الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى
قال: وإذا عجز المكاتب عن نجم نظر الحاكم في حاله، فإن كان له دين يقبضه أو مال يقدم عليه لم يعجل بتعجيزه، وانتظر عليه اليومين أو الثلاثة نظرا للجانبين. والثلاثة هي المدة التي ضربت لإبلاء الأعذار كإمهال الخصم للدفع
ــ
[البناية]
[باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى]
م: (باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى) ش: أي هذا باب في بيان أحكام الكتابة عند موت المكاتب وعند عجزه عن أداء مال الكتابة وعند موت المولى، وتأخير هذه الأحكام ظاهر التناسب؛ لأن الموت والعجز بعد العتق.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا عجز المكاتب عن نجم) ش: النجم هو الطالع، ثم سمي به الوقت المضروب، ومنه قال الشافعي أقل التأجيل نجمان، أي شهران، ثم سمي به ما يؤدي الوظيفة ومنه حديث عمر رضي الله عنه أنه حط عن مكاتب أول نجم حل عليه، أي أول وظيفة من وظائف بدل الكتابة، ومنه قولهم نجم الدية، أي أداؤها نجوما، والمعنى هنا إذا عجز عن وظيفة من وظائف بدل الكتابة.
م: (نظر الحاكم في حاله، فإن كان له دين يقبضه) ش: أي يطلبه ويقبضه، م:(أو مال يقدم عليه) ش: يعني يأتي من وجه من المؤجر م: (لم يعجل) ش: أي القاضي م: (بتعجيزه) ش: المصدر مضاف إلى مفعوله. وطرأ ذكر الفاعل بتعجيز القاضي إياه، ويجوز أن يكون مضافا إلى فاعله وطوى ذكر المفعول م:(وانتظر عليه اليومين أو الثلاثة نظرا للجانبين) ش: أي جانب المولى وجانب المكاتب.
وقال الشافعي وأحمد: فإن كان له مال عند غائب مسافة السفر لم يلزم التأخير لطول المدة، وإن كان ما دونها لزمه التأخير إلى أن يحضره ودينه على إنسان إن كان حالا، ومن عليه [
…
] وجب التأخير إلى استيفائه.
كما لو كانت له وديعة عند غيره وإن كان مؤجلا أو على معسر فلا يجب التأخير ولو حل نجم وهو نقد وله عروض يلزمه التأخير إلى بيعه. وفي (شرح الوجيز) مدة التأخير للبيع ثلاثة أيام ولا يلزم أكثر من ذلك، وعند مالك إذا عجز نجم يفسخ الكتابة بعد أن يتلوم الأيام وتجتهد في مدة التلوم فيمن يرجى له دون من لا يرجى، كذا في " الجواهر ".
م: (والثلاثة) ش: أي ثلاثة أيام م: (هي المدة التي ضربت لإبلاء الأعذار) ش: أي لإظهارها م: (كإمهال الخصم للدفع) ش: أي لأجل دفعه المدعي؛ لأن المراد من الخصم هو المدعى عليه، والألف واللام فيه بدل من المضاف إليه، وصورته أن يتوجه عليه الحكم وقال لي بنية حاضرة
والمديون للقضاء فلا يزاد عليه، فإن لم يكن له وجه وطلب المولى تعجيزه عجزه وفسخ الكتابة، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان لقول علي رضي الله عنه إذا توالى على المكاتب نجمان رد في الرق علقه بهذا الشرط، ولأنه عقد إرفاق حتى كان أحسنه مؤجله، وحالة الوجوب بعد حلول نجم
ــ
[البناية]
يؤخر يوما أو يومين أو ثلاثة.
م: (والمديون للقضاء) ش: بالجر عطفا على كإمهال، أي وكإمهال المديون لأجل قضاء الدين، صورته ادعى عليه رجل مالا وأثبته فقال: أمهلني يوما أو يومين أو ثلاثة لأدفعه إليك فإنه يمهل إلى ثلاثة ولا يزاد.
وجعلوا التقدير من باب التعجيل دون التأخير، والأصل فيه قصة موسى مع الخضر صلوات الله عليهما وسلامه حيث قال في الكرة الثالثة {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] (الكهف: الآية 78)، وكذلك قدر صاحب الشرع مدة الخيار ثلاثة أيام ونظائره كثيرة م:(فلا يزاد عليه) ش: أي على ما ذكره من المدة.
