المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: أنشطة البحوث - البحث العلمى أساسياته النظرية وممارسته العملية

[رجاء وحيد دويدري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌المحتوى

- ‌مقدمة الكتاب:

- ‌محتوى تنظيم الكتاب:

- ‌الباب الأول: العلم والتفكير العلمي

- ‌الفصل الأول: العلم والبحث العلمي

- ‌المبحث الأول: العلم…ما هو

- ‌المبحث الثاني: بين العلم والمعرفة

- ‌المبحث الثالث: أهداف العلم

- ‌المبحث الرابع: التفكير العلمي وخصائصه

- ‌المبحث الخامس: تصنيف العلوم عند العرب

- ‌المبحث السادس: قبسات علمية من التراث العربي

- ‌المبحث السابع: العلم الحديث.. إحياء واجتهاد

- ‌الفصل الثاني: الباحث والبحث العلمي

- ‌المبحث الأول: قراءة تاريخية

- ‌المبحث الثاني: الباحث العلمي وخصائصه

- ‌المبحث الثالث: خصائص البحث العلمي

- ‌المبحث الرابع: أنشطة البحوث

- ‌المبحث الخامس: دور التراث العربي في إحياء البحث العلمي

- ‌المبحث السادس: المنظور المعاصر للبحث العلمي

- ‌الفصل الثالث: المفاهيم والمصطلحات في البحث العلمي

- ‌المبجث الأول: المفهوم

- ‌المبحث الثاني: مفاهيم في البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: الملاحظة، والحقيقية، والنظرية

- ‌المبحث الرابع: البناءات والمتحولات

- ‌الباب الثاني: مناهج البحث العلمي

- ‌الفصل الرابع: المناهج

- ‌المبحث الأول: تعريف بالمصطلحات:

- ‌المبحث الثاني: الخلفية التاريخية لمناهج البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: قبسات منهجية من التراث العربي الإسلامي

- ‌المبحث الرابع: تصنيفات مناهج البحث العلمي

- ‌الفصل الخامس: منهج البحث التاريخي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: منهج البحث التاريخي عند العرب

- ‌المبحث الثاني: مراحل البحث التاريخي

- ‌المبحث الثالث: نقد الوقائع والحقائق

- ‌المبحث الرابع: التركيب التاريخي

- ‌المبحث الخامس: إنشاء البحث التاريخي

- ‌المبحث السادس: تقويم منهج البحث التاريخي

- ‌الفصل السادس: منهج البحث الوصفي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: منهج البحث الوصفي عند العرب

- ‌المبحث الثاني: مراحل المنهج الوصفي

- ‌المبحث الثالث: أنماط البحوث الوصفية

- ‌المبحث الرابع: دراسة العلاقات المتبادلة

- ‌المبحث الخامس: الدراسات النمائية

- ‌المبحث السادس: تحليل المضمون

- ‌المبحث السابع: تقويم منهج البحث الوصفي

- ‌الفصل السابع: منهج البحث التجريبي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المنهج التجريبي عند العرب:

- ‌المبحث الثاني: تعريف بالمصطلحات

- ‌المبحث الثالث: المناهج التجريبية

- ‌المبحث الرابع: البحث التجريبي وسماته العلمية

- ‌المبحث الخامس: أسلوب البحث التجريبي

- ‌المبحث السادس: التصميم التجريبي وقواعده

- ‌المبحث السابع: مراحل التصميم التجريبي

- ‌المبحث الثامن: صياغة الفرضية من أجل التجريب

- ‌المبحث التاسع: مشكلة التصميم والتفصيلات الإجرائية للتجربة

- ‌المبحث العاشر: مرحلة النظرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تقويم منهج البحث التجريبي

- ‌الباب الثالث: الطرائق الرياضية في البحوث العلمية

- ‌الفصل الثامن: التحليل الإحصائي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: جانب من علم الإحصاء:

- ‌المبحث الثاني: الأساليب الإحصائية

- ‌المبحث الثالث: الأساليب الإحصائية الارتباطية

- ‌الفصل التاسع: الأساليب الرياضية الحديثة في البحث العلمي الأنظمة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تعريف النظام

