الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر في بعض النسخ يضمنه مازاد الصبغ فيه؛ لأنه بمنزلة الغاصب.
وإن
قال صاحب الثوب: عملته لي بغير أجر، وقال الصانع: بل بأجر
فالقول قول صاحب الثوب؛ لأنه ينكر تقوم عمله إذ هو يتقوم بالعقد.
ــ
[البناية]
واعترض: بأن هناك اتفق المتعاقدان على المأمور به والأجير خالف، وهاهنا قد اختلف في ذلك، وكيف يكون هذا مثل ذلك. وأجيب: بأنها مثلها انتهاء لا ابتداء، إلا أنه ذكر هذا الحكم هنا بعد يمين صاحب الثوب، ولما حلف كان القول قوله فلم يبق الخلاف الآخر اعتبارا، فكانتا في الحكم سواء.
م: (وذكر في بعض النسخ) ش: أي بعض نسخ القدوري م: (يضمنه ما زاد الصبغ فيه) ش: أي يضمن صاحب الثوب قيمة زيادة الصبغ للصباغ، فالأول أعني قوله لا يجاوز به المسمى ظاهر الرواية، والثانية أعني قوله يضمنه ما زاد الصبغ فيه رواية ابن سماعة عن محمد.
وجه الظاهر وهو الأصح أن الصبغ آلة للعمل المستحق على الصباغ بمنزلة الحرب والصابون من عمل الغسال، فلا يصير صاحب الثوب مشتريا للصبغ حتى تعتبر القيمة عند فساد السبب.
ووجه رواية ابن سماعة ما أشار إليه بقوله م: (لأنه بمنزلة الغاصب) ش: يعني أن الصباغ بمنزلة الغاصب والحكم في الغصب كذلك وهو أن الغاصب إذا صبغه أحمر أو أصفر فإن شاء رد الثوب وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد الصبغ فيه فكذلك هنا.
وفي " خلاصة الفتاوي ": والصباغ إذا خالف بصبغ الأصفر فكان الأحمر إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض وإن شاء أخذه وأعطاه ما زاد الصبغ فيه ولا أجر له، ولو صبغ رديئا إن لم يكن فاحشا لا يضمن وإن كان فاحشا بحيث يقول أهل تلك الصنعة إنه فاحش يضمن قيمته ثوب أبيض.
وفي " المحيط ": لو أمره أن يصبغه بزعفران أو بقم فصبغه غير ما سمي إلا أنه لم يشبع صبغه وقد أمر صاحب الثوب أن يشبعه فالمالك بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوبه أبيض وسلم له الثوب، وإن شاء أخذه، وأعطاه أجره مثله لا يزاد على المسمى في الأصل. إلى هنا لفظ " الخلاصة ".
[قال صاحب الثوب عملته لي بغير أجر وقال الصانع بل بأجر]
م: (وإن قال صاحب الثوب: عملته لي بغير أجر وقال الصانع: بل بأجر فالقول قول صاحب الثوب) ش: عند أبي حنيفة رحمه الله، وبه قال أصحاب الشافعي رحمه الله م (لأنه) ش: أي لأن صاحب الثوب م: (ينكر تقوم عمله إذ هو) ش: أي العمل م: (يتقوم بالعقد
وينكر الضمان، والصانع يدعيه والقول قول المنكر. وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان الرجل حريفا له أي خليطا له فله الأجر وإلا فلا؛ لأن سبق ما بينهما يعين جهة الطلب بأجر جريا على معتادهما. وقال محمد: إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة بالأجر فالقول قوله؛ لأنه لما فتح الحانوت لأجله جرى ذلك مجرى التنصيص على الأجر اعتبارا للظاهر، والقياس ما قاله أبو حنيفة؛ لأنه منكر. والجواب عن استحسانهما أن الظاهر للدفع؛ والحاجة هاهنا إلى الاستحقاق والله أعلم
ــ
[البناية]
وينكر الضمان والصانع يدعيه والقول قول المنكر. وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان الرجل حريفا له أي خليطا له) ش: بأن تكون تلك المعاملة منها بأجر حريف الرجل من يكون بينه وبينه أخذ وإعطاء ومعاملة، وأصله من الحرفة والاحتراف وهو الاكتساب.
