الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه، فعطبت ضمن ما زاد الثقل؛ لأنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه
ــ
[البناية]
أجيب عن الأولى بأن انتفاء الأجر عند الضمان إذا ملكه بالضمان بطريق الغصب، لأن الأجر في ملكه، وهاهنا لم يملك شيئا بهذا الضمان مما شغله بركوب نفسه وجميع المسمى بمقابله ذلك، وإنما يضمن ما شغله بركوب الغير ولا أجر بمقابلة ذلك ليسقط عنه لا يقال حين تقرر عليه ضمان نصف القيمة قد ملك نصف الدابة من حيث ضمن فينبغي أن لا يلزمه نصف الأجر؛ لأنا نقول إن الضرر ليس من قبل ثقل الراكب وخفته، وإنما هو باعتبار العدد، ولهذا يوزع الضمان نصفين.
وعن الثانية أنه إذا أركب غيره فهو مخالف في الكل، وهنا هو موافق فيما شغله بنفسه مخالف فيما شغله بغيره. ألا ترى أنه لو استأجرها لركوبه لم يجب الأجر إذا حمل عليها غيره ووجب الأجر إذا ركبها وحمل مع نفسه غيره.
[استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا فحمل عليها أكثر منه فعطبت]
م: (وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه) ش: أي من المقدار الذي عينه م: (فعطبت ضمن ما زاد الثقل) ش: بكسرالثاء وفتح القاف وهو ضد الخفة وهو اسم معنى وبالسكون الحمل وهو اسم غيره م: (لأنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه) ش: وقوله ما زاد الثقل مقيد بما إذا كان المزيد من جنس المسمى، بخلاف ما إذا كان من غير جنسه كما لو استأجرها ليحمل عليها كر شعير فحمل عليها حنطة بمثل ذلك الكيل فهلك ضمن جميع قيمتها.
والفرق أن في الأول هو مأذون في حق المزيد عليه، وفي حق الزيادة فلا يضمن لما أذن فيه. وفي الثاني تحققت المخالفة في الجميع فيضمن، وعند الشافعي وأحمد يضمن قيمتها كلها كما في الغصب، لأنه متعد إذا لم يكن معها صاحبها، وإن كان صاحبها معها فإن تلف بعد التسليم إلى صاحبها لم يضمن، وإن تلف في حال الحمل ضمن.
وفي قدر الضمان قولان، أحدهما: نصف القيمة. والثاني: أنه يسقط وما قابل الزيادة يجب، وإن لم يهلك يجب المسمى، وفيما زاد أجر المثل. وعن مالك خير المالك بين تضمين القيمة بالتعدي وبين أجر المثل.
فإن قيل: ما ذكرتم يتنقض بما إذا استأجر ثورا للطحن به عشرة مخاتيم حنطة فطحن أحد عشر مختوما فهلك ضمن الجميع، وإن كانت الزيادة من الجنس.
أجيب: بأن الطحن إنما يكون شيئا فشيئا فكما طحن العشرة انتهى الإذن فبعد ذلك هو مخالف في استعمال الدابة بغير الإذن فيضمن الجميع. فأما الحمل فيكون جملة واحدة فهو مأذون
والسبب الثقل فانقسم عليهما. إلا إذا كان حملا لا يطيقه مثل تلك الدابة فحينئذ يضمن كل قيمتها لعدم الإذن فيها أصلا، لخروجه عن العادة. وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت، ضمن عند أبي حنيفة. وقالا: لا يضمن إذا فعل فعلا متعارفا؛ لأن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد، فكان حاصلا بإذنه فلا يضمنه. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإذن مقيد بشرط السلامة؛ إذ يتحقق السوق بدونهما، وهما للمبالغة، فيتقيد بوصف السلامة كالمرور في الطريق.
ــ
[البناية]
في بعض، مخالف في بعض، فيوزع الضمان على ذلك.
وفي " تتمة الفتاوى ": استكرى دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فجعل في الجوالق عشرين مختوما، فأمر المكاري أن يحمل هو عليها فحمل هو ولم يشاركه المستكري في الحمل، لا ضمان عليه أصلا إذا هلكت الدابة. ولو حملاه جميعا يعني المكاري والمستكري في الحمل لا ضمان عليه أصلا إذا هلكت الدابة.
ولو حملاه جميعا يعني المكاري والمستكري ووضعاه على الدابه يضمن المستكري ربع القيمة. وإن كانت الحنطة في الجوالقين، فحمل كل واحد منهما جوالقا ووضعاهما على الدابة جميعا، لا يضمن المستأجر شيئا، وجعل حمل المستأجر ما كان مستحقا بالعقد.
