الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الدين المشترك
وإذا
كان الدين بين شريكين، فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب
، فشريكه بالخيار: إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه، وإن شاء أخذ نصف الثوب، إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين، والأصل في هذا أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض لأنه ازداد بالقبض، إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض، وهذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق، فتصير كزيادة الولد والثمرة فله حق المشاركة، ولكنه قبل المشاركة باق على ملك القابض؛ لأن العين غير الدين
ــ
[البناية]
[فصل في الدين المشترك]
[كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب]
م: (فصل في الدين المشترك)
ش: أي هذا فصل في بيان حكم الدين المشترك، أخر هذا عن المفرد لأن المركب يتلو المفرد.
م: (وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه، وإن شاء أخذ نصف الثوب إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين) ش: هذا لفظ القدوري، والاستثناء من قوله فشريكه بالخيار، يعني إذا ضمن الشريك المصالح ربع الدين ليس للشريك غير المصالح الخيار، لأن حقه في الدين ولا يكون له سبيل في الثوب.
وإنما وضع المسألة في الدين بين شريكين، لأنه إذا ادعى اثنان في دار فصالح أحدهما من نصيبه من الدار على مال لم يشركه الآخر بلا خلاف بين العلماء سواء كان المدعى عليه منكرا أو مقرا، لأن الصلح بإقرار معاوضة فيجوز، وبإثبات معاوضة في زعم المدعى عليه فلا يثبت للشريك حق الشركة.
م: (والأصل في هذا) ش: الفصل م: (أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض؛ لأنه ازداد بالقبض) ش: أي لأن الدين ازداد خيرا بسبب كونه مقبوضا أو منقودا م: (إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض) ش: لأن الدين قبل القبض وصف شرعي، وبعد القبض صار عينا منتفعا قابلا للتصرفات، ولأن الدين ليس بمال، ولهذا لو حلف على أن لا مال له وله ديون على الناس لا يحنث وبعدما قبض صار مالا. م:(وهذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق، فتصير كزيادة الولد والثمرة فله حق المشاركة) ش: في أصل الحق م: (ولكنه قبل المشاركة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال لو كانت زيادة الدين بالقبض كالثمر والولد ينبغي أن لا يجوز تصرف القابض قبل أن يختار الشريك مشاركته كما في الثمر والولد لا يجوز التصرف بغير إذن الآخر. وتقدير الجواب ما قاله، ولكنه أي ولكن المقبوض قبل المشاركة، أي أن يختار الشريك مشاركة القبض م: (باق على ملك القابض، لأن العين غير الدين
حقيقة وقد قبضه بدلا عن حقه فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه ويضمن لشريكه حصته، والدين المشترك أن يكون واجبا بسبب متحد كثمن المبيع إذا كان صفقة واحدة وثمن المال المشترك والمورث بينهما وقيمة المستهلك المشترك، إذا عرفنا هذا فنقول في مسألة الكتاب له أن يتبع الذي عليه الأصل لأن نصيبه باق في ذمته؛ لأن القابض قبض نصيبه لكن له حق المشاركة وإن شاء أخذ نصف الثوب؛ لأن له حق المشاركة إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين؛ لأن حقه في ذلك. قال: ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض لما قلنا ثم يرجعان على الغريم بالباقي؛ لأنهما لما اشتركا في المقبوض لا بد أن يبقى الباقي على الشركة. قال: ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين؛ لأنه صار قابضا حقه بالمقاصة كملا،
ــ
[البناية]
حقيقة وقد قبضه بدلا عن حقه فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه ويضمن لشريكه حصته) .
ش: ثم عرف المصنف الدين المشترك بقوله م: (والدين المشترك أن يكون واجبا بسبب متحد كثمن المبيع إذا كان صفقة واحدة) ش: قيد به، لأنه لو باع أحدهما نصيبه بخمسمائة والآخر نصيبه بخمسمائة وكتبا عليه صلحا واحدا بألف ثم قبض أحدهما شيئا لم يكن للآخر أن يشاركه فيه لأن تفرق التسمية في حق القابض كتفرق الصفقة م:(وثمن المال المشترك) ش: أي والدين المشترك أيضا ثمن المال المشترك بين الاثنين م: (والمورث بينهما) ش: أي بين الاثنين أي والثمن المورث بينهما بأن باع رجل عينا ومات قبل قبض الثمن وله وارث م: (وقيمة المستهلك المشترك) ش: بين الاثنين.
