الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ــ زاد في بعض النسخ: العبدي (؟) ــ عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر، فقال: هذان سيدا كهول الجنة
…
». قال الترمذي: «حسن غريب من هذا الوجه» ، ثم أخرجه من حديث علي
(1)
. وهذا الحديث ذُكر في «الميزان»
(2)
و «التهذيب»
(3)
في ترجمة [1/ 469] محمد بن كثير المِصِّيصي، وأنه أُنكِر عليه، ذُكر لابن المديني فقال:«كنت أشتهي أن أرى هذا الشيخ، فالآن لا أحِبُّ أن أراه» . وأحسب أبا حاتم وابن حبان إنما أشارا إلى هذا الحديث، إذ قال الأول:«في حديثه بعض الإنكار» ، وقال الثاني:«يُغرب» . والحديث مذكور من حديث علي رضي الله عنه، ووَهْمُ محمد بن كثير في إسناده لا يُسقطه، بل حقُّه أن يُتَّقَى ما يظهر أنه وهِمَ فيه، ويُحتَجُّ به فيما توبع عليه، ويُنظَر فيما تفرَّد به، وليس بمنكر. والله أعلم.
232 - محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وأبوه:
في «تاريخ بغداد» (13/ 371 [372 - 373]): «أخبرني الحسن بن محمد الخلّال، حدثنا محمد بن العباس الخزّاز ــ وأخبرنا محمد بن أحمد [بن محمد] بن حسنون النَّرْسي، أخبرنا موسى بن عيسى بن عبد الله السراج= قالا: حدثنا محمد بن محمد الباغندي، حدثنا أبي قال: كنت عند عبد الله بن الزبير، فأتاه كتاب أحمد بن حنبل: اكتب إليّ بأشنع مسألة عن أبي حنيفة، فكتب إليه: حدثني الحارث بن عُمير قال: سمعت أبا حنيفة
(1)
(3665).
(2)
(5/ 144).
(3)
(9/ 416).
يقول .. ».
قال الأستاذ (ص 37): «
…
قال الدارقطني: كان كثير التدليس، يحدِّث بما لم يسمع، وربما سرق اهـ
…
وكان إبراهيم بن الأصبهاني يكذِّبه، وكان الأبُ يكذِّب الابنَ، والابنُ الأبَ، وكثير من أهل النقد يصدِّقهما في تكذيب أحدهما الآخر
…
ومن الدليل على بطلان الخبر من أساسه أن الحميدي مكيّ لم يجالس أصحاب أبي حنيفة ولا درس فقهه، وأحمد عراقي تفقه على أصحاب أبي حنيفة، فمثلُ أحمد العراقي لا يسأل الحميديَّ المكي
…
».
أقول: أما خبر تكذيب كلٍّ منهما الآخر، فرواه الخطيب
(1)
عن أبي العلاء محمد بن علي الواسطي ــ وقد تقدمت ترجمته
(2)
ــ عن عبد الله بن إبراهيم الزبيبي
(3)
قال: قال أبو بكر أحمد بن أبي الطيب المؤدب
…
وأبو بكر هذا لم أظفر بترجمته، فإن صحت الحكاية فالظاهر أن الأب إنما أنكر على الابن شدة التدليس الذي صُورتُه كذبٌ كما يأتي. فأما كلمة الابن، ففَلْتة لسان عند سَورة غضب، فلا يُعتدّ بها. والأب ذَكَره ابنُ حبان في «الثقات»
(4)
. وحكى السلمي عن الدارقطني أنه قال: «لا بأس به»
(5)
. وقال
(1)
(2/ 394).
(2)
رقم (224).
(3)
وقع في «التاريخ» : «الزيني» ، وهو تصحيف. [المؤلف]
(4)
(9/ 149).
(5)
انظر «الميزان» : (5/ 17)، و «اللسان»:(7/ 173). وفي «سؤالات السلمي» (ص 284) إنما ذكر ابنه محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ووقع في النسخة المختصرة «محمد بن سليمان الباغندي» وليس فيهما قوله «لا بأس به» .
(1)
.
أقول: لعل ابن أبي الفوارس إنما ضعَّفه لأنه قد يخطئ، كما وقع في هذه الحكاية، جعلها من رواية الحميدي عن الحارث بن عمير، والصواب: الحميدي عن حمزة بن الحارث بن عمير عن أبيه، كما قاله حنبل بن إسحاق.
