الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن العين متقوم في نفسه وهو الموجب الأصلي، فإن صحت التسمية انتقل عنه وإلا فلا.
ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور، إلا أن يسمي جملة شهور معلومة؛ لأن الأصل أن كلمة كل إذا دخلت فيما لا نهاية له تنصرف إلى الواحد لتعذر العمل بالعموم، فكان الشهر الواحد معلوما فصح العقد فيه.
ــ
[البناية]
كما في البيع الفاسد، فأجاب بقوله بخلاف البيع م:(لأن العين متقوم في نفسه) ش: يعني بالأصالة بلا ضرورة م: (وهو الموجب الأصلي) ش: أي القيمة هو الموجب الأصلي، وذكر الضمير لتذكير الخبر.
م: (فإن صحت التسمية) ش: في البيع م: (انتقل عنه) ش: أي عن الموجب الأصلي الذي هو القيمة إلى المسمى لصحة التسمية، والضمير في انتقل يرجع إلى الواجب الذي دل عليه قوله هو الموجب الأصلي، وهو أقرب من قول الكاكي انتقل إلى التسمية على تأويل ذكر التسمية، وكذا من قول الأترازي أي انتقل البدل عن الموجب الأصلي إلى المسمى م:(وإلا فلا) ش: أي وإن لم تصح التسمية فلا ينتقل الواجب على الموجب الأصلي الذي هو القيمة.
وفي " شرح الطحاوي ": في الإجارة الفاسدة لا يجب الأجر إذا لم ينتفع بها عندنا وأحمد، وعند الشافعي ومالك يجب أجر المثل بالتمكن ومن الاستيفاء كالصحيح. ولو استأجر شيئا ثم أجره قبل قبضه لا يجوز بلا خلاف. وقيل: يجوز في العقار عند أبي حنيفة.
وإن أجره بعد القبض يجوز بلا خلاف. فلو كانت أجرة الثانية أكثر لا يطيب له الفضل عندنا والثوري والشعبي والنخعي وابن المسيب وأحمد في رواية. وقال الشافعي وأحمد في آخره وأبو ثور وعطاء والحسن والزهري: يطيب له.
[حكم من استأجر دارا كل شهر بدرهم]
م: (ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور إلا أن يسمي جملة شهور معلومة) ش: بأن يقول عشرة أشهر كل شهر بدرهم، وبه قال الشافعي في الأجل. واختاره الإصطخري وأحمد وقال الشافعي في الأصح: الإجارة باطلة. وقال مالك: الإجارة صحيحة، وكلما مضى شهر استحق الأجرة؛ لأن الإجارة لا تكون لازمة عنده، لأن المنافع مقدرة بتقدير الأجر فلا يحتاج إلى ذكر المدة.
م: (لأن الأصل أن كلمة كل إذا دخلت فيما لا نهاية له تنصرف إلى الواحد لتعذر العمل بالعموم) ش: لأن جملة الشهور مجهولة والبعض منها غير محصور، وترجيح البعض من الشهور المتوسط بين الأدنى والجمع ترجيح بلا مرجح، والواحد منها معلوم متيقن فيصح العقد فيه وهو معنى قوله: م: (فكان الشهر الواحد معلوما فصح العقد فيه) ش: أي في الشهر الواحد.
وإذا تم كان لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة لانتهاء العقد الصحيح. فلو سمى جملة شهور معلومة جاز؛ لأن المدة صارت معلومة. قال: فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه، وليس للمؤاجر أن يخرجه إلى أن ينقضي، وكذلك كل شهر يسكن في أوله؛ لأنه تم العقد بتراضيهما بالسكنى في الشهر الثاني، إلا أن الذي ذكره في الكتاب هو القياس وقد مال إليه بعض المشايخ، وظاهر الرواية أنه يبقى الخيار لكل واحد منهما في الليلة الأولى من الشهر الثاني ويومها؛ لأن في اعتبار الأول بعض الحرج.
ــ
[البناية]
فإن قيل: إذا كان العقد فاسدا في بقية الشهور لكان الفسخ جائزا في الحال.
