الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن ولد له ولد من أمة له دخل في كتابته لما بينا في المشترى فكان حكمه كحكمه وكسبه له؛ لأن كسب الولد كسب كسبه ويكون كذلك قبل الدعوة. فلا ينقطع بالدعوة اختصاصه. وكذلك إن ولدت المكاتبة ولدا؛ لأن حق امتناع البيع ثابت فيها مؤكدا،
ــ
[البناية]
ولدها:» ، ولا شك أن الولد إنما يعتق الأم إذا ملكه الأب.
[الحكم لو ولد للمكاتب ولد من أمة له]
م: (وإن ولد له ولد من أمة له دخل في كتابته لما بينا) ش: أشار به إلى قوله؛ لأنه من أهل أن يكاتب وإن لم يكن من أهل العتق م: (في المشترى) ش: أي في الولد المشترى.
فإن قلت: المكاتب لا يملك التسري ولا وطء أمته وبه قالت الثلاثة، فمن أين له ولد حتى يدخل في كتابته.
قلت: نعم، إلا أن له في ملك مكاتبه يدا كالحر، وذلك يكفي لثبوت النسب منه عند الدعوة وإن لم يحل وطؤه كما في الجارية المشتركة، وجارية الابن إذا وطئها الأب وادعى الولد، والدليل على أن المكاتب مثل الحر في ادعاء ما ذكره في المبسوط بقوله جارية بين حر ومكاتب ولدت فادعاه المكاتب قال الولد ولده، والجارية أم ولد له، ويضمن نصف عقرها ونصف قيمتها.
ولا يضمن من قيمة الولد شيئا؛ لأن المكاتب بماله في حق الملك في كسبه يملك الدعوة كالحر، فبقيام الملك فه في نصفها هنا يثبت نسب الولد منه من وقت العلوق، ويثبت لها حق أمية الولد في حق امتناع البيع تبعا لثبوت حق الولد.
م: (فكان حكمه كحكمه) ش: أي حكم الولد كحكم المكاتب، وبه قالت الثلاثة رحمهم الله وعند الظاهرية ولده من جاريته حر وهل تصير الأمة أم ولد له؟، للشافعي رحمه الله فيه قولان، أحدهما أنها تصير أم ولد له، وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله، والثاني لا تصير أم ولد له، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وهو رواية عن أحمد رحمه الله م:(وكسبه له) ش: أي كسب الولد لوالده م: (لأن كسب الولد كسب كسبه) ش: إذ الولد كسبه م: (ويكون كذلك قبل الدعوة) ش: بكسر الدال، أي قبل دعوة النسب، أراد أن الولد والكسب كانا له قبل الدعوة م:(فلا ينقطع بالدعوة اختصاصه) ش: أي اختصاص المكاتب بكسب ولده، أراد اختصاصاه الذي كان ثابتا قبل الدعوة.
م: (وكذلك إن ولدت المكاتبة ولدا) ش: أي من زوجها أو من زنا يدخل في كتابتها، وبه قالت الثلاثة م:(لأن حق امتناع البيع ثابت فيها مؤكدا) ش: أي مقررا، فصار من الأوصاف القارة الشرعية، والأوصاف القارة الشرعية في الأمهات كالتدبير والاستيلاد والحرية والرق يسري إلى الأولاد، فأشار إلى ذلك بقوله مؤكدا، واحترز به عن ولد الآبقة، فإن بيعها لا يجوز وبيع
فيسري إلى الولد كالتدبير والاستيلاد. قال: ومن زوج أمته من عبده ثم كاتبها فولدت منه ولدا دخل في كتابتها وكان كسبه لها؛ لأن تبعية الأم أرجح ولهذا يتبعها في الرق والحرية، قال: وإن تزوج المكاتب بإذن مولاه امرأة زعمت
ــ
[البناية]
ولدها يجوز، لأن امتناع البيع في الآبقة غير مؤكد إذ الإباق مما لا يدوم، وكذا بيع المستأجرة والحابية، فإن الأمة إذا اتصفت بهما امتنع بيعها إلا مقرونا بشيء، لكنه ليس بمؤكد.
فقولهم الأوصاف القارة احترازا عن مثل هذين الوصفين. وقولهم الشرعية احترازا عن السواد والبياض والطول القصر، فإنها لا تسري، وإذا سرت كتابتها إلى ولدها لم يجز بيعه كما لم يجز بيع أمه، وقال الشافعي في قول: إن للولد ملك المولى فيتصرف فيه كيف شاء.
