الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: إلا أنه لا يضمن به بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كان بسوقه وقوده؛ لأن الواجب ضمان الآدمي وأنه لا يجب بالعقد، وإنما يجب بالجناية، ولهذا يجب على العاقلة وضمان العقود لا تتحمله العاقلة. قال: وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر فإن شاء ضمنه قيمته في المكان الذي حمله ولا أجر له، وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر وأعطاه أجره بحسابه أما الضمان فلما قلنا
ــ
[البناية]
يهون عليه تجديده وتبديله بأقوى منه م: (قال: إلا أنه) ش: استثناء من قوله مضمون، أي إلا أن الأجير المشترك م:(لا يضمن به) ش: أي بفعله م: (بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كان بسوقه وقوده) ش:
قيل: إذا كان يستمسك على الدابة ويركب وحده وإلا فهو كالمتاع، والصحيح أنه لا فرق.
وكذا رواه ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله في الوضيع، وكذا ذكره التمرتاشي. وفي " الاختيار ": ولو غرقت في موج أو ريح أو صدم جبل أو زوحم الجمال فلا ضمان عليهم، لأنهم لا فعل لهم في ذلك م:(لأن الواجب ضمان الآدمي وأنه) ش: أي ضمان الآدمي م: (لا يجب بالعقد، وإنما يجب بالجناية، ولهذا يجب على العاقلة وضمان العقود لا تتحمله العاقلة) ش: لأنهم لا يتحملون إلا ضمان الجنايات.
[استأجر من يحمل له دنا فوقع في بعض الطريق فانكسر]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر فإن شاء ضمنه قيمته) ش: أي قيمة الدن م: (في المكان الذي حمله ولا أجر له، وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر وأعطاه أجره بحسابه) ش: قال السغناقي إنما وضع المسألة في الفرات، لأن الدنان الجديدة كانت تباع هنالك، قيد بقوله في بعض الطريق، لأنه لو انكسر بعدما انتهى إلى المكان المشروط من جناية يده فلا ضمان عليه وله الأجر. وكذا نقل الإمام صاعد النيسابوري، كذا في " المبسوط ".
وقوله: فانكسر ليس بقيد، فإنه لو كسره عمدا فالحكم كذلك عندنا. وعند زفر والشافعي - رحمهما الله - إن انكسر لا ضمان عليه لما قلنا.
وإن كسره يضمن قيمته في المكان الذي كسره ويعطيه أجر ما حمل. في شرط الطحاوي فلو زحمه الناس حتى انكسر فإنه لا يضمن بالإجماع، لأن ذلك بمنزلة الخرق الغالب والغرق الغالب، ولو أنه هو الذي زحم الناس حتى انكسر فإنه يضمن بالإجماع.
م: (أما الضمان فلما قلنا) ش: أنه أجير مشترك وقد تلف المتاع بصنعه فيضمن، وفي " شرح الطحاوي " والراعي بمنزلة الأجير المشترك إذا كان يرعى للعامة فما تلف من سوقه وضربه إياها بخلاف العادة فإنه يضمن، لأنه من جناية يده. وإذا ساق الدواب على السرعة، فإذا
والسقوط بالعثار أو بانقطاع الحبل وكل ذلك من صنيعه. وأما الخيار فلأنه إذا انكسر في الطريق والحمل شيء واحد تبين أنه وقع تعديا من الابتداء من هذا الوجه. وله وجه آخر وهو أن ابتداء الحمل حصل بإذنه فلم يكن من الابتداء تعديا عند الكسر فيميل إلى أي الوجهين شاء. وفي الوجه الثاني له الأجر بقدر ما استوفى. وفي الوجه الأول لا أجر له؛ لأنه ما استوفى عمله أصلا.
ــ
[البناية]
زحمت على القنطرة ودفعت بعضها بعضا فسقطت إلى الماء وعطبت فإنه يضمن، لأنه من جناية يده. ولو أن رجلا قال: استأجرتك لترعى غنمي خاصة مدة معلومة فهذا أجير الواحد.
وفي " الفتاوى الصغرى ": الراعي إذا كان مشتركا لا يجب عليه رعي الأولاد التي تحدث فإن شرط عليه في أصل العقد يجب عليه رعي الأولاد م: (والسقوط بالعثار) ش: أي سقوط الحامل يحصل بالعثار م: (أو بانقطاع الحبل، وكل ذلك من صنيعه وأما الخيار فلأنه إذا انكسر في الطريق والحمل شيء واحد) ش: أي والحال أن الحمل شيء واحد حكما إذ الحمل المستحق بالعقد ما ينتفع به وهو أن يجعله محمولا إلى موضع بعينه م: (تبين أنه وقع تعديا من الابتداء) ش: أي من ابتداء العقد م: (من هذا الوجه) ش: يتعلق بقوله وقع تعديا، وأراد به الوجه الذي ذكره وهو أن الحمل شيء واحد فيكون انكساره في الطريق كانكساره ابتداء.
م: (وله وجه آخر) ش: أي لوجوب الضمان وجه آخر. م: (وهو أن ابتداء الحمل حصل بإذنه فلم يكن من الابتداء تعديا) ش: لأن ابتداءه به في الحقيقة سليم م: (وإنما صار تعديا عند الكسر) ش: أراد أنه كان في الابتداء غير متعد، فلما كسره ظهر أنه متعد، ولكن ما كان ظهوره إلا عند الكسر، فإذا كان جهة الضمان دائر بين الأمرين م:(فيميل إلى أي الوجهين شاء) .
م: (وفي الوجه الثاني) ش: وهو ما إذا شاء تضمين قيمته في المكان الذي انكسر م: (له الأجر بقدر ما استوفى، وفي الوجه الأول) ش: وهو ما إذا شاء تضمين قيمته في المكان الذي حمله م: (لا أجر له، لأنه ما استوفى عمله أصلا) ش: فالوجه الأول وجه حكمي.
فلهذا قلنا: إنه ليس يجمع بين الأجر والضمان، لأنهما لا يجتمعان عنده إذا كانا في حالة واحدة، وقد اختلفت الحالة هنا، لأنه في الوجه الثاني جعل المتاع أمانة عنده من حيث حمل إلى أن كسر والأجر يجب في حالة الأمانة، وإنما صار مضمونا في حالة الكسر وهذه حالة أخرى.
فإن قلت: كان ينبغي أن لا يخير عند أبي حنيفة رحمه الله لكن يضمن قيمته في المكان الذي انكسر، لأن المال أمانة عند الأجير المشترك عنده، وإذا كان أمانة وجب أن لا يضمن قيمته في المكان الذي حمله منه.