الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في العزل والقسمة
قال: وإذا مات رب المال والمضارب بطلت المضاربة؛ لأنه توكيل على ما تقدم، وموت الموكل يبطل الوكالة، وكذا موت الوكيل ولا تورث الوكالة وقد مر من قبل.
ــ
[البناية]
[فصل في العزل والقسمة]
[موت رب المال والمضارب]
م: (فصل في العزل والقسمة)
ش: أي عزل المضارب وفي بيان أحكام القسمة، أي قسمة المضارب قاله السغناقي، والأولى أن يقال قسمة الربح على ما لا يخفى.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا مات رب المال والمضارب) ش: أي أو مات المضارب م: (بطلت المضاربة لأنه) ش: أي لأن المضاربة، وتذكير الضمير إما باعتبار العقد وإما باعتبار المذكور.
ولو قال لأنها كان أولى م: (توكيل) ش: أراد أن مبناها على الوكالة، لأن المضاربة عقد على الشركة بمال أحد الجانبين والعمل من الآخر، فإذا كان مبناها على الوكالة تبطل بموتهما أو موت أحدهما كما في الوكالة م:(على ما تقدم) ش: في قوله في أول الباب وهو وكيل فيه، لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه.
م: (وموت الموكل يبطل الوكالة) ش: لأن الوكالة عقد جائز غير لازم فكان لبقائه حكم الابتداء فيشترط قيام الأمر في كل ساعة م: (وكذا) ش: أي تبطل الوكالة عند م: (موت الوكيل) ش: لقيامها به ولا نعلم فيه خلافا م: (ولا تورث الوكالة) ش: لأنها غير لازمة كما ذكرنا فلا ينتقل إلى ورثته م: (وقد مر) ش: أي حكم بطلان الوكالة بموتهما أو موت أحدهما م: (من قبل) ش: أي من قبل هذا الباب، وأراد به باب عزل الوكيل في كتاب الوكالة.
ثم اعلم أن كون المضارب كالوكيل ليس بكلي بل يفترقان في مسائل: منها: أن الوكيل إذا دفع إليه الثمن قبل الشراء فإنه يرجع به على الموكل، ثم لو هلك ما أخذه ثانيا لا يرجع به مرة بعد أخرى. وأما المضارب فيرجع به على رب المال مرة بعد أخرى إلى أن يصل الثمن إلى البائع.
وجه الافتراق أن شراء الوكيل يوجب الثمن عليه على البائع، وله على الموكل بعد الشراء صار مقضيا ما استوجبه دينا عليه وصار مضمونا عليه بالقبض، فإذا هلك في ضمانه فلا يرجع ثانيا، وأما المضارب إذا رجع على المال فما يقبضه يكون أمانة في يده، فإذا هلك كان هلاكه على رب المال فيرجع عليه مرة بعد أخرى، ولكن لو نظرنا إلى كون المال أمانة في أيديهما كان حكمهما واحدا من هذا الوجه.
وإن ارتد رب المال عن الإسلام والعياذ بالله ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة؛ لأن اللحوق بمنزلة الموت. ألا ترى أنه يقسم ماله بين ورثته، وقبل لحوقه يتوقف تصرف مضاربه عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه يتصرف له فصار كتصرفه بنفسه. ولو كان المضارب هو المرتد فالمضاربة على حالها؛ لأن له عبارة صحيحة ولا توقف في ملك رب المال فبقيت المضاربة. قال: فإن عزل رب المال المضارب ولم يعلم
ــ
[البناية]
ومنها: أن رب المال لو ارتد ولحق بدار الحرب ثم عاد مسلما فالمضاربة بخلاف الوكالة على ما يجيء عن قريب.
ومنها: أن المضارب إذا اشترى بمال المضاربة عروضا ثم عزله رب المال عن المضاربة لا يعمل عزله وإن علم به بخلاف الوكيل على ما يجيء.