م: (فله الأجر وإلا فلا) ش: أي وإن لم يكن حريفا له فلا أجرة م: (لأن سبق ما بينهما يعين جهة الطلب بأجر جريا على معتادهما) ش: أي سبق ما بين رب الثوب والصباغ مثلا من التعامل والتقاطع على الأجر يعين جانب الطلب جريا على عادتهما من التعامل بالأجرة.
م: (وقال محمد: إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة بالأجر) ش: بأن اتخذ دكانا وانتصب لعمل الصباغة أو القصارة م: (فالقول قوله، لأنه لما فتح باب الحانوت لأجله جرى ذلك مجرى التنصيص على الأجر اعتبارا للظاهر) ش: وبه قال مالك وأحمد رحمه الله.
قال شيخ الإسلام وصاحب " المحيط ": الفتوى على قول محمد م: (والقياس ما قاله أبو حنيفة لأنه منكر) ش: للإجارة والمنافع لا تتقوم إلا بالعقد عندنا بخلاف ما لو دفع إلى آخر عينا ثم اختلفا فقال الدافع قرض، وقال الآخر: هبة فالقول لمن يدعي القرض، لأن العين متقوم بنفسه فالآخر يدعي الإبراء عن قيمته فالقول لمنكر الإبراء وهو مدعي القرض.
م: (والجواب عن استحسانهما أن الظاهر للدفع) ش: أي الظاهر يصلح للدفع عن نفسه م (
والحاجة
هاهنا إلى الاستحقاق والله أعلم) ش: لا للدفع، نظيره دار في يد رجل فزعم آخر أنه ملكه فالقول للذي في يده، وإن كان غيره يدعيهما ولا شرع في يد بلا حجة، فلو بيعت دارا بجنبها فأراد أن يأخذها بالشفعة لا يأخذها بمجرد اليد حتى يقيم بينة أنه ملكه لأن ثبوت الملك بظاهر اليد يصلح للدفع لا للاستحقاق والأخذ من يد المشتري استحقاق فلا يملكه بدون البينة، كذا هنا.
فروع: قال الأسبيجابي في شرح " الكافي ": ولو أسلم ثوبا إلى صباغ يصبغه أحمر فصبغه ثم اختلفا فقال الصباغ صبغته بدرهم وقال رب الثوب: صبغته بدانقين فإني أنظر إلى ما زاد الصبغ فيه فإن كان درهما أو أكثر فله درهم لأن الحال يصلح حكما في الباب، فكان القول
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
قول من يشهد له الظاهر مع يمينه، وإن كان أقل من دانقين أعطيته بعد أن يحلف رب الثوب صبغه إلا بدانقين.
وإن كان الصبغ سواد فالقول قول رب الثوب مع يمينه؛ لأنه يدعي عليه زيادة أجر وهو ينكر ولو قال رب الثوب صبغته لي بغير أجر كان القول قوله، لأن السواد ينقض الثوب، أما إذا كان صبغا يزيد في الثوب فقال رب الثوب: صبغته بغير أجر وقال الصباغ: صبغته بدرهم فإنهما يتحالفان؛ لأن هذا يدعي الهبة والآخر يدعي التجارة فكان كل منهما مدعيا ومدعى عليه ثم يضمن رب الثوب ما زاد الصبغ في مقدار الأجرة ولا يجوز به درهم.
ولو اختلف رب الثوب في مقدار الأجر فإن كان لم يأخذ في العمل تخالفا وترادا أو إن كان بعده فالقول قول رب الثوب ولا يتخالفان، وكذلك لو قال عملته لي بغير أجر فالقول قول رب الثوب لأن العمل يتقوم بالعقد وهو ينكر العقد.