م: (فيسري إلى الولد) ش: أي يسري هذا الوصف وهو حق امتناع البيع إلى الولد م: (كالتدبير والاستيلاد) ش: أي كما يسري الوصف الثابت المؤكد في المدبر وأم الولد إلى أولادها.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن زوج أمته من عبده ثم كاتبها فولدت منه ولدا دخل في كتابتها) ش: هذا أيضا بناء على أن الأوصاف القارة الشرعية في الأمهات تسري إلى الأولاد، ولهذا كان الولد داخلا في كتابة الأم م:(وكان كسبه لها؛ لأن تبعية الأم أرجح) ش: لما ذكرنا أن الأوصاف القارة الشرعية في الأمهات تسري إلى الأولاد. ثم استوضح ذلك بقوله م: (ولهذا يتبعها في الرق والحرية) ش: أي يتبع الولد الأم.
وقع في بعض النسخ دخل في كتابتها وكسبه لها، أي في الدخول يتبعها خاصة والأول هو الأوجه، لأن فائدة الدخول هو الكسب، فإن قد ذكر في " المبسوط ": لو قتل الابن قاتل خطأ فقيمته للأبوين جميعا، ولا يختص بها الأم فينبغي أن تكون في مسألتنا كذا.
قلت: تلك المسألة متصورة فيما إذا قبل الوالدين الكتابة عليه، وحالهما في ذلك سواء، إذ لا ولاية لهما عليه، ولا يمكن جعل تلك القيمة للمولى، لأن الولد صار مكاتبا بقبولهما، فلم يبق للمولى سبيل على كسبه وعلى قيمة رقبته فلا بد أن تؤخذ القيمة عنه فتكون للأبوين لأنهما كانا ينفقان عليه في حياته، وكانا أحق بحضانته.
وأما الولد المولود في الكتابة، فإن ثبوت الكتابة هاهنا بطريق التبعية وجانب الأم يترجح في ذلك؛ لأنه جزء منها، وهناك ثبوت الكتابة بالقبول وهما في القبول سواء. وفي " الكافي ": لو قبل المولود في الكتابة يكون قيمته للأم ككسبه، وبه قال الشافعي في قول، وأحمد ومالك. وفي قول للسيد؛ لأنه لا يدخل الولد في كتابتها في قول فيكون قنا للسيد يجوز بيعه وإعتاقه.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإن تزوج المكاتب بإذن مولاه امرأة زعمت)
أنها حرة فولدت منه ولدا ثم استحقت فأولادها عبيد، ولا يأخذهم بالقيمة، وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزوج، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله: أولادها أحرار بالقيمة؛ لأنه شارك الحر في سبب ثبوت هذا الحق وهو الغرور، وهذا لأنه ما رغب في نكاحها إلا لينال حرية أولاده.
ــ
[البناية]
ش: أي ادعت م: (أنها حرة فولدت منه ولدا، ثم استحقت فأولادها عبيد ولا يأخذهم) ش: أي المكاتب لا يأخذ الأولاد م: (بالقيمة) ش: أي بقيمة يؤديها إلى المستحق عندهما على ما يأتي.
م: (وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزوج) ش: فتزوج لقوله من زوجة ثم استحقت فإن ولده عبد عندهما ولا يأخذ بالقيمة م: (وهذا) ش: أي الحكم الذي ذكرنا في الوجهين م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله أولادها أحرار بالقيمة) ش: وبه قال زفر والثلاثة رحمهم الله إلا عن الشافعي رحمه الله في قول كقولهما وأكثرهم ذكروا قول أبي يوسف مع أبي حنيفة إلا أن أبا الليث ذكر قول أبي يوسف مع محمد وما ذكره الجمهور أصح؛ لأنه قول المرجوع إليه، وبه صرح القدوري في كتاب التقريب، فقال قال أبو حنيفة وًأبو يوسف لا يثبت للعبد حكم الغرور وأولاده عبيد.
وروى زفر عن أبي حنيفة أنه يكون مغرورا، وهو قول أبي يوسف الأول، وذكر رجوعه في الدعوى. وقال محمد أولاده أحرار ثم على قول محمد إن كان التزوج من هؤلاء أعني العبد والمكاتب والمدبر بإذن السيد فعليهم قيمة الولد والمهر في الحال. وإن كان بغير إذن السيد فعليهم قيمة الولد والمهر بعد العتق، هذا إذا غرته المرأة بقولها أنها حرة أو غرها بأن زوجها منه حر على أنها حرة، فإن الأب يرجع بقيمة الولد على الزوج في الحال، وإن كان الذي غره عبدا أو مدبرا أو مكاتبا فلا رجوع له عليهم حتى يعتقوا، سواء كان العبد مأذونا له أو لم يكن.