- ‌المبحث الثاني: عناصر النظام والروابط بينها

- ‌المبحث الثالث: المدخلات والمخرجات

- ‌المبحث الرابع: منهاج تحليل النظم

- ‌المبحث الخامس: أنواع الأنظمة

- ‌المبحث السادس: استخدام الأنظمة

- ‌الفصل العاشر: الأساليب الرياضية الحديثة في البحث العلمي-النماذج

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تعريف النموذج

- ‌المبحث الثاني: بناء النموذج

- ‌المبحث الثالث: أنواع النماذج واستخدامها

- ‌المبحث الرابع: النماذج الرياضية والتجريبية والطبيعية

- ‌المبحث الخامس: أهمية النماذج

- ‌الباب الرابع: أدوات البحث العلمي

- ‌الفصل الحادي عشر: العينة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: اختيار العينة

- ‌المبحث الثاني: أنواع العينات

- ‌المبحث الثالث: مزايا العينة وعيوبها

- ‌الفصل الثاني عشر: الملاحظة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الملاحظة الدقيقة

- ‌المبحث الثاني: أنواع الملاحظة وإجراءاتها

- ‌المبحث الثالث: مزايا الملاحظة وعيوبها

- ‌الفصل الثالث عشر: المقابلة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: أسس المقابلة العلمية وطرقها

- ‌المبحث الثاني: طرق إجراء المقابلة وأنواعها

- ‌المبحث الثالث: مزايا المقابلة وعيوبها

- ‌الفصل الرابع عشر: الاستبيان

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: قواعد تصميم الاستبيان وخطواته

- ‌المبحث الثاني: محتويات الاستبيان وأشكاله

- ‌المبحث الثالث: مزايا وعيوب الاستبيان

- ‌الفصل الخامس عشر: وسائل القياس

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: كيفية اختيار المقياس

- ‌المبحث الثاني: طرق القياس

- ‌المبحث الثالث: الاختبارات

- ‌المبحث الرابع: الأساليب الإسقاطية

- ‌المبحث الخامس: أساليب أخرى

- ‌الباب الخامس: مصادر البحث العلمي

- ‌الفصل السادس عشر: إعداد المصادر والمراجع وتقويمها

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المصدر والمرجع

- ‌المبحث الثاني: إعداد المراجع وتقويمها

- ‌المبحث الثالث: مصادر ومراجع المعرفة العلمية

- ‌المبحث الرابع: الإنترنت

- ‌الفصل السابع عشر: الباحث والمكتبة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: التصنيف العشري

- ‌المبحث الثاني: تصنيف مكتبة الكونغرس

- ‌الفصل الثامن عشر: أساليب التوثيق الحديثة

- ‌المبحث الأول: التوثيق والتكشيف

- ‌المبحث الثاني: التقنيات الحديثة لتخزين المعلومات وتكشيفها

- ‌الفصل التاسع عشر: نسل المعلومات

- ‌المبحث الأول: نسل المعلومات

- ‌المبحث الثاني: التهميش "تدوين المصادر والمراجع

- ‌الباب السادس: خطوات البحث العلمي

- ‌الفصل العشرون: مرحلة الإعداد للبحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: اختيار موضوع البحث

- ‌المبحث الثاني: وضع عنوان البحث

- ‌المبحث الثالث: وضع خطة البحث

- ‌المبحث الرابع: إعداد أولي للمصادر والمراجع

- ‌الفصل الحادي والعشرون: مرحلة إعداد البحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: تحديد مشكلة البحث وبيان أبعادها

- ‌المبحث الثاني: وضع الفروض

- ‌المبحث الثالث: تحديد المادة العلمية اللازمة وجمعها

- ‌المبحث الرابع: إعداد المادة العلمية وخزنها

- ‌المبحث الخامس: تحليل المادة العلمية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: كتابة تقرير البحث العلمي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: التمييز بين المقالة وتقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثاني: كتابة تقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثالث: نتائج عرضها ومناقشتها