م: (فإن لم يكن له وجه) ش: أي جهة يتحصل منها المال م: (وطلب المولى تعجيزه عجزه) ش: أي القاضي م: (وفسخ الكتابة، وهذا) ش: أي الذي ذكرنا. م: (عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان لقول علي رضي الله عنه إذا توالى على المكاتب نجمان رد في الرق) ش: رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " في " البيوع "، حدثنا عباد بن العوام عن الحجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث رحمه الله عن علي رضي الله عنه قال:" في إذا تتابع على المكاتب نجمان فلم يؤد نجومه رد في الرق ".
ورواه البيهقي في " سننه " من حديث الحارث عن علي رضي الله عنه م: (علقه بهذا الشرط) ش: أي علقه علي رضي الله عنه بهذا الشرط، والمعلق بالشرط معدوم قبله، وهذا لا يعرف قياسا، فكان كالمروي عنه صلى الله عليه وسلم، وفيه قال أحمد وابن أبي ليلى وابن عيينة والحسن رحمهم الله.
وقيل: هذا استدلال بمفهوم الشرط وهو ليس بناهض؛ لأنه يفيد الوجود عند الوجود فقط. والجواب ما أشار إليه " فخر الإسلام ": أنه معلق بشرطين والمعلق بشرطين لا ينزل عن أحدهما كما لو قال إن دخلت هذين الدارين فأنت طالق. م: (ولأنه) ش: أي ولأن عقد الكتابة م: (عقد إرفاق) ش: أي رفق مبناه على المسامحة م: (حتى كان أحسنه مؤجله) ش: أي أحسن عقد الكتابة مؤجله، أراد أن التأجيل والتنجيم أحسن من الكتابة الحالة، وإن كانت الحالة جائزة عندنا، وبه قال مالك رحمه الله. وعند الشافعي وأحمد - رحمهما الله - لازمان م:(وحالة الوجوب بعد حلول نجم) ش: أي حالة وجوب الأداء، يعني إذا تم النجم الأول صار المال حالا
فلا بد من إمهال مدة استيسارا
وأولى المدد ما توافق عليه العاقدان. ولهما أن سبب الفسخ قد تحقق وهو العجز؛ لأن من صبر عن أداء نجم واحد يكون أعجز عن أداء نجمين، وهذا؛ لأن مقصود المولى الوصول إلى المال عند حلول نجم وقد فات فيفسخ إذا لم يكن راضيا به دونه. بخلاف اليومين والثلاثة؛ لأنه لا بد منها لإمكان الأداء فلم يكن تأخيرا، والآثار متعارضة، فإن المروي عن ابن عمر رضي الله عنه أن مكاتبة له عجزت عن أداء نجم فردها فسقط الاحتجاج بها
ــ
[البناية]
والعجز عن البدل في الحال لا يثبت الفسخ إلا بعد تأجيل مدة أخرى م: (فلا بد من إمهال مدة استيسارا) ش: يعني تمكينا للعبد من الأداء أزيل لعذره.
م: (وأولى المدد ما توافق عليه العاقدان) ش: أي حق الآجال مجتمع عليه العاقدان وهو النجم الثاني فإذا مضى مضى الثاني تحقق العجز فيوجب الفسخ لوجود مدة التأجيل الذي اتفق عليها العاقدان. م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (أن سبب الفسخ قد تحقق وهو العجز؛ لأن من عجز عن أداء نجم واحد يكون أعجز عن أداء نجمين، وهذا) ش: أي كون العجز سببا للفسخ.
م: (لأن مقصود المولى الوصول إلى المال عند حلول نجم وقد فات فيفسخ إذا لم يكن راضيا به دونه) ش: أي فيفسخ المولى الكتابة إذا لم يكن راضيا لبقاء الكتابة بدون ذلك النجم الذي شرط أو فيفسخ القاضي إذا لم يكن المولى راضيا به بدونه على اختلاف الروايتين، فإن المكاتب إذا عجز عن أداء بدل الكتابة ولم يرض بالفسخ فهل يستبدل المولى به ويحتاج إلى قضاء القاضي، فيه روايتان.
م: (بخلاف اليومين والثلاثة؛ لأنه لا بد منها لإمكان الأداء فلم يكن تأخيرا) ش: هذا كأنه جواب عما يقال إذا كان مقصودا لمولى الوصول إلى المال عند حلول نجم كان ينبغي أن يتمكن عن الفسخ من غير إمهال، فأجاب بخلاف اليومين..... إلى آخره.
م: (والآثار متعارضة) ش: جواب عما استدل به أبو يوسف بأثر علي رضي الله عنه، فبين ذلك بقوله: م: (فإن المروي عن ابن عمر رضي الله عنه أن مكاتبة له عجزت عن أداء نجم فردها) ش: فهذا يعارض آثر علي رضي الله عنه.
م: (فسقط الاحتجاج بها) ش: أي بالآثار للتