الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها، أو ثوبا فلبسه أو عبدا فاستخدمه أو أودعها عند غيره ثم أزال التعدي فردها إلى يده زال الضمان. وقال الشافعي رحمه الله: لا يبرأ عن الضمان؛ لأن عقد الوديعة ارتفع حين صار ضامنا للمنافاة فلا يبرأ إلا بالرد على المالك.
ولنا أن الأمر باق لإطلاقه وارتفاع حكم العقد
ــ
[البناية]
وقال الشافعي رحمه الله في قول مالك رحمه الله: يضمن الكل وكذا لو أنفق البعض ولم يرد شيئًا يضمن الكل، عندهما يضمن ما أنفق، لأن الغرامة بقدر الحيازة فخلطه بالباقي ضمن الجميع، لأنه خلط مال غيره بماله فيكون استهلاكا على الوجه الذي تقدم.
وفي " الذخيرة ": هذا إذا لم يجعل علامة على ماله حين خلطه بمال الوديعة، أما إذا جعل بحيث يتأتى التمييز لا يضمن إلا ما أنفق، وقال الشافعي رحمه الله في قول: لا يضمن إلا ما أنفق في الوجهين وبه قال ابن القاسم المالكي وأحمد - رحمهما الله -. وقال الربيع: يضمن الجميع إذا لم يتميز.
[تعدى المودع في الوديعة ثم أزال التعدي فردها إلى يده]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها أو ثوبًا فلبسه أو عبدًا فاستخدمه أو أودعها عند غيره) ش: أي أودع المودع الوديعة عند غيره م: (ثم أزال التعدي فردها إلى يده زال الضمان) ش: إنما قال: زال لأن الضمان وجب عليه بنفس الركوب، حتى لو هلك في حالة الاستعمال يضمن بلا خلاف.
وفي " التحفة ": وفي المستأجر والمستعير إذا خالفا ثم تركا الخلاف بقي الضمان، وعند بعضهم هذا منزلة المودع.
وفي " خلاصة الفتاوى ": وفي الإجارة والإعارة الأصح أنه لا يبرأ عن الضمان بالعود إلى الوفاق.
م: (وقال الشافعي رحمه الله لا يبرأ عن الضمان لأن عقد الوديعة ارتفع حين صار ضامنًا للمنافاة) ش: بين كونه ضامنا وبين كونه أمينًا، وإذا ثبت كونه ضامنًا انتفى كونه أمينًا وهو موجب العقد فارتفع العقد فلا يعود إلا بسبب جديد ولم يوجد م:(فلا يبرأ إلا بالرد على المالك) ش: فلم يوجد ويضمن، وبه قال مالك رحمه الله في رواية وأحمد رحمه الله وفي رواية ابن القاسم وأشهب يبرأ، كقولنا.
م: (ولنا أن الأمر) ش: أي بالحفظ وهو الإيداع م: (باق لإطلاقه) ش: أي لإطلاق الأمر؛ لأن قوله: احفظ هذا المال، يتناوله جميع الأوقات بعد الخلاف وقبله م:(وارتفاع حكم العقد) ش: جواب عن قول الشافعي رحمه الله لأن عقد الوديعة ارتفع، وحكم العقد هو الحفظ
ضرورة ثبوت نقيضه، فإذا ارتفع عاد حكم العقد، كما إذا استأجره للحفظ شهرا فترك الحفظ في بعضه ثم حفظ في الباقي.
ــ
[البناية]
وارتفاعه على الابتداء، وخبره قوله م:(ضرورة ثبوت) ش: أي لأجل ضرورة ثبوت م: (نقيضه) ش: لأجل ضرورة ثبوت نقيض حكم العقد؛ لأن بطلان الشيء بما ينافيه، والاستعمال ليس بموضوع لإبطال الإيداع ولا ينافيه م:(فإذا ارتفع عاد) ش: أي نقيض م: (حكم العقد) ش: بالعود إلى الوفاق عاد وحكم العقد وهو لزوم الحفظ المأمورية، لأن الارتفاع كان لضرورة ثبوت العقد كما ذكر.
والثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة، وهي تندفع بإثباته ما دامت المخالفة باقية فلا يتعدى إلى ما بعد ارتفاعه، وعورض بأن الأمر باق فيكون مأموراً بدوام الحفظ وما هذا شأنه فالمخالفة فيه رد للأمر من الأصل كالجحود، فلا يبرأ عن الضمان برفع المخالفة كاعتراف بعد الجحود.
والجواب بما ذكرنا أن بطلان الشيء بما ينافيه أو بما هو موضوع لإبطاله، فلا تكون المخالفة رداً له من الأصل وهي ليست بموضوعة لإبطال الإيداع، ولا ينافيه.
ألا ترى أن الأمر بالحفظ مع الاستعمال صحيح ابتداء بأن يقول للغاصب أودعتك وهو مستعمل، بخلاف الجحود، فإنه قول موضوع للرد، ألا ترى أن الجحود في أوامر الشرع ونهيها يكفر به.
والمخالفة بترك صلاة أو صوم مأمور به ليست رداً، ولهذا لا يكفر.
م: (كما إذا استأجره) ش: نظير المسألة الوديعة بالاستئجار أي كما إذا استأجر رجل رجلاً م: (للحفظ شهراً) ش: أي لحفظ متاعه مدة شهر م: (فترك الحفظ في بعضه ثم حفظ في الباقي) ش: فإنه ترك الحفظ في بعض الأوقات ولم يخرج بذلك عن كونه أميناً.
فإن قلت: هذا النظير غير مستقيم، لأن بقاء كونه أميناً باعتبار أن عقد الإجارة عنده لازم فلا يرتد برده، بخلاف ما نحن فيه.
قلت: العقد اللازم في الانتقاض بعدم تسليم المعقود عليه سواء بالاتفاق كالإجارة والعارية والبيع والهبة ينتقض بعدم تسليم المعقود عليه، ثم في الاستئجار ورد العقد على منفعة الحفظ في المدة، والمنفعة تحدث شيئاً فشيئاً فيترك الحفظ في بعض المدة يبطل العقد في ذلك القدر، ويكون باقياً لبقاء العقد عليه، فكذا في الحفظ بغير بدل.
فإن قلت: المستأجر للدابة إلى مكان إذا جاوزه ثم عاد إليه لم يبرأ، وكذا المستعير إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق لم يبرأ.