- ‌المبحث الرابع: التوصيات

- ‌المبحث الخامس: مستخلص البحث

- ‌الفصل الثالث والعشرون: الشكل، المنهاج، المحتوى

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: أسلوب الكتابة

- ‌المبحث الثاني: الجانب الشكلي

- ‌المبحث الثالث: الهوامش

- ‌المبحث الرابع: الجداول والأشكال والصور الفوتوغرافية

- ‌المبحث الخامس: المنهاج

- ‌المبحث السادس: المحتوى الفكري

- ‌الفصل الرابع والعشرون: مراجعة تقرير البحث العلمي وإخراجه وتقويمه

- ‌المبحث الأول: مراجعة تقرير البحث

- ‌المبحث الثاني: إخراج البحث

- ‌المبحث الثالث: تقويم تقرير البحث العلمي

- ‌الفصل الخامس والعشرون: ملحقات

- ‌المبحث الأول: ثبت محتويات تقرير البحث العلمي

- ‌المبحث الثاني: ثبت المصادر والمراجع "البيبليوغرافيا

- ‌المبحث الثالث: الملاحق

- ‌المبحث الرابع: جدول الخطأ والصواب

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌ثبت مصادر ومراجع الحواشي باللغة "العربية والأجنبية

- ‌ثبت المصادر والمراجع للاطلاع "باللغة العربية والأجنبية

- ‌المصطلحات والمفاهيم العلمية

الفصل: ‌المبحث الرابع: أنشطة البحوث

‌المبحث الرابع: أنشطة البحوث

أشرنا إلى أن الاسم "بحث" يعرف عادة بأنه يعني التقصي بعناية، وبخاصة استقصاء منهجي في سبيل زيادة مجموع المعرفة، وأن هذه المجموع يزداد نتيجة إضافة معرفة جديدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الحال عندما تستعاد معرفة كانت منسية أو مهملة، أو يرد لها اعتبارها؟ وما العلاقات بين المعرفة والمعلومات من ناحية، والمعرفة والفهم من ناحية أخرى؟ ووصف البحث بأنه علمي، هل يضيف شيئا إلى معنى كلمة "بحث" أم ينقص منه؟

يتعلق الجواب على هذه الأسئلة بإدراك الفرد الحسي للعالم من حوله، وقدرته على التأثير، فهي أسئلة فلسفية علمية وفعلية في آن معا، ومناقشتنا التالية من خلال فحص عدد من أنواع نشاطات البحوث المختلفة، توضح لنا ذلك، لأنها جميعا ترد أحيانا ضمن مفهوم البحث.

1-

في المجتمعات الحضرية هناك نوعان مألوفان من أنشطة البحوث، التي تقوم على استطلاع الرأي العام، وهما "بحوث السوق" أو "استطلاع الرأي العام" و"البحوث التاريخية" تتمثل الأولى بشكل في الانتخابات السياسية الديموقراطية، وفي ممارسة التجارة، التي تمثل في أخذ رأي عينة من السكان حول صنف جديد من المنتجات في السوق، وكلا الشكلان من النشاط يحتوي على عنصر من عناصر البحث، وهو الجمع والتحليل المنهجي للبيانات، رغم ذلك فإن التحذيرات المعيارية للبحث العلمي تعد وثيقة الصلة بالموضوع في هذه أيضا، ويتعلق أغلبها بمشكلة الانحياز.

أما الحوادث التاريخية "أحداث وسجلات فريدة" فالهدف منها هو إعادة بناء كل شيء بالضبط بقدر الإمكان بالنسبة للحدث الذي يصفه، تقريبا كما لو كان هناك بنفسه، يكتب كل شيء في حينه، وعلى أي حال فإن البحوث التاريخية تشترك

ص: 74

في جانبين هامين وشائعين مع أنشطة البحوث الأخرى، وهما تسجيل المعلومات وإبلاغها، وكثير من المعنيين في شئون البحث العلمي يعتبرون هذين النوعين من البحوث تعطي صورا ساكنة أو على الأقل مجموعة من الأطر الزمنية المتعاقبة، هي مجرد أنشطة تشترك مع البحث العلمي في خاصتين جمع الحقائق والبيانات وتبليغها، وإن ما يميز البحث العلمي عن مثل هذه الأنشطة خصائص منها التكرار والتعميم، الخصائص والتصنيف، القياس الكمي.

