الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ويجوز أن يشترط المال حالا ويجوز مؤجلا ومنجما. وقال الشافعي: لا يجوز حالا ولا بد من نجمين،
ــ
[البناية]
نفقتها على مواليها، ولكنها لما علمت إن شاء الله تعالى ما فرض في أموال أهل الأموال لمن كان بمثل حالها حقا بقوله تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وبقوله: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] تعرضت لطلب ذلك، وفي ذلك دلالة بينة على أن المراد بقوله تعالى:{وَآتُوهُمْ} [النور: 33] أهل الأموال.
والدلالة على خطأ من زعم أن قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] يعني به أموال المكاتبين خاصة دون سائر الناس غيرهم، وإنهم أمروا أن يضعوا عنهم من كتابتهم ولولا كان كما قالوا لقال منعوا عنهم من كتابتهم، ولو كان أمر بإعطائهم من مال الله كتابتهم لقال من مال الذي آتاكم، فإذا لم يكن ذلك محصورا على أموالهم كان معلوما أنه خطاب لذوي الأموال بإتيانهم ما فرض الله لهم في أموالهم، انتهى.
ولئن سلمنا أن المراد بذلك الموالي فالأمر محمول على الندب كما فعل الشافعي رحمه الله في قَوْله تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] وكما مثل هو وغيره في الأمر بالإشهاد على البيع والكتابة، وقد قالت بريرة: كاتبت أهلي على تسع وأدنى، وقالت عائشة رضي الله عنها إن أحب أهلك أن أعدها لهم، فلو كان الحط واجبا لقال صلى الله عليه وسلم: عليها أقل من ذلك إن عليهم أن يحطوا عنها ولأخبر عائشة رضي الله عنها بسقوط البعض عنها.
وفي الصحيح أن بريرة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعين في كتابتها، فقال صلى الله عليه وسلم:«اقضي عنك كتابتك» فدل على وجوب الجميع عليها ولا يرون حطيطه لها منه، وأعان صلى الله عليه وسلم سلمان على كتابته ولم يأخذ مولاه بحط شيء منها وكل ما ذكره البيهقي في هذا الباب عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم وضعوا شيئا من الكتابة فليس في شيء منه أنهم كانوا يرون ذلك واجبا عليهم فحمل على أنهم فعلوا ذلك على سبيل الندب والفضل.
[حكم اشتراط تعجيل المال أو تأجيله في الكتابة]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويجوز أن يشترط المال حالا) ش: أراد بالمال بدل الكتابة م: (ويجوز مؤجلا) ش: بأن يجعله إلى شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين م: (ومنجما) ش: أي مقسطا مؤقتا، واشتقاقه من النجم وهو الساطع، ثم سمي به الوقت، ومنه سمي المنجم، ثم سمي ما يؤدي فيه من الوظيفة، ثم منه فقالوا: نجمت المال إذا أديت نجوما، والكتابة الحالة مثل أن يقول كاتبتك على ألف درهم، وبه صرح الولوالجي في " فتاواه "، والكتابة المؤجلة مثل أن يقول كاتبتك على ألف درهم إلى سنة يؤدي كل شهر من النجم، كذا وكل ذلك جائز.
م: (وقال الشافعي: لا يجوز حالا) ش: غير مؤجل م: (ولا بد من نجمين) ش: وبه قال
لأنه عاجز عن التسليم في زمان قليل لعدم الأهلية قبله للرق، بخلاف السلم على أصله؛ لأنه أهل للملك، فكان احتمال القدرة ثابتا، وقد دل الإقدام على العقد عليها، فتثبت به ولنا ظاهر ما تلونا من غير شرط التنجيم، ولأنه عقد معاوضة والبدل معقود به فأشبه الثمن في البيع في عدم اشتراط القدرة عليه،
ــ
[البناية]
أحمد في ظاهر الرواية م: (لأنه عاجز عن التسليم في زمان قليل) ش: أي لأن المكاتب لا يقدر على أداء البدل في الحال م: (لعدم الأهلية قبله للرق) ش: أي لعدم أهلية الملك قبل عقد الكتابة لأجل الرق، لأنه كان مملوكا لا يقدر على شيء وفي زمان يسير لا تثبت القدرة عادة على الكسب على مال كثير.
م: (بخلاف السلم على أصله) ش: أي بخلاف السلم على أصل الشافعي رحمه الله حيث جوزه م: (لأنه أهل للملك) ش: أي لأن المسلم إليه أهل للملك قبل العقد لا يقال هذا إضمار قبل الذكر، لأنا لا نقول السلم يدل عليه، لأنه لا تقوم إلا بالمتعاقدين أحدهما المسلم إليه م:(فكان احتمال القدرة ثابتا) ش: وهو عقد جرى بين الحرين والظاهر هو القدرة على ما التزمه م: (وقد دل الإقدام على العقد عليها فثبت به) ش: أي إقدام المسلم إليه على عقد السلم عليها أي على القدرة فتثبت أي القدرة.
ولقائل أن يقول: احتمال القدرة في حق المكاتب أثبت، لأن المسلمين مأمورون بإعانته والطرق متسعة استدانة وقرض واستيهاب، واستعانة بالزكاة والكفارات والعشور والصدقات، وقد دل الإقدام على العقد عليها فتثبت.
م: (ولنا ظاهر ما تلونا) ش: وهو قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] م: (من غير شرط التنجيم) ش: والتأجيل فلا جواز على النص بالرأي وبقولنا قال مالك رحمه الله وفي " الجواهر " قال أبو بكرة: ظاهر قول مالك رحمه الله أن التنجيم والتأجيل شرط فيه، ثم قال: وعلماؤنا النظار يقولون إن الكتابة الحالة جائزة ويسمونها قطاعة وهو القياس.
م: (لأنه) ش: أي ولأن عقد الكتابة م: (عقد معاوضة والبدل معقود به) ش: أي بالعقد، تحرير هذا الكلام أن عقد المعاوضة يعتمد المعقود عليه ولا بد منه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ووجود المعقود به ليس كذلك للإجماع على جواز اتباع من لا يملك الثمن وبدل الكتابة معقود به لا محالة م:(فأشبه الثمن في البيع في عدم اشتراط القدرة عليه) ش: أي على الثمن.
والحاصل أن بدل الكتابة ثمن من وجه، وهذا لا يجوز الاستدلال به على القبض وبيع من وجه، وهذا عجز عن الأداء يفسخ العقد فوفرنا على الشبهين حظهما لذلك الفسخ عند العجز،