الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه؛ لأنه احتسبت ماليته عنده فيسعى فيه، كما في الوراثة.
قال: فإن كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة والمدعي موسر فإن شاء رب المال استسعى الغلام في ألف ومائتين وخمسين، وإن شاء أعتق. ووجه ذلك أن الدعوة صحيحة في الظاهر حملا على فراش النكاح لكنه لم ينفذ.
ــ
[البناية]
نصيب رب المال. وبه قال الشافعي رحمه الله في قوله وأحمد ومالك - رحمهما الله - إن كان المضارب معسرا م: (منه) ش: أي من العبد م: (لأنه احتسبت ماليته) ش: أي مالية العبد م: (عنده) ش: أي عند العبد م: (فيسعى فيه) ش: أي فيسعى العبد في نصيب رب المال م: (كما في الوراثة) ش: كأن ورث جماعة عبدا يعتق أحدهم نصيبه فإنه يسعى في نصيب الباقين لاحتباس المالية عنده.
[كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية فوطئها]
م: (قال: فإن كان مع المضارب ألف بالنصف) ش: ذكره تفريعا، وهو من مسائل الجامع الصغير، فلذلك ذكره بالفاء، أي إن كان مع المضارب ألف درهم مناصفة م: فاشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة والمدعي موسر) ش: أي والحال أن المدعي للولد وهو المضارب موسر.
قيد بقوله لنفي الشبهة وهو أن الضمان بسبب دعوة المضارب ضمان إعتاق في حق المولى وضمان الإعتاق يختلف باليسار والإعسار، فينبغي أن يضمن المضارب لرب المال إذا كان موسرا مع ذلك لا يضمن.
وفي " مغني " الحنابلة: إن ظهر ربح في المال يصح دعوة وتصير الجارية أم ولد له ويعتق الولد بالقيمة وإن لم يظهر ربح قبل العلوق فالولد رقيق لأنه علقت منه في غير ملك ولا شبهة ملك، وقال مالك يضمن قيمته يوم الوطء في رواية إن ظهر ربح قبل العلوق.
وقيد بقوله ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة لأنه إذا لم تزد قيمته على ألف فدعوة المضارب باطلة لأنه لا يملك واحدا من الولد والأم لأن كلا منهما مشغول برأس المال وانتفى الحد لاحتمال تعلق حقه به على تقدير ظهور الربح ولا يثبت النسب لعدم الملك أصلا، ويضمن العقد وله أن يبيع الأم والولد لأنهما مال المضاربة.
م: (فإن شاء رب المال استسعى الغلام في ألف ومائتين وخمسين، وإن شاء أعتق، ووجه ذلك) ش: أي الحكم المذكور م: (أن الدعوة صحيحة في الظاهر) ش: بصدورها من أهلها في محلها م: (حملا على فراش النكاح) ش: بأن زوجها منه البائع ثم باعها منه فوطئها فعلقت منه م: (لكنه) ش: أي لكن الادعاء بالولد م: (لم ينفذ) ش: أي في حق المعتق.
لفقد شرطه وهو الملك لعدم ظهور الربح لأن كل واحد منهما أعني الأم والولد مستحق برأس المال كمال المضاربة إذا صار أعيانا كل عين منها يساوي رأس المال لا يظهر الربح، كذا هذا. فإذا زادت قيمة الغلام الآن ظهر الربح ونفذت الدعوة السابقة، بخلاف ما إذا أعتق الولد، ثم إذا زادت القيمة لأن ذلك إنشاء العتق، فإذا بطل لعدم الملك لا ينفذ بعد ذلك بحدوث الملك، أما هذا فإخبار فجاز أن ينفذ عند حدوث الملك، كما إذا أقر بحرية عبد غيره ثم اشتراه.