أجيب: بأن الإجارة من العقود المضافة وانعقاد الإجارة في أول الشهر فقبل الانعقاد وكيف يفسخ. م: (وإذا تم) ش: أي الشهر م: (كان لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة لانتهاء العقد الصحيح) ش: الذي كان في شهر واحد.
ثم إذا فسخ أحدهما الإجارة من غير محضر الأخير هل يصح؟
قال بعض المشايخ على قول أبي يوسف: يصح، وعلى قولهما لا يصح. وقال بعضهم: لا يصح إلا بحضرة صاحبه بالاتفاق كذا في " الذخيرة " م: (فلو سمى جملة شهور معلومة جاز، لأن المدة صارت معلومة) ش: فارتفعت الجهالة، ويجوز في معلومة الأولى الوجهان النصب على الحال من الشهور، والجر على الوصفية.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه) ش: لأن التراضي منهما جرى مجرى ابتداء العقد كالبيع بالتعاطي، وبه قال أحمد خلافا للشافعي م:(وليس للمؤاجر أن يخرجه إلى أن ينقضي) ش: أي الشهر، والكلام في المؤاجر قد مر مرة.
م: (وكذلك كل شهر يسكن في أوله، لأنه تم العقد بتراضيهما بالسكنى في الشهر الثاني) ش: أي كذلك يصح العقد في كل شهر يسكن في أوله ويتم أجرا م: (إلا أن الذي ذكره في الكتاب) ش: أي القدوري م: (هو القياس، وقد مال إليه بعض المشايخ) ش: من المتأخرين، لأن رأس كل شهر في الحقيقة هو الساعة التي يهل فيها الهلال فإذا هل مضى رأس الشهر فلا يمكن الفسخ.
م: (وظاهر الرواية أن يبقى الخيار لكل واحد منهما في الليلة الأولى من الشهر الثاني ويومها، لأن في اعتبار الأول بعض الحرج) ش: لأن رأس الشهر في العرف هو الليلة الأولى ويومها، فيبقى الخيار فيها اعتبارا للعرف.
واعلم أن مشايخنا قد اختلفوا في وقت الفسخ بعد تمام الشهر قال بعضهم: لكل واحد منهما حق الفسخ حين يتم الشهر الأول، أعني حين يهل الهلال حتى إذا سكن من الشهر الثاني
وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز، وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة؛ لأن المدة معلومة بدون التقسيم، فصار كإجارة شهر واحد فإنه جائز، وإن لم يبين قسط كل يوم. ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى، وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره؛ لأن الأوقات كلها في حق
ــ
[البناية]
ساعة لا يبقى حق الفسخ بعد ذلك، وإليه ذهب القدوري وبعض مشايخنا.
وقال الصدر الشهيد في " الواقعات " في باب الإجارة الجائزة بعلامة السين، والصحيح أن يفسخ في الليلة الأولى واليوم الأول من الشهر الثاني والثالث، فإن خيار الفسخ إنما يثبت له في أول شهر، وأول الشهر هذا. وقال بعض مشايخنا: له الفسخ في الليلة الأولى ويومها، واختاره صاحب " الهداية ".
وفي " الذخيرة " قيل: لم يرد محمد بقوله لكل منهما أن ينقض الإجارة رأس الشهر من حيث الحقيقة، بل مراده رأس الشهر عرفا وعادة هو الليلة التي يهل فيها مع يومها، كما قال محمد في كتاب " الأيمان ": حلف ليقضين حقه رأس الشهر فقضاه في الليلة التي يهل فيها لم يحنث استحسانا، وقيل: طريق فسخه أن يقول الفاسخ قبل مجيء الشهر: فسخت الإجارة رأس الشهر فتفسخ الإجارة إذا هل، إذا عقد الإجارة مضافا يصح، وكذا فسخه.
وذكر الحاكم أحمد السمرقندي في شروطه في هذه المسألة: لو أعجل أجرة شهرين أو ثلاثة وقبض الأجر ذلك ليس في أحدهما الفسخ في قدر ما عجل به. إذ التعجيل دلالة العقد فيما عجل. ثم إذا فسخ أحدهما الإجارة من غير محضر صاحبه هل يصح؟ من مشايخنا من قال: إنه على الخلاف على قول أبي حنيفة ومحمد لا يصح. وعلى قول أبي يوسف يصح، ومنهم من قال: لا يصح الفسخ هنا إلا بمحضر من صاحبه بلا خلاف، كذا في " الذخيرة ".
