الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والغائب متبرع به غير مضطر إليه. قال: وليس للمولى أن يأخذ العبد الغائب بشيء لما بينا، فإن قبل العبد الغائب أو لم يقبل فليس ذلك منه بشيء، والكتابة لازمة للشاهد؛ لأن الكتابة نافذة عليه من غير قبول الغائب فلا يتغير بقبوله كمن كفل عن غيره بغير أمره فبلغه فأجازه لا يتغير حكمه، حتى لو أدى لا يرجع عليه، كذا هذا،
قال: وإذا
كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين
فهو جائز،
ــ
[البناية]
(والغائب متبرع به غير مضطر إليه) ش: أي من جهة الحاضر، بخلاف معير الرهن، فإنه مضطر فيه.
فإن قيل: الغائب هاهنا معير الرهن مضطر، ولهذا يرجع على المستعير بما أدى، فكيف قال غير مضطر إليه. فالجواب أنه كهو في جواز الأداء من غير دين عليه لا في الاضطرار.
فإن الاضطرار إنما هو إذا فات له شيء حاصل، وهاهنا ليس كذلك، بل إنما هو بعوضيه أن يحصل له الحرية، وهذا كما يقال عدم الربح لا يسمى خسرانا.
فإن قلت: حق الحرية حاصل بالكتابة فإنه لو لم يؤده فكان مضطرا.
قلت: هو متوهم، وهو حق الرجوع لم يكن تابعا فلا يثبت به.
م: (قال: وليس للمولى أن يأخذ العبد الغائب بشيء لما بينا) ش: أراد قوله؛ لأنه تبع فيه.
م: (فإن قبل العبد الغائب أو لم يقبل فليس ذلك منه بشيء) ش: يعني لا يؤثر قبوله في لزوم بدل الكتابة عليه، وكذلك رده لا يؤثر في رد عقد الكتابة عن الحاضر.
م: (والكتابة لازمة للشاهد، لأن الكتابة نافذة عليه) ش: أراد بالشاهد العبد الحاضر، يعني أن الكتابة لزمت الحاضر قبل إجازة الغائب، فبعد إجازته لا يتغير ذلك، والأصل هذا لم يكن للمولى أن يأخذ الغائب وإن قبل.
م: (من غير قبول الغائب، فلا يتغير بقبوله) ش: يعني أن الكتابة قبل القبول نافذة على الشاهد من غير وجوب البدل، فلا يتغير بقبوله.
فليس للمولى أن يأخذه بشيء من بدل الكتابة. م: (كمن كفل عن غيره بغير أمره فبلغه فأجازه لا يتغير حكمه، حتى لو أدى لا يرجع عليه، كذا هذا) ش: أي حكم الغائب.
[كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين]
م: (قال: وإذا كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين فهو جائز) ش: يعني إذا قبلت عقد الكتابة عن نفسها وعن ابنيها فالعقد جائز والحكم في العبد كذلك، وليس في وضع المسألة في أمة فائدة سوى ما ذكره الفقيه أبو جعفر في " كشف الغوامض " أن رواية الجامع من الفائدة ما
وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه، ويجبر المولى على القبول ويعتقون؛ لأنها جعلت نفسها أصلا في الكتابة وأولادها تبعا على ما بينا في المسألة الأولى وهي أولى بذلك من الأجنبي.
ــ
[البناية]
ليس في مكاتب المبسوط فإن هناك المسألة فمن كاتب عبدا على نفسه وأولاده الصغار.
فلولا رواية " الجامع الصغير " لكان لقائل أن يقول للأب على الصغير من الولاية ما ليس للأم، فرواية " الجامع الصغير " تبين أن ذلك كله سواء، وفائدة وضع المسألة في الصغيرين وإن كان في الكبيرين كذلك هي ترتيب ما ذكره من الجواب بقوله وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه ويعتقون؛ لأنه لولا هذا الوضع كان لقائل أن يقول في مثل هذا الموضع إذا أدى أحد الابنين ينبغي أن لا يعتق الابن الآخر؛ لأنه لا أصالة بينهما ولا تبعية، بخلاف الأمة وابنها. فإن أداء الأم كأداء ابنها بطريق أنها تستتبعه، وكذلك أداء الابن كأداء أمه لدخوله في كتابتها تبعا. أما أداء رهن الابن ليس كأداء أخيه لما أنه لا تبعية بينهما، ولهذا وضع هذه المسألة في المبسوط في الأولاد الصغار ليفيد هذه الفائدة، ولكن اختار في الجامع لفظ التثنية؛ لأنه أقل ما يتحقق فيه هذه الفائدة. وقال تاج الشريعة: إنما قيد بالصغيرين ليجوز مطلقا قياسا واستحسانا.
م: (وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه ويجبر المولى على القبول ويعتقون؛ لأنها جعلت نفسها أصلا في الكتابة وأولادها تبعا على ما بينا في المسألة الأولى) ش: وهي كتابة العبد عن نفسه وعن العبد الغائب، وذلك أن الأم إذا أدت فقد أدت دينا على نفسها، وكل من الولدين إن أدى فهو متبرع غير مضطر، وفي ذلك لا رجوع.
فإن قلت: إذا أدى أحدهما ينبغي أن لا يعتق الابن الآخر؛ لأنه لا أصالة بينهما ولا تبعية.
قلت: إن أحدهما إذا أدى كان أداؤه كأداء الأم؛ لأنه تابع لها من كل وجه. ولو أدت الأم عتقوا، فكذا إذا أدى أحدهما.
م: (وهي أولى بذلك من الأجنبي) ش: أي الأم أولى بذلك من الأجنبي. قال تاج الشريعة: أي من العبد الأجنبي، أي لما جاز هذا العقد في حق الأجنبي على ما ذكر في المسألة الأولى فأولى أن يجوز عند الأم في حق ولدها، لأن ولدها أقرب إليها من الأجنبي.
قال صاحب العناية: لعله إشارة إلى ما ذهب إليه بعض المشايخ أن ثبوت الجواز هنا قياس واستحسان، لأن الولد تابع لها، بخلاف الأجنبي وأرى أنه الحق والله أعلم.
قلت: أشار بذلك إلى ما قاله تاج الشريعة بقوله إنما قيد الصغيرين ليجوز مطلقا قياسا واستحسانا، وقد ذكرناه آنفا.