الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
122 - عبد الله بن سعيد:
في «تاريخ بغداد» (13/ 380 [387 - 388]) من طريق أبي بكر الشافعي: «حدثني عمر بن الهيصم
(1)
البزَّاز، أخبرنا عبد الله بن سعيد بقصر ابن هبيرة، حدَّثني أبي، أنَّ أباه أخبره: أن ابن أبي ليلى كان يتمثّل
…
».
قال الأستاذ (ص 60): «إن كان أبا عباد المقبري
…
وإن كان أبا سعيد الأشج .. وإن كان غيرهما= يكون مجهولًا هو وأبوه وجدُّه».
أقول: ما هو بأحدهما. والله أعلم.
123 - عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني
.
في [1/ 298]«تاريخ بغداد» (13/ 383 [394]) عنه أنه قال لأصحابه: «ما تقولون في مسألة
…
».
أقول: أما كلام أبيه، فقال ابن عدي
(2)
ــ على ما في «الميزان»
(1)
(ط): «الهيثم» وفي «التاريخ» بطبعتيه: «الهيصم» .
(2)
«الكامل» : (4/ 265).
و «لسانه»
(1)
ــ: «حدثنا عليُّ بن عبد الله الداهري، سمعت أحمد بن محمد بن عمر (وفي «تذكرة الحفاظ»
(2)
: محمد بن أحمد بن عمرو) بن كُرْكُرة، سمعتُ علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب. قال ابن صاعد: كفانا ما قال أبوه فيه».
الداهري وابن كُرْكُرة لم أجد لهما ذكرًا في غير هذا الموضع. وقول ابن صاعد: «ما قال أبوه فيه» إن أراد هذه الكلمة، فإن كانت بلغَتْه بهذا السند، فلا نعلمه ثابتًا. وإن كان له مستند آخر، فما هو؟ وإن أراد كلمة أخرى، فما هي؟ وقد ارتاب الذهبي في الحكاية، فقال في «تذكرة الحفاظ» (ج 2 ص 302) بعد ذكر الحكاية بسندها:«وأما قول أبيه فيه، فالظاهر أنه ــ إن صح عنه ــ فقد عنى أنه كذاب في كلامه، لا في الحديث النبوي. وكأنه قال هذا وعبد الله شابٌّ طري، ثم كبِر وساد» . وقال ابن عدي
(3)
ــ مع حَشْره كلَّ ما قيل في عبد الله ــ قال كما في «الميزان» : «ولولا ما شرطنا (يعني: مِنْ ذكرِ كلِّ من تُكلِّم فيه، وإن كان الكلام غير قادح)[1/ 299] لَما ذكرتُه
…
وهو معروف بالطلب. وعامةُ ما كتَبَ مع أبيه هو مقبول عند أصحاب الحديث. وأما كلام أبيه، فما أدري أيشٍ تبيَّن منه؟ ».
أقول: لم تثبت الكلمة. وقال ابن عدي: «سمعتُ عبدان يقول: سمعت
(1)
«الميزان» : (3/ 147)، و «اللسان»:(4/ 491).
(2)
(2/ 772). وفي «الكامل» : «أحمد بن محمد بن عَمرو بن عيسى كركرة [ط: كركر]
…
» وهو كذلك في «تاريخ دمشق» : (29/ 86) بإسناده إلى ابن عدي.
(3)
(4/ 266).
أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء». كان أبو داود على طريقة كبار الأئمة من التباعد عن ولاية القضاء، فلما طلبه ابنه كره ذلك. ومن الجائز ــ إن صحَّ أنه قال:«كذاب» ــ أن يكون إنما أراد الكذب في دعوى التأهل للقضاء والقيام بحقوقه. ومن عادة الأب الشفيق إذا رأى من ابنه تقصيرًا أن يبالغ في تقريعه. وقد قال الأستاذ (ص 163): «الإخبار بخلاف الواقع هو الكذب، والكذبُ بهذا المعنى يشمل الغالط والواهم
…
فلا يُعتدُّ بقول من يقول: فلان يكذب، ما لم يفسِّر وجهَ كذبه».
وأما ابن صاعد وابن جرير، فلم أجد لهما كلامًا غير قول الأول:«كفانا ما قال أبوه فيه» وقد تقدم، وقولِ الثاني لما قيل له: إن ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي بن أبي طالب: «تكبيرة من حارس» ، وهذا ليس بجرح، إنما مقصوده أنه كما أن الحارس قد يقول رافعًا صوته: الله أكبر، لا ينوي ذكر الله عز وجل، وإنما يقصد أن يسمع السُّرَّاق صوتَه فيعرفوا أنه موجود يقظان، فلا يُقدِموا على السرقة، فكذلك قد يكون ابن أبي داود يروي فضائل علي ليدفع عن نفسه ما رماه بعض الناس من النَّصْب، وهو بغض علي رضي الله عنه. وقد قال الذهبي في «التذكرة»
(1)
أقول: وقد قدَّمتُ تحقيق هذا البحث في القواعد
(2)
.
