الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإن باع المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع من الحملان ونحوه ولا يحتسب ما أنفق على نفسه؛ لأن العرف جار بإلحاق الأول دون الثاني، ولأن الأول يوجب زيادة في المالية بزيادة القيمة والثاني لا يوجبها. قال: فإن كان معه ألف فاشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده، وقد قيل له: اعمل برأيك فهو متطوع؛ لأنه استدانة على رب المال فلا ينتظمه هذا المقال على ما مر. فإن صبغها أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيها ولا يضمن؛ لأنه عين مال قائم به
ــ
[البناية]
المال) ش: أي الذي أنفق المضارب من رأس المال يرفعه رب المال أولا ثم يقسم الربح إن بقي، لأن قسمة الربح إنما شرعت بعد تسليم رأس المال.
[حكم ما أنفقه المضارب على نفسه]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير " م: (فإن باع) ش: أي المضارب م: (المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع من الحملان) ش: بضم الحاء مصدر بمعنى الحمل م: (ونحوه) ش: كأجر السمسار والقصار والصباغ، لكن لا يقول اشتريته بكذا تحرزا عن الكذب، بل يقول تقوم علي بكذا كما بين في المرابحة م:(ولا يحتسب ما أنفق على نفسه، لأن العرف جار) ش: بين التجار م: (بإلحاق الأول) ش: أراد به ما أنفق على المتاع من الحمل ونحوه وأراد بإلحاقه برأس المال م: (دون الثاني) ش: أراد به ما أنفق على نفسه، لأن التجار لم يتعارفوا إلحاق ما أنفقوا على أنفسهم برأس المال م:(ولأن الأول) ش: أي الإنفاق على المتاع م: (يوجب زيادة في المالية بزيادة القيمة والثاني لا يوجبها) ش: كالصبغ والقصر ونحوهما، فإنه يوجب زيادة في غير المتاع، وكالجمل فإنه يوجب زيادة في القيمة، لأن القيمة تختلف باختلاف الأماكن.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير " م: (فإن كان معه) ش: أي مع المضارب م: ألف فاشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده) ش: أي من عند المضاربة م: (وقد قيل له اعمل برأيك) ش: أي والحال أنه قد قيل للمضارب فإن قال له رب المال اعمل برأيك م: (فهو متطوع) ش: أي المضارب متبرع في المائة م: (لأنه) ش: أي لأن هذا الصنيع م: (استدانة على رب المال فلا ينتظمه هذا المقال) ش: يعني قول رب المال له اعمل برأيك م: (على ما مر) ش: عند قوله وقوع لا يملكه إلا أن ينص عليه رب المال وهو الاستدانة.
وفي " المنتقى ": رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاكترى سفينة بمائة درهم، والمال عنده على حاله، ثم اشترى بالألف كله طعامًا وحمله في السفينة فهو متطوع في الكراء، ولو كان اشترى بتسعمائة منها طعامًا وبقيت في يده مائة فأداها في الكراء لم يكن متطوعاً وباعه مرابحة على الكراء م:(فإن صبغها) ش: أي فإن صبغ المضارب الثياب المذكورة م: (أحمر) ش: صفة مصدره محذوف أي صبغا أحمر م: (فهو) ش: أي المضارب م: (شريك) ش: أي لرب المال م: (بما زاد الصبغ فيها ولا يضمن، لأنه) ش: أي لأن الصبغ م: (عين مال قائم به) ش:
حتى إذا بيع كان له حصة الصبغ وحصة الثوب الأبيض على المضاربة،
بخلاف القصارة والحمل؛ لأنه ليس بعين مال قائم به، ولهذا إذا فعله الغاصب ضاع عمله
ــ
[البناية]
أي بالمصبوغ دل عليه قوله فإن صبغها.
وكذا الضمير في به يرجع إلى المصبوغ وفي الحقيقة يرجع إلى الثياب ولكنه لما ذكره أولناه هكذا م: (حتى إذا بيع) ش: أي المصبوغ المذكور م: (كان له) ش: أي للمضارب م: (حصة الصبغ وحصة الثوب الأبيض على المضاربة) ش: حتى إذا كانت قيمة الثوب غير مصبوغ ألفًا ومصبوغ ألفًا ومائتين كان الألف للمضاربة ومائتا درهم للمضارب بدل ماله وهو الصبغ.