ــ
[البناية]
م: (لفقد شرطه وهو الملك) ش: أو شبهة في الولد م: (لعدم ظهور الربح، لأن كل واحد منهما أعني الأم والولد مستحق برأس المال) ش: لأنه يحتمل لأن يهلك أحدهما فيتعين الآخر لرأس المال فلا يظهر الربح م: (كمال المضاربة إذا صار كل عين منها يساوي رأس المال) ش: كما لو اشترى برأس المال عبدين كل واحد منهما يساوي ألفا فإنه م: (لا يظهر الربح) ش: عندنا خلافا لزفر م: (كذا هذا) ش: أي ما نحن فيه فإذا لم يظهر الربح لم يكن للمضارب في الجارية ملك، وبدون الملك لا يثبت الاستيلاد.
واعترض بوجهين: أحدهما، أن الجارية كانت متعينة لرأس المال قبل الولد فتبقى كذلك وتعين أن يكون الولد كله ربحا. والثاني: أن المضارب إذا اشترى بألف لمضاربة فرسين كل واحد منهما يساوي ألفا كان له ربعهما، حتى لو وهب ذلك لرجل وسلمه صح.
أجيب: عن الأول بأن تعينها كان لعدم المزاعم لا لأنها رأس المال، فإن رأس المال هو الدراهم وبعد الولد تحققت المزاحمة فذهب تعينها ولم يكن أحدهما أولى لذلك من الآخر فاستقلا برأس المال.
وعن الثاني: بأن المراد بقوله أعيانا أجناس مختلفة والفرسان جنس واحد فيقسمان جملة واحدة، وإذا اعتبرا جملة حصل البعض ربحا، بخلاف العبدين، فإنهما يقسمان جملة واحدة، بل كل واحد يكون بيعها على حيالة لكون الرقيق أجناسا مختلفة عند أبي حنيفة قولا واحدا، وعنده أيضا في رواية كتاب المضارب.
م: (فإذا زادت قيمة الغلام الآن) ش: أي على مقدار رأس المال م: (ظهر الربح ونفذت الدعوة السابقة) ش: لأن سببها كان موجودا وهو فراش النكاح، فيثبت النسب منه، ولكن لم ينفذ الوجود المانع وهو عدم الملك، فإذا زال المانع صار نافذا.
م: (بخلاف ما إذا أعتق) ش: أي المضارب م: (الولد ثم زادت القيمة) ش: أي قيمة الولد فلا يعتق م: (لأن ذلك إنشاء العتق) ش: فلم يصادف محله لعدم الملك فكان باطلا م: (فإذا بطل لعدم الملك لا ينفذ بعد ذلك بحدوث الملك، أما هذا) ش: أي ادعاء النسب م: (فإخبار فجاز أن ينفذ عند حدوث الملك كما إذا أقر بحرية عبد غيره ثم اشتراه) ش: فإنه يعتق عليه.
فإذا صحت الدعوة وثبت النسب عتق الولد لقيام ملكه في بعضه ولا يضمن لرب المال شيئا من قيمة الولد؛ لأن عتقه ثبت بالنسب والملك، والملك آخرهما فيضاف إليه ولا صنع له فيه، وهذا ضمان إعتاق فلا بد من التعدي ولم يوجد. وله أن يستسعي الغلام؛ لأنه احتبست ماليته عنده وله أن يعتق؛ لأن المستسعى كالمكاتب عند أبي حنيفة رحمه الله ويستسعيه في ألف ومائتين وخمسين لأن الألف مستحق برأس المال، والخمسمائة ربح، والربح بينهما، فلهذا يسعى له في هذا المقدار.
ــ
[البناية]
م: (فإذا صحت الدعوة وثبت النسب عتق الولد) ش: أي عندهما م: (لقيام ملكه في بعضه، ولا يضمن لرب المال شيئا من قيمة الولد) ش: موسرا كان أو معسرا.
وقال الشافعي في وجه وأحمد في رواية ومالك: يضمن له حصته، إن كان موسرا لوجود الصنع منه دعوة النسب فيضمن إذا ملكه.
ولنا ما ذكره من قوله م: (لأن عتقه ثبت بالنسب والملك، والملك آخرهما) ش: يعني وجودا م: (فيضاف) ش: أي الحكم م: (إليه) ش: أي إلى الملك، لأن الحكم إذا ثبت بعلة ذات وصفين يضاف آخرهما وجودا.
