الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحمله على الوهم والتساهل في الأخذ، وأما البرقاني وغيره فحطُّوا عليه، وتبعهم الخطيب. وإنما روى عنه هنا لأنه لم ينفرد بمعنى ما روى، وكان الأولى به ترك الرواية عنه. والله المستعان.
202 - [1/ 439] محمد بن الحسين بن حُميد بن الرّبيع:
ساق الخطيب في «التاريخ» (13/ 403 [426 - 428]) عدة روايات جيدة في تشديد ابن المبارك في شأن كتاب أطلق عليه «كتاب الحيل لأبي حنيفة» ، وروايته عن النضر بن شُميل ليس فيها ذكر أبي حنيفة. وأشار الأستاذ إلى ما ذكره الذهبي في جزء «مناقب أبي حنيفة وصاحبيه
(1)
»، ولفظ الذهبي في ذاك الجزء (ص 52 - 53): «الطحاوي: سمعت محمد بن أبي عمران
(2)
يقول: قال محمد بن سماعة: سمعت محمد بن الحسن يقول: هذا الكتاب ــ يعني كتاب «الحيل» ــ ليس من كتبنا، إنما ألقي فيها. قال ابن أبي عمران: إنما وضعه إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة».
وقال الأستاذ (ص 122) في الحاشية: «قال أبو سليمان الجوزجاني: من قال إن محمدًا رحمه الله صنف كتابًا سماه: «الحيل» فلا تصدِّقه، وما في أيدي الناس إنما جمعه ورَّاقو بغداد كما في «مبسوط السرخسي»
…
».
وفي «فتح الباري»
(3)
ذِكْر لكتاب «الحيل» لأبي يوسف، وأطال
(1)
في (ط): «وصاحبه» خطأ.
(2)
كذا في (ط). والصواب: «أحمد بن أبي عمران» . وجاء على الصواب في «تاريخ الذهبي» : (4/ 954)، وفي «مناقب أبي حنيفة» (ص 85) الطبعة المحققة.
(3)
(12/ 326)، وذكر في (12/ 331) أن لمحمد بن الحسن كتابًا في ذلك، وقال في الموضع الأول: «لكن المعروف عنه وعن كثير من أئمتهم تقييد أعمالها بقصد الحق
…
» ونقل ما يؤيد ذلك من كلامهم.
الأستاذ في دفع نسبة ذاك الكتاب إلى أبي حنيفة أو أصحابه.
والذي تضافرت عليه الروايات الجيّدة أنه كان في عصر ابن المبارك فما بعده كتاب يسمى «كتاب الحيل لأبي حنيفة» أو «كتاب حيل أبي حنيفة» ، وهناك قرائن تدفع أن يكون من تصنيف أبي حنيفة نفسه؛ وهذه القرائن لا تدفع التسمية، فقد يكون مصنفه نسبه إليه، أو يكون الناس لما رأوه مبنيًّا على قواعد أبي حنيفة أطلقوا عليه هذا الاسم، فأطلق عليه ابن المبارك اسمه المعروف به بين الناس غيرَ قاصدٍ الجزمَ بأنه تصنيف أبي حنيفة نفسه. ولا ريب أنه لا يستنبط الحيل من قواعد أبي حنيفة إلا رجل عارف بتلك القواعد، له يد في الاستنباط. وليس هو بأبي يوسف، ولا بمحمد بن الحسن، وقد مرَّ عن ابن أبي عمران ــ وهو من أجِلَّتهم ــ قولُه:«إنما وضعه إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة» .
والمقصود هنا أنه من المقطوع به وجود ذلك الكتاب، وأنه كان متداولًا بين الناس في تلك الأزمنة، وتضافرت الروايات على أنه كان معروفًا بذاك الاسم.
