الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبخلاف ما إذا أجر من رجلين؛ لأن التسليم يقع جملة ثم الشيوع بتفرق الملك فيما بينهما طارئ.
قال: ويجوز
استئجار الظئر
بأجرة معلومة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6](الطلاق: الآية 6) ، ولأن التعامل به كان جاريا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله وأقرهم عليه.
ــ
[البناية]
م: (وبخلاف ما إذا أجر من رجلين، لأن التسليم يقع جملة) ش: لأن العقد أضيف إلى كل الدار، ولا شيوع فيه، لأن كل واحد منهما يستوفي منافعها على ملك المؤجر ويخرج من ملكه جملة م:(ثم الشيوع) ش: الحاصل م: (بتفرق الملك فيما بينهما طارئ) ش: يعني بعد ثبوت الملك لهما، فيتحقق بعد العقد، فيكون طارئا.
فإن قيل: لا نسلم أنه طارئ بل هو مقارن، لأنها تنعقد ساعة فساعة.
أجيب: بأن بقاء الإجارة له حكم الابتداء من وجه لأنها عقد لازم، فلا يكون مقارنا.
قيل: هذا الجواب فاسد، لأن العقد الغير اللازم هو الذي يكون للبقاء فيه حكم الابتداء كما تقدم في الوكالة على أنه لو ثبت هنا ابتداء ذو بقاء سقط الاعتراض، وإنما الخصم يقول لا بقاء للعقد فيها. والصواب أن يقال الطرآن إنما يكون على التسليم لا على العقد، وذلك مما لا شك فيه.
فإن قيل: ينبغي أن تجوز الهبة في اثنين، لأن الشيوع الطارئ فيهما لا يمنع أيضا.
قلت: عدم العلة لا يوجب عدم الحكم لجواز ثبوته لعله أخرى، وهنا لم يوجد قران الشيوع في الهبة، ولكن وجد مانع آخر وهو عدم إمكان القبض إلا في ضمن قبض نصيب الآخر، والضمني كالعدم. والقبض منصوص عيه في الهبة فاعتبر كماله، والكمال مع كونه ضمنيا لا يتصور.
[استئجار الظئر]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويجوز استئجار الظئر) ش: بكسر الظاء المعجمة وسكون الهمزة وهي المرضعة.
م: (بأجرة معلومة) ش: قيد به لأن الأجرة إذا كانت مجهولة لا تصح م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] (الطلاق: الآية 6) ش: المراد بعد الطلاق، أي فإن أرضعن أولادكم لأجلكم فأعطوهن أجورهن، أمر بإيتاء أجورهن فيكون دليلا على جواز إجارة الظئر، يعني إذا لم يتطوعن.
م: (ولأن التعامل به) ش: أي باستئجار الظئر م: (كان جاريا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ش: أي في زمانه م: (وقبله) ش: أي قبل عهده م: (وأقرهم عليه) ش: أي على التعامل به، وتقريرهم
ثم قيل إن العقد يقع على المنافع وهي خدمتها للصبي والقيام به، واللبن يستحق على طريق التبع بمنزلة الصبغ في الثوب. وقيل إن العقد يقع على اللبن والخدمة تابعة، ولهذا لو أرضعته بلبن شاة لا تستحق الأجر، والأول أقرب إلى الفقه؛ لأن عقد الإجارة لا ينعقد على إتلاف الأعيان مقصودا، كما إذا استأجر بقرة ليشرب لبنها.
ــ
[البناية]
عليه تشريع لهم بذلك م: (ثم قيل) ش: قائله صاحب " الإيضاح "، وصاحب " الذخيرة " وبعض أصحاب أحمد والشافعي م:(إن العقد يقع على المنافع وهي خدمتها للصبي والقيام به) ش: أي بأموره م: (واللبن يستحق على طريق التبع بمنزلة الصبغ في الثوب) ش: فيكون كالاستئجار على الخدمة.