أصله مسألة السفينة والقدح المسكر، ودليله ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رجلا أقر بين يديه بالزنا ثلاثا، فقال: إياك والرابعة فإنها الموجبة.
م: (ولا صنع له) ش: أي المضارب م: (فيه) ش: أي في ثبوت الملك، لأنه شاركه بازدياد القيمة، ولا صنع له فيه، فلا يكون متعديا م:(وهذا ضمان إعتاق، فلا بد من التعدي ولم يوجد) ش: وإذا انتفى الضمان يبقى أحد الأمرين الآخرين من الاستسعاء والإعتاق، أشار إليه بقوله م:(وله) ش: أي لرب المال.
م: (أن يستسعي الغلام، لأنه احتبست ماليته عنده وله أن يعتق؛ لأن المستسعى كالمكاتب عند أبي حنيفة رحمه الله، ويستسعيه في ألف ومائتين وخمسين، لأن الألف مستحق برأس المال، والخمسمائة ربح، والربح بينهما، فلهذا يسعى له) ش: أي لرب المال م: (في هذا المقدار) ش: يعني في ألف ومائتين وخمسين.
فإن قيل: لم لا يجعل الجارية رأس المال والولد كله ربحا.
قيل: لأن ما يجب على الولد بالسعاية من جنس رأس المال والجارية ليست من ذلك، فكان تعيين الألف من السعاية لرأس المال أنست للتجانس، وهذا السؤال والجواب ذكرهما في " الكافي ".
ثم إذا قبض رب المال الألف له أن يضمن المدعي نصف قيمة الأم؛ لأن الألف المأخوذ لما استحق برأس المال لكونه مقدما في الاستيفاء ظهر أن الجارية كلها ربح فتكون بينهما وقد تقدمت دعوة صحيحة لاحتمال الفراش الثابت بالنكاح وتوقف نفاذها لفقد الملك، فإذا ظهر الملك نفذت تلك الدعوة وصارت الجارية أم ولد له ويضمن نصيب رب المال؛ لأن هذا ضمان تملك وضمان التملك لا يستدعي صنعا كما إذا استولد جارية بالنكاح ثم ملكها هو وغيره وراثة يضمن نصيب شريكه، كذا هذا، بخلاف ضمان الولد على ما مر.
ــ
[البناية]
وقال صاحب " العناية ": وفيه نظر لأنا جعلنا الجارية رأس المائة وقد عتقت بالاستيلاد وجبت قيمتها على المضارب وهي من جنس رأس المال.
قلت: الولد زاحمها فتربح بسبب ظهور المربح من جهته.
م: (ثم إذا قبض رب المال الألف له أن يضمن المدعي) ش: وهو المضارب م: (نصف قيمة الأم، لأن الألف المأخوذ) ش: أي من الولد م: (لما استحق برأس المال لكونه مقدما في الاستيفاء) ش: على الربح م: (ظهر أن الجارية كلها ربح، فتكون بينهما وقد تقدمت دعوة صحيحة) ش: من المضارب. م: (لاحتمال الفراش الثابت بالنكاح وتوقف نفاذها لفقد الملك، فإذا ظهر الملك نفذت تلك الدعوة) ش: السابقة.
م: (وصارت الجارية أم ولد له، ويضمن نصيب رب المال، لأن هذا ضمان تملك وضمان التملك لا يستدعي صنعا) ش: بل يعتمد الملك وقد حصل م: (كما إذا استولد جارية بالنكاح ثم ملكها هو وغيره وراثة) ش: أي من جهة الوراثة فإنه م: (يضمن نصيب شريكه) ش: كالأخ تزوج جارية أخيه فمات الزوج وترك الجارية ميراثا بين الزوج وأخ آخر فإن الزوج ملكها بغير صنعه، فيضمن نصيب شريكه م:(كذا هذا) ش: أي ما نحن فيه.
م: (بخلاف ضمان الولد) ش: فإنه ضمان إعتاق، وهو إتلاف فلا بد من التعدي وهو لا يتحقق بدون صنعه م:(على ما مر) ش: إشارة إلى قوله لأن عتقه بالنسب والملك، والملك آخرهما ولا صنع له فيه، والله أعلم.