م: (وإن ارتد رب المال عن الإسلام - والعياذ بالله - ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة) ش: إذا لم يعد مسلما. أما إذا عاد مسلما جاز جميع ما فعل من البيع والشراء فكان عقد المضاربة على ما كان، بخلاف الوكالة حيث لا تعود بعود الموكل مسلما لخروج محل التصرف عن ملكه، وفي المضاربة لا يبطل لمكان حق المضارب كما لو مات حقيقة م:(لأن اللحوق) ش: بدار الحرب م: (بمنزلة الموت) ش: حكما م: (ألا ترى) ش: توضيح لكون اللحوق كالموت (أنه) ش: أي الشأن م: (يقسم ماله بين ورثته) ش: كما في الموت الحقيقي ويعتق مدبروه وأمهات أولاده. م: (وقبل لحوقه) ش: بدار الحرب م: (يتوقف تصرف مضاربه) ش: أي مضارب رب المال الذي ارتد عن الإسلام كالبطلان بالموت أو القتل م: (عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه) ش: أي لأن المضارب م: (يتصرف له) ش: أي لرب المال م: (فصار) ش: أي تصرف المضارب م: (كتصرفه) ش: أي كتصرف رب المال م: (بنفسه) ش: فلو تصرف رب المال في هذه الصورة لكان تصرفه موقوفا عند أبي حنيفة رحمه الله لارتداده فكذا تصرف نائبه وهو المضارب. م: (ولو كان المضارب هو المرتد) ش: بنصب الدال، لأنه خبر كان وهو ضمير الفصل م:(فالمضاربة على حالها) ش: في قولهم جميعا، حتى لو اشترى أو باع وربح أو خسر ثم قتل على ردته أو مات لحق بدار الحرب فإن جميع ما فعل من ذلك جائز والربح بينهما على ما اشترطا م:(لأن له) ش: أي للمضارب م: (عبارة صحيحة) ش: لكونه عاقلا بالغا م: (ولا توقف في ملك رب المال) ش: لأنه نائب أو متصرف في منافع نفسه، ولا حق لورثته في ذلك، بخلاف رب المال لأن التوقف فيه لتعلق حق ورثته بماله أو لتوقف ملكه باعتبار توقف نفيه، والعهدة في جميع ذلك على رب المال م:(فبقيت المضاربة) ش: الفاء جواب شرط محذوف والتقدير: وإذا كان كذلك فبقيت المضاربة على حالها.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن عزل رب المال المضارب ولم يعلم) ش: أي المضارب م:
بعزله حتى اشترى وباع فتصرفه جائز؛ لأنه وكيل من جهته وعزل الوكيل قصدا يتوقف على علمه، وإن علم بعزله والمال عروض فله أن يبيعها ولا يمنعه العزل من ذلك؛ لأن حقه قد ثبت في الربح، وإنما يظهر بالقسمة وهي تبتنى على رأس المال، وإنما ينض بالبيع، قال: ثم لا يجوز أن يشتري بثمنها شيئا آخر؛ لأن العزل إنما لم يعمل ضرورة معرفة رأس المال، وقد اندفعت حيث صار نقدا فيعمل العزل، فإن عزله ورأس المال دراهم أو دنانير وقد نضت لم يجز له أن يتصرف فيها؛ لأنه ليس في أعمال عزله إبطال حقه في الربح، فلا ضرورة.
ــ
[البناية]
(بعزله) ش: أي بعزل رب المال إياه فالمصدر مضاف إلى فاعله وذكر المفعول مطوي، ويجوز أن يكون مضافا إلى مفعوله وطوي ذكر الفاعل م:(حتى اشترى) ش: أي المضارب م: (وباع فتصرفه جائز لأنه) ش: أي لأن المضارب م: (وكيل من جهته) ش: فلا ينعزل إلا بعلمه لأنه عزل قصدي فيتوقف على العلم، لأن العزل نهي والأحكام المتعلقة بالأمر والنهي لا يؤثر فيها النهي إلا بعد علم دليله أو أمر الشرع ونواهيه، أشار إلى ذلك بقوله م:(وعزل الوكيل قصدا) ش: أي عزلا قصدا، أو مقصودا، أو يكون حالا أي قاصدا م:(يتوقف على علمه) ش: أي علم الوكيل لما ذكرنا م: (وإن علم بعزله والمال) ش: أي من البيع عند أكثر أهل العلم فله أن يبيعها نقدا ونسيئة كما قبل العزل، حتى لو نهى رب المال عن البيع نسيئة لا يعمل نهيه، وكذا لا يصح نهيه عن المسافرة في الروايات المشهورة كما قبل العزل.
م: (لأن حقه) ش: أي حق المضارب م: (قد ثبت في الربح، وإنما يظهر) ش: أي حقه في الربح م: (بالقسمة وهي) ش: أي القسمة م: (تبتنى على رأس المال) ش: بأن يكون نقدا م: (وإنما ينض) ش: أي ينقد م: (بالبيع) ش: بأن تباع العروض، حتى يصير أحد النقدين، ونض ينض من باب ضرب يضرب من التنضيض وهو خروج الماء عن الحجر أو نحوه قليلا قليلا، والناض عند أهل الحجاز: الدراهم والدنانير ومادته نون وضاد معجمة.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ثم لا يجوز أن يشتري) ش: أي المضارب المعزول م: (بثمنها) ش: أي بثمن تلك العروض التي نضت م: (شيئا آخر، لأن العزل إنما لم يعمل ضرورة) ش: أي لأجل ضرورة م: (معرفة رأس المال) ش: لأجل القسمة م: (وقد اندفعت) ش: أي الضرورة م: (حيث صار) ش: أي رأس المال م: (نقدا) ش: أي دراهم أو دنانير م: (فيعمل العزل) ش: بعمله م: (فإن عزله) ش: أي رب المال المضارب م: (ورأس المال) ش: أي والحال أن رأس المال م: (دراهم أو دنانير وقد) ش: أي والحال أنها قد م: (نضت) ش: أي نفذت بأحد النقدين م: (لم يجز له أن يتصرف فيها، لأنه ليس في أعمال عزله إبطال حقه في الربح، فلا ضرورة) ش: في تصحيح تصرفه، لأنه باعها بكون المال نضا.