م: (وقيل) ش: أي قائله شمس الأئمة السرخسي م: (إن العقد يقع على اللبن والخدمة تابعة) ش: قال شمس الأئمة في " المبسوط ": والأصح أن العقد يرد على اللبن، لأنه هو المقصود وما سوى ذلك من القيام بمصالحه تبع م:(ولهذا) ش: توضيح لما ذهب إليه شمس الأئمة م: (لو أرضعته) ش: أي لو أرضعت الظئر الصغير م: (بلبن شاة لا تستحق الأجر) ش: فدل أن اللبن غير تابع بل معقود عليه م: (والأول أقرب إلى الفقه) ش: أشار بهذا إلى أنه اختار هذا القول، أي القول الأول أقرب إلى الأصول م:(لأن عقد الإجارة لا ينعقد على إتلاف الأعيان مقصودا كما إذا استأجر بقرة ليشرب لبنها) ش: فإنه لا يجوز، واختار حافظ الدين أيضا هذا القول حيث قال في الكافي: والصحيح هو الأول.
وقال السغناقي: قال شمس الأئمة في " المبسوط ": وزعم بعض المتأخرين أن المعقود عليه المنفعة وهي القيام بخدمة الصبي وما يحتاج إليه. وأما اللبن فيمنع فيه، لأن اللبن عين والعين لا تستحق بعقد الإجارة كلبن الأنعام.
ثم قال: والأصح أن العقد يرد على اللبن، لأنه هو المقصود، وما سوى ذلك من القيام بمصالحه تبع، والمعقود عليه ما هو المقصود وهو منفعة الثدي ومنفعة كل عضو على حسب ما يليق به، هكذا ذكر ابن سماعة عن محمد رحمه الله، فإنه قال: استحقاق لبن الآدمية بعقد الإجارة دليل على أنه لا يجوز بيعه.
وجواز بيع لبن الأنعام دليل على أنه لا يجوز استحقاقه. وقد ذكر في الكتاب إنها لو ربت الصبي بلبن الأنعام لا تستحق الأجر وقد قامت بمصالحه، فلو كان اللبن تبعا ولم يكن البدل مقابله لا يستوجب الأجر.
ثم قال السغناقي: عجبا لمن تبع بعد هذا الإمام الكبير وبعد أن رأى مثل هذا الدليل الواضح والرواية المنصوصة عن محمد رحمه الله رأي من خالفه وليس هذا إلا تقليد صرف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وقال صاحب العناية: الدليل ليس بواضح، لأن مدار قوله لأنه هو المقصود وهو ممنوع، بل المقصود هو الإرضاع وانتظام أمر معاش الصبي على وجه خاص يتعلق بأمور وسائط منها اللبن فجعل العين المربية منفعة ونقض القاعدة الكلية أن عقد الإجارة عقد على إتلاف المنافع مع الغنى عن ذلك بما هو وجه صحيح ليس بواضح ولا نسلم له بما روى ابن سماعة عن محمد رحمه الله لأنه ليس بظاهر الرواية.
ولئن كان فنحن بمعنى أن يستحق بعقد الإجارة وإنما الكلام في استحقاقه من حيث كونه مقصودا أو تبعا وليس في كلام محمد ما يدل على شيء من ذلك.
قلت: قول شمس الأئمة هو الأقرب إلى الفقه، لأن الأعيان تحدث شيئا فشيئا من يقع أصلها بمنزلة المنافع فتجوز إجارتها كالعارية لمن ينتفع بالمتاع ثم يرده، والعرية لمن يأكل ثمرة الشجرة ثم يردها، والمتخذ لمن يشرب لبن الشاة ثم يردها، وإجارة الظئر ثابتة بنص القرآن الموافق للقياس الصحيح.
فيجب أن يكون أصلا يقاس عليها إجارة الشجر لثمرها وإجارة البقر للبنها والشاة ونحوها لا أن تجعل إجارة البقر لشرب لبنها باطلة ويقاس عليها إجارة الظئر كما ذكره المصنف.
وقد نص مالك على جواز إجارة الحيوان مدة للبنه، ثم من أصحابه من جوز ذلك مطلقا تبعا لنصه، ومنهم من منعه، ومنهم من شرط فيه شروطا.
وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه ضمن حديقة أسيد بن حضير ثلاث سنين، وهذا بمشهد من الصحابة ولم يرد أن أحدا منهم أنكره عليه.
