الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إجارة العبد
قال: ومن استأجر عبدا ليخدمه فليس له أن يسافر به إلا أن يشترط ذلك؛ لأن خدمة السفر اشتملت على زيادة مشقة فلا ينتظمهما الإطلاق، ولهذا جعل السفر عذرا فلا بد من اشتراطه كإسكان الحداد والقصار في الدار، ولأن التفاوت بين الخدمتين ظاهر، فإذا تعينت الخدمة في الحضر لا يبقى غيره داخلا كما في الركوب.
ومن
استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر
فليس للمستأجر أن يأخذ منه الأجر. وأصله أن الإجارة صحيحة استحسانا إذا فرغ من
ــ
[البناية]
[باب إجارة العبد]
م: (باب إجارة العبد) ش: أخره عن الحر لانحطاط درجته في المعاملات.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن استأجر عبدا ليخدمه فليس له أن يسافر به إلا أن يشترط ذلك) ش: أي السفر كإسكان الحداد والقصار، وحتى لو سافر به يضمن لمولاه، لأنه صار عاصيا. ولو رده إلى مولاه سالما لا أجر له عندنا خلافا للثلاثة رحمهم الله م:(لأن خدمة السفر اشتملت على زيادة مشقة فلا ينتظمهما الإطلاق) ش: أي إطلاق العقد.
واعترض: بأن المستأجر في ملك منافعه كالمولى، وللمولى أن يسافر بعبده، فكذا المستأجر. وأجيب بأن المولى إنما يسافر به، لأنه يملك رقبته والمستأجر ليس كذلك ونوقض لمن ادعى دارا وصالحه المدعى عليه على خدمة عبد سنة فإن للمدعي أن يخرج بالعبد إلى السفر وإن لم يملك رقبته.
وأجيب: بأن مؤنة الرد في باب الإجارة على الأجر بعد انتهاء العقد فبالإخراج يلزمه ما لا يلزم في الصلح ليست مؤنة الرد على المدعى عليه، لأنه يزعم أنه يملك الخدمة بغير شيء فهو كالموصى له بالخدمة، فمؤنة الرد عليه دون الوارث. م:(ولهذا) ش: أي ولاشتمال السفر على زيادة مشقة م: (جعل السفر عذرا) ش: فإن استأجر غلاما ليخدمه في المصر ثم أراد المستأجر السفر فهو عذر في فسخ الإجارة، لأنه لا يتمكن من المسافرة به م:(فلا بد من اشتراطه) ش: أي إذا كان كذلك فلا بد من اشتراط السفر.
م: (كإسكان الحداد والقصار في الدار) ش: فإنه ليس له ذلك إلا بالاشتراط م: (ولأن التفاوت بين الخدمتين) ش: أي خدمة الحضر وخدمة السفر م: (ظاهر، فإذا تعينت الخدمة في الحضر لا يبقى غيره داخلا كما في الركوب) ش: فإن استأجر دابة ليركب نفسه فليس له أن يركب غيره للتفاوت بين الراكبين فكذلك هاهنا.
[استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر]
م: (ومن استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر) ش: أراد أنه أعطاه الأجر بعد العمل م: (فليس للمستأجر أن يأخذ منه الأجر) ش: أي ليس له أن يسترد الأجر منه. وصورة المسألة في
العمل، والقياس أن لا يجوز لانعدام إذن المولى وقيام الحجر، فصار كما إذا هلك العبد، وجه الاستحسان أن التصرف نافع على اعتبار الفراغ سالما، ضار على اعتبار هلاك العبد، والنافع مأذون فيه كقبول الهبة. وإذا جاز ذلك لم يكن للمستأجر أن يأخذ منه الأجر، ومن غصب عبدا فأجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجر فأكله فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله.
ــ
[البناية]
" الجامع الصغير " محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل استأجر عبدا محجورا عليه شهرا فعمل عنده فأعطاه الأجر قال أجيز ذلك، وليس للمستأجر أن يأخذ الأجر، انتهى.
وقال الحاكم في " الكافي ": وإذا أجر العبد المحجور نفسه من رجل سنة بمائة درهم ليخدمه فخدمه ستة أشهر ثم أعتق فالقياس أنه لا أجر له فيما مضى، لأن المستأجر صار ضامنا فلا يجتمع الأجر والضمان، ولكنا نستحسن إذا سلم العبد أن يجعل له الأجر فيما مضى فيأخذه العبد ويدفعه إلى مولاه.
ويجوز الإجارة فيما بقي من السنة للعبد ولا خيار له في نقض الإجارة، لأنها جازت بعد عتقه بغير إجازة المولى وكذلك الجواب إذا كان قبض الإجارة في حال رقه ويكون للعبد منها حصة ما بقي، وللمولى حصة ما مضى.
م: (وأصله) ش: أي أصل هذا الحكم م: (أن الإجارة صحيحة استحسانا إذا فرغ من العمل والقياس أن لا يجوز) ش: الإجارة م: (لانعدام إذن المولى وقيام الحجر) ش: في العهد فيصير كالغاصب بالاستعمال ولا أجر على الغاصب م: (فصار كما إذا هلك العبد) ش: فإنه يجب للمولى قيمته دون الأجر، لأنه ضامن بالغصب، والأجر بالضمان لا يجتمعان. وعند الثلاثة يجب أجر المثل بقدر العمل.
م: (وجه الاستحسان أن التصرف نافع على اعتبار الفراغ سالما ضار على اعتبار هلاك العبد والنافع مأذون فيه كقبول الهبة، وإذا جاز ذلك) ش: أي العقد بعدما سلم من العمل صح قبض العبد الأجرة، لأنه هو العاقد وقبض البدل، ومتى صح قبضه م:(لم يكن للمستأجر أن يأخذ منه الأجر) ش: يعني لم يكن له أن يرد الأجر منه.
وكذا الحكم في الصبي المحجور إذا أجر نفسه وسلم من العمل، إلا أنه لو هلك الصبي من العمل فعلى عاقلة المستأجر الدية، وعليه الأجر فيما عمل قبل الهلاك، بخلاف العبد المحجور إذا هلك من العمل يجب عليه قيمته ولا أجر عليه لما ذكرنا أنه صار غاصبا.
م: (ومن غصب عبدا فأجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجر فأكله فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: قيد بقوله فأجر العبد نفسه، لأنه لو أجره الغاصب كان الأجر له لا للمالك وضمان على الغاصب بالأكل باتفاق.