الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا
وهب اثنان من واحد دارا
جاز لأنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع
وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يصح؛ لأن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليك واحد فلا يتحقق الشيوع، كما إذا رهن من رجلين دارا. وله أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما. ولهذا لو كانت الهبة فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح. ولأن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف فيكون التمليك كذلك؛ لأنه حكمه وعلى هذا الاعتبار يتحقق الشيوع.
ــ
[البناية]
[وهب اثنان من واحد دارا]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز؛ لأنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع) ش: لأن المانع هو الشيوع عند القبض وقد انتفى. ونقل صاحب " الأجناس " عن الأصل إذا وهب رجلان دارا من رجل جاز في قولهم. ولو وهب رجل من رجلين دارا لم يجز في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: جاز، وفي الرهن من رجلين جاز في قولهم جميعا، وكذلك في الإجارة من رجلين جاز.
م: (وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يصح؛ لأن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليك واحد فلا يتحقق الشيوع، كما إذا رهن من رجلين دارا) ش: فإنه يجوز فالهبة أولى؛ لأن تأثير الشيوع في الرهن أكثر منه في الهبة، حتى لا يجوز الرهن في مشاع لا يحتمل القسمة دون الهبة، وبه قالت الثلاثة.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما) ش: وهذا يثبت الملك ففي النصف هذا، وفي النصف هذا بالإجماع م:(ولهذا) ش: أي ولأجل كون هذه هبة النصف من كل منهما م: (لو كانت الهبة فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح) ش: فصار كما لو وهب النصف لكل واحد منهما بعقد على حدة م: (ولأن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف) ش: هذا استدلال ثان، والفرق بين الاستدلالين أن الأول من جانب التمليك، وهذا من جانب الملك، فإذا ثبت الملك لكل واحد منهما في النصف م:(فيكون التمليك كذلك) ش: أي كالملك يكون لكل واحد منهما النصف م: (لأنه حكمه) ش: أي لأن بالتمليك حكم الملك فإذا ثبت الملك مشاعا ثبت التمليك كذلك؛ لأنه حكمه الحكم يثبت بقدر دليله م: (وعلى هذا الاعتبار) ش: أي الاعتبار المذكور، وهو ثبوت الشيوع في التمليك بثبوت الملك مشاعا م:(يتحقق الشيوع) ش: فتفسد الهبة.
فإن قلت: التمليك يحصل بالتسليم، ولا شيوع فيه دون القبض، والملك يتعلق بالقبض لبقي الضمان عن المتبرع، فوجب أن يعتبر جانبه وهو التسليم لا جانب القبض.
قلت: التسليم إنما يعتبر إذا حصل به التمكن من القبض على سبيل الكمال، ولأنه طريق
بخلاف الرهن؛ لأن حكمه الحبس ويثبت لكل واحد منهما كملا فلا شيوع، ولهذا لو قضى دين أحدهما لا يسترد شيئا من الرهن. وفي " الجامع الصغير ": إذا تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز. ولو تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز. وقالا: يجوز للغنيين أيضا جعل كل واحد منهما مجازا عن الآخر، والصلاحية ثابتة؛ لأن لكل واحد منهما تمليك بغير بدل. وفرق بين الهبة والصدقة في الحكم في الجامع وفي الأصل سوى، فقال وكذلك الصدقة؛ لأن الشيوع مانع في الفصلين لتوقفهما على القبض.
ــ
[البناية]
للقبض، فإذا لم يتمكن هو من القبض بصفة الكمال يعتبر التسليم.
م: (بخلاف الرهن) ش: جواب استشهاد م: (لأن حكمه الحبس ويثبت لكل واحد منهما) ش: أي من المرتهنين م: (كملا) ش: نصب على الحال من الضمير الذي في ثبت، أي كاملا، فإذا كان حكمه الحبس م:(فلا شيوع ولهذا) ش: توضيح لما ذكره م: (لو قضى) ش: أي المراهن م: (دين أحدهما لا يسترد شيئا من الرهن) ش: لأن حكمه الحبس فيتصور أن يكون ملك الحبس ثابتا لكل واحد على الكمال إذ لا تضايف في الحبس، بخلاف ملك العين، فإنه لا يتصور إثباته لكل واحد على الكمال.
م: (وفي الجامع الصغير) ش: إنما ذكر رواية الجامع الصغير لبيان ما وقع من الاختلاف بينهما وبين رواية " المبسوط " م: (إذا تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز، ولو تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز) ش: عند أبي حنيفة. حاصل هذا أن أبا حنيفة رضي الله عنه جعل الهبة مجازا عن الصدقة إذا صادفت الفقير والصدقة مجازا عن الهبة إذا صادفت الغني لوجود المجوز إذ كل منهما تمليك بغير بدل.
م: (وقالا: يجوز للغنيين أيضا) ش: يعني كما يجوز للفقيرين مطلقا فكذلك يجوز للغنيين مطلقا م: (جعل) ش: أي أبو حنيفة رحمه الله م: (كل واحد منهما مجازا عن الآخر، والصلاحية ثابتة؛ لأن كل واحد منهما) ش: أي من الهبة والصدقة م: (تمليك بغير بدل) ش: فإذا كان كل منهما تمليكا بلا بدل يجوز استعارة أحدهما عن الآخر لوجود العلاقة م: (وفرق) ش: أي أبو حنيفة رحمه الله م: (بين الهبة والصدقة في الحكم) ش: حيث جواز الصدقة والهبة في الحكم م: (في الجامع) ش: حيث جوز الصدقة على الفقيرين ولم يجوز الهبة على الغنيين.
م: (وفي الأصل) ش: أي " المبسوط " م: (سوى) ش: أي الحكم م: (فقال وكذلك الصدقة) ش: أي لا يجوز الصدقة على رجلين، عنده لا يجوز الهبة، وهذا كما ترى لم يفرق بين الهبة والصدقة في منع الشيوع فيهما عن الجواز، وعلل بقوله م:(لأن الشيوع مانع في الفصلين لتوقفهما) ش: أي لتوقف الهبة والصدقة م: (على القبض) ش: والشيوع يمنع القبض على الكمال.