وجوز ذلك بعض أصحاب أحمد، وجوز مالك ذلك تبعا للأرض قدر الثلث ولا شك أن المقصود من الظئر إنما هو اللبن والحمل والخدمة فتبع.
وإذا قيل: إن الخدمة هي الأصل كان في ذلك قلب للوضع، ونظير ذلك ما قيل في الحمام، وأن الأجرة في مقابله العقود في الحمام، وإن استعمال الماء الجاري فيه تبع، وهذا قلب الموضوع أيضا.
بل الحق أن استئجار الظئر إنما هو لإرضاع الولد بلبنها على جاري العادة في ذلك، وإن حمله وإلقامه الثدي ونحو ذلك تبع غير مقصود بالقصد الأول. ومن كابر في ذلك كان بمنزلة المكابر في الحسيات.
وكذلك دخول الحمام إنما هو المقصود فيه بالقصد الأول استعمال مائه. وكيف يقول
وسنبين العذر عن الإرضاع بلبن الشاة إن شاء الله تعالى. وإذا ثبت ما ذكرنا يصح إذا كانت الأجرة معلومة اعتبارا بالاستئجار على الخدمة
قال: ويجوز بطعامها وكسوتها استحسانا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: لا يجوز؛ لأن الأجرة مجهولة
ــ
[البناية]
صاحب العناية بل المقصود هو الإرضاع إلى آخره، حيث يجعل اللبن مع كونه أصلا ومقصودا بالذات فرعا وجزءا من جملة الأمور والوسائط التي يتعلق بها انتظام أمر الصبي.
وكيف يقول لما روى ابن سماعة عن محمد غير ظاهر الرواية، وهو من كبار أصحاب محمد وأبي يوسف القاضي وكان من العلماء الكبار الصالحين وكان يصلي كل يوم مائة ركعة.
م: (وسنبين العذر عن الإرضاع بلبن الشاة إن شاء الله تعالى) ش: أراد به الجواب عن قول أهل المقالة الثانية حيث قالوا: ولهذا لو أرضعته بلبن شاة لا تستحق الأجر وسيأتي ذلك قريبا من صفحة، بقوله: لأنها لم تأت بعمل فتستحق عليها م: (وإذا ثبت ما ذكرنا) ش: يعني من جواز الإجارة بأحد الطريقين.
م: (يصح إذا كانت الأجرة معلومة اعتبارا بالاستئجار على الخدمة) ش: يعني أن الإجارة لما جازت باعتبار الخدمة فتعتبر باستئجار العبد للخدمة، فكل ما جاز ثمة يجوز هنا، وكل ما لا يجوز ثمة لا يجوز هنا، غير أن جواز استئجار الظئر بالطعام والكسوة باعتبار أنها لا تفضي إلى المنازعة.
قيل: هذا تكرار لأنه قد علم من أول المسألة جوازها، حيث صدر الحكم فاستدل فلم يقع هذا التكرار؟
أجيب: أنه أثبت أولا جوازها بالكتاب والسنة ثم رجع إلى إثباتها بالقياس. ويجوز أن يكون توطئة لقوله: ويجوز بطعامها وكسوتها، يعني جازت بأجرة معلومة كسائر الإجارات وبطعامها وكسوتها أيضا، والأصوب أن يجاب بما قلنا آنفا، يعني غرضه من هذا أن يبين أن استئجار الظئر كاستئجار العبد على الخدمة، فكل ما جاز هناك يجوز هنا والعكس أيضا مع اعتبار أمر آخر هنا كما ذكرناه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويجوز بطعامها وكسوتها استحسانا عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال مالك وأحمد في حاوي الحنابلة. ويصح استئجار الظئر بطعامها وكسوتها ولها الوسط، ومع النزاع كإطعام الكفارة.
م: (وقالا: لا يجوز، لأن الأجرة مجهولة) ش: لأن الطعام مجهول الجنس والقدر والصفة، وكذا الكسوة، وبه قال الشافعي.
