الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دخوله صور، وذلك بعد إقامته بدمشق).
واحتج الدكتور
(1)
بهذا على بطلان زعم ابن الطيوري من أصله، لأن أكثر كتب الخطيب ثبت تأليفه لها قبل خروجه إلى الشام ــ وذكر دليل ذلك ــ، وبأن الصُّوري أقام
(2)
ببغداد نيفًا وعشرين سنة وبها مات، فكيف يُعقل أن لا يطلب كتبًا تركها عند أخته!
[1/ 141]
فصل
قال ابن الجوزي في «المنتظم» (ج 8 ص 267) بعد أن ذكر ميل الحنابلة على الخطيب حتى انتقل عن مذهبهم ما لفظه: «وتعصَّب في تصانيفه عليهم، فرمز إلى ذمِّهم، وصرَّح بقدر ما أمكنه. فقال في ترجمة أحمد بن حنبل: «سيد المحدثين» ، وفي ترجمة الشافعي:«تاج الفقهاء» ، فلم يذكر أحمد بالفقه. وقال في ترجمة حسين الكرابيسي أنه قال عن أحمد: أيَّ شيء نعمل بهذا الصبي؟ إن قلنا: لفظنا بالقرآن مخلوق، قال: بدعة. وإن قلنا: غير مخلوق، قال: بدعة. وله دسائس في ذمهم، من ذلك: أنه ذكر مهنأ بن يحيى
…
ومال الخطيب على أبي الحسن [عبد العزيز بن الحارث] التميمي
…
ومال الخطيب على أبي [عبد الله] عبيدالله بن [محمد بن] بطة
…
ومال الخطيب على أبي علي [الحسن بن علي] ابن المُذْهب. وكان في الخطيب شيئان: أحدهما: الجري على عادة عوامِّ المحدثين في الجرح والتعديل، فإنهم يجرحون بما ليس بجرح؛ وذلك لقلة فهمهم. والثاني:
(1)
يعني يوسف العش في كتابه عن الخطيب، وسبقت إشارة المؤلف إليه.
(2)
(ط): «إمام» تحريف.
التعصب على مذهب أحمد وأصحابه
…
».
أقول: رحمك الله يا أبا الفرج! لا أدري، أجاوزتَ الحدَّ في غبطة الخطيب على مصنفاته التي أنت عيال عليها ــ كما يظهر من مقابلة كتبك بكتبه ــ فدعتك نفسُك إلى التشعيث منه والتجني عليه؟ أم أردت التقرب إلى أصحابك الذين دخل في قلوبهم من يومك المشهود الذي لم يُرَ مثلُه غمٌّ عظيم؟ أم كنت أنت المتصف بما ترمي به المحدّثين من قلة الفهم؟
أما ما قاله الخطيب في ترجمتَي أحمد والشافعي، فلفظه في المطبوع (ج 4 ص 412) في ترجمة أحمد: «
…
إمام المحدثين، الناصر للدين، والمناضل عن السنة، والصابر في المحنة
…
». وفي آخر الترجمة (ج 4 ص 423): «قد ذكرنا مناقب أبي عبد الله أحمد بن حنبل مستقصاة في كتاب أفردناه لها، فلذلك اقتصرنا في هذا الكتاب على ما أوردناه منها» . وعبارته في ترجمة الشافعي (ج 2 ص 56): «
…
زين الفقهاء، وتاج العلماء
…
».
فعلى هذا للشافعية أن يعاتبوا الخطيب قائلين: لم تذكر الشافعي بالحديث، فإن كنت لا تراه مُحدِّثًا فقد سلبتَه أعظم الفضائل، ولزم [1/ 142] من ذلك سلبُه الفقهَ والعلمَ الذي يعتدّ به، وإن كنت تراه محدِّثًا فقد جعلتَ أحمد إمامًا له أو سيِّدًا للمحدثين مطلقًا، فشمل ذلك الفقهاء منهم، فلزم أن يكون إمامَ الفقهاء أو سيِّدَهم مطلقًا. ومع ذلك لم تذكر الشافعيَّ بنصرة الدين، ولا النضال عن السنة، فأما قولك:«زين الفقهاء وتاج العلماء» فلا يدفع ما تقدم، لأن المتزين أفضل من الزينة، ولابس التاج أفضل من التاج.
والصواب: أن المناقشة في مثل هذا ليست من دأب المحصِّلين، وإنما
الحاصل أن المترجِم يتحرَّى في صدر الترجمة أشهر الصفات. فأحمدُ لِتبحُّره في معرفة الحديث وتجرُّده لنصر السنة كان أشهر بذلك منه بالفقه، والشافعي لِتجرُّده للفقه كان أشهر به.
وأما قضية الكرابيسي، فإن الخطيب روى بسنده في ترجمته (ج 8 ص 64) عن يحيى بن معين أنه:«قيل له: إن حسينًا الكرابيسي يتكلم في أحمد بن حنبل. قال: ما أحوجه أن يُضرَب» . وروى عن يحيى أيضًا أنه قال: «ومَنْ حسين الكرابيسي لعنه الله
…
»، ثم ذكر القصة التي فيها تلك الكلمة، ثم ذكر روايات عن أحمد في تبديع الكرابيسي والتحذير منه. ثم ذكر قصةً فيها غضُّ الكرابيسي من فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأن رجلًا رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكذِّب الكرابيسي.
فالخطيب ذكر تلك الكلمة لفائدتين: الأولى: تفسير ما تقدَّم إجماله من أن الكرابيسي كان يتكلم في أحمد، ليتبين أنه كلام فارغ. الثانية: زيادة التشنيع على الكرابيسي. فمن توهَّم أن الخطيب حاول انتقاص أحمد فهو كمن يتوهم أن ذكره القصة التي فيها غضُّ الكرابيسي من فضل علي بن أبي طالب محاولةٌ من الخطيب لانتقاص علي! وابنُ الجوزي يرمي الخطيب وعامة المحدثين بقلة الفهم، وهذه حاله!
وأما ما زعمه ابن الجوزي من ميل الخطيب على مُهَنّأ والجماعة الذين سماهم، فقد أفردت لكل منهم ترجمة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى، وتتضح براءة الخطيب مما تخيله ابن الجوزي.
وقد وثَّق الخطيبُ جمعًا كثيرًا بل جمعًا غفيرًا من الحنابلة، وأطاب