وأما الابن، فقال الإسماعيلي:«لا أتهمه، ولكنه خبيث التدليس» . وقال ابن مظاهر: «هذا رجل لا يكذب، ولكن يحمله الشَّرَهُ على أن يقول: حدَّثَنا» . وروى الخطيب من طريق عمر بن الحسن بن علي ــ وقد تقدمت ترجمته
(2)
ــ قال: «سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن أبي خيثمة، وذُكِر عنده أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فقال: ثقة كثير الحديث، لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه منطرح إليكم ولا تريدونه» . جزم الذهبي في «التذكرة»
(3)
و «الميزان»
(4)
ــ وتبعه ابن حجر في «اللسان»
(5)
ــ بنسبة هذه الكلمة إلى محمد بن أحمد [بن] أبي خيثمة بناء على الوثوق بعمر بن الحسن، وقد مرت ترجمته. وقال الحاكم عن ابن المظفر:«الباغندي ثقة إمام، لا يُنكر منه إلا التدليس، والأئمة دلَّسوا» . وقال
(1)
«تاريخ بغداد» : (2/ 294).
(2)
رقم (170).
(3)
(2/ 736).
(4)
(5/ 152).
(5)
(7/ 473).
(1)
. وقال الذهبي بعد أن حكى كلمة ابن الأصبهاني: «بل هو صدوق من بحور الحديث» . وقال ابن حجر في «طبقات المدلسين» (ص 15): «مشهور بالتدليس مع الصدق والأمانة» .
أقول: هي قضية واحدة أطلق بعضهم أنها كذب، وبعضهم أنها تحديث بما لم يسمع، وبعضهم أنها تدليس خبيث. وهو أنه كان يطلق فيما أخذه من ثقة عن أبي بكر بن أبي شيبة مثلًا:«حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة» ! وإذ قد عُرف اصطلاحه في هذا، فليس بكذب.
وفي «فتح المغيث» (ص 75)
(2)
وقال قبل ذلك: «بل وُصِف به من صرَّح بالإخبار في الإجازة كأبي نُعيم، والتحديث في الوجادة كإسحاق بن راشد الجَزَري، وكذا فيما لم يسمعه كفِطْر بن خليفة
…
وقال ابن عمار عن [1/ 471] القطان: كان فِطْرٌ صاحبَ ذي: سمعتُ، سمعتُ. يعني أنه يدلِّس فيما عداها».
ولا شبهة في جواز مثل هذا لغةً، إذا كانت هناك قرينة، وقد خاطب الله
(1)
«التاريخ» : (3/ 431).
(2)
(1/ 226).
تعالى اليهود في عصر محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 49] الآيات، وفيها:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى} [البقرة: 55]. وفي «الصحيح»
(1)
عن السائب بن يزيد: «كنا نؤتَى بالشارب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
». قال ابن حجر في «الفتح»
(2)
: «فيه إسنادُ القائلِ الفعلَ بصيغة الجمع التي يدخل هو فيها مجازًا
…
لأن السائب كان صغيرًا جدًّا
…
فكأن مراده بقول: كنا، أي الصحابة». وكثيرًا ما يقع في أشعار العرب:«قتلنا فلانًا» وفعلنا وفعلنا، والفاعل غيره من قومه، فإذا كانت هناك قرينة تنفي الحقيقة أو تدافع ظهورَ الكلمة فيها خرجَتْ عن الكذب. ومن القرينة أن يُعرَف عن الرجل أنه ممن
(3)
يستعمل هذا، وإن لم تكن هناك قرينة خاصة، اتكالًا على هذه القرينة العامة، وهي أنه ممن يستعمل ذلك.
وأما قول الدارقطني: «ربما سرق» فكأنه أراد بها أنه قد يقول: «حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة» مثلًا فيما لم يسمعه من أبي بكر ولا ممن سمعه من أبي بكر، وإنما وجده في كتاب رجل سمعه من أبي بكر. وكأنّ الدارقطني أخذ هذا من قصةٍ حكاها عن ابن حِنْزابة، وليست بالبيِّنة في ذلك. وهَبْ أن ذلك صح، فالوجادة صحيحة من طرق التحمل، فآل الأمر إلى التدليس. وقد دلت استقامة حديث الباغندي وخلوّه عن المناكير على أنه كان لا يدلِّس إلا فيما لا شبهة في صحته عمن يسمِّيه فلا يقول مثلًا: «حدثنا أبو بكر
(1)
(6779).
(2)
(12/ 68).
(3)
الأصل: «مما» في هذا الموضع والذي بعده.