فصار كما إذا استأجرها للخبز والطبخ. وله أن الجهالة لا تفضي إلى المنازعة؛ لأن في العادة التوسعة على الأظآر شفقة على الأولاد، فصار كبيع قفيز من صبرة. بخلاف الخبز والطبخ؛ لأن الجهالة فيه تفضي إلى المنازعة. وفي " الجامع الصغير " فإن سمى الطعام دراهم ووصف جنس الكسوة وأجلها وذرعها فهو جائز، يعني بالإجماع، ومعنى تسمية الطعام دراهم أن يجعل الأجرة دراهم ثم يدفع الطعام مكانها، وهذا لا جهالة فيه ولو سمى الطعام وبين قدره جاز أيضا لما قلنا
ــ
[البناية]
وفي شرح " الكافي ": قال أبو يوسف ومحمد: إن سموا لها طول كل ثوب وعرضه ورفعته وضروبا لذلك أجلا فهو جائز، وكذلك الطعام إن سموا لها كل يوم كيلا من الدقيق فهو جائز، وإنما وجب لها الوسط من الطعام والكسوة إذا لم يوصف عند أبي حنيفة، لأن البدل إذا ثبت في الذمة مطلقا وجب الوسط منه، كالمهر والدية م:(فصار كما إذا استأجرها للخبز والطبخ) ش: يعني كما استأجر امرأة للخبز له كل يوم عشرة أمناء وتطبخ له عشرة أرطال من اللحم مثلا، وتكون الأجرة الطعام والكسوة فإنه لا يجوز، وهذا يلزم مالكا وأحمد فإنهما يخيران ذلك.
م: (وله أن الجهالة) ش: أي الجهالة المذكورة م: (لا تفضي إلى المنازعة؛ لأن في العادة التوسعة على الأظآر شفقة على الأولاد) ش: والجري على موجب مرادهن ولا يمنع إلا الجهالة المفضية إلى المنازعة، والأظآر على وزن أفعال جمع ظئر م:(فصار كبيع قفيز من صبرة) ش: فإنه يجوز وللبائع أن يعطي من أي جانب شاء، لأنها جهالة لا تفضي إلى المنازعة م:(بخلاف الخبز والطبخ، لأن الجهالة فيه تفضي إلى المنازعة) ش: فلذلك لا يجوز.
م: (وفي " الجامع الصغير " فإن سمى الطعام دراهم ووصف جنس الكسوة وأجلها) ش: أي أجل الكسوة، أراد به وقت العطاء م:(وذرعها فهو جائز يعني بالإجماع) ش: ذكر رواية الجامع الصغير إشارة إلى ما يجعله مجمعا عليه بمعرفة الجنس والأجل والمقدار م: (ومعنى تسمية الطعام دراهم أن يجعل الأجرة دراهم ثم يدفع الطعام مكانها) ش: أي مكان المسمى من الدراهم م: (وهذا لا جهالة فيه) ش: أي جعل الأجرة على هذا الوجه لا جهالة فيه.
قال السغناقي: هذا التفسير الذي ذكره لا يستفاد من ذلك اللفظ، ولكن يحتمل أن يكون معناه مسمى الدراهم المقدرة بمقابلة طعامها ثم أعطى الطعام بأن الدراهم المسماة؛ لأنه ذكر في " الجامع الصغير " لفخر الإسلام.
أما إذا سمى الطعام دراهم فإن معناه أن يجعل الدراهم به فلا شك في جوازه ثم يستبدل به طعاما فيصح، قيل: لو زيد في كلام المصنف بعد قوله: أن يجعل الأجرة دراهم لفظة بدلا استفاد المعنى الذي، قاله السغناقي م:(ولو سمى الطعام وبين قدره جاز أيضا لما قلنا) ش: أشار به
ولا يشترط تأجيله؛ لأن أوصافها أثمان، ويشترط بيان مكان الإيفاء عند أبي حنيفة خلافا لهما، وقد ذكرناه في البيوع وفي الكسوة يشترط بيان الأجل أيضا مع بيان القدر والجنس؛ لأنه إنما يصير دينا في الذمة إذا صار مبيعا، وإنما يصير مبيعا عند الأجل كما في السلم.
