الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإملاء بنيسابور سنة 336، وهو أسود الرأس واللحية، وزُكِّيَ في تلك السنة. وكنا نعدُّ في مجلسه أربعة عشر محدِّثًا، منهم أبو العباس الأصم، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو عبد الله الصفار، ومحمد بن صالح، وأقرانهم».
وكثرة الغرائب إنما تضر الراوي في أحد حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرةً عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.
الثانية: أن يكون مع كثرة غرائبه غير معروف بكثرة الطلب.
ففي الحال الأولى: تكون تَبِعة النكارة على الراوي نفسه، لظهور براءة من فوقه عنها. وفي الحال الثانية: يقال: من أين له هذه الغرائب الكثيرة مع قلة طلبه؟ فيتهم بسرقة الحديث كما [1/ 99] قال ابن نُمير في أبي هشام الرفاعي: «كان أضعفنا طلبًا، وأكثرنا غرائب»
(1)
. وحُفَّاظ نيسابور كانوا يعرفون صاحبهم بكثرة الطلب والحرص عليه وطول الرحلة وكثرة الحديث، ولازِمُ ذلك كثرةُ الغرائب. وعرفوه مع ذلك بالأمانة والفضل والثَّبْت، فلم يشكُّوا فيه، وهم أعرف به. ولذلك رجع البَرْقاني إلى قولهم.
10 - إبراهيم بن يعقوب أبو إسحاق الجُوزَجاني
.
قال الأستاذ (ص 115): «في كتاب «الجرح والتعديل» : أخبرنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ــ فيما كتب إليَّ ــ عن أبي عبد الرحمن المقري قال: كان أبو حنيفة يحدّثنا، فإذا فرغ من الحديث قال: هذا الذي سمعتم كله ريح وأباطيل. ثم قال: أخبرنا
(1)
انظر «الجرح والتعديل» : (8/ 129).
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ــ فيما كتب إليَّ ــ حدثني إسحاق بن راهويه قال: سمعت جريرًا يقول: قال محمد بن جابر اليمامي: سرق أبو حنيفة كتب حماد مني».
أقول: أما الحكاية الأولى، فقد عُرف عن أبي حنيفة أنه يترك العمل بكثير من الأحاديث، كما يأتي في قسم الفقهيات إن شاء الله تعالى
(1)
. والحنفية ــ ومنهم الأستاذ ــ يعتذرون عن ذلك بما هو معروف. وأما تركه العمل بكثير من الآثار عن الصحابة والتابعين فواضح، فأيُّ مانع أن يحدِّث بأشياء من ذلك، ثم يقول تلك الكلمة؟ وأما الحكاية الثانية فيأتي النظر فيها في ترجمة محمد بن جابر إن شاء الله تعالى
(2)
.
وأما الجوزجاني فحافظ كبير متقن عارف، وثَّقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي» وقائل تلك الكلمات في معاوية، ووثقه آخرون. فأما ميل الجوزجاني إلى النَّصْب، فقال ابن حبان في «الثقات»
(3)
: «كان حَرِيزيّ المذهب ولم يكن بداعية، وكان صلبًا في السنة
…
إلا أنه [1/ 100] من صلابته ربما كان يتعدَّى طورَه». وقال ابن عدي: «كان شديد الميل إلى
(1)
(2/ 6، 30، 62، 77، 92، 102، 104، 147، 276).
(2)
رقم (196).
(3)
(8/ 81).
مذهب أهل دمشق في الميل على عليّ»
(1)
. وليس في هذا ما يبيِّن درجته في الميل.
فأما قصة الفروجة فقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب»
(2)
: «قال السلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: لكن فيه انحراف عن علي، اجتمع على بابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له فروجةً
…
». فالسلمي هو محمد بن الحسين النيسابوري. ترجمته في «لسان الميزان» (ج 5 ص 140)
(3)
، تكلموا فيه حتى رموه بوضع الحديث. والدارقطني إنما ولد بعد وفاة الجوزجاني ببضع وأربعين سنة، وإنما سمع الحكاية على ما في «معجم البلدان» (جوزجانان)
(4)
من عبد الله بن أحمد بن عَدَبَّس. ولابن عدبَّس ترجمة في «تاريخ بغداد» (ج 9 ص 384) و «تهذيب تاريخ ابن عساكر» (ج 7 ص 288)
(5)
ليس فيهما ما يبيِّن حاله، فهو مجهول الحال، فلا تقوم بخبره حجة. وفوق ذلك فتلك الكلمة ليست بالصريحة في البغض، فقد يقولها من يرى أن فعل عليّ عليه السلام كان خلاف الأولى، أو أنه اجتهد فأخطأ.
وفي «تهذيب التهذيب» (ج 10 ص 391) عن ميمون بن مهران قال: «كنت أفضِّل عليًّا على عثمان، فقال عمر بن عبد العزيز: أيهما أحبّ إليك:
(1)
«الكامل» : (1/ 310). وفيه: «في التحامل على
…
».
(2)
(1/ 181).
(3)
(7/ 92).
(4)
(2/ 183).
(5)
وانظر أصله: (27/ 61).