فإن قلت: فما حكم سائر الألوان ولم خص الحمرة؟.
قلت: لأن السواد نقصان عند أبي حنيفة، وأما سائر الألوان فكالحمرة، ذكره فخر الإسلام في " الجامع الصغير ".
وقال في " تحرير المحيط ": إن صبغها المضارب بعصفر أو زعفران أو صبغ آخر يزيد في الثوب، فإن كان رب المال قال له اعمل فيه برأيك كان صاحب الثوب بالخيار، فإن شاء ضمن المضارب قيمة ثوبه أبيض، وإن شاء أخذ الثياب وأعطاه قيمة ما زاد الصبغ فيه يوم الخصومة إلا يوم اتصل بثوبه كما في الغاصب.
وهذا إذا لم يكن في مال المضاربة، فأما إذا كان فيقدر ما كان حصة المضارب من الثياب لا يضمنه، فإن لم يفعل رب المال شيئًا من ذلك حتى باع المضارب الثياب جاز بيعه وبرئ من الضمان ولم يكن لرب المال أن يمنعه من البيع، وإذا جاز بيعه فينظر بعد ذلك إن باعها مساومة يقسم الثمن بين رب المال وبين المضارب على قيمة الثياب غير مصبوغة، وعلى قيمتها المصبوغة فتفاوت ما بينهما يكون قيمة الصبغ حتى إنه إذا كان قيمة الثياب غير مصبوغة ألفا وقيمتها مصبوغة ألف ومائتان فالألف للمضاربة والمائتان للمضارب بدل صبغه، وإن باعها مرابحة فإن هذا الثمن ينقسم على الثمن الذي اشترى المضارب الثياب به وعلى قيمة الذي صبغ المضارب به.
م: (بخلاف القصارة) ش: بفتح القاف، لأن القصارة بالكسر حرفة القصار، وبالفتح فعله مصدر من قصر الثوب إذا بيضه م:(والحمل) ش: أي حمل المتاع م: (لأنه) ش: أي لأن كل واحد من القصارة والحمل م: (ليس بعين مال قائم به) ش: أي بالثوب حتى يكون بإزائه بعض الثمن فيكون جميع الثمن للمضاربة. وإنما قال ليس بعين مال قائم لأنه في الحمل ظاهر.
وأما في القصارة فلا تنفي الثوب ولا تزيد فيه شيئًا ويبقى أبيض على ما كان أصله.
م: (ولهذا) ش: توضيح لما قاله من الفرق م: (إذا فعله الغاصب ضاع عمله) ش: يعني لو
ولا يضيع إذا صبغ المغصوب، وإذا صار شريكا بالصبغ انتظمه قوله اعمل برأيك انتظامه الخلط فلا يضمنه.
ــ
[البناية]
قصر الغاصب الثوب الذي غصبه ضاع فعله، حتى لو إن ردت قيمته للمالك أن يأخذه مجانًا.
م: (ولا يضيع) ش: أي فعل الغاصب م: (إذا صبغ المغصوب) ش: حتى إذا صبغه أحمر أو أصفر لم يكن للمالك أن يأخذه مجانًا. بل يتخير رب المال إن شاء أخذ الثوب وأعطاه قيمة ما زاد الصبغ فيه يوم الخصومة لا يوم اتصال ثبوته، وإن شاء ضمنه جميع قيمة الثوب أبيض يوم صبغه وترك الثوب عليه.
م: (وإذا صار) ش: أي المضارب م: (شريكًا) ش: أي لرب المال م: (بالصبغ انتظمه) ش: يعني شمله أي المضارب م: (قوله:) ش: أي قول رب المال م: (اعمل برأيك) ش: يعني أن قوله اعمل برأيك يكون متناولاً لصبغه أحمر م: (انتظامه الخلط) ش: أي كانتظام قوله اعمل برأيك الخلط، يعني خلط مال المضاربة بمال القسمة وبمال غيره.
وانتصاب الالتزام ينزع الحافظ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو الضمير الذي يرجع إلى قوله اعمل برأيك، وقول الخلط بالنصب مفعوله م:(فلا يضمنه) ش: أي إذا كان كذلك فلا يضمن المطلوب الثوب المصبغ، لأن الشركة والخلط بإذن رب المال وبه قال مالك وأحمد، وقال الشافعي: يضمن، وإن قال: اعمل برأيك، وإذا لم يقل له اعمل برأيك يصير غاصبًا فيضمن.