م: (والسبب الثقل فانقسم عليهما إلا إذا كان حملا) ش: بكسر الحاء م: (لا يطيقه مثل تلك الدابة، فحينئذ يضمن كل قيمتها لعدم الإذن فيها أصلا لخروجه عن العادة) ش: وفي بعض النسخ لخروجه عن طاقة الدابة، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا، وفي الشرط يضمن القيمة. م:(وإن كبح الدابة بلجامها) ش: أي جذبها إلى نفسه لتقف ولا تجري م: (أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة. وقالا: لايضمن إذا فعل فعلا تعارفًا، لأن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد فكان حاصلا بإذنه فلا يضمنه) ش: وبه قالت الثلاثة وإسحاق وأبو ثور. وقال صاحب " العناية ": وفي عبارته تسامح، لأن المتعارف مراد بمطلق العقد لا داخل تحته.
والجواب: أن اللام في المتعارف للعهد، أي الكبح المتعارف أو الضرب المتعارف، وحينئذ يكون داخلا لا مرادا، لأن العقد المطلق يتناوله وغيره.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإذن مقيد بشرط السلامة؛ إذ يتحقق السوق بدونهما وهما) ش: أي الكبح والضرب م: (للمبالغة فيتقيد بوصف السلامة كالمرور في الطريق) ش: فإنه مقيد بوصف السلامة. وفي " الفتاوى الصغرى ": معلم ضرب الصبي بإذن الأب أو الوصي لم يضمن، وهما لو ضربا بضمنان. وفي العيون: المعلم والأستاذ إذا ضربا الصبي بغير إذن الأب أو الوصي ضمنا، ولو ضرباه بإذنهما لا يضمنان، والأب والوصي إذا ضربه للتأديب فمات؛ ضمنا عند أبي حنيفة خلافا لهما.
وإن استأجرها إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية، ثم ردها إلى الحيرة، ثم نفقت فهو ضامن. وكذلك العارية، وقيل: تأويل هذه المسألة
ــ
[البناية]
وفي " التتمة ": الأصح أن أبا حنيفة رجع إلى قولهما. وفي " الفتاوى الصغرى " أيضا قال أبو سليمان: إذا ضرب ابنه على تعليم القرآن فمات، قال أبو حينفة: تجب الدية ولا يرثه. وقال أبو يوسف: لا شيء عليه ويرثه. ولو ضرب امرأته على المضجع فماتت يضمن ولا يرثها في قولهما، لأنه ضربها لمنفعة نفسها، بخلاف الأب مع الابن.
م: (وإن استأجرها إلى الحيرة) ش: بكسر الحاء المهمله وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء المهملة وهي مدينة على ميل من الكوفه كان يسكنها النعمان بن المنذر م: (فجاوز بها إلى القادسية) ش: وهو موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر ميلا م: (ثم ردها إلى الحيرة ثم نفقت) ش: أي هلكت م: (فهو ضامن، وكذلك العارية) .
ش: أي في العارية أيضا يضمن إذا فعل ذلك، وبه قالت الثلاثة، وهل يجب أجر المثل في الزيادة؛ فعندنا وعند الثوري لا يجب، وعند الشافعي وأحمد يجب أجر المثل في الزيادة.
وحكي عن مالك إذا تجاوز بها إلى مسافة بعيدة خير صاحبها بين أجر المثل وبين المطالبة بقيمتها يوم التعدي، وقد طعن عيسى بن أبان وقال إلحاق الإجارة بالعارية - كما ذكره في الكتاب - غير مستقيم لما أن يد المستأجر كيد المالك حتى يرجع بما لحقه من الضمان على المالك كما في الوديعة، وهذا مؤنة الرد على المالك. بخلاف العارية حيث لا يرجع المستعير على المالك بشيء.
وأجيب عن هذا بأن يد المستأجر يد نفسه لأنه قبضه لمنفعة نفسه كالمستعير، ولكن رجوعه بالضمان للغرور المتمكن بعقد المعارضة، وذلك لا يدل على أن يده ليست كيد نفسه كالمشتري يرجع بضمان المغرور.
فإن قيل: لو استأجرت امرأة ثوبا لتلبسه أياما فلبسته ليلا كانت ضامنة. ثم إذا جاء النهار برئت عن الضمان فعلم أن المستأجر إذا عاد إلى الوفاق يبرأ المرأة الضمان.
قلنا: وجوب الضمان عليها لاستعمال دون اليد، فإن لها أن تمسكه بالليل والنهار، وقد انعدم الاستعمال الذي لم يتناوله العقد بمجيء النهار.
وهاهنا وجوب الضمان صح باعتبار إمساك الدابة بعد المجاوزة بدليله أنه لو لم يركبها فهلكت يضمن، والإمساك وإن أعادها إلى الحيرة يزول بالرد على المالك، أو إلى من نحو من قام مقامه ولم يوجد، كذا ذكره المحبوبي.
م: (وقيل: تأويل هذه المسألة) ش: أشار بهذا إلى بيان اختلاف المشايخ في معنى وضع