الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه تصح الإجارة إذا قال في اليوم وقد سمي عملا. لأنه للظرف فكان المعقود عليه العمل بخلاف قوله اليوم وقد مر مثله في الطلاق.
قال: ومن
استأجر أرضا على أن يكربها ويزرعها ويسقيها
فهو جائز؛ لأن الزراعة مستحقة بالعقد ولا يتأتى الزراعة إلا بالسقي والكراب فكان كل واحد منهما مستحقا، وكل شرط هذه صفته يكون من مقتضيات العقد فذكره لا يوجب الفساد، فإن شرط أن يثنيها أو يكري أنهارها أو يسرقنها فهو فاسد؛ لأنه يبقى أثره بعد انقضاء المدة وأنه ليس من مقتضيات العقد، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين، وما هذه
ــ
[البناية]
يؤيده ما روي عن أبي حنيفة وهو قوله م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه تصح الإجارة إذا قال في اليوم وقد سمي عملا) ش: أي سمي المعقود عليه عملا كأنه قال: إن عملت في بعض اليوم م: (لأنه للظرف) ش: أي لأن في الظرف لا للمدة والمظروف لا يستغرق الظرف م: (فكان المعقود عليه العمل) ش: لأنه كأنه قال: إن عملت في بعض اليوم وذلك يفيد التعجيل فكان العمل هو المعقود عليه.
م: (بخلاف قوله اليوم) ش: لأنه للمدة، لأنه بدون في فيستقر جميع الظرف فيصلح أن يكون معقودا عليه، ويلزم الجهالة. وقال تاج الشريعة: إذا لم يذكر حرف في مستوعب الظرف فبالنظر إلى قوله لتخبز لي هذه العشرة المخاتيم يكون المعقود عليه هو العمل.
وبالنظر إلى قوله اليوم يكون المعقود عليه هي المنفعة فجهل المعقود عليه ففسدت الإجارة م: (وقد مر مثله في الطلاق) ش: أي فصل إضافة الطلاق إلى الزمان في قوله أنت طالق في غد وقال: نويت آخر النهار.
[استأجر أرضا على أن يكربها ويزرعها ويسقيها]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (ومن استأجر أرضا على أن يكربها) ش: من كرب الأرض كربا قلبها للحرث من باب طلب يطلب م: (ويزرعها ويسقيها فهو جائز، لأن الزراعة مستحقة بالعقد ولا يتأتى الزراعة إلا بالسقي والكراب، فكان كل واحد منهما مستحقا وكل شرط هذه صفته يكون من مقتضيات العقد فذكره لا يوجب الفساد) ش: لأن الشرط الملائم لا يفسد العقد.
م: (فإن شرط أن يثنيها) ش: من التثنية ويجيء الآن، أما المراد من التثنية م:(أو يكري أنهارها) ش: أي يحضر من الكري وهو الحضر م: (أو يسرقنها) ش: من سرقنت الأرض إذا جعلت السرقين ويسمى السرجين وهي الزبل م: (فهو فاسد) ش: أي فإن العقد فاسد م: (لأنه يبقى أثره) ش: أي أثر كل واحد من المذكورات وهي التثنية والكري والسقنة م: (بعد انقضاء المدة، وأنه ليس من مقتضيات العقد، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين) ش: وهو رب الأرض م: (وما هذه
حاله يوجب الفساد؛ لأن مؤاجر الأرض يصير مستأجرا منافع الأجير على وجه يبقى بعد المدة، فيصير صفقتان في صفقة وهو منهي عنه. ثم قيل المراد بالتثنية أن يردها مكروبة ولا شبهة في فساده. وقيل أن يكربها مرتين وهذا في موضع تخرج الأرض الربع بالكراب مرة والمدة سنة واحدة. وإن كانت ثلاث سنين لا تبقى منفعة، وليس المراد بكري الأنهار الجداول بل المراد منها الأنهار العظام هو الصحيح، لأنه تبقى منفعته في العام القابل.
ــ
[البناية]
حاله يوجب الفساد، لأن مؤاجر الأرض يصير مستأجرا منافع الأجير على وجه يبقى بعد المدة فيصير صفقتان في صفقة وهو منهي عنه) ش: أي كون الصفقتين في صفقة منهي عنه، أي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى أحمد رحمه الله في " مسنده " حدثنا حسن وأبو النصر وأسود بن عامر قالوا: ثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة واحدة» . قال شريك: قال سماك هو أن يبيع الرجل بيعا فيقول هذا نقدا بكذا ونسيئة بكذا وقد مر الكلام فيه مستوفى في البيوع.