وأما إذا أراد الرجل أن يتزوج امرأة فأخبره رجل أنها حرة ولم يزوجها أباها أو تزوجها رجل على ظن أنها حرة وما قالت زوجني فإني حرة فإنه لا يرجع على المخبر ولا على المرأة ولكن يرجع بقيمة الولد على الأمة إذا أعتقت؛ لأنها غرته حين زوجت نفسها على أنها حرة وضمان الغرور كضمان الكفالة.
م: (لأنه) ش: أي لأن المكاتب م: (شارك الحر في سبب ثبوت هذا الحق) ش: وهو كون الأولى حرا بالقيمة م: (وهو الغرور) ش: أي سبب ثبوت هذا الحق هو الغرور وهما مشتركان فيه م: (وهذا) ش: أي وجه اشتراكهما في هذا السبب م: (لأنه) ش: أي لأن المكاتب م: (ما رغب في نكاحها) ش: أي في نكاح تلك المرأة التي زعمت أنها حرة م: (إلا لينال حرية أولاده) ش: وفي بعض النسخ حرية الأولاد.
ولهما أنه مولود بين رقيقين، فيكون رقيقا، وهذا لأن الأصل أن الولد يتبع الأم في الرق والحرية وخالفنا هذا الأصل في الحر بإجماع الصحابة، وهذا ليس في معناه؛ لأن حق المولى هناك مجبور بقيمة ناجزه وهاهنا بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتاق فيبقى على الأصل فلا يلحق بالمكاتب.
ــ
[البناية]
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنه مولود بين رقيقين) ش: لأن أباه رقيق ما دام في الكتابة وأمه ظهرت رقبتها بثبوت الاستحقاق م: (فيكون رقيقا) ش: كما إذا كان عالما بحالها م: (وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن الأصل أن الولد يتبع الأم في الرق والحرية) ش: يعني لأن القياس اتباع الولد الأم في الرق والحرية؛ لأنه جزؤها.
م: (وخالفنا هذا الأصل) ش: أي تركنا هذا القياس المذكور م: (في الحر) ش: أي فيما إذا كان الرجل حرا م: (بإجماع الصحابة) ش: فيه نظر لوجود الاختلاف من الصحابة على ما روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " في البيوع، حدثنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن عامر عن علي رضي الله عنه: في رجل اشترى جارية فولدت منه أولادا ثم أقام رجل البينة أنها له قال ترد عليه ويقوم عليه ولدها فيغرم الذي باعها ما غرمه.
قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن أبي قسيط عن سليمان بن يسار أن أمة أتت قوما فغرتهم وزعمت أنها حرة فتزوجها رجل فولدت له أولادا فوجدها أمة فقضى عمر رضي الله عنه بقيمة أولادها في كل مغرور غره، حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن خلاس: أن أمة أتت ناسا فزعمت أنها حرة فتزوجها رجل ثم إن سيدها ظهر عليها فقضى عثمان رضي الله عنه أنها وأولادها لسيدها وجعل لزوجها ما أدرك من متاعه.
م: (وهذا) ش: أي ولد المكاتب م: (ليس في معناه) ش: أي ليس في معنى ولد الحر م: (لأن حق المولى هناك) ش: أي في مسألة الحر م: (مجبور بقيمة ناجزة) ش: أي حالة أراد أن الحكم حرية الولد مع مراعاة حق المستحق وهو المولى بإيجاب قيمته في الحال م: (وهاهنا بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتاق) ش: فكان المانع من الإلحاق به موجودا وهو الضرر اللاحق بالمستحق بالتأخير م: (فيبقى على الأصل) ش: وهو أن يكون الولد تابعا لها م: (فلا يلحق بالمكاتب) ش: في هذا الحكم.
واعلم أن قوله لأن حق المولى هناك تجوز بقيمة ناجزة.. إلى آخره يدل على أن عند محمد رحمه الله أولاد المكاتب في الصورة المذكورة أحرار بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق، وهكذانص عليه في شرح " الجامع الصغير "، وفي " المبسوط " خلاف هذا وهو أن قيمة الأولاد والمهر يجب في الحال لوجود الإذن من المولى.