الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن الوليد القرشي عن مسلم. وفي «اللسان»
(1)
أن البيهقي أخرجه في «شعب الإيمان»
(2)
من وجهين [عنه]، وقال: إن مسلمًا غير قوي. ولعل ابن حبان إنما أشار بقوله: «ربما أخطأ» إلى هذا الحديث، حَمَله على أن الصواب موقوف، وأخطأ مسلم في رفعه. ومسلم مكثر في التفسير، كما يُعلم من «تفسير ابن جرير» . فإنْ ترجَّحَ خطاؤه في هذا الحديث الواحد لم يضرَّه ذلك إن شاء الله. وابن حبان والخطيب أعرف بالفن ودقائقه من البيهقي.
245 - المسيّب بن واضح:
ذكر الأستاذ (ص 75) رواية محبوب بن موسى عن يوسف بن أسباط «قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ أو أدركته ــ لأخذ بكثير من قولي» .
ثم قال: «وفي الطبعة الهندية والمخطوطة بدار الكتب المصرية زيادة سوق الخبر بسند آخر
…
عن المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط إلى آخره»، ثم قال:«يقول أبو حاتم عن المسيب بن واضح: صدوق يخطئ كثيرًا، فإذا قيل له: لم يقبل اهـ. ومثله يكون مردود الرواية، وقد ضعَّفه الدارقطني وابن الجوزي» .
أقول: ذكر الخطيب في «الكفاية» (ص 143 - 147) ما يتعلق بخطأ الراوي وبعدم رجوعه، فذكروا أنه يُرَدُّ روايةُ من كان الغالب عليه الغلط، ومن يغلط في حديث مجتمع عليه، فيُنْكَر عليه، فلا يرجع. ومعلوم من
(1)
(8/ 56).
(2)
رقم (4851، 4852).
تصرفاتهم ومن مقتضى أدلتهم أن هذا حكم الغلط الفاحش الذي تعظم مفسدته. فلا يدخل ما كان من قبيل اللحن الذي لا يُفسد المعنى، ومن قبيل ما كان يقع من شعبة من الخطأ في الأسماء، وما كان يقع من وكيع وأشباه ذلك.
وكما وقع من مالك، كان يقول في عمرو بن عثمان:«عمر بن عثمان» ، وفي معاوية بن الحكم:«عمر بن الحكم» ، وفي أبي عبد الله الصُّنابحي:«عبد الله الصنابحي» . وقد جاء عن معن بن [1/ 478] عيسى أنه ذكر ذلك لمالك، فقال مالك:«هكذا حفظنا، وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطئ، ومن يسلم من الخطأ؟ » . فلم يرجع مالك مع اعترافه باحتمال الخطأ.
فكلمة أبي حاتم في المسيّب لا تدل على أنه كان الغالب عليه، ولا أن خطأه كان فاحشًا، ولا أنه بُيِّن له في حديث اتفاق أهل العلم على تخطئته فلم يرجع. وقد قال أبو عَروبة في المسيّب:«كان لا يحدِّث إلا بشيء يعرفه يقف عليه» . وهذا يُشعر بأن غالب ما وقع منه من الخطأ ليس منه بل ممن فوقه، فكان يثبت على ما سمع قائلًا في نفسه: إنْ كان خطأ فهو ممن فوقي، لا منِّي.
وفي «الميزان»
(1)
و «اللسان»
(2)
عن ابن عدي
(3)
أنه ساق الأحاديث التي تُنتقد على المسيب ثم قال: «أرجو أن باقي حديثه مستقيم، وهو ممن
(1)
(5/ 241).
(2)
(8/ 69).
(3)
«الكامل» : (6/ 387 - 389).
يُكتب حديثه». وذكر في «الميزان» أربعة أحاديث، إما أن تكون هي جميع ما ذكره ابن عدي
(1)
، وإما أن يكون الذهبي رأى الأمر فيما عداها محتملًا.
الأول: رواه المسيب عن يوسف بن أسباط، ويوسف ربما أخطأ في الأسانيد.
الثاني: حديث رواه ابن عدي
(2)
عن الحسين بن إبراهيم السكوني ــ لم أقف على ترجمته ــ عن المسيّب بسنده عن ابن عمر مرفوعًا: أنه كره شمَّ الطعام، وقال: إنما تشمُّ السباع. وقد روى الطبراني في «الكبير»
(3)
والبيهقي في «الشعب»
(4)
كما في «الجامع الصغير» ــ من حديث أم سلمة مرفوعًا: «لا تشموا الطعام كما تشمّه السباع» . فليُنظرْ في سنده، ويقارَنْ بسند حديث المسيب لعله يتبين وجه الغلط.
[1/ 479] والثالث: ليس بالمنكر أراه، فإن كان فيه خطأٌ فيحتمل أن يكون من فوق. والله أعلم.
والرابع: قالوا: صوابه موقوف. وعلى هذا، فإنما أخطأ في رفعه.
وزاد في «اللسان» خامسًا: وهو من رواية المسيب عن يوسف بن
(1)
ذكر له ابن عدي عشرة أحاديث مما أنكر عليه.
(2)
في «الكامل» الموضع السالف، وأخرجه أبو أحمد الحاكم في الجزء العاشر من فوائده (16) من طريق الحسين السكوني أيضًا.
(3)
(23/ 285). قال الهيثمي: «وفيه عبّاد بن كثير الثقفي، وكان كذّابًا متعبّدًا» .
(4)
(5605).
أسباط. وقال ابن عدي: «كان النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: الناس يؤذوننا فيه» . وذكره ابن حبان في «الثقات»
(1)
وقال: «وكان يخطئ» . وقال الدارقطني: «فيه ضعف» . وسئل عَبْدان عن عبد الوهاب بن الضحاك والمسيب، فقال:«كلاهما سواء»
(2)
وهذا إسراف، عبد الوهاب كذاب، والمسيب صدوق، حدُّه أن لا يُحتج بما ينفرد به، والحكاية التي تكلَّم فيه الأستاذ من أجلها قد توبع عليها، وليست من مظان الغلط. والله أعلم.
وللمسيب رواية في ترجمة أبي يوسف وقع فيها: أن رجلًا قال لابن المبارك: «مات أبو يوسف» ، فقال ابن المبارك: «مسكين
…
».
قال الأستاذ (ص 187): «ابن المبارك مات قبل أبي يوسف بسنة كاملة اتفاقًا
…
هكذا يفضح الله البهاتين».
أقول: كثيرًا ما يشاع موت الرجل خطأ، وقد كان ابن المبارك شديدًا على أبي يوسف لولايته القضاء، ومجالسته الخلفاء. وقد غضب ابن المبارك على إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيّة لولايته شيئًا خفيفًا، وقال فيه تلك الأبيات السائرة. وإذا كان أبو حنيفة يفتي بالخروج على المنصور العباسي ويرى أنه أفضل من الرباط في قتال الروم، كما تقدم في ترجمة إبراهيم بن محمد [1/ 480] أبي إسحاق الفزاري
(3)
، فليت شعري ماذا كان يقول في أبي يوسف لو أدرك ولايته القضاء ومجالسته الرشيد؟
(1)
(9/ 204).
(2)
انظر «اللسان» : (8/ 69).
(3)
رقم (8).