م: (إذا عرفنا هذا) ش: لما فرغ المصنف رحمه الله من بيان الأصل قال: إذا عرفنا م: (هذا) ش: وترك عليه م: (فنقول في مسألة الكتاب) ش: أي القدوري م: (له أن يتبع الذي عليه الأصل) ش: أي للساكت أن يتبع المديون م: (لأن نصيبه باق في ذمته) ش: ولم يستوفه م: (لأن القابض قبض نصيبه لكن له حق المشاركة وإن شاء أخذ نصف الثوب) ش: ونصف الثوب قدر ربع الدين، لأن الثوب صولح عليه بنصف الدين فيكون الثوب قدر نصف الدين ونصف النصف ربع لا محالة م:(لأن له حق المشاركة إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين، لأن حقه في ذلك) ش: أي لأن حقه في الأصل كان في الدين.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض لما قلنا) ش: أي قبض هذا أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض م: (ثم يرجعان على الغريم بالباقي، لأنهما لما اشتركا في المقبوض لا بد أن يبقى الباقي على الشركة قال) ش: أي القدوري م: (ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين، لأنه صار قابضا حقه بالمقاصة كملا) ش: أي من
لأن مبنى البيع على المماكسة، بخلاف الصلح لأن مبناه على الإغماض والحطيطة فلو ألزمناه دفع ربع الدين يتضرر به فيتخير القابض كما ذكرناه، ولا سبيل للشريك على الثوب في البيع لأنه ملكه بعقده، والاستيفاء بالمقاصة بين ثمنه وبين الدين
وللشريك أن يتبع الغريم في جميع ما ذكرنا؛ لأن حقه باق في ذمته؛ لأن القابض استوفى نصيبه حقيقة لكن له حق المشاركة في المقبوض فله أن لا يشاركه
ــ
[البناية]
غير حطيطة. بيان هذا أن رب الدين لما اشترى بنصيبه من الدين من المديون سلعة وجب على سلعة ذمة مثل ما وجب في ذمة المديون فالتقيا قصاصا فصار كأنه قبض نصف الدين كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته من ذلك فكذا هذا. م: (لأن مبنى البيع على المماكسة) ش: دليل قوله صار قابضا حقه بالمقاصة كملا م: (بخلاف الصلح) ش: يعني ما إذا صالح من نصيبه على سلعة كالثوب مثلا حيث يكون المصالح بالخيار إن شاء دفع إليه نصف الثوب، وإن شاء دفع إليه ربع الدين. وعند زفر: يلزمه أن يؤدي إليه ربع الدين بلا خيار م: (لأن مبناه) ش: أي مبنى الصلح م: (على الإغماض والحطيطة) ش: وهذا لا يملك بيعه مرابحة، فكان المصالح بالصلح أبرأه عن بعض حقه وقبض البعض م:(فلو ألزمناه دفع ربع الدين يتضرر) ش: أي المصالح م: (به) ش: لأنه لم يستوف نصف الدين كملا، فإذا كان كذلك م:(فيتخير القابض كما ذكرناه) ش: أشار به إلى قوله إلا أن يضمن له شريكه " أي إلا أن يضمن القابض للساكت ربع الدين م: (ولا سبيل للشريك على الثوب في البيع، لأنه ملكه بعقده) ش: أي لأن الذي اشترى نصيبه من الدين ثوبا ملكه بعقد البيع لا بسبب الدين.
وقال الأترازي: لا يكون للشريك الساكت سبيل على الثوب في البيع يبقى في صورة الشراء، ولكن مع هذا لو اتفقا على الشركة في الثوب جاز؛ لأن الثوب على ملك القابض، فإذا سلم إلى الشريك الساكت نصفه ورضي هو بذلك صار كأنه باع منه نصف الثوب.
م: (والاستيفاء بالمقاصة) ش: بالرفع، جواب عما يقال هب أن ملكه بعقده إنما كان ببعض دين مشترك، وذلك يقتضي الاشتراك في المقبوض. وتقدير الجواب أن يقال الاستيفاء بالمقاصة أي استيفاء الشريك بالتقاصص م:(بين ثمنه وبين الدين) ش: أي وبين دينه الخاص لا بدين مشترك، فلا يكون للشريك الساكت سبيل على الثوب.