2-

إن جميع البحوث، وعلى مختلف مستواها لا بد من أن تسير في تحقيق أهدافها، على الأسلوب المنهجي الموضوعي، فهي على الرغم من تنوع حقولها، تبقى في جوهرها واحدة، إذا كان القصد منها الدراسة العلمية لكل ما تحتويه هذه العبارة من مضمون.

وبناء على الهدف الرئيسي للبحث ومستوى المعلومات المتوافرة نجمل نشاطات البحوث بـ:

1-

البحث بمعنى التنقيب عن الحقائق "Fact Finding": وهو التنقيب عن الحقائق معنية، دون محاولة التعميم، أو استخدام هذه الحقائق في حل مشكلة معينة، مثال ذلك القيام ببحث عن تاريخ نشوء الجامعات.

2-

البحث بمعنى التفسير النقدي "Critical Interpretation": وتطبق هذه الطريقة عادة عندما تتعلق المشكلة بالأفكار "ideas"، أكثر من تعلقها بالحقائق، ويستخدم هذا النوع من البحوث، وسائل أساسية مثل حدة النظر والفطنة "Perspicacity" والخبرة، والمنطق من مثال قيام الباحث بدراسة عن الوظائف والمهام التي يجب أن تقوم بها الجامعة على مستوى البحث العلمي، حيث يقوم الباحث بتحليل "Analysis" وتصنيف "Classification" الآراء التي حصل عليها، ثم يقوم بالتفسير النقدي لها مبينا بطريقة منطقية أوجه القوة والضعف، وأوجه الاعتدال والانحراف في هذه الآراء،

ص: 75

وبذلك يكون الباحث قد كون في ذهنه إجابة منطقية ومعقولة ومقبولة عن المشكلة، وهذا النشاط لا يعتبر تقرير بحث "Researchreport" وإنما مقالة قصيرة "Essay" ولكن ما دامت النتائج التي توصل إليها الباحث تعتمد على المنطق وعلى الرأي الراجح، فهو في هذه الحالة يقوم ببحث يتضمن التفسير النقدي، وهو خطوة متقدمة عن مجرد الصول على الحقائق "Factfinding"، ويتبع هذا النوع من البحوث بالنسبة للمشكلات التي لا تحتوي إلا على قدر ضئيل من الحقائق المحددة، وكثير من البحوث التي يقوم بها الدارسون في مجال العلوم الإنسانية "Humanities" ينطبق عليها ما يسمى بالتفسير النقدي على أن:

1-

تعتمد المناقشة على الحقائق والمبادئ المعروفة في المجال الذي يقوم الباحث بدراسته.

2 أن تكون الحجج والمناقشات التي يقدمها الباحث في التفسير النقدي واضحة ومعقولة.

3 أن يؤدي التفسير النقدي إلى بعض التعميمات والنتائج معتمدة على الحجج والمناقشات المعقولة.

3 البحث الكامل "Complete Research"، وهو أبعد خطوة من سابقيه، ويستخدم الدليل الحقيقي أكثر ما يتم في التفسير النقدي، يهدف إلى حل المشكلات، ووضع التعميمات بعد التنقيب الدقيق عن جميع الحقائق المتعلقة "Pertimentfact"، بالإضافة إلى تحليل جميع الأدلة التي يتم التوصل إليها، مثال ذلك كيفية التساؤل عن الكواكب وتوابعها "Satellites" هل القمر جزء من الأرض؟ طبيعة الندبة في وسط الأرض عند المحيط "الباسيفيكي"، حلقة الجبال البركانية "حلقة النار" المحيطة بالمحيط "الباسيفيكي"1.

1 أحمد بدر: أصول البحث العملي ومناهجه، ط6 وكالة المطبوعات، الكويت، 1982 ص21-29.

