الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولاء إليه؛ لأن المولى جعل معتقا، والولاء لا ينتقل من المعتق وإن أدى الثاني بعد عتق الأول فولاؤه له؛ لأن العاقد من أهل ثبوت الولاء وهو الأصل فيثبت له، قال: وإن أعتق عبده على مال أو باعه من نفسه أو زوج عبده لم يجز؛ لأن هذه الأشياء ليست من الكسب ولا من توابعه، أما الأول فلأنه إسقاط الملك عن رقبته وإثبات الدين في ذمة المفلس فأشبه الزوال بغير عوض، وكذا الثاني لأنه إعتاق على مال في الحقيقة، وأما الثالث فلأنه تنقيص للعبد وتعييب له وشغل رقبته بالمهر والنفقة، بخلاف تزويج الأمة لأنه اكتساب لاستفادته المهر على ما مر. قال: وكذلك الأب والوصي في رقيق الصغير بمنزلة المكاتب،
ــ
[البناية]
الولاء إليه) ش: أي إلى المكاتب الأول م: (لأن المولى جعل معتقا والولاء لا ينتقل من المعتق) ش: لأن المولى معتق مباشرة من وجه، بخلاف جر الولاء، فإن ثمة مولى الجارية ليس بمعتق للولد مباشرة ولكن تسبيبا باعتبار إعتاق الأم، والأصل أن الحكم لا يضاف إلى السبب إلا عند تعذر الإضافة إلى العلة. والتعذر عند عدم عتق الأب، فإذا أعتق زالت الضرورة فينتقل الولاء إلى قوم الأب.
م: (وإن أدى الثاني بعد عتق الأول) ش: أي إن أدى المكاتب الثاني بدل المكاتبة بعد عتق المكاتب الأول بأداء بدل الكتابة م: (فولاؤه له) ش: أي ولاء الثاني للأول م: (لأن العاقد من أهل ثبوت الولاء وهو الأصل) ش: لأنه مباشر للعتق م: (فيثبت له) ش: أي للعاقد وهو المكاتب الأول.
[الحكم لو أعتق المكاتب عبدا على مال]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإن أعتق عبده على مال) ش: أي إن أعتق المكاتب عبدا على مال م: (أو باعه من نفسه) ش: أي أو باع المكاتب نفس العبد من العبد م: (أو زوج عبده لم يجز، لأن هذه الأشياء ليست من الكسب ولا من توابعه) ش: أراد من توابع الكسب ضروراته مثل إضافة من يعامل معه، والإعارة له والإهداء إليه بشيء يسير.
م: (أما الأول) ش: أي إعتاق عبده على مال م: (فلأنه إسقاط الملك عن رقبته وإثبات الدين في ذمة المفلس فأشبه الزوال بغير عوض، وكذا الثاني) ش: وهو بيع عبده على مال فلأنه إسقاط الملك عن رقبته وإثبات الدين في ذمة المفلس.
وكذا الثاني وهو بيع عبد من نفسه م: (لأنه إعتاق على مال في الحقيقة. وأما الثالث) ش: وهو تزويج عبده م: (فلأنه تنقيص للعبد وتعييب له) ش: لأن من اشترى عبدا ووجد له زوجة يتمكن من الرد بذلك العيب م: (وشغل رقبته بالمهر والنفقة، بخلاف تزويج الأمة؛ لأنه اكتساب لاستفادته المهر على ما مر) ش: أشار به إلى قوله: وإن زوج أمته جاز لأنه اكتساب للمال. م: (قال وكذلك الأب والوصي في رقيق الصغير بمنزلة المكاتب) ش: في جميع ما ذكر، أي يجوز لهما تزويج أمته وكتابة عبده، وبه قال مالك وأحمد.