(1)
(2/ 772).
(2)
(ص 87 فما بعدها).
وأما ابن الأصبهاني، فقال ابن عدي:«سمعت موسى بن القاسم الأشيَب يقول: حدثني أبو بكر، سمعتُ إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب» . أبو بكر شيخ الأشْيَب يحتمل أن يكون هو ابن أبي الدنيا، لأنه ممن يروي عن إبراهيم، وممن يروي عنه الأشيب. ويحتمل أن يكون غيره، لأن أصحاب هذه الكنية في ذاك العصر ببغداد كثيرون، ولم يشتهر ابن أبي الدنيا بهذه الكنية بحيث إذا ذُكِرتْ وحدها في تلك الطبقة ظهر أنه المراد. [1/ 300] فعلى هذا لا يتبيَّن ثبوتُ هذه الكلمة عن ابن الأصبهاني.
وابن أبي داود إن كان سِنُّه عند وفاة الأصبهاني سنة 266 فوق الثلاثين، فلم يكن قد تصدَّى للرواية في زمانه. قال الخطيب
(1)
بلى كان يذاكر، وربما يتعرَّض لأكابر الحفاظ يذاكرهم، فيتفق أن يكون عنده حديثٌ ليس عندهم، فتُعجبُه نفسُه، ويتكلم بما يُعَدُّ جرأةً منه وسوءَ أدب، فيُغضبهم، كما فعل مع أبي زرعة. قال: «قلت لأبي زرعة: «أَلْقِ عليَّ حديثًا غريبًا من حديث مالك. فألقى عليَّ حديثَ وهب بن كيسان عن
(1)
في «تاريخه» : (9/ 465).
أسماء: لا تُحصي فيُحْصَى عليك. رواه لي عن عبد الرحمن بن شيبة وهو ضعيف. فقلت له: يجب أن تكتبه عني، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن نافع، عن مالك. فغضب، وشكاني إلى أبي، وقال: انظر إلى ما يقول لي أبو بكر». هكذا في «تهذيب تاريخ ابن عساكر»
(1)
وغيره. فلعله كان يتعرَّض بمثل هذا لابن الأصبهاني، فاتفق أن وهِمَ ولَجَّ، فقال ابن الأصبهاني ما قال، إن صحَّت الحكاية عنه.
فأما بعد أن تصدَّى للحديث، فإن الناس أكثروا السماع منه، وكان كثير من الحفاظ يُعادُونه ويتعطَّشون إلى أن يقفوا له على زلَّةٍ في الرواية، فلم يظفروا بشيء، ولم ينكر أحد عليه حديثًا واحدًا. وكانوا كلما استغربوا شيئًا من حديثه أبرَزَ أصلَه بسماعه من أبيه. وهو القائل:
إذا تَشاجَرَ أهلُ العلم في خبرٍ
…
فَلْيطلبِ البعضُ من بعضٍ أصولَهُمُ
إخراجُك الأصلَ فعلُ الصادقين فإن
…
لم تُخرِج الأصلَ لم تسلُكْ سبيلَهُمُ
فاصدَعْ بعلم ولا تَرْدُدْ نصيحتَهم
…
وأظهِرْ أصولَكَ إن الفرعَ مُتَّهَمُ
(2)
وأما النَّصْب، فقال ابن عدي
(3)
ــ على ما في «تذكرة الحفاظ»
(4)
ــ:
(1)
انظر أصله: (29/ 78).
(2)
كذا «وأظهر أصولك» في تاريخ بغداد (9/ 466) وتاريخ دمشق (29/ 85). ويصح إذا قلنا إن الواو من الخزم. لكن يبدو أن الصواب: «وأَظِهْرِ الأصلَ» وهو أقعد في السياق (الأصل
…
الفرع).
(3)
(4/ 366).
(4)
(2/ 771).
«نُسِبَ في الابتداء إلى شيء من النصب، ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط. ثم ردَّه عليُّ بن عيسى، فحدَّث، وأظهر فضائل علي. ثم تحنبَلَ، فصار شيخًا منهم. وهو مقبول عند أصحاب الحديث» . ولم يتحقق مَنْ الذي نسبه [1/ 301] إلى النصب؟ وما حجته في ذلك؟ وكان الرجل شكِسَ الأخلاق تيَّاهًا، وله أعداء. فإن كان شيء، فقد تاب وأناب. قال أحمد بن يوسف الأزرق:«سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة يقول: كلُّ مَن بيني وبينه شيء ــ أو قال: كلُّ مَنْ ذَكَرني بشيء ــ فهو في حِلٍّ، إلا مَن رماني ببغض علي بن أبي طالب» .
وأما أُخْلوقةُ التسلُّق، فقال ابن عدي:«سمعت محمد بن الضحَّاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهَدُ على محمد بن يحيى بن منده بين يدي الله [أنه] قال: أشهَدُ على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: حفيتْ أظافرُ فلان من كثرة ما كان يتسلَّق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» .
