الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن هذه قرابة توسطت بين بني الأعمام وقرابة الولاد فألحقناها بالثاني في العتق، وبالأول في الكتابة وهذا أولى؛ لأن العتق أسرع نفوذا من الكتابة حتى إن أحد الشريكين إذا كاتب كان للآخر فسخه، وإذا أعتق لا يكون له فسخه.
قال: وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتابة ولم يجز بيعها، ومعناه إذا كان معها ولدها،
ــ
[البناية]
الموسر.
م: (ولأن هذه قرابة) ش: أي قرابة الأخوة م: (توسطت بين بني الأعمام) ش: التي هي القرابة البعيدة م: (وقرابة الولاد) ش: أي وبين قرابة الولاد التي هي القرابة القريبة. الحاصل أن الأخ يشبه بني الأعمام في حق الزكاة وحل الحيلة وقبول الشهادة وجريان القصاص، ويشبه الولاء في حرمة المناكحة واقتراض الصلة وحرمة الجمع بينهما إنكاحا.
فالمشابه للشيئين ذو حظ منهما، فعملنا بالشبهين م:(فألحقناها بالثاني) ش: أي إذا كان كذلك فألحقنا قرابة الإخوة التي هي المتوسطة بالثاني وهو قرابة الولاد م: (في العتق) ش: حتى إذا ملك الحر أخاه يعتق عليه، كما إذا ملك والد ولده م:(وبالأول في الكتابة) ش: أي ألحقناها بالأول وهو القرابة البعيدة التي أي بنو الأعمام في حكم الكتابة، حتى إذا ملك المكاتب أخاه لم يدخل في كتابته، كما إذا ملك ابن عمه عملا بالشبهين وتوفيرا لهما حفظهما.
م: (وهذا أولى) ش: أي العمل على هذا الوجه أولى من العكس م: (لأن العتق أسرع نفوذا من الكتابة، حتى إن أحد الشريكين إذا كاتب) ش: العبد المشترك بينهما م: (كان للآخر فسخه، وإذا أعتق لا يكون له فسخه) ش: أي فسخ العتق.
فلو قلنا يتكاتب عليه أخوه إذا اشتراه وجب علينا أيضا أن نقول إذا ملك الحر أخاه يعتق عليه أيضا، فحينئذ تلزم العمل بشبه قرابة بني الأعمام، فلا يبقى حينئذ قرابة الأخوة متوسطة بين القرابتين، لأن المتوسط ذو حظ من الجانبين، فما لم يعمل لهما لم يبق المتوسط متوسطا.
[الحكم لو اشترى المكاتب أم ولده]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتابة) ش: أراد اشتراء أم ولده ومعها ولده منها على ما يجيء الآن، والأصل في هذا أن المكاتب إذا اشترى امرأته لا يبطل نكاحها لعدم الملك حقيقة في رقبتها، وله ملك اليد لا يبطل النكاح م:(ولم يجز بيعها) ش: أي بيع أم ولده بعد أن اشتراها ومعها ولده منها، أما إذا اشترى امرأته ولم يكن لها ولد منه فله أن يبيعها، لأن النكاح ليس بسبب لاستحقاق الصلة، فلا يمتنع البيع بسببه، وكذا المكاتبة إذا اشترت زوجها لم يبطل نكاحها وله أن يطأها بالنكاح؛ لأنها لم تملك رقبته حقيقة.
م: (ومعناه إذا كان معها ولدها) ش: أي معنى قول محمد إذا اشترى أم ولده دخل ولدها في
أما دخول الولد في الكتابة فلما ذكرناه. وأما امتناع بيعها فلأنها تبع للولد في هذا الحكم. قال عليه الصلاة والسلام: «أعتقها ولدها»
ــ
[البناية]
الكتابة ولم يجز بيعها إذا كان منها ولدا م: (أما دخول الولد في الكتابة فلما ذكرناه) ش: أراد به ما ذكره في أول الفصل؛ لأنه من أهل أن يكاتب م: (وأما امتناع بيعها فلأنها تبع للولد في هذا الحكم) ش: أي في حكم الحرية.
فإن قلت: إذا ثبت للولد حقيقة فينبغي أن لا يثبت للأم حقها، وهاهنا ثبت للولد حق الحرية، فينبغي أن لا يثبت للأم تحقيقا لانحطاط رقبتها عن الولد.
قلت: للكتابة أحكام منها عدم جواز البيع فيثبت للأم هذا الحكم دون الكتابة تحقيقا لانحطاط رتبتها.
فإن قلت: لم لا تصير مكاتبة تبعا للولد.
قلت: العقد إنما ورد على المكاتب، والولد جزؤه، فيكون واردا عليه بخلاف الأم.
