الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد ليقال: مكثر» ونحو ذلك من الكلمات التي لا توجب جرحًا.
ثم مال الأستاذ إلى الإنصاف، فذكر أنه يجب الذب عن إبراهيم بن سعيد، ولكنه جعل الحَمْل على عبد الرحمن بن خراش، وستأتي ترجمته
(1)
.
6 - إبراهيم بن شَمَّاس
.
في «تاريخ بغداد» (13/ 414 [443]): «
…
إبراهيم بن شماس يقول: كنت مع ابن المبارك في الثغر، فقال: لئن رجعت [من هذه]
(2)
لأُخرِجنَّ أبا حنيفة من كتبي». وفيه بعد ذلك: «
…
إبراهيم بن شماس يقول: سمعت ابن المبارك يقول: اضربوا على حديث أبي حنيفة».
قال الأستاذ (ص 150): «إبراهيم بن شماس ذلك المتعبِّد الغازي
…
على علوّ طبقته لم يُخرج عنه أحد من أصحاب الأصول الستة
…
بطل مغوار متعبد متعصب
…
مِلءُ إهابه التعصّب، على زهده».
أقول: أما العبادة والزهد والجهاد والبطولة، فنعم. وأما التعصُّب، فإنما وصفه به بعض مَن لم يدركه، وهو الإدريسي الذي ولد بعد إبراهيم بأكثر من مائة سنة، وإنما قال:«كان شجاعًا بطلًا ثقة ثبتًا متعصبًا لأهل السنة» .
فأما الذين أدركوه فإنما وصفوه بالسنة. قال الإمام أحمد: «كان صاحب سنة» . وقال أحمد بن سَيَّار: «كان صاحب سنة وجماعة، كتب العلم،
(1)
لم نجد ترجمة مفردة لابن خراش، فلعل المؤلف ذهل عن إفرادها.
(2)
من «التاريخ» .
وجالس الناس، ورأيت إسحاق بن إبراهيم [ابن راهويه] يعظم من شأنه ويحرِّضنا على الكتابة عنه».
وممن روى عنه: الإمام أحمد، وأبو زرعة، والبخاري في غير «الصحيح» ، وأحمد لا يروي إلا عن ثقة عنده، كما يأتي في ترجمة محمد بن أَعْين
(1)
. وأبو زُرعة من عادته أن لا يروي إلا عن ثقة، كما في «لسان الميزان» (ج 2 ص 416)
(2)
. والبخاري نحو ذلك، كما يأتي في ترجمة أحمد بن عبد الله [1/ 89] أبو عبد الرحمن
(3)
. ووثَّقه الدارقطني وابن حبان وغيرهما. وتحريض ابن راهويه على الكتابة عنه يدلُّ على مكانته في الصدق والثبت، وقال ابن حبان في «الثقات»
(4)
: «كان متقنًا
…
سمعت عمر بن محمد البحيري يقول: سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: سمعت إبراهيم بن شماس يقول: رأيت ابن المبارك يقرأ كتابًا على الناس في الثغر، فلما مرَّ على ذكر أبي حنيفة قال: اضربوا عليه. وهو آخر كتاب قرأ على الناس ثم مات».
فأما عدم إخراج البخاري عنه في «صحيحه» فكأنَّه إنما لقيه مرة، فإن إبراهيم كان دائبًا في الجهاد، فلم يسمع منه البخاري ما يحتاج إلى إخراجه في «الصحيح» ، وقد أدرك البخاريُّ مَن هو أكبر من إبراهيم وأعلى إسنادًا.
(1)
رقم (194).
(2)
(3/ 396).
(3)
رقم (23). وهكذا وقع في (ط): «أبو» .
(4)
(8/ 69 - 70).
وكم من ثقة ثبت لم يتفق أن يُخرج عنه البخاري في «صحيحه» ، وأخرج عمن هو دونه بكثير.
فأما بقية الستة، فأبو داود ولد سنة 202 فقد أدرك إبراهيم، فإن إبراهيم استشهد سنة 220، ولكن لعلّه لم يلقه، وإنما روى في مسائل مالك
(1)
عن رجل عنه على ما يظهر من «التهذيب» . وقد سمع أبو داود جماعةً ممن هو أكبر وأعلى إسنادًا من إبراهيم. ومسلم ولد سنة 204، والباقون بعد ذلك.
وجامعو الكتب الستة يتحرَّون علوَّ الإسناد والاختصار، ولا ينزلون إلّا لحاجة. والرواية عن إبراهيم قليلة، لاشتغاله بالجهاد، ولأنه لم يعمَّر حتى يحتاج إليه. وقد روى عنه مَن هو أجلّ من أصحاب الكتب الستة، كما مرَّ.
وقد ساق الأستاذ في تعليقه على «شروط الأئمة»
(2)
كلامًا طويلًا فيه ما فيه، وقال في أواخره:«ومن ظن أن ثقات الرواة هم رواة الستة فقط، فقد ظن باطلًا. وجرَّد الحافظ العلامة قاسم بن قطلوبغا الثقات من غير رجال الستة في مؤلف حافل يبلغ أربع مجلدات» .
(1)
كذا، والذي في «تهذيب الكمال»:(1/ 114)، و «تهذيب التهذيب»:(1/ 127) الرمز قبل اسمه بـ «ل، فق» و «ل» هو رمز مسائل أبي داود للإمام أحمد. وقد صرّح المزي بذلك في آخر الترجمة بقوله: «روى له أبو داود في كتاب المسائل في باب زيادة الإيمان ونقصانه» . وانظر كتاب «المسائل» (ص 364 - 365) روى عن الإمام أحمد عنه ثلاث مسائل، ولعل المؤلف ذهل إلى رمز (كد) وهو علامة ما أخرجه أبو داود في مسند حديث مالك بن أنس. والله أعلم.
(2)
«شروط الأئمة الخمسة» (ص 63 - 64).