قال: وليس للمستأجر أن يمنع زوجا من وطئها لأن الوطء حق الزوج فلا يتمكن من إبطال حقه، ألا ترى أن له أن يفسخ الإجارة إذا لم يعلم به صيانة لحقه
ــ
[البناية]
إلى قوله لا جهالة فيه.
م: (ولا يشترط تأجيله) ش: أي تأجيل الطعام المسمى أجرة، م:(لأن أوصافها) ش: أي أوصاف الطعام والتأنيث بتأويل الحنطة م: (أثمان) ش: أراد أن المكيل والموزون إذا كان موصوفا غير مشار ثمن بدليل ثبوته في الذمة فلا يشترط بيان الأجل كما في سائر الأثمان.
وهذا احتراز عن الطعام إذا كان مسلما فيه فإن الطعام فيه مبيع مع كونه دينا فاشترط تأجيله م: (ويشترط بيان مكان الإيفاء عند أبي حنيفة) ش: إن كان له حمل ومؤنة م: (خلافا لهما، وقد ذكرناه في البيوع) ش: أي في باب السلم م: (وفي الكسوة يشترط بيان الأجل أيضا) ش: يعني إذا استأجرها بثياب يشترط فيه جميع شرائط السلم من بيان الأجل م: (مع بيان القدر والجنس) ش: لأن وجوب الثياب دينا في الذمة عرف شرعا.
بخلاف القياس، فيقتصر على مورده، والشرع ورد بطريق السلم فيشترط جميع شرائط السلم م:(لأنه) ش: أي لأن وجوب الكسوة م: (إنما يصير دينا في الذمة إذا صار مبيعا، وإنما يصير مبيعا عند الأجل كما في السلم) ش: وفي بعض النسخ: إنما صار مبيعا والمعنى فهم مما ذكرنا آنفا.
م: (قال: وليس للمستأجر أن يمنع زوجها) ش: أي زوج الظئر م: (من وطئها، لأن الوطء حق الزوج فلا يتمكن) ش: أي المستأجر م: (من إبطال حقه) ش: وبه قال الشافعي وأحمد. وقال مالك: ليس له وطؤها إلا برضى المستأجر، لأنه ينقص اللبن وقد يقطعه بالحبل.
قلنا: الوطء حق مستحق له قبل العقد بعقد النكاح وهو باق فلا يسقط بأمر موهم.
م: (ألا ترى) ش: توضيح لما سبقه م: (أن له) ش: أي لزوج الظئر م: (أن يفسخ الإجارة إذا لم يعلم به) ش: أي بعقد الإجارة م: (صيانة لحقه) ش: أي لحق الزوج، وبه قالت الثلاثة. وعن الشافعي في وجه لا يصلح العقد بغير رضاه وبه قال أحمد رحمه الله ولو زوج بعد عقد الإجارة له الفسخ بالإجماع.
وقيل: إن كان الزوج ممن يشبه أن تكون امرأة ظئرا فله الفسخ لدفع الضرر عنه وإلا لا.
إلا أن المستأجر يمنعه عن غشيانها في منزله؛ لأن المنزل حقه. فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها؛ لأن لبن الحامل يفسد الصبي، فلهذا كان لهم الفسخ إذا مرضت أيضا وعليها أن تصلح طعام الصبي؛ لأن العمل عليها.
ــ
[البناية]
والأصح: أنه له ذلك مطلقا، وهذا كان زوجها معروفا وكان مجهولا لا يعرف أنها امرأته إلا بقولها فليس له الفسخ، لأن العقد قد لزمها وقولها غير مقبول في المستأجر، لأنه يمكن منه المواضعة مع هذا الرجل، وهو نظير المنكوحة إذا كانت مجهولة الحال فأقرت بالرق على نفسها لا يصدق في إبطال النكاح.
م: (إلا أن المستأجر يمنعه) ش: أي يمنع زوج المرضعة م: (عن غشيانها في منزله، لأن المنزل حقه) ش: فلا يدخل إلا بإذنه م: (فإن حبلت) ش: أي الظئر م: (كان لهم) ش: أي لأهل الصغير م: (أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها، لأن لبن الحامل يفسد الصبي فلهذا كان لهم الفسخ إذا مرضت أيضا) ش: وكذا إذا كانت سارقة يخاف منها على المتاع. وكذا إذا تقيأ الصبي لبنها. وكذا إذا كانت فاجرة بينا فجورها، بخلاف ما إذا كانت كافرة حيث لا تفسخ، لأن كفرها في اعتقادها ولا يضر بالصبي. وكذا إذا أرادوا السفر فتأبى الخروج معهم فهو عذر.