ص: 76

3-

إذا أخذنا بالاعتبار طبيعة البحث والدوافع لإجرائه فإننا نميز بين النشاط البحثي الأساسي أو التحتي "Basic Research" والنشاط البحثي التطبيقي "Applied Research"، وهي من أكثر التقسيمات شيوعا واستخداما، تشير إلى أنواع النشاط العملي الذي يكون الغرض الأساسي منه المباشرة منه هو التوصل إلى حقائق وتعميمات وقوانين علمية محققة، أما الغرض البعيد أو النهائي فهو تكوين نظام معين من الحقائق والقوانين والمفاهيم والعلاقات والنظريات العلمية، ومن الواضح أن هذا النوع من البحوث يهتم باكتشاف حقائق ونظريات علمية جديدة، وهو بذلك يسهم في نمو المعرفة العلمية، وفي تحقيق فهم أشمل وأعمق لها، بصرف النظر عن الاهتمام بالتطبيقات العملية لهذه المعرفة العلمية.

يرتبط البحث النظري بمشكلات آنية، وهدفه المباشر تطوير مضمون المعارف الأساسية المتاحة في مختلف حقول العلم والمعرفة الإنسانية، بصرف النظر عن الاهتمام بالتطبيقات العملية لهذه المعرفة العلمية.

أما البحث التطبيقي فيشير إلى نوع النشاط العلمي الذي يكون الغرض الأساسي والمباشر منه تطبيق المعرفة العلمية المتوافرة، أو التوصل إلى معرفة لها قيمتها وفائدتها العلمية في حل بعض المشكلات الملحة، ولا يقصد من الحلول والمعرفة العلمية من البحث التطبيقي، أن تكون مطلقة، وإنما هي معرفة وحلول تسهم في معالجة مشكلات ملحة خاصة، وهي قابلة للتعديل والتطوير، وهكذا فإن البحث التطبيقي له قيمة في معالجة المشكلات الميدانية وتطوير أساليب العمل وإنتاجيته في المجالات التطبيقية كالتربية والتعليم والصناعة والزراعة والتجارة وإدارة الأعمال من خلال اتباع منهج علمي ذي خطوات متدرجة بهدف الوصول إلى الأسباب الفعلية التي أدت إلى حدوث هذه المشكلات أو الظاهرات، مع تقديم توصيات علمية تعمل على الحد من هذه المشكلات أو الحيلولة دون حدوثها.

ص: 77

نشير أخيرا إلى صعوبة الفصل بين هذين النوعين من البحوث، سواء بأهدافهما ونتائجهما أو بالاستخدامات التالية التي تستعمل فيها هذه النتائج، كل منهما يغذي الآخر ويتغذى عليه، ويقدم أيضا المواد الخام والأدوات التي يمكن للتطور التقني أن يدخل عليها التحسينات باستمرار ويضعها موضع الاستخدام العام، وأن أية محاولة للتمييز بينهما، تصبح غير ذات معنى لدى الباحث نفسه، بخاصة أن كل واحد من أنواع البحوث يعتمد على استخدام نفس المنهج العلمي.

معلوم أن البحث العلمي يحدد الاحتياجات، وبين الحلول ويوفر الوسائل اللازمة لتحقيقها، ومن هذا المنطق فإن أية محاولة للتمييز بين البحوث الأساسية والبحوث التطبيقية تصبح غير ذات معنى لدى الباحث نفسهن بخاصة وأن كل واحد من أنواع البحوث يعتمد على استخدام نفس المنهج العلمي، وعلى الاختبار من نفس مجموعات قواعد الإجراءات، رغم ذلك فإن التمييز بين البحوث الأساسية والتطبيقية شيء ملازم للجوانب الإدارية، من منطلق المقياس الزمني وليس من حيث أي اختلافات هامة في صفة البحث ذاته.

