الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معرفة بالحديث وضبطه».
أقول: ما أراهم غَمَصوا عليه إلا ما تقدَّم في ترجمة حجاج. ولعل من شدَّد لم يتدبر القصة، وقد تقدَّم الجواب الواضح عنها، وكفى بقول حاكيها نفسِه وهو الإمام أحمد:«كان سنيد لزم حجاجًا قديمًا، وقد رأيت حجاجًا يملي عليه، وأرجو أن لا يكون حدَّث إلا بالصدق» .
108 - شريك بن عبد الله النخعي القاضي:
في «تاريخ بغداد» (13/ 372 [376]) عنه: «كفر أبو حنيفة بآيتين من كتاب الله تعالى
…
» وفيه (13/ 381 [389]) عن أحمد بن إبراهيم قال: [1/ 270]«قيل لشريك: استتيب أبو حنيفة؟ قال: قد علم ذلك العواتقُ في خدورهنّ» . وعن يحيى بن آدم: «سمعت شريكًا يقول: استتبتُ أبا حنيفة مرتين» . وعن يحيى بن حمزة: «حدثني شريك بن عبد الله قاضي الكوفة أن أبا حنيفة استتيب من الزندقة مرتين» . وعن أبي معمر (إسماعيل بن إبراهيم بن معمر) قال: «قيل لشريك: ممَّ استتبتم أبا حنيفة؟ قال: من الكفر» . وفيه (3/ 397 [417]) عن شريك: «لو كان في كلِّ رُبْعٍ من أرباع الكوفة خمَّار يبيع الخمر كان خيرًا من أن يكون فيه من يقول بقول أبي حنيفة» .
وقال (ص 61): «والتحقيق أن شريكًا ثقة في الحديث لكنه طويل اللسان في الناس» .
وقال (ص 64): «الخبر كذب ملفَّق، وخاصةً بهذا اللفظ (استتبت أبا حنيفة) لأن شريكًا إنما ولي القضاء بعد وفاة أبي حنيفة بخمس سنين» . وقال بعد ذلك: «وشريك يكاد
(1)
يكون ممن لا يعرف ما هي الزندقة؟ ».
وقال (ص 108): «ولو فرضنا أن شريكًا قال هذا لكان آذى نفسه
…
لأن أبا حنيفة وأصحابه على قولهم المعروف في الأشربة غير الخمر، كانوا يمنعون الناس من احتسائها بخلاف شريك
…
فيكون شريك كأنه ما كان يعجبه منعُ أصحاب أبي حنيبفة من احتساء النبيذ، حتى تمنّى أن يكون في كل حيّ من الأحياء خمَّار لينتشي كما يشاء
…
وشريكٌ ممن عُرِف بطول اللسان، وقد اضطربت أقواله في أبي حنيفة بين مدح وقدح، وقولُ أهل النقد فيه معروف، وحسابُه على الله».
أقول: أما القضية الأولى وهي في الإرجاء، فقد ذكرت المسألة في قسم الاعتقاديات
(2)
.
وأما حال شريك في نفسه، فمن أجلَّة العلماء وأكابر النبلاء. فأما في الرواية، فكثير الخطأ والغلط والاضطراب، فلا يُحتجُّ بما ينفرد به أو يخالف. ونَسَبه الدارقطني وابن القطان وعبد الحق إلى التدليس.
وأما قوله: «استتبت أبا حنيفة» ، وقولهم له:«استتبتم أبا حنيفة؟ » فلا مانع من صحته. وقد جاء نحو ذلك عن سفيان الثوري. وحقيقة الاستتابة أن يقال للرجل: «تُبْ» . فقد يقول العالم وإن لم يكن قاضيًا ولا أميرًا ذلك لغيره، وقد يجتمع عالمان أو أكثر على [1/ 271] واحد، فيقولون له:«تُبْ» ، وقد يهدِّدونه بأنه إذا لم يتب رفعوه إلى الحاكم، وقد يُحضر الحاكمُ بعضَ
(1)
(ط): «كان» والتصحيح من «التأنيب» .
(2)
(2/ 555 فما بعدها».