الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: تحليل المضمون
"Content Analysis"
يعتبر تحليل1 المضمون وسيلة من وسائل جمع البيانات، يتم بمنهج وصفي حيث يستخدم كأداة في تحليل محتوى المادة التي تقدمها وسائل الاتصال الجمعي، ففي حين ترتبط أشكال الدراسات المسحية السابقة بالاتصال المباشر مع المصادر البشرية، التي تمتلك المعلومات التي يريدها الباحث، فإن دراسات تحليل المضمون "أو تحليل المحتوى" تتم من غير اتصال، حيث يكتفي الباحث باختيار عدد من الوثائق المرتبطة بموضوع بحثه مثل السجلات والقوانين والأنظمة والصحف والمجلات وبرامج التلفاز والكتب وغيرها من المواد التي تحوي المعلومات التي يبحث عنها الباحث.
يتم ذلك بالوصف الموضوعي المنظم الكمي للمحتوى الظاهر لوسيلة الاتصال، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالبحوث التاريخية والمنهج التاريخي، بل لعل تحليل المحتوى هو الأداة الحديثة التي يمكن بوساطتها التعبير الكمي والدقيق عن الظاهرات والأحداث والكتابات التاريخية، بخاصة مع استخدام الحاسبات الإلكترونية في عمليات معالجة وتجهيز وتحليل الوثائق.
بعد أن يختار الباحث الوثائق التي يريد دراستها، يبدأ بعملية الدراسة والتحليل مركزا على المعلومات المتضمنة الوثيقة بوضوح، ويكتفي بالبيانات الصريحة الواضحة المذكورة فيها، دون أن يحاول الاستنتاج من الوثيقة، هذا ويستند أسلوب تحليل المضمون إلى أن اتجاهات الجماعات والأفراد تظهر بوضوح في كتاباتها وصحفها وآدابها وفنونها وأقوالها وملابسها وعاداتها، فإذا تم تحليل هذه الأدوات، فإن ذلك يكشف عن اتجاهات هذه الجماعات.
1 إجراءات منهجية تقوم بمعالجة المعطيات ابتغاء تقديم أجوبة مناسبة عن الأسئلة التي يطرحها الباحث، أو للتحقيق من صحة فرضية، أو لامتحان نظرية، أو للوصول إلى وضع يسمح بإطلاق الأحكام، أو الاستنتاجات أو التعميمات حول ظاهرة ما.
أما خطوات بحث تحليل المضمون فهي مماثلة لخطوات المنهج الوصفي، يحدد الباحث المشكلة، ثم يضع فروضه التي ستوجبه في استكمال البحث والوصول إلى النتائج، ثم يختار العينة التي سيحللها ليصل إلى النتائج، إلا أن صعوبات هذا المنهج تتمثل باختيار العينة، حيث لا يستطيع الباحث أحيانا الاطلاع على بعض الوثائق الهامة، أو أن الوثائق التي يدرسها لا تمثل صورة كاملة عن المشكلة المحدودة.
ولما كانت معظم بحوث تحليل المحتوى بحوثا كمية بشكل أو بآخر فإن هذا التعبير الكمي يمكن أن يتم بوساطة نظام حسابي للوقت أو المساحة "مساحة أعمدة مقالات الصحف بالبوصة أو وقت الأخبار الإذاعية بالدقائق" أو حساب عدد مرات تكرار وحدات أو مصطلحات معينة "البرجوازية، الشعب" أو التعرف على شدة الاتجاهات والقيم وذلك ببناء مقاييس الاتجاه "Attitude Scale" كما طورها "ثورستون" بأسلوب المقارنات الزوجية "Paired Comparison"، وتشير التطورات الحديثة في مجال تحليل المحتوى إلى استخدام الحاسبات الإلكترونية للتجهيز ومعالجة العديد من العمليات اللازمة للتحليل الكمي للنصوص والوثائق والأرشيفات بطريقة أكثر دقة وسرعة ونظاما.
هذا وقد اتجه الكثير من رجال التربية إلى بحوث المحتوى أو تحليل الوثائق، بهدف التعرف على أهم المهارات والمعارف التي يجب أن يساعد المربون الأطفال على اكتسابها، كما قام الباحثون بتحليل أنماط الأخطاء التي وقع فيها التلاميذ في التعبير الشفوي والكتابي، وفي الحساب والهجاء وغيرها من المواد الدراسية، وقد لقي مؤلفو الكتب المدرسية عونا من الدراسات التي تعرفت على الحصيلة اللغوية الأساسية التي يمتلكها الأطفال في مراحل عمرية مختلفة، ولتحديد أكثر الحقائق والموضوعات والقضايا والتعميمات استخداما في حياة الراشدية.
ومن الدراسات الشهيرة التي استخدمت طريقة تحليل المضمون للتعريف بخصائص
الرسالة والنصوص، دراسات مسح الرموز السياسية في العالم، وذلك لاختبار فروض عن "الثورة العالمية" والتعرف بالتالي على استخدامات الشعارات والرموز في دول مختلفة، وذلك بين عامي "1890و1949".
واستخدام آخر لتحليل المضمون هو الذي يتم فيه تحليل النص لاستخلاص استنتاجات عن المرسل، وعن الأسباب أو الظروف التي سبقت الرسالة، فقد أمكن في إحدى الدراسات التمييز بين كتابات مؤلفين مختلفين بوساطة تحليل النصوص الموجودة وذلك باختبار كلمات تميز كتابات أحدهما عن الآخر.
وهناك دراسات أخرى استخدمت تحليل المضمون للتعرف على الصفات "السكولوجية" لمرسل الرسالة أو للتعرف على جوانب في الثقافة، والتغير الثقافي لتحليل الإنتاج الأدبي والفكري في ثقافات مختلفة، وأخيرا فإن استخدام تحليل المضمون يتم بوساطة الوصول إلى استنتاجات عن أثر الرسالة الاتصالية، ويتم ذلك بأن يقوم بتقرير وتحديد تأثيرات رسالات المرسل "أ" على المستقبل "ب"، هذا ويمكن أن يقوم بتقرير وتحديد تأثيرات رسالات المرسل "أ" على المستقبل "ب" بتحليل مضمون رسالات المستقبل "ب"، هذا ويمكن أن يقوم الباحث بدراسة تأثيرات الاتصال بوساطة فحص جوانب أخرى، من سلوك مستقبل الرسالة، وفي هذه الحالة فإن تحليل المضمون يؤدي إلى إبراز وتوضيح المتغيرات المستقلة المتعلقة والتي بها ارتباط بسلوك مستقبل الرسالة1.
تتمثل مزايا تحليل المحتوى بالآتي:
1-
إن عدم الاتصال المباشر بالمصادر البشرية يمكن أن يقلل من احتمال تدخل ذاتي للمصدر البشري الذي يقدم المعلومات، أو يقلل من إمكان وقوع هذال مصدر في أخطاء مقصودة أو غير مقصودة.
2-
الرضى النفسي للباحث، كونه لا يلاحق المصادر البشرية للحصول على المعلومات المطلوبة، كذلك إمكان الرجوع للمعلومات كلما دعت الحاجة إليها.
1- أحمد بدر. أصول البحث العلمي ومناهجه. مرجع سبق ذكره، ص358-361.