4-

وحسب مناهج البحث والأساليب المستخدمة فيها تقسم البحوث العلمية إلى ثلاثة رئيسة وهي:

1-

البحوث الوصفية "Descriptive Research" وتهدف إلى وصف ظواهر أو أحداث أشياء معينة وجمع المعلومات والحقائق والملاحظات عنها، ووصف الظروف الخاصة بها، وتقرير حالتها كما توجد عليه في الواقع، دون تعليل أو تحليل وتفسير، وتشمل البحوث الوصفية أنواعا فرعية متعددة: الدراسات المسحية ودراسة الحالة ودراسات النمو أو الدراسات التطورية، وفي كثير من الحالات لا تقف البحوث الوصفية أنواعا فرعية متعددة: الدراسات المسحية ودراسة الحالة ودراسات النمو أو الدراسات التطورية، وفي كثير من الحالات لا تقف البحوث الوصفية عند حد الوصف أو التشخيص الوصفي بل تهتم أيضا بتقرير ما ينبغي أن تكون عليه الأشياء والظاهرات التي يتناولها البحث، وذلك في ضوء قيم ومعايير معينة، واقتراح الخطوات

ص: 78

والأساليب التي يمكن أن تتبع للوصول إلى الصورة التي ينبغي أن تكون عليه في ضوء هذه المعايير أو القيم، وتسمى هذه البحوث بالبحوث الوصفية المعيارية أو التقويمية "Normative or Evaluative Researfch"، ويستخدم لجمع البيانات والمعلومات في أنواع البحوث الوصفية أساليب ووسائل متعددة مثل الملاحظة والمقابلة، الاختبارات، الاستفتاءات، المقاييس المتدرجة، وقد تطور هذا المنهج إلى المنهج الوصفي الكمي لاستخدام الإحصاء والرياضيات، وهو المنهج المتبع الآن في الولايات المتحدة الأمريكية في إعداد الرسائل العلمية1.

2-

أما البحوث التاريخية "Historical Research" فهي أقدم البحوث وتستخدم في جميع المجالات العلمية بخاصة العلوم الاجتماعية، لها طبيعتها الوصفية، فهي تصف وتسجل الأحداث والوقائع التي جرت وتمت في الماضي، ولكنها لا تقف عند مجرد الوصف والتاريخ لمعرفة الماضي فحسب، وإنما تتضمن تحليلا وتفسيرا للماضي بغية اكتشاف تعميمات تساعدنا على فهم الحاضر، بل والتنبؤ بأشياء وأحداث في المستقبل، ويركز البحث التاريخي عادة على التغير والنمو والتطور في الأفكار والاتجاهات والممارسات سواء لدى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات الاجتماعية المختلفة ويستخدم الباحث التاريخي نوعين من المصادر للحصول على المادة العلمية وهي المصادر الأولية والمصادر الثانوية، ويبذل أقصى جهده للحصول على هذه المادة من مصادرها الأولية كلما أمكن ذلك2.

3-

أما البحوث التجريبية "Experimental Research" فتحتاج إلى خلفية علمية واسعة3، ويشتمل البحث التجريبي عناصر ثلاثة:

1 فاخر عاقل. أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية. مرجع سبق ذكره ص114-131.

2 Van Dalen، D. B. "Understanding Educational Research". Mc. Craw، New york، 1973، chap 7.

3 ارجع إلى أحمد بدر. أصول البحث العلمي ومناهجه. مرجع سبق ذكره ص30-31. ولمزيد من الاطلاع في شأن البحوث التي تتصل بالعلاقات الاجتماعية انظر: Sellits، c، and others. "Research Methods in Social Relation". Henry Halt 1960.

ص: 79

1-

الظاهرة موضوع الدراسة.

2-

العامل المراد معرفة تأثيره في الظاهرة.

