الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبطل به المضاربة الأولى. قال: وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه ومعناه شراء وكراء في المال. ووجه الفرق أن النفقة تجب بإزاء الاحتباس كنفقة القاضي ونفقة المرأة والمضارب في المصر ساكن بالسكنى الأصلي. وإذا سافر صار محبوسا بالمضاربة فيستحق النفقة فيه. وهذا بخلاف الأجير لأنه يستحق البدل لا محالة فلا يتضرر بالإنفاق من ماله، أما المضارب فليس له إلا الربح وهو في حيز التردد.
ــ
[البناية]
تبطل به) ش: أي يدفع المال إلى رب المال في المضاربة الثانية م: (المضاربة الأولى) ش: كالرهن في يد الراهن بالعارية لا يبطل حق المرتهن. وعند زفر رحمه الله تنفسخ المضاربة الأولى كما لو دفعه إعانة.
[نفقة المضارب إذا عمل في المصر بدون سفر]
م: (قال) ش: في " الجامع الصغير ": م: (وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال) ش: الاحتباس على ما يجيء م: (وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه) ش: بفتح الراء وهو ما يركب عليه، قال الله تعالى:{فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} [يس: 72](يس: الآية 72) م: (ومعناه) ش: أي معنى ركوبه أي معنى كون ركوبه في المال م: (شراء وكراء) ش: أي من حيث الشراء ومن حيث الكراء.
أراد أن المضارب في السفر له أن يركب إما بشراء دابة أو بكراء بها م: (في المال) ش: أي في مال المضاربة وهو ظرف للجميع والشرط أن يكون ذلك كله بالمعروف، وبه قال مالك وأبو ثور والحسن والنخعي والأوزاعي وإسحاق. وقال الشافعي رحمه الله فنفقته في مال نفسه في صورة يجوز له السفر بالإذن، وبه قال ابن سيرين وحماد بن أبي سليمان.
م: (ووجه الفرق) ش: أي بين ما إذا عمل في المصر حيث لا نفقة له في مال المضاربة وبين ما إذا عمل في السفر حيث يجب فيه م: (أن النفقة تجب بإزاء الاحتباس كنفقة القاضي ونفقة المرأة) ش: لأن القاضي محبوس لمصالح العامة والمرأة محبوسة في منزل الزوج م: (والمضارب في المصر ساكن بالسكنى الأصلي) ش: لا المضاربة.
م: (وإذا سافر صار محبوسًا بالمضاربة) ش: بالعمل للمضاربة م: (فيستحق النفقة فيه) ش: أي في مال المضاربة لأجل الاحتباس م: (وهذا) ش: أي الحكم م: (بخلاف الأجير لأنه يستحق البدل لا محالة) ش: لكونه يعمل ببدل فكان البدل واجبًا له مطلقًا م: (فلا يتضرر بالإنفاق من ماله) ش: أي من مال نفسه لأنه عامل ببدل مضمون في ذمة المستأجر، وذلك يصح له بيقين، بخلاف المضارب فإنه غير مستوجب بدلائل حقه في ربح عسى يحصل وعسى لا يحصل فلا بد أن يجعل له بإزاء ما يحمله من المشقة شيئًا معلومًا.
أشار إلى هذا المعنى بقوله: م: (أما المضارب فليس له إلا الربح وهو في حيز التردد) ش:
فلو أنفق من ماله يتضرر به، وبخلاف المضاربة الفاسدة؛ لأنه أجير، وبخلاف البضاعة لأنه متبرع.
قال: ولو بقي شيء في يده بعدما قدم مصره رده في المضاربة؛ لانتهاء الاستحقاق. ولو كان خروجه دون السفر فإن كان بحيث يغدو ثم يروح فيبيت بأهله فهو بمنزلة السوقي في المصر. وإن كان بحيث لا يبيت بأهله فنفقته في مال المضاربة؛ لأن خروجه للمضاربة. والنفقة هي ما يصرف إلى الحاجة الراتبة وهو ما ذكرنا، ومن جملة ذلك غسل ثيابه
ــ
[البناية]
يعني بين أن يكون وبين أن لا يكون م: (فلو أنفق من ماله يتضرر به) ش: أي بالإنفاق من مال نفسه، كالشريك إذا سافر بمال الشركة؛ فنفقته في ذلك المال، روي عن محمد ذلك م:(وبخلاف المضاربة الفاسدة، لأنه أجير) ش: فلا نفقة له م: (وبخلاف البضاعة، لأنه متبرع) ش: أي بالعمل فلا يجب له النفقة.
م: (قال) ش: لو لم يذكر لفظة قال لكان أصوب، لأن المسألة لم تذكر في الجامع الصغير ولا في القدوري، ولهذا لم يذكرها في البداية، وإنما ذكرت المسألة في " المبسوط " م:(ولو بقي شيء في يده) ش: أي في يد المضارب م: (بعدما قدم مصره رده في المضاربة لانتهاء الاستحقاق) ش: والحكم ينتهي بانتهاء علته وذلك كالحاج عن الغير إذا بقي معه شيء من النفقة بعد رجوعه يجب عليه رده وكالمولى إذا نقل الأمة المبتدئة للخدمة وبقي شيء معها من النفقة كان للزوج أن يسترد ذلك منها كذا في " المبسوط ".
م: (ولو كان خروجه) ش: أي خروج المضارب من بلده م: دون السفر) ش: وهو مسيرة ثلاثة أيام م: (فإن كان بحيث يغدو ثم يروح فيبيت بأهله فهو بمنزلة السوقي في المصر) ش: لأن أهل السوق يتجرون في المصر ثم يبيتون في منازلهم م: (وإن كان بحيث لا يبيت بأهله فنفقته في مال المضاربة، لأن خروجه للمضاربة) ش: فصار كالخروج للسفر م: (والنفقة) ش: أشار به إلى تفسير النفقة الواجبة للمضارب م: (هي ما يصرف إلى الحاجة الراتبة) ش: أي الثابتة اللازمة التي لا بد منها م: (وهو) ش: أي الذي يصرف إلى الحاجة الراتبة م: (ما ذكرنا) ش: أراد به ما ذكرناه فيما قبل من طعامه وشرابه وكسوته وركوبه م: (ومن جملة ذلك) ش: أي من الذي يصرف إلى الحاجة الراتبة م: (غسل ثيابه) ش: لأنه ضروري.
وكذا أجرة الحجام والحلاق، نص عليه في " الفوائد الظهيرية " والقياس يأبى ذلك، لأنه لا يحتاج إليها في عموم الأوقات، ولكن هذا من صنيع التجار حيث يتنظفون بإزالة الوسخ وقص الشارب وحلق الرأس لتزداد رغبات الناس في المعاملات، فإن الإنسان إذا كان وسخ الثياب طويل الشعر يعد من المفاليس عادة فيقل معاملوه فصارت هذه الأشياء كالنفقة الراتبة، وكذا ثمن الخرص والصابون دون الحجام والفصاد.