م: (ثم قيل: المراد بالتثنية أن يردها) ش: أي الأرض م: (مكروبة ولا شبهة في فساده) ش: لأنه لا يقتضيه العقد، لأن الزراعة لا تتوقف عليه م:(وقيل أن يكربها مرتين وهذا في موضع تخرج الأرض الربع بالكراب مرة، والمدة) ش: أي مدة الإجارة م: (سنة واحدة) ش: فإذا كان كذلك يفسد العقد أيضا، لأن فيه منفعة لأحدهما.
م: (وإن كانت) ش: أي المدة م: (ثلاث سنين لا تبقى منفعة) ش: فلا يفسد العقد أيضا، لأن فيه من مقتضيات العقد، وكذا إذا كان الكراب مرتين والمدة سنة، ولكن لا تخرج الأرض البديع إلا بالكراب مرتين، لأنه ليس فيه منفعة لأحدهما.
وقد ذكر الفقيه أبو الليث عن مشايخنا أنهم قالوا: هذا الجواب في بلادهم، أما في بلاد الخضرة نحو المزارعة بهذا الشرط لأن منفعة التثنية في بلاد الخضرة لا تبقى بعد انقضاء المدة، فإن الأرض وإن كربت مرارا قلما تبقى منفعتها إلى العام الثاني.
م: (وليس المراد بكري الأنهار الجداول) ش: وهو جمع جدول وهو النهر الصغير م: (بل المراد منها الأنهار العظام هو الصحيح) ش: احترز به عن قول من قال: المراد بالأنهار الجداول وهو قول خواهر زاده، وبه كان يفتي، فإنه كان سوى بين الأنهار، وبين الجداول عملا بإطلاق لفظ الكتاب م:(لأنه تبقى منفعته) ش: أي منفعة كري الأنهار العظام م: (في العام القابل) ش: ومنفعة
قال: وإن استأجرها ليزرعها بزراعة أرض أخرى فلا خير فيه. وقال الشافعي رحمه الله: هو جائز، وعلى هذا إجارة السكنى بالسكنى، واللبس باللبس، والركوب بالركوب. له أن المنافع بمنزلة الأعيان حتى جازت الإجارة بأجرة دين ولا يصير دينا بدين. ولنا أن الجنس بانفراده يحرم النساء عندنا فصار كبيع القوهي بالقوهي نسيئة، والى هذا أشار محمد رحمه الله
ــ
[البناية]
الجداول لا تبقى إلى العام القابل، كذا ذكره المحبوبي.
فكان المستأجر هو المنتفع بالجداول خاصة وهو واجب على المستأجر بدون الشرط، فكان شرطا يفيد العقد فلا يفسد به. وصاحب المحيط اختار القول الذي نفاه المصنف.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإن استأجرها ليزرعها بزراعة أرض أخرى فلا خير فيه) ش: أي لا يجوز أصلا.
هكذا فسره غالب الشراح ولم يبين أحد منهم وجه العدول عن لفظه لا يجوز أو يفسد إلى هذا اللفظ إلا تاج الشريعة، فإنه قال من دأب محمد رحمه الله أنه يذكر الأخير فيما لم يجد نصا صريحا في فساده ليكون بيان الفساد بطريق الاقتضاء لا بالإفصاح.
فإن قلت: ما وجه تفسير لا خير هل يجوز أصلا؟
قلت: لأن النفي للجنس، فإذا انتفت الخيرية من كل وجه ينتفي الجواز أصلا.
م: (وقال الشافعي: رحمه الله هو جائز) ش: اختلف جنس المنفعة وأنفق، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله -، وعلى هذا الخلاف م:(وعلى هذا إجارة السكنى بالسكنى واللبس باللبس والركوب بالركوب) ش: بأن أجر داره ليسكنها بسكنى دار أخرى أو ثوبا ليلبسه بلبس ثوب آخر ودابة ليركبها بركوب دابة أخرى م: (له) ش: أي الشافعي رحمه الله (أن المنافع بمنزلة الأعيان حتى جازت الإجارة بأجرة دين) ش: على المؤجر ولو لم تكن المنافع بمنزلة الأعيان لكان ذلك دينا بدين، وهو لا يجوز، أشار إليه بقوله م:(ولا يصير دينا بدين) ش: أي الإجارة بأجرة دين.
م: (ولنا أن الجنس بانفراده يحرم النَّساء عندنا) ش: بفتح النون أي التأجيل م: (فصار كبيع القوهي بالقوهي نسيئة) ش: صار حكم هذه الإجارة كحكم بيع الثوب القوهي بالثوب القوهي إلى أجل. وهو بضم القاف وسكون الواو وكسر الهاء نسبة إلى قوهستان كورة من كور فارس.
وإنما لم يجز البيع هنا، لأن أحد وصفي علة الربا كاف في حرمة النساء وهو الجنس، فكذا في المنافع إذا وجد فيها الجنس يحرم م:(وإلى هذا أشار محمد رحمه الله) ش: أي ما ذكر من الحكمين، أعني حكم استئجار الأرض لزراعتها بزراعة أرض أخرى وما أشبهها.