الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
112 - ضِرَار بن صُرَد:
في «تاريخ بغداد» (13/ 380 [388]) من طريق «محمد بن يونس، ثنا ضرار بن صرد قال: حدثني سُلَيم
…
» فذكر الحكاية. ومن طريق «عبد الأعلى بن واصل، ثنا أبو نعيم ضرار بن صرد قال: سمعت سُلَيم بن عيسى
…
» فذكرها.
وقال [1/ 278] البخاري في ترجمة سليم من «التاريخ الكبير»
(1)
: «قال لي ضرار بن صرد: حدثنا سليم سمع سفيان: قال لي حماد بن أبي سليمان: أبلِغْ أبا حنيفة المشرك أني بريء منه. قال: وكان يقول: القرآن مخلوق» . وفي رواية الخطيب الثانية: «قال سليم: كان يزعم أن القرآن مخلوق» وفي الرواية الأولى: «
…
إني بريء منه حتى يرجع عن قوله في القرآن». وكأنَّ ذلك من تخليط محمد بن يونس الكُدَيمي.
قال الأستاذ (ص 60): «ضرار بن صرد هو أبو نُعَيم الطحان الذي يقول عنه ابن معين: كذاب
…
».
أقول: قال علي بن الحسن الهِسِنْجاني عن ابن معين: «بالكوفة كذابان: أبو نُعَيم النخعي، وأبو نُعَيم ضِرار بن صُرَد» . وظاهر هذا تعمُّد الكذب، لكن قال الأستاذ (ص 163): «الإخبار بخلاف الواقع هو الكذب، والكذب بهذا المعنى يشمل الغالط والواهم، فمن غلط أو وهم في شيء يمكن عدُّه كاذبًا على هذا الرأي
…
فلا يُعتَدُّ بقول من يقول: فلان يكذب، ما لَم يفسِّر وجهَ كذبه. ولذا عُدَّ عند كثير من أهل النقد قولُ القائل: كذب فلان، من الجرح غير المفسَّر
…
».
(1)
(4/ 127).
أقول: وقد قال ابن معين لشجاع بن الوليد أبي بدر السكوني: يا كذاب. وقد قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: «شجاع بن الوليد ثقة» ، ووثَّقه غيُره، ولكنه يهم ويغلط. فلننظر كلام غير ابن معين في أبي نعيم النخعي ــ واسمه عبد الرحمن بن هانئ ــ ثم في أبي نعيم ضرار بن صرد.
فأما النخعي، فقد قال العجلي:«ثقة» . وقال أبو حاتم: «لا بأس به، يكتب حديثه» . وروى عنه أبو زرعة ومِن عادته أن لا يروي إلا عن ثقة، كما في «لسان الميزان» (ج 2 ص 416)
(1)
. وقال البخاري: «فيه نظر، وهو في الأصل صدوق»
(2)
. وكلمة «فيه نظر» معدودة من أشد الجرح في اصطلاح البخاري، لكن تعقيبه هنا بقوله:«وهو في الأصل صدوق» يخفِّف من وطأتها
(3)
.
وأما ضِرار، فروى عنه أبو زرعة أيضًا. وقال البخاري والنسائي:«متروك الحديث» . لكن البخاري روى عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة كما صرَّح به الشيخ تقي الدين ابن تيمية
(4)
، ومرَّ النظر في ذلك في ترجمة
(1)
(3/ 396).
(2)
«التاريخ الأوسط» : (4/ 942) في رواية الخفّاف وليست في «الكبير» ولا رواية زنجويه للأوسط.
(3)
أقول: هذا أمر قاله الذهبي في «الميزان» : (3/ 130، 449) وتوبع عليه، لكن جَمَع عدد من الباحثين من قال فيهم البخاري:«فيه نظر» وقورن كلامه بكلام النقّاد فلم يظهر أنه يستعملها فيمن حاله بمنزلة المتروك، ولا أُثر عن البخاري بنقلٍ ثابت أنه يستعملها في التضعيف الشديد. وقد قال الحافظ ابن حجر في «بذل الماعون» (ص 92): إن هذه عبارته فيمن كان وسطًا.
(4)
في «تلخيص كتاب الاستغاثة» : (1/ 77).
أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن
(1)
. والظاهر التوسط، وهو أن البخاري لا يروي إلا عمن هو صدوق في الأصل يتميَّز صحيحُ حديثهِ مِن سقيمه، كما صرَّح به في رواية الترمذي عنه
(2)
، كما تقدم في تلك الترجمة. فقوله في ضرار:[1/ 279]«متروك الحديث» محمول على أنه كثير الخطأ والوهم، ولا ينافي ذلك أن يكون صدوقًا في الأصل يمكن لمثل البخاري تمييز بعضِ حديثه. وقال أبو حاتم في ضرار:«صدوق صاحب قرآن وفرائض، يُكتبَ حديثه ولا يحتج به، روى حديثًا عن معتمر عن أبيه عن الحسن عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضيلة بعض الصحابة ينكره أهل المعرفة بالحديث»
(3)
.
أقول: متنه: «قال لعلي: أنت تبيِّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي» أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج 3 ص 122)، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» . قال الذهبي: «بل هو ــ فيما أعتقده ــ من وضع ضِرار، قال ابن معين: كذاب» .
أقول: لا ذا ولا ذاك، والصواب ما أشار إليه أبو حاتم، فإنه أعرف بضِرار وبالحديث وعلله. فكأنَّ ضِرارًا لُقِّن أو أُدخِلَ عليه الحديث أو وهِمَ. فالذي يظهر أن ضِرارًا صدوق في الأصل، لكنه ليس بعمدة، فلا يُحتج بما رواه عنه من لم يُعرف بالإتقان. ويبقى النظر فيما رواه عنه مثلُ أبي زرعة أو
(1)
رقم (23).
(2)
«جامع الترمذي» : (2/ 198 و 4/ 214)، ونقل عنه في «العلل الكبير» (ص 394) قوله: «وكل رجل لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه
…
».
(3)
«الجرح والتعديل» : (4/ 465 - 466).