3-

العوامل المتداخلة "أي العوامل الأخرى غير العامل الرئيس" المراد معرفة تأثيره في الظاهرة. مثال: الوضع التعليمي في منطقة ما هي الظاهرة موضوع الدراسة، العامل المراد معرفة تأثيره: التطور الحضاري وتلاؤم ذلك مع المستوى التعليمي، العوامل المتداخلة بقية العوامل المتعلقة بالفرد أو المجتمع: الصحي، انتشار الأوبئة

والبحوث التجريبية هي التي تبحث المشكلات والظاهرات على أساس من المنهج التجريبي، أو منهج البحث العلمي القائم على الملاحظة وفرض الفروض والتجربة الدقيقة المضبوطة، ولعل أهم ما تتميز به البحوث التجريبية على غيرها من أنواع البحوث الوصفية والتاريخية هو كفاية الضبط للمتغيرات والتحكم فيها عن قصد من جانب الباحث، وتعتبر التجربة العلمية مصدرا رئيسا للوصول إلى النتائج أو الحلول المناسبة للمشكلات التي يدرسها البحث التجريبي، ولكنه في الوقت نفسه يستخدم المصادر الأخرى في الحصول على البيانات والمعلومات التي يحتاج إليها البحث العلمي بعد أن يخضعها للفحص الدقيق والتحقق من دقتها وصحتها وموضوعيتها.

نشير إلى أن هذا المنهج يتبع في كثير من الدراسات الإنسانية وبخاصة التربوية وبعض الدارسات الاجتماعية، حيث نحدد أهداف البحث الاجتماعي بأهداف وظيفية، وصفية أو تشخيصية أو كشفية وبرهانية، وفي مجال تحديد الأهداف من البحوث الاجتماعية نذكر ما قاله المنشئ الأول لعلم المعاشرة بين أبناء الجنس، عبد الرحمن بن خلدون في بداية مقدمته المشهورة التي تحتوي أول بحث اجتماعي علمي من نوعه في العالم، وكان هدفه من بحثه وضع قانون منهجي، يجعل منه معيارا للتاريخ ومنطقا للمؤرخين، يستطيعون بوساطته الحصول على الوقائع التي حدثت فعلا، أو كان لها وجود أصلا، فكان هذا القانون هو العمران البشري والاجتماعي الإنساني، الذي يكون

ص: 80

موضوعه علمه الاجتماعي الجديد، علم لم يسبقه إليه أحد، لقد تخلى عن شواغل الحياة السياسية والاجتماعية، ووضع فروضا كثيرة ونظريات متنوعة، تتعلق بالنظم الاجتماعية، واجتهد في تحري صحتها والبرهنة عليها1.

5-

البحوث الأكاديمية:

نميز بين بحوث الطلبة وبحوث أساتذة الجامعات، تشتمل الأولى:

أ- 1- البحث الصفي "حلقة البحث" ويسميها البعض المقالة أو "الإنشاء المنهجي" سواء كان أدبيا أو علميا، وهي أول ما يبدأ فيه الطالب البحث من المرحلة الثانوية حتى نهاية المرحلة الجامعية الأولى، فهي إذن البادرة الأولى للبحث، وتتكون المقالة2 في صورتها التقليدية من مقدمة وموضوع وخاتمة، يقول عنها العقاد: المقالة مشروع كتاب3.

إن الهدف من البحث الصفي "حلقة البحث تعريف الطالب بالمصادر المتعلقة بتخصصه والتعود على الانتفاع بالمكتبة، وبلورة أسلوب خاص به في عرض الأفكار، أسلوب موضوعي منهجي، وترتيبها وتقديمها بلغة سهلة مقبولة وواضحة، فالهدف يتلخص بالتدريب على إعداد بحوث متخصصة موضوعية، تتجلى في تطبيق الوسائل العلمية على البحث، واستخدام المادة واستقرائها ومعالجتها بالتنقيب والتحليل والموازنة بذكاء وفهم تقود الطالب إلى الحقيقة المنزهة عن الهوى، المؤيدة بالحجج والأسانيد،

1 مقدمة ابن خلدون، مرجع سبق ذكره ص6، 36-37.

2 المقالة كما عرفها الدكتور جودة الركابي: قطعة نثرية محدودة الطول تعالج مسألة علمية أو أدبية أو اجتماعية أو سياسية يشرحها الكاتب ويؤيدها بالبراهين والحجج والأسانيد حينا وبالانفعال الوجداني والتأثير العاطفي والتصوير الفني حينا آخر "جودت الركابي: منهج البحث الأدبي في إعداد الرسائل الجامعية، مرجع سبق ذكره ص14".