م: (وللشريك أن يتبع الغريم في جميع ما ذكرنا) ش: أي وللشريك الساكت اتباع المديون حصة في صورة الصلح على الثوب وصورة أخذ الدين من الدراهم أو الدنانير، وصورة شراء السلعة م:(لأن حقه) ش: أي لأن حق الساكت م: (باق في ذمته) ش: أي في ذمة المديون م: (لأن القابض استوفى نصيبه حقيقة، لكن له حق المشاركة في المقبوض فله أن لا يشاركه) ش: يعني لا يلزمه المشاركة.
فلو سلم ما قبض ثم توى ما على الغريم له أن يشارك القابض؛ لأنه إنما رضي بالتسليم ليسلم له ما في ذمة الغريم ولم يسلم. ولو وقعت المقاصة بدين كان عليه من قبل لم يرجع عليه الشريك لأنه قاض بنصيبه لا مقتض. ولو أبرأه عن نصيبه فكذلك؛ لأنه إتلاف وليس بقبض. ولو أبرأه عن البعض كانت قسمة الباقي على ما يبقى من السهام. ولو أخر أحدهما عن نصيبه صح عند أبي يوسف رحمه الله اعتبارا بالإبراء المطلق ولا يصح عندهما؛ لأنه يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض.
ــ
[البناية]
م: (فلو سلم له ما قبض) ش: أي فلو سلم الشريك الساكت له أي للقابض ما قبضه وهو الثوب الذي بدل الصلح أو ثوب المشتري أو الدراهم أو الدنانير م: (ثم توى ما على الغريم) ش: بأن مات مفلسا م: (له أن يشارك القابض لأنه إنما رضي بالتسليم ليسلم له ما في ذمة الغريم ولم يسلم) ش: يعني إنما رضي بالتسليم على رجاء سلامة ما في ذمة الغريم، فإذا توى لم يسلم فيرجع كما في الحوالة إذا مات ليحتال عليه مفلسا فيرجع المحتال له على المحيل.
م: (فلو وقعت المقاصة بدين كان عليه) ش: أي على أحد الشريكين م: (من قبل) ش: أي من قبل الدين المشترك بأن أقر أحد الشريكين أن للمديون عليه حقا قبل ثبوت الدين المشترك م: (لم يرجع عليه الشريك لأنه) ش: أي لأن القابض م: (قاض بنصيبه) ش: أي مؤديه نصيبه م: (لا مقتض) ش: أي لا مستوف دينه لما أخر الدينين يصير قضاء على أوليائه.
م: (ولو أبرأه عن نصيبه) ش: أي لو أبرأ أحد الشريكين المديون عن نصيبه من الدين م: (فكذلك) ش: أي لم يرجع على شريكه م: (لأنه إتلاف وليس بقبض) ش: أي لأن الإبراء إتلاف نصيبه فلم يزد له شيء بالبراءة فلا يرجع عليه م: (ولو أبرأه عن البعض) ش: أي لو أبرأه أحد الشريكين المديون عن بعض نصيبه م: (كانت قسمة الباقي) ش: أي باقي الدين م: (على ما يبقى من السهام) ش: أي من سهامها من الدين كما إذا أبرأ أحدهما عن نصف دينه والدين عشرون درهما يكون للمشتري المطالبة بخمس دراهم. م: (ولو أخر أحدهما عن نصيبه) ش: أي لو أخر أحد الشريكين المطالبة عن الديون عن نصيبه م: (صح عند أبي يوسف رحمه الله اعتبارا بالإبراء المطلق ولا يصح عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله، وذكر محمد رحمه الله مع أبي حنيفة رحمه الله في هذا مخالف لعامة روايات الكتب في " المبسوط " و" الأسرار " و" الإيضاح " وغيرها، فإن المذكور فيها قول محمد رحمه الله مع أبي يوسف رحمه الله، والخلاف هكذا مشهور في المنظومة في باب أبي حنيفة خلافا لصاحبيه حيث قال فيها والدين بين اثنين، هذا قد جعل نصيبه مؤجلا شهرا بطل.
وكذا ذكر الخلاف في " المختلف " والحصر م: (لأنه) ش: أي لأن تأخير أحد الشريكين عن نصيبه م: (يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض) ش: لأن في القسمة معنى التمليك فيكون فيه تمليك