الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا إلزام على المتبرع لعدم أهلية اللزوم وحق الوارث متأخر عن الوصية، فلم يملكها. فإن قبضه الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب جاز استحسانا. وإن قبض بعد الافتراق لم يجز إلا أن يأذن له الواهب في القبض، والقياس أن لا يجوز في الوجهين، وهو قول الشافعي رحمه الله لأن القبض، تصرف في ملك الواهب إذ ملكه قبل القبض باق فلا يصح بدون إذنه.
ــ
[البناية]
الوصية والوقف في عدم اشتراط القبض، أجاب عن ذلك بقوله بخلاف الوصية أراد أن بين الهبة والوصية فرقا، وهو أن الملك لا يثبت في الوصية إلا بعد الموت، وحينئذ لا يتصور الإلزام على المتبرع لعدم أهلية اللزوم، وهو معنى قوله م:(ولا إلزام على المتبرع لعدم أهلية اللزوم) ش: يعني بالموت.
وكذلك القياس على الوقف غير صحيح؛ لأنه إخراج ملك إلى الله تعالى والتصدق بمنفعته، وفيه لا يشترط القبض م:(وحق الوارث متأخر) ش: جواب عما يقال الوارث يخلف الموصي في ملكة فوجب أن يتوقف ملك الموصى له على تسليم الوارث إليه، وتقريره أن حق الوارث متأخر م:(عن الوصية فلم يملكها) ش: أي الوصية، يعني لما يكن الوارث خليفة له فيها ليقام مقام الميت، فلا معتبر لتسليمه؛ لأنه لم يملكها ولا قام مقام المالك فيها.
م: (فإن قبضها الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب جاز استحسانا) ش: هذا لفظ القدوري رحمه الله في مختصره، يعني إن قبض الهبة الموهوب له في مجلس العقد بغير إذن الواهب جاز، وصحت الهبة استحسانا. وقال الكرخي رحمه الله في مختصره: فإن أذن له في القبض فقبض الهبة بحضرته أو بغير حضرته جاز القبض، وإن وهب له دينا على رجل وأذن له أن يقبضه من الذي هو عليه جاز إذا قبض ذلك استحسانا أيضا وإن لم يأذن له في قبض الدين لم تجز الهبة وإن قبضه الموهوب له وإن كان ذلك بحضرة الواهب لأن المالك الذي يقبض عن الدين ملك الذي عليه الدين حتى يقبضه صاحب الدين، أو يجعل قبضه إلى غيره فيقبضه الغير.
[اشتراط القبض لانعقاد الهبة]
م: (وإن قبض بعد الافتراق لم يجز إلا أن يأذن له الواهب في القبض، والقياس أن لا يجوز في الوجهين) ش: أي فيما إذا قبض في المجلس بإذن الواهب، وفيما إذا قبض بعد الافتراق بدون إذنه.
وبالقياس م: (وهو قول الشافعي رحمه الله: لأن القبض تصرف في ملك الواهب إذ ملكه قبل القبض باق) ش: بالاتفاق، بدليل صحة تصرفه من البيع والإعتاق م:(فلا يصح بدون إذنه) ش: لأن التصرف في ملك الغير بغير الإذن غير صحيح.
ولنا أن القبض بمنزلة القبول في الهبة من حيث إنه يتوقف عليه ثبوت حكمه وهو الملك، والمقصود منه إثبات الملك فيكون الإيجاب منه تسليطا له على القبض، بخلاف ما إذا قبض بعد الافتراق؛ لأنا إنما أثبتنا التسليط فيه إلحاقا له بالقبول، والقبول يتقيد بالمجلس، فكذا ما يلحق به. بخلاف ما إذا نهاه عن القبض في المجلس؛ لأن الدلالة لا تعمل في مقابلة الصريح.
ــ
[البناية]
م: (ولنا) ش: أراد به وجه الاستحسان، قيل ذكر لنا هاهنا غير مناسب؛ لأنه ذكر القياس والاستحسان ولم يذكر قول الخصم في المتن، فلم يكن ذكر لنا مناسبا، بل كان المناسب أن يقول وجه الاستحسان.
قلت: لما كان القياس هو قول الشافعي رحمه الله ووجه الاستحسان قولنا ناسبه أن يقول ولنا، وإن لم يصرح بذكر الشافعي رضي الله عنه م:(أن القبض بمنزلة القبول في الهبة) ش: أي القبض في الهبة بمنزلة القبول في البيع، وقوله في الهبة يتعلق بقوله أن القبض لا بقوله القبول، فافهم، وكون القبض فيها مثل القبول في البيع م:(من حيث إنه يتوقف عليه ثبوت حكمه وهو الملك) ش: أي على القبول، فإذا كان القبض مثل القول لا يثبت حكم الملك إلا بالقبض، كما لا يثبت الملك إلا بالقبول م:(والمقصود منه) ش: أي مقصود الواهب من عند الهبة م: (إثبات الملك) ش: للموهوب له م: (فيكون الإيجاب منه) ش: أي من الواهب م: (تسليطا له على القبض) ش: تحصيلا بمقصوده، فكان أدنى دلالة.
م: (بخلاف ما إذا قبض بعد الافتراق) ش: حيث يشترط فيه الإذن صريحا م: (لأنا) ش: وفي بعض النسخ لأنه، أي لأن الشأن:(إنما أثبتنا التسليط فيه إلحاقا له) ش: أي للقبض م: (بالقبول والقبول يتقيد بالمجلس، فكذا ما يلحق به) ش: أي بالقبول وهو القبض.
م: (بخلاف ما إذا نهاه) ش: كان ينبغي أن يقول وبخلاف بواو العطف عطفا على قوله بخلاف ما إذا قبض بعد الافتراق، لأن حكمها واحد، وهذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال يلزم على هذا ما إذا نهى من القبض، فإن التسليط موجود ولم يجوز له القبض، وتقرير الجواب أنه إذا نهاه يعني صريحا م:(عن القبض في المجلس) ش: بأن قال له لا تقبض فإنه لا يصح قبضه في المجلس وبعده م: (لأن الدلالة لا تعمل في مقابلة الصريح) ش: أراد بالدلالة الإذن الحاصل من إيجاب الواهب للقبض، والصريح هو قوله لا تقبض فإن الإذن الذي حصل من الإيجاب دلالة تبطل بوجود صريح النهي؛ لأن الدلالة لا تقابل الصريح وفيه مناقشتان:
الأولى: أن القبض لو كان بمنزلة القبول لما صح الأمر بالقبض بعد المجلس كالبيع. الثانية: أن مقصود البائع من البيع ثبوت الملك للمشتري، ثم إذا تم الإيجاب والقبول والمبيع حاضر لم يجعل إيجاب البائع تسلطا على القبض، حتى لو قبضه المشتري بدون إذنه