3 لم يخل أدبنا العربي من أصول المقالة، نجدها عند ابن المقفع والجاحظ وغيرهما، وكانوا يطلقون عليها اسم الرسالة، وإن كانت الرسالة القديمة أطول من المقالة الحديثة، والمقالة مأخوذة عن الغربيين حين أخذنا عنهم فن الصحافة.

ص: 81

والطالب الذي ينجح في إعداد بحثه خلال مرحلة الدراسة الجامعية الأولى، هو نفسه الطالب الذي يوفق في إنجاز رسالة الماجستير وأطروحة الدكتوراة في مرحلة الدراسات العليا.

2-

مرحلة الدراسات العليا: ويعد الطالب فيها ما نسميه بالرسالة1 وهي تسمية أكاديمية لنيل الدبلوم ودرجة الماجستير، وبالأطروحة لنيل درجة "دكتوراه" والرسالة أقصر من الأطروحة، تكون مبتكرة في موضوع من الموضوعات، لذلك فهي البحث المتصل، يتعهده الباحث ليكشف عن حقيقة من الحقائق المدعومة بالبراهين، والأسانيد، تمد الطالب بتجارب وافية في البحث وتضيف جديدا للثقافة، أما الأطروحة فتطلب دراسة أصيلة أعمق، كما يجب أن يكون الجديد فيها الذي يضاف للمعرفة الإنسانية أقوى وأكثر نضوجا ووضوحا، لذلك فهي تعتمد على مراجع أوسع، وتحتاج إلى براعة في التحليل والاستنتاج ليغدو ذلك الأثر عملا إبداعيا ممتازا، يستطيع الباحث فيما بعد أن يستقل في إنتاجه.

ب- أما بحوث الأساتذة، فلكل أستاذ منهجه في البحث، رغم وجود خطوط رئيسية يتبعها جميع الباحثين، ويتم نشرها في ثلاثة أشكال:

أ- كتاب يشتمل على البحث الذي أعده الأستاذ.

ب- مقال علمي ينشر في إحدى المجلات العلمية التي تصدر في داخل الجامعة أو خارجها.

جـ- مؤتمر علمي يشترك فيه الأستاذ ببحثه، فيلقي فيه هذا البحث، ويكون عرضة لمناقشة البحث من جانب المشتركين في المؤتمر، وتعقد هذه المؤتمرات الدول أو الجامعات أو الجمعيات.

1 عودة إلى التراث العربي، ولا أقصد بذلك دراسة الرسالة ونموها وإنما بنية هذه المقولة فكثيرا ما أطلق الدارسون أو الناشرون أو النقاد اسم الكتاب، بينما يسميه كل من طه حسين والحاجري رسالة "انظر كتاب رسالة التربيع والتدوير للجاحظ بتحقيق شارل بيللا، منشورات المعهد الفرنسي، دمشق"، وأيضا طه حسين:"من حديث الشعر والنثر ص88"، وطه الحاجري "الجاحظ: حياته وآثاره، دار المعارف بمصر، ص275" بيد أن الجاحظ نفسه يسمي هذا الأثر "رسالة" وذلك في كتاب "الحيوان" حيث يقول: "

فإن أعجبتك هذه المسائل واستطرفت هذه المذاهب، فاقرأ رسالتي إلى أحمد بن عبد الوهاب الكاتب، فهي مجموعة هنا

" "الجاحظ: الحيوان، 1/ 73-311، وابن خلدون: المقدمة ص408، وابن قتيبة: عيون الأخبار ج1 المقدمة ص: ط-ي، والأصفهاني: الأغاني 1/ 1، 2 طبعة الدار، وابن منظور: لسان العرب مادة "ر س ل" وأحمد زكي صفوت: جمهرة رسائل العرب 1/ 23، ومحمد كرد علي: رسائل البلغاء، والتوحيدي: الذخائر والبصائر ص258، تحقيق الدكتور إبراهيم كيلاني. ويدل هذا الكلام بصراحة على أن الجاحظ وسائر الكتاب في عصره، وفيما تلا عصره كانوا يميزون بين الكتاب والرسالة.

ص: 82