الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وله أن يعيره إذا كان مما لا يختلف باختلاف المستعمل. وقال الشافعي رحمه الله: ليس له أن يعيره؛ لأنه إباحة المنافع على ما بينا من قبل، والمباح له لا يملك الإباحة، وهذا لأن المنافع غير قابلة للملك لكونها معدومة، وإنما جعلناها موجودة في الإجارة للضرورة، وقد اندفعت بالإباحة هاهنا. ونحن نقول هو تمليك المنافع على ما ذكرنا فيملك الإعارة كالموصى له بالخدمة، والمنافع اعتبرت قابلة للملك في الإجارة، فتجعل كذلك في الإعارة دفعا للحاجة، وإنما لا يجوز فيما يختلف باختلاف المستعمل دفعا لمزيد الضرر عن المعير؛ لأنه رضي باستعماله لا باستعمال غيره.
ــ
[البناية]
[إعارة المستعير للعارية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وله) ش: أي للمعير م: (أن يعيره إذا كان مما لا يختلف باختلاف المستعمل) ش: كالحمل والاستخدام والسكنى والزراعة، كذا ذكر في نظائر التمرتاشي، وبه قال مالك والشافعي في قول، وفي " مختصر الأسرار ": يجوز للمستعير أن يعير وإن شرط أن لا يعير، إلا أن يكون مما يختلف بالاستعمال.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: ليس له أن يعيره؛ لأنه إباحة المنافع على ما بينا من قبل) ش: يعني في هذا الباب إنها إباحة المنافع عنده م: (والمباح له لا يملك الإباحة وهذا) ش: أي كون الإعارة إباحة م: (لأن المنافع غير قابلة للملك لكونها معدومة، وإنما جعلناها موجودة في الإجارة للضرورة، وقد اندفعت بالإباحة هاهنا) ش: أي في الإعارة، فإذا اندفعت بالإباحة لا يصار إلى التمليك وبه قال أحمد.
م: (ونحن نقول هو تمليك المنافع على ما ذكرنا) ش: يعني في هذا الباب م: (فيملك الإعارة) ش: يعني إذا كانت الإعارة تمليكًا للمنافع يملك المستعير حينئذ الإعارة؛ لأن الشيء يتضمن مثله م: (كالموصى له بالخدمة) ش: أي بخدمة عبد مثلًا يجوز له أن يعيره لتملك المنفعة م: (والمنافع اعتبرت قابلة للملك في الإجارة) ش: هذا جواب عن قوله: والمنافع غير قابلة للملك، وتقريره: لا نسلم أنها غير قابلة للملك، فإنها تمليك بالعقد كما في الإجارة م:(فتجعل كذلك في الإعارة دفعًا للحاجة) ش: أي فيجعل المنافع أيضًا قابلة للملك في الإعارة دفعًا لحاجة الناس م: (وإنما لا يجوز فيما يختلف باختلاف المستعمل) ش: جواب عن سؤال مقدر تقريره أن يقال: لو كانت العارية تمليك المنفعة لما تفاوت الحكم في الصحة بين ما يختلف باختلاف المستعمل، وبين ما لا يختلف. وتقرير الجواب أنه إنما لا يجوز إعارة ما استعاره فيما يختلف باختلاف المستعمل.
م: (دفعًا لمزيد الضرر عن المعير؛ لأنه رضي باستعماله لا باستعمال غيره) ش: أي فيما لا يختلف باختلاف المستعمل فليس فيه ضرر فقد مر أن الشيء يتضمن مثله، وإن شاء ضمن المستأجر لوجود التعدي منهما، فإن ضمن المستعير لم يرجع على المستأجر؛ لأنه ملك العين
قال رضي الله عنه: وهذا إذا صدرت الإعارة مطلقة وهي على أربعة أوجه، أحدها: أن تكون مطلقة في الوقت والانتفاع، وللمستعير فيه أن ينتفع به أي نوع شاء في أي وقت شاء عملا بالإطلاق. والثاني: أن تكون مقيدة فيهما وليس له أن يجاوز فيه ما سماه عملا بالتقييد، إلا إذا كان خلافا إلى مثل ذلك أو خيرا منه والحنطة مثل الحنطة، والثالث أن تكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في حق الانتفاع، والرابع عكسه وليس له أن يتعدى ما سماه،
ــ
[البناية]
بالضمان، فكأنه أجر ملك نفسه فهلك، وإن ضمن المستأجر إن كان لا يعلم أنه عارية فرجع على المستعير؛ لأنه ضمن الدرك بإيجاب عقد فيه بدل، فيكون غرورًا، فأما إذا كان معلم لا يرجع لأنه غرور فيه، والرجوع بحكم الغرور.
م: (قال رضي الله عنه: وهذا) ش: أي ما ذكرنا من ولاية الإعارة للمستعير م: (إذا صدرت الإعارة مطلقة) ش: أي عن الوقف والانتفاع م: (وهو) ش: أي ما يصدر من عقد الإعارة م: (على أربعة أوجه) ش: وهي قسمة عقلية، والمصارة على الأربعة ضرورة؛ لأن الشيئين هما الإطلاق والتقييد دارًا في الشيئين وهما الوقف والانتفاع فكانت أربعة لا محالة م:(أحدها: أن تكون مطلقة في الوقت والانتفاع، وللمستعير فيه) ش: أي في هذا الوجه م: (أن ينتفع به أي نوع شاء في أي وقت شاء عملًا بالإطلاق، والثاني: أن تكون مقيدة فيهما) ش: أي في الوقت، والانتفاع بأن قيدها بيوم ونص على نوع منفعة م:(وليس له) ش: أي للمستعير م: (أن يجاوز فيه ما سماه عملًا بالتقييد) ش: مثلًا استعار الدابة ليحمل عليها عشرة أقفزة حنطة فلا يحمل عليها أكثر.
م: (إلا إذا كان خلافًا إلى مثل ذلك) ش: كمن استعار دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة من هذه الحنطة فحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة أخرى م: (أو خيرًا منه والحنطة) ش: أي أو كان خلافًا إلى خير منه، بأن قال: عشرة أقفزة من الحنطة، فحمل عليها عشرة من شعير لا يضمن استحسانًا، وفي القياس: يضمن لأنه مخالف.
وجه الاستحسان: أنه لا فائدة للمالك في تعيين الحنطة إلا إذا تصور دفع زيادة الضرر عن دابته والشعير أخف من الحنطة، والتقييد إنما يعتبر إذا كان مفيدًا م:(مثل الحنطة) ش: أشار بهذا إلى عدم اشتراط كون الحنطة المحمولة وحنطة المستعير أو لغيره فالحنطة جنس واحد، سواء كانت للمستعير أو لغيره أو عينها المعير أو لم يعينها.
م: (والثالث أن تكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في حق الانتفاع، والرابع عكسه) ش: أي عكس الثالث، وهو أن تكون مطلقة في حق الانتفاع.
م: (وليس له أن يتعدى ما سماه) ش: أي ليس للمستعير أن يتعدى ما عينه المعير في