ثم قال الأستاذ (ص 122): «وقد حاول بعض الكذابين رواية كتاب في الحيل عن أبي حنيفة في زمن متأخر بسند مركَّب، فافتضح، وهو أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن [1/ 440] الربيع الكذاب ابن الكذاب حيث زعم بعد سنة ثلاثمائة أنه كان سمع كتاب «الحيل» سنة 258 بـ (سُرَّ من رأى) من أبي عبد الله محمد بن بشر الرقي عن خلف بن بيان. وقد قال مُطَيَّن: إن محمد بن الحسين هذا
كذاب ابن كذاب، وأقرَّه ابن عقدة، ثم أقرَّ ابن عدي وأبو أحمد الحاكم ابنَ عقدة في ذلك. وقد قوَّى ابن عدي أمر ابن عقدة. وردَّ على الذين تكلموا فيه، بل قال السيوطي في «التعقبات» (ص 57): ابن عقدة من كبار الحفاظ وثقه الناس، وما ضعَّفه إلا عصريّ متعصب اهـ، ثم شيخ محمد بن الحسين مجهول الصفة، بل مجهول العين، وشيخ شيخه مجهول أيضًا بل لا وجود له».
أقول: أما رواية أبي الطيب هذا الكتابَ، فليس فيها ما يريب في صدقه، فقد تحقق أن الكتاب كان موجودًا بأيدي الناس يسمَّى بذاك الاسم، فأيّ ريبة أم أيّ بُعد في أن يجده أبو الطيب عند بعض الورَّاقين فيزعم الورَّاق أنه يرويه بالسماع، فيسمعه منه أبو الطيب. وقد يكون ذاك الورَّاق كذَّابًا زعم ما زعم ليروج له الكتاب، ولم يفتِّش أبو الطيب عن حاله على عادتهم في ذاك العصر من الأخذ عن كل أحد، وترك التحقيق لأهله أو لوقته.
ثم إن صح قول الأستاذ: «بعد سنة ثلاثمائة» ، فليس يلزم من ذلك أن لا يكون أبو الطيب ذكر قبل ذلك أن الكتاب عنده يرويه، وكثيرًا ما يروي الرجل بعد أن يسمع بستين أو سبعين سنة أو أكثر، وقد كان للأستاذ في جهالة شيخ أبي الطيب وشيخ شيخه ما يكفيه في دفع النسبة إلى أبي حنيفة عن محاولةِ الطعن في أبي الطيب الموثَّق كما يأتي، ومحاولةِ الدفاع عن ابن عُقْدة المجروح كما تقدم في ترجمته
(1)
، وهو أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، مع دعوى تقوية ابن عدي له، وفي ذلك ما فيه.
فأما ما نُسِب إلى مُطَيَّن، فدونك شرحه: زعم ابن عقدة أنه كان عند
(1)
رقم (33).
مُطيَّن، فمرَّ أبو الطيب، فقال مطين: هذا كذاب ابن كذاب، وفي بعض المواضع زيادة (ابن كذاب) أخرى، فحكى ابن عدي عن ابن عقدة هذا، وقوَّاه بالنسبة إلى حسين بن حميد والد أبي الطيب كما تقدم في ترجمته مع النظر فيه
(1)
. فأما أبو أحمد الحاكم فإنما قال في أبي الطيب: «كان ابن عقدة سيئ الرأي فيه» ، وهذا يُشعر بأنه لم يعتمد على رواية ابن عقدة عن مطيَّن وإلا لقال:«كان مطيَّن سيئ الرأي فيه» ، وابن عقدة [1/ 441] ليس بعمدة كما تقدم في ترجمته
(2)
.
وقد تعقب الخطيب حكايته هذه في «التاريخ» (ج 2 ص 237) وقال: «في الجرح بما يحكيه أبو العباس بن سعيد [ابن عقدة] نظر. حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة السهمي يقول: سألت أبا بكر بن عبدان عن ابنِ عقدة: إذا حكى حكايةً عن غيره من الشيوخ في الجرح فهل يُقبل قوله أم لا؟ قال: لا يُقبل» . وهذه الرواية مأخوذة عن كتاب معروف لحمزة
(3)
.
ثم روى الخطيب عن أبي يعلى الطوسي توثيق أبي الطيب قال: «كان ثقة صاحب مذهب حسن، وأمْرٍ بالمعروف ونَهْي عن المنكر، وكان ممن يُطلب للشهادة فيأبى» .
وقال ابن الجوزي في «المنتظم» (ج 6 ص 235): «كان ثقة يفهم، وقد