م: (وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز، وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة، لأن المدة معلومة بدون التقسيم فصار كإجارة شهر واحد، فإنه جائز وإن لم يبين قسط كل يوم) ش: هاتان مسألتان لا يعلم فيهما خلاف، كذا قال الكاكي.
قيل: قال القدوري في شرحه لمختصر الكرخي: وقال الشافعي: على القول الذي يجوز الإجارة أكثر من سنة لا يجوز حتى يبين حصة كل سنة.
قلت: هذا الخلاف فيما إذا أجر داره سنين معلومة، فإنه يصح عندنا وإن لم يذكر قسط كل سنة م:(ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى) ش: أي من الوقت الذي سمى بأن يقول من شهر رجب من هذه السنة مثلا.
م: (وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره، لأن الأوقات كلها في حق
الإجارة على السواء فأشبه اليمين، بخلاف الصوم؛ لأن الليالي ليست بمحل له. ثم إن كان العقد حين يهل الهلال فشهور السنة كلها بالأهلة لأنها هي الأصل. وإن كان في أثناء الشهر فالكل بالأيام عند أبي حنيفة رحمه الله وهو رواية عن أبي
ــ
[البناية]
الإجارة على السواء) ش: لذكر الشهر منكور، وفي مثله بيقين الزمان الذي يتعقب السبب م:(فأشبه اليمين) ش: كما إذا حلف لا يكلم فلانا شهرا تعين الشهر الذي وجد منه اليمين فيه، لأن الظاهر من حال العاقد أن يقصد صحة العقد، وصحته بذلك لتعينه لعدم المزاحم م:(بخلاف الصوم) ش: حيث لا يتعين الشهر الذي يعقب نذره فيما إذا نذر أن يصوم شهرا ما لم يعينه، لأن الأوقات كلها ليست فيه على السواء م:(لأن الليالي ليست بمحل له) ش: يوضحه أن الشروع في الصوم لا يكون إلا بعزيمة منه، وربما لا يقترن ذلك بالسبب.
م: (ثم إن كان العقد حين يُهَل الهلال) ش: بضم الياء وفتح الهاء على بناء المفعول أي حين يبصر الهلال، أراد به اليوم الأول من الشهر، كذا قاله الكاكي. وقال الأترازي يجوز على صيغة المبني للفاعل، وعلى صيغة المبني للمفعول جميعا، قال في الجوهرة: هلَّ الهلال وأهل، ودفع الأصمعي هل وقال: لا يقال إلا أهل وأهللنا نحن إذا رأينا الهلال، وأجاز أبو زيد أهل الهلال.
وفسر بعضهم في شرحه قوله حين يهل الهلال بقوله: أراد به اليوم الأول من الشهر، وفيه نظر، لأنه ليس حين يهل الهلال بل هو أول الليلة الأولى من الشهر وهذا لأنه للمنافاة بين الإجارة والأوقات بل الأيام والليالي فيها سواء فلا حاجة إلى اعتبار المدة من أول أيام الشهر، بل يعتبر من أول الشهر وهو ما قلنا.
قلت: قال السغناقي: أهل الهلال على ما لم يسم فاعله ولم يقل غير هذا، وكفى به حجة، وكذانص عليه تاج الشريعة في شرحه.
م: (فشهور السنة كلها بالأهلة؛ لأنها) ش: أي لأن الأهلة م: (هي الأصل) ش: في الشهور العربية، فمهما كان العمل به ممكنا لا يصار إلى غيره، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189](البقرة: الآية 189) ، والأيام بدل عن الأهلة، وإنما يصار إلى البدل إذا تعذر اعتبار الأصل، وهاهنا ممكن فكان له أن يسكنها إلى أن يهل الهلال من الشهر الداخل.
م: (وإن كان) ش: أي العقد م: (في أثناء الشهر) ش: بأن وقعت الإجارة في نصف الشهر أو بعد مضي أيام م: (فالكل بالأيام عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: فيكون ثلاثمائة وستين يوما. وبه قال الشافعي في قول وأحمد في رواية م: (وهو) ش: أي قول أبي حنيفة م: (رواية عن