محمد بن الضحاك هذا له ترجمة في «تاريخ بغداد» (ج 5 ص 376) لم يذكر فيه توثيقًا ولا جرحًا. وابن منده هو أحد الذين شهدوا بأصبهان فجُرِحوا
(1)
. وقد ذكر الحافظان الأصبهانيان الجليلان أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حَيّان وأبو نعيم في كتابيهما في «تاريخ علماء أصبهان والواردين عليها»
(2)
أبا بكر بن أبي داود، وأثنيا عليه، ولم
(1)
انظر ما سلف من كلام الكوثري في أول الترجمة.
(2)
«طبقات المحدثين بأصبهان» : (3/ 533 - 536)، و «تاريخ أصبهان»:(2/ 26 - 27).
يتعرضا في ترجمته للقصة، لكن ذكراها في ترجمة محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص، فقال أبو الشيخ
(1)
: «كان ورد أصبهان أبو بكر بن أبي داود السجستاني، وكان من العلماء الكبار. فكان يجتمع معه حفاظ أهل البلد وعلماؤهم، فجرى منهم يومًا ذكرُ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال ابن أبي داود: إن الناصبة يروون عليه أن أظفاره حَفِيت من كثرة تسلُّقه على أم سلمة. فنسبوا الحكاية إليه، وألغَوا ذكر الناصبة، وألَّبوا عليه جعفر بن شريك وأولاده
…
».
وساق أبو نعيم
(2)
القصة بأتمَّ من ذلك قال: «محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهَمَذاني
…
وهو الذي عمِلَ وسعَى في خلاص عبد الله بن أبي داود لمَّا أمر أبو ليلى الحارث بن عبد العزيز بضرب عنقه لمّا تقوَّلوا عليه. وكان رحمه الله احتسب في أمر عبد الله بن أبي داود السجستاني لمّا امتُحِن، وتشمَّر في استنقاذه من القتل. وذلك أن أبا بكر بن أبي داود قدم أصبهان، وكان من المتبحِّرين في العلم والحفظ والذكاء والفهم، فحسَده جماعةٌ من الناس، وأجرى يومًا في مذاكرته ما قالت الناصبةُ في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فإنَّ الخوارج والنواصب نسبوه إلى أنَّ أظافيره قد حَفِيت من كثرة تسلُّقِه على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ونسبوا الحكاية إليه، وتقوَّلوا عليه، [1/ 302] وحرَّضوا عليه جعفرَ بن محمد بن شريك، وأقاموا بعضَ العلوية خصمًا له. فأُحضِرَ مجلسَ أبي ليلى
(1)
«طبقات المحدثين» : (3/ 302 - 306).
(2)
«تاريخ أصبهان» : (2/ 181 - 182).
الحارث بن عبد العزيز، وأقاموا عليه الشهادةَ ــ فيما ذُكِر ــ محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن العباس الأخرم؛ فأمر الوالي أبو ليلى بضرب عنقه. واتصل الخبر بمحمد بن عبد الله بن الحسن، فحضر الواليَ أبا ليلى، وجرَحَ الشهودَ. فنسب محمدَ بن يحيى إلى العقوق وأنه كان عاقًّا لوالده، ونسب ابنَ الجارود إلى أنه مُرْبي يأكل الربا ويؤكِّل الناس، ونسب الأخرمَ إلى أنه مفتري
(1)
غيرُ صدوق. وأخذ بيد عبد الله بن أبي داود، فأخرجه وخلَّصه من القتل. فكان عبد الله بن أبي داود يدعو لمحمد بن عبد الله طول حياته، ويدعو على الذين شهدوا عليه. فاستجيب له فيهم، وأصابت كلَّ واحد منهم دعوتُه. فمنهم من احترق
(2)
، ومنهم من خلَّط وفقَد عقلَه».
فهذان حافظان جليلان من أهل البلد الذي جرت القضية فيه، وهما أعرف بالقصة والشهود. وبعد أن قضى الحاكم ببراءة ابن أبي داود، فلم يبق وجهٌ للطعن فيه بما برَّأه منه الحكم.
وقد شهد ثلاثة خيرٌ من هؤلاء على المغيرة بن شعبة، وتلكَّأ الرابعُ، فحدَّ الصحابةُ الشهودَ ونجا المغيرةُ
(3)
. ثم اتفق أهل السنة على أنه ليس
(1)
كذا في (ط) و «تاريخ دمشق» : (29/ 88)، و «تاريخ الإسلام»:(7/ 305) للذهبي، وفي مطبوعة «تاريخ أصبهان»:«مقرئ» .
(2)
(ط): «احترف (! )» وهو تحريف كما نبَّه عليه المؤلف بعلامة التعجب، والمثبت من المصادر السالفة.
(3)
قد ثبتت هذه القصة من طرق ذكرتُ أكثرها في «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» (ج 8 ص 28 رقم 2361) طبع المكتب الإسلامي. [ن].