الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسؤول عنه: «هو زانٍ» لم يكن قذفًا محرمًا، وإنما هو شهادة وجب عليه أداؤها فأدَّاها. فتدبَّرْ ما تقدَّم، ثم انظُرْ هل هناك كلمة يؤدي بها صالحٌ ما وجب عليه أعفُّ وأطهَرُ من قوله:«يتهم بداء سوء» ؟
وقد حكى الحنفيّةُ أنفسُهم عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة كلمةً شنيعة قالها وليس في صدد جرح، بل في صدد مدح نفسه، وذمِّ مَنْ كان ينازعه في ولاية القضاء
(1)
. وسبق في ترجمة الخطيب كلماتُ الكوثري في حقِّه. فالأستاذ يستحلُّ لنفسه ولأصحابه ما لا يكاد يحِلُّ لمن رُفِعَ عنه القلم، ويحاول التشنيع على هذا الحافظ المجمَع على ثقته وأمانته بكلمةٍ، هي أعفُّ وأطهرُ ما يمكنه أن يؤدِّي بها ما أوجب الله تعالى عليه؛ ثم يضِجُّ [1/ 277] ويعِجُّ من مخالفيه إذا نسبوه إلى تعمُّد المغالطة. وسيأتي شيء من حال اللؤلؤي في الرواية في ترجمة محمد بن سعد العوفي
(2)
.
111 - الصقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَل:
في «تاريخ بغداد» (13/ 332) «أخبرني البَرْقاني، أخبرنا محمد بن العباس الخزاز، حدثنا عمر بن سعد، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثني أبو مالك بن أبي بَهْز البجَلي، عن عبد الله بن صالح عن أبي يوسف
…
».
قال الأستاذ (ص 29): «أبو مالك هو محمد بن الصقر بن عبد الرحمن ابن بنت مالك بن مِغْوَل المعروف بابن مالك بن مِغْول، فالصقر وعبد الرحمن من
(1)
يقصد قوله لما ولي قضاء البصرة بعد يحيى بن أكثم ثم صُرِف فقيل له: عففتَ عن أموالنا. فقال: وعن أبنائكم! يُعرِّض بيحيى. انظر «لسان الميزان» : (2/ 114).
(2)
رقم (206).
الكذابين المعروفين
…
».
أقول: الصقر وعبد الرحمن لا شأن لهما بهذه الحكاية، ولا تزر وازرة وزر أخرى. والصقر ذكره أبو حاتم فقال:«صدوق»
(1)
، وذكره ابن حبان في «الثقات»
(2)
في موضعين سمَّاه في الأول «سقر» وقال: «يخطئ ويخالف» ، وسماه في الثاني «صقر» وقال: «في قلبي من حديثه ما حدثنا أبو يعلى ثنا الصقر
…
» فذكر حديثًا قد أنكره غيرُه على الصقر حتى رماه بعضهم لأجله بالكذب ووضع الحديث. وذاك الحديث رواه الصقر عن عبد الله بن إدريس أحد الثقات الأثبات عن المختار بن فُلْفُل. قال ابن حجر في «لسان الميزان»
(3)
: «لم ينفرد الصقر بهذا، فقد رواه إبراهيم بن زياد السكوني عن بكر بن المختار بن فُلْفُل عن أبيه، وتقدم في ترجمة بكر. ورواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» عن عبد الأعلى بن أبي المساور عن المختار بن فُلْفُل، مثله، لكن ابن أبي المساور واهٍ، فالظاهر أن الصقر سمعه من عبد الأعلى أو بكر، فجعله عن عبد الله بن إدريس ليرُوْج له، أو سها».
أقول: قد بان بصنيع أبي حاتم الرازي وأبي حاتم ابن حبان أنه لم يُنْكَر على الصقر إلا هذا الحديث، وأن بقية أحاديثه مستقيمة، فالحَمْل على السهو والغلط هو الأقرب. وكم من رجل وثَّقوه، وقد وقع له ما يشبه هذا. فأما عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَل، فتالف. والله أعلم.
(1)
(4/ 452).
(2)
(8/ 305 و 322).
(3)
(4/ 323).