست غاية في حد ذاتها، لهذا على الباحث أن لا يقبل البراهين الإحصائية التي ينفيها الإدراك السليم.

هذا ويؤخذ على هذه الدراسات أن الترابط بين المتغيرات يمكن أن يكون عرضيا دون أن يكون سببيا ولكن يقلل من قيمة هذا النقد، إذا كان الباحث واعيا للعلاقات السببية فالزيادة في محصول زراعي ليست نتيجة تهطال المطر، بل نتيجة أيضا لخصوبة التربة.

ص: 210