م: (قال عليه الصلاة والسلام: «أعتقها ولدها ") » ش: أورده دليلا على عدم جواز بيع أما الولد المذكور؛ لأنها عتقت بعتق ولدها؛ لأنه عليه السلام أخبر بهذا، ثم هذا الحديث أخرجه البيهقي من رواية أبي أويس وأبي بكر بن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس ولم يذكر أبو أويس «ابن عباس قال: لما ولدت أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أعتقها ولدها» .
ثم البيهقي رواه من حديث زياد بن أيوب نا بقية عن سعيد بن زكريا عن ابن أبي بشارة عن ابن أبي حسين عن عكرمة «عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعتقها ولدها» ثم قال: ولحديث عكرمة علة عجيبة، ثم روى عن سعيد بن مسروق عن عكرمة عن عمر قال:«أعتقها ولدها، وإن كان سقطا» .
ثم روى عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال عمر رضي الله عنه فذكر نحوه، قال فعاد الحديث إلى عمر رضي الله عنه ثم جعله الصحيح.
قلت: هاتان قضيتان مختلفتان لفظا، روى عكرمة إحداهما مرفوعة والأخرى موقوفة، فلا تعلل إحداهما بالأخرى. وقد أخرج الحاكم في " المستدرك " الرواية المرفوعة وقال صحيح الإسناد ثم ذكر لها متابعة. وأخرجه ابن ماجه من حديث ابن عاصم عن أبي بكر النهشلي عن حسين بن عبد الله، والنهشلي أخرج له مسلم ووثقه جماعة. وقد جاء للحديث متابعة من وجه آخر بسند جيد.
وإن لم يكن معها ولدها فكذلك الجواب في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأنها أم ولد خلافا لأبي حنيفة رحمه الله وله أن القياس أن يجوز بيعها وإن كان معها ولد؛ لأن كسب المكاتب موقوف فلا يتعلق به ما لا يحتمل الفسخ، إلا أنه يثبت هذا الحق فيما إذا كان معها ولد تبعا لثبوته في الولد بناء عليه وبدون الولد لو ثبت يثبت ابتداء والقياس ينفيه.
ــ
[البناية]
قال ابن حزم: روينا من طريق قاسم بن أصبغ حدثنا مصعب عن محمد حدثنا عبيد الله ابن عمر هو الوقي عن عبد الكريم الحريري عن عكرمة عن «ابن عباس قال: " لما ولدت مارية أم ابراهيم رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعتقها ولدها» ثم قال ابن حزم: وهذا خبر جيد السند كل رواته ثقات. وقال في كتاب البيوع صحيح السند وقد بسطنا الكلام فيه في باب الاستيلاد.
م: (وإن لم يكن معها ولدها فكذلك الجواب) ش: يعني لم يجز بيعها م: (في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ولأنها أم ولد، خلافا لأبي حنيفة رحمه الله وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن القياس أن يجوز بيعها وإن كان معها ولد، لأن كسب المكاتب موقوف) ش: أي متردد بين أن يؤدي البدل فيعتق وما فضل من البدل له، وبين أن يعجز فيعود هو وماله للمولي.
ولهذا لا يفسد نكاح امرأته بشرائها ولا تصح تبرعاته فعلم أنه لا ملك له م: (فلا يتعلق به) ش: أي بكسبه م: (ما لا يحتمل الفسخ) ش: وهو الاستيلاد إذ لو تعلق لكان كسبه غير محتمل للفسخ أو كان الاستيلاد محتملا للفسخ، وكلاهما لا يجوز. والتحرير أن كسبه موقوف وكل موقوف يقبل الفسخ فكسب المكاتب يقبل الفسخ، وما يقبل الفسخ لا يجوز أن يتعلق به ما لا يقبل الفسخ كالاستيلاد، لأن ما لا يقبله أقوى من الذي يقبله والأقوى لا يجوز أن يكون تبعا للأدنى.
م: (إلا أنه يثبت هذا الحق) ش: وهو امتناع البيع م: (فيما إذا كان معها ولد تبعا لثبوته) ش: أي لثبوت امتناع البيع م: (في الولد بناء عليه وبدون الولد لو ثبت) ش: هذا الحق م: (يثبت ابتداء) ش: أي في ابتداء الأمر م: (والقياس ينفيه) ش: يعني لا نص فيه يترك به القياس، بخلاف ما إذا كان معها الولد.
فإن قلت: القياس كما ينفيه ابتداء ينفيه مع الولد على ما ذكر في أول الدليل فخصص نفيه بالابتداء مع أنه مناف لصدر الكلام تحكم.
قلت: ليس بتحكم وإنما هو من باب الاستحسان بالأثر، وهو قوله عليه السلام: «أعتقها