لأنهما يملكان الاكتساب كالمكاتب، ولأن في تزويج الأمة والكتابة نظرا له ولا نظر فيما سواهما والولاية نظرية. قال: فأما المأذون له فلا يجوز له شيء من ذلك عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله- وقال أبو يوسف رحمه الله: له أن يزوج أمته، وعلى هذا الخلاف المضارب والمفاوض والشريك شركة عنان
ــ
[البناية]
وعن أحمد يجوز إعتاقهما على مال أيضا. وقال الشافعي لا يملكان كالمكاتب شيئا من ذلك م: (لأنهما يملكان الاكتساب كالمكاتب، ولأن في تزويج الأمة والكتابة نظرا له) ش: أما في تزويج الأمة فلما مر آنفا. وأما في الكتابة فلأنه بالعجز يرد رقيقا، فربما كان العجز بعد أداء نجوم، وذلك لا شك في كونه نظرا م:(ولا نظر فيما سواهما) ش: أي ما سوى تزويج الأمة والكتابة م: (والولاية نظرية) ش: هذا الكلام في معرض التعليل، يعني إنما لا يجوز سواهما، لأن ولايتهما نظرية ولا نظر في غيرهما.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (فأما المأذون له) ش: أي العبد المأذون له في التجارة م: (فلا يجوز له شيء من ذلك) ش: أي مما ذكر من الأشياء. وفي بعض النسخ فلا يملك شيئا من ذلك م: (عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله-. وقال أبو يوسف رحمه الله: له أن يزوج أمته) ش: أي للمأذون تزويج أمته م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور م: (المضارب والمفاوض والشريك شركة عنان) ش: قال السفناقي: الأصل في هذا أن كل من كان تصرفه عاما في التجارة وغيرها يملك تزويج الأمة كالأب والوصي والجد والمفاوض والمكاتب والقاضي وأمين القاضي وكل من كان تصرفه خاصا في التجارة كالمضارب وشريك العنان والمأذون لا يملك تزويج الأمة عند أبي حنيفة ومحمد، كذا ذكره الإمام قاضي خان والمحبوبي.
قلت: وعن هذا قال الكاكي قيل لفظ المفاوض هاهنا سهو من المكاتب لما أن المفاوض كالمكاتب. وقال صاحب العناية ذكر في بعض الشروح أن المفاوض يجوز له أن يكاتب عبد الشركة بلا خلاف. واستدل بنقل عن الكرخي وغيره ليس فيه ذكر الخلاف. وقال: ترك ذكر الخلاف دليل على الاتفاق وفيه ما فيه.
قلت: أراد ببعض الشروح شرح الأترازي فإنه قال في قوله وعلى هذا الخلاف المضارب
…
إلى آخره.
ولنا في هذا النقل نظر، لأن المفاوض يجوز له تزويج الأمة بالاتفاق ولا يجوز ذلك من أحد شريكي العنان عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله ألا ترى إلى ما نص الكرخي في " مختصره " في باب المفاوضة: ويجوز لأحد المفاوضين أن يكاتب عبيد التجارة ويأذن لهم في التجارة، ولا يجوز أن يعتق شيئا من رقيق التجارة على مال، ولا يجوز أن يزوج العبد أيضا،
هو قاسه على المكاتب واعتبره بالإجارة،
ــ
[البناية]
ويجوز أن يزوج الأمة، ويجوز أن يدفع المال مضاربة، إلى هنا لفظ الكرخي وذكر تزويج الإماء للمفاوض بلا ذكر الخلاف كما ترى، وكذلك أثبته القدوري رحمه الله في شرحه.
وفي شرح " الكافي ": ولأحد المفاوضين أن يكاتب عبدا من تجارتهما وله أن يأذن له في التجارة وليس له أن يعتق على مال ولا أن يزوج الأمة، وليس لشريك العنان أن يزوج الأمة ولا أن يكاتب، وكذلك المضارب.
وقال الفقيه أبو الليث في شرح " الجامع الصغير " فهؤلاء الأصناف الأربعة لا يجوز عتقهم عن مال، ويجوز كتابتهم. وفي الاستحسان وفي قول بشر لا تجوز كتابتهم، وإن زوج أحد من هؤلاء أمة جاز النكاح بالاتفاق. انتهى. وأراد بالأصناف الأربعة الأب والوصي والشريك المفاوض والمكاتب، ثم قال الفقيه ولو كان عبدا مأذونا أو شريك عنان أو مضاربا زوج أحد هؤلاء الثلاثة لم يجز في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله- ويجوز في قول أبي يوسف رحمه الله، ولا يجوز كتابة هؤلاء النفر الثلاثة بالاتفاق. ولو زوج أحد من هؤلاء النفر الثلاثة أو من النفر الأربعة التي ذكرنا العبد امرأة لم يجز بالاتفاق.
وفي شرح الطحاوي: الأب والوصي والمفاوض لا يملكون العتق على مال ويملكون الكتابة، وهؤلاء الثلاثة يملكون تزويج الأمة وليس لهم تزويج العبد. وأما الصبي المأذون والعبد المأذون والشريك شركة عنان والمضارب لا يجوز الكتابة ولا تزويج العبد بالإجماع، وفي تزويج الأمة اختلاف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله- لا يجوز، وعند أبي يوسف يجوز، انتهى. فعلم أن المفاوض لا خلاف فيه في تزويجه الأمة.
م: (هو قاسه) ش: أي أبو يوسف رحمه الله قاس المأذون في جواز تزويج الأمة م: (على المكاتب) ش: حينئذ يجوز له تزويج الأمة م: (واعتبره بالإجارة) ش: أي اعتبر التزويج بالإجارة، فإن المأذون له يجوز له أن يؤجر عبده وأمته، فكذلك يجوز له أن يزوج أمته.
فإن قلت: لم اختار لفظ القياس في الأول والاعتبار في الثاني.
قلت: نقل الأترازي عن بعضهم أنه قال: استعمل لفظ القياس في المعنيين وهما المأذون والمكاتب ولفظ الاعتبار في الفعلين وهما التزويج والإجارة، لأن المماثلة بين هذين المعنيين ظاهرة إذا لكل منهما، فك الحجر وإطلاق التصرف فاستعمل لفظ القياس كذلك. وأما في هذين الفعلين فالمماثلة بينهما من حيث الفعلية لما أن الإجارة من المعاوضات المالية من الجانبين، بخلاف التزويج، فكان استعمال لفظ الاعتبار أليق.
وقال صاحب العناية: فيه نظر لأن المراد بالقياس إن كان هو الشرع فذلك لا يكون بين
ولهما أن المأذون له يملك التجارة، وهذا ليس بتجارة، فأما المكاتب يملك الاكتساب، وهذا اكتساب. ولأنه مبادلة المال بغير المال فيعتبر بالكتابة دون الإجارة، إذ هي مبادلة المال بالمال ولهذا لا يملك هؤلاء كلهم تزويج العبد
ــ
[البناية]
عينين، وإن كان غير ذلك فلا نسلم أولويته.
قلت: المراد من القياس معناه اللغوي، وهو التقدير، يقال قاس الطبيب الجراحة إذا قدر بالمسمار غورها، والمساواة أيضا يقاس الفعل بالفعل، أي ساوى أحدهما بالآخر وجعله على مثاله، وهذا المعنى ظاهر بين المأذون والمكاتب، لأن بينهما مساواة في فك الحجر وإطلاق التصرف، والاعتبار رد الشيء إلى نظيره، فاستعمال هذا بين التزويج والإجارة، لأن أحدهما نظير للآخر في الفعلية؛ لأن كل منهما تصرف مطلقا ودعوى صاحب العناية رحمه الله الترادف بين القياس والاعتبار غير ظاهرة تحتاج إلى برهان.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله- م: (أن المأذون له يملك التجارة، وهذا) ش: أي تزويج الأمة م: (ليس بتجارة) ش: لأنه ليس مبادلة المال بالمال والتجارة كذلك م: (فأما المكاتب يملك الاكتساب، وهذا) ش: أي تزويج الأمة م: (اكتساب) ش: لأنه اسم لما يوصل به المال، وبالتزويج يصل المولى إلى المهر، فكان اكتسابا.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن تزويج الأمة، وهذا دليل آخر م:(مبادلة المال بغير المال فيعتبر بالكتابة) ش: أراد أن اعتبار التزويج بالكتابة أولى من اعتباره بالإجارة، لأن التزويج مبادلة المال بغير المال، وكذا الكتابة في الابتداء مبادلة مال بغير المال م:(دون الإجارة) ش: يعني لا يعتبر بالإجارة م: (إذ هي) ش: أي الإجارة م: (مبادلة المال بالمال) ش: لأن المنفعة قائمة مقام العين، فيكون في حكم المال، ولهذا يصلح مهرا في النكاح وانتفاء النكاح شرع بالمال م:(ولهذا) ش: أي ولأن التزويج ليس من التجارة م: (لا يملك هؤلاء كلهم تزويج العبد) ش: أي المكاتب والمأذون والمضارب والمفاوض وشريك العنان؛ لأن تزويج العبد ليس من التجارة؛ لأنه ليس مبادلة المال بالمال ولا هو من اكتساب المال. وقال أبو الخطاب الحنبلي يجوز للمكاتب تزويج عبد، ولنا ما ذكرناه.