وأما عذرها فمرض يصيبها لا تستطيع معه الإرضاع، وكذا إذا لم تكن معروفة بالظؤورة فلها أن تفسخ. وكذا إذا لم يكفوا عن إيصائها بسنتهم كان لها الفسخ، كذا في " المبسوط ".
ولو استأجر امرأته لإرضاع ولده منها لا يجب الأجر، وبه قال الشافعي: والقاضي الحنبلي. وقال مالك وأحمد: يجوز.
قلنا: هذا يجب عليه ديانة وإن كانت لا تجبر على ذلك، كما لو استأجرها لكنس البيت أو الطبخ أو الغسل أو غير ذلك. وفي " المبسوط ": ولو استأجرها لإرضاع ولدها منه بمال الولد، وللولد مال صح في رواية ابن رستم عن محمد ويكون لها الأجرة في مال الولد. ولو استأجرها لإرضاع ولده من غيرها لا يجوز بلا خلاف وكان لها الأجر. ولو استأجر خادمها لترضع ولدا منها لا يجب الأجر.
ولو استأجر مكاتبتها جاز. ولو أرضعت خادمة الظئر الصبي فلها الأجر، لأنه لم يشترط الإرضاع بنفسها، كذا في " الذخيرة ".
وقال أحمد، وأبو ثور: لا أجر لها كما لو اشترى لبن الغنم، ويجوز استئجار أمته وأخته وابنته لرضاع ولده وكذا سائر أقاربه بلا خلاف.
م: (وعليها) ش: أي على الظئر م: (أن تصلح طعام الصبي، لأن العمل عليها) ش: أي العمل
والحاصل أنه يعتبر فيما لا نص عليه العرف في مثل هذا الباب فما جرى به العرف من غسل ثياب الصبي وإصلاح الطعام وغير ذلك فهو على الظئر. أما الطعام فعلى والد الولد. وما ذكر محمد رحمه الله أن الدهن والريحان على الظئر فذلك من عادة أهل الكوفة.
وإن أرضعته في المدة بلبن شاة فلا أجر لها؛ لأنها لم تأت بعمل مستحق عليها وهو الإرضاع، فإن هذا إيجار وليس بإرضاع
ــ
[البناية]
الراجع إلى منفعة الصبي على الظئر. م (والحاصل أنه يعتبر فيما لا نص عليه العرف في مثل هذا الباب) ش: أراد أن الأصل في الإجارة إذا وقعت على عمل فيما كان من توابع ذلك العمل ولم يشترط في الإجارة على الأجير فالمرجع فيه العرف م: (فما جرى به العرف من غسل ثياب الصبي وإصلاح الطعام وغير ذلك فهو على الظئر) ش: وبه قالت الثلاثة.
وعن الشافعي رحمه الله في وجه لا يلزمها. قال تاج الشريعة: أراد غسل الثياب عن البول والغائط لا عن الدرن والوسخ م: (أما الطعام فعلى والد الولد) ش: أراد طعام الصبي.
م: (وما ذكر محمد رحمه الله أن الدهن والريحان على الظئر فذلك من عادة أهل الكوفة) ش: لأن في توابع المقصود يرجع إلى العادة، ولهذا قالوا فيمن استأجر فيمان فالزنبيل واللبن على صاحب اللبن للعرف، وإن كان العرف في بلد على خلافهم يؤخذ به. وقالوا في الخياط الخيط عليه، وحط التراب على القبر على الحافر إن كان في بلد يتعاملون به.
وقالوا في الطباخ إذا استؤجر في عرس إخراج المرق عليه، فإن طبخ قدرا خاصة فليس عليه، وهذا مبني على العادة. وإدخال الحمل المنزل فيما إذا تكارى الدابة فعلى ما يفعله الناس.
فأما الصعود به على السطح أو الغرفة فليس عليه إلا إذا شرط. ولو كان حمالا على ظهره فيجب عليه الإدخال وليس عليه الصعود به للعرف، وأراد بالدهن الزيت غالبا، لأن الصغير لا بد من دهنه بالزيت أحيانا وإن كان يتناول غيره من الأدهان. وأراد بالريحان الآس، وهو الذي يقال له المرسين بلغة أهل مصر، فإن كان الصغير لا يستغنى عنه البتة، والريحان اسم لكل نبت طيبة الريح.
م: (وإن أرضعته في المدة بلبن شاة فلا أجر لها) ش: وبه قالت الثلاثة م: (لأنها لم تأت بعمل مستحق عليها وهو الإرضاع فإن هذا إيجار وليس بإرضاع) ش: هذا هو العذر الموعود قبله بقوله: وسنبين العذر عن الإرضاع بلبن الشاة.
وقال صاحب " العناية ": وهذا دليل ظاهر على ما قدمنا، فإنه إنما لم يجب الأجر لاختلاف العمل لا لانتفاء اللبن، ولهذا لو أوجر الصبي بلبن الظئر في المدة لم يستحق الأجرة
وإنما لم يجب الأجر لهذا المعنى أنه اختلف العمل
ــ
[البناية]
فعلم بهذا أن المعقود عليه هو الإرضاع والعمل دون العين وهو اللبن.
قلت: قد مر الجواب عن هذا على أن السغناقي قال يجوز أن يكون هذا الحكم غير مسلم عند شمس الأئمة رحمه الله قوله: إيجار مصدر أوجرته إذا صببت في وسط فمه دواء. وكذا وجرته. والوجور بفتح الواو اسم لتلك الدواء.
فإن قلت: الظئر أجير خاص أو أجير مشترك؟
قلت: دل كلام مصنف المبسوط أنها أجير خاص، حيث قال: لو ضاع الصبي في يدها أو وقع فمات أو سرق الصبي أو من متاعه وثيابه في يدها لم تضمن الظئر، لأنها بمنزلة الأجير الخاص لورود العقد على منافعها في المدة. ألا ترى أنها ليس لها أن تؤجر نفسها من غيرهم لمثل ذلك العمل، والأجير الخاص أمين فيما في يده.
ودل كلام صاحب " الذخيرة " أنها تجوز أن تكون خاصا وأن يكون مشتركا، فإنها لو أجرت نفسها لقوم آخرين لذلك ولم يعلم الأولون فأرضعت كل واحد منهما وفوعت أثمت، وهذا جناية منها ولها الأجر منهما كاملا على الفريقين وهذا يدل على أنها تحتملها فاعتبار أنها تستحق الأجر منهما كاملا كالأجير المشترك وباعتبار أنها أتمت لما فعلت كالأجير الخاص وفيه نظر لا يخفى.
وقال علاء الدين الأسبيجابي في شرح " الكافي ": المسائل متعارضة في هذا الباب بعضها يدل على أنها في معنى أجير الواحد وبعضها يدل على أنها في معنى الأجير المشترك، والصحيح: أنه إن دفع الولد إليها لترضعه فهي أجير مشترك. وإن حملها إلى منزله فهي أجير واحد.
وقال الكرخي في " مختصره ": والظئر بمنزلة الأجير الخاص وليس لها أن تؤجر نفسها من غير الأولين م: (وإنما لم يجب الأجر لهذا المعنى) ش: وهو المعنى الذي ذكره من قوله، لأنها لم تأت بعمل مستحق عليها
…
إلى آخره.
م: (أنه اختلف العمل) ش: بفتح همزة أن لأنها بدل من المعنى وفي بعض النسخ وهو أنه وفي بعضها: لأنه والصحيح الذي ضبطه مشايخنا هو الأول.
وقال الأسبيجابي في شرح " الكافي ": ولو استأجر ظئرا ترضع صبيا في بيتها فجعلت تؤجر بلبن الغنم وتغذوه بكل ما تصلحه حتى استكمل الحولين ولها لبن لم ترضعه منه بشيء أو ليس لها لبن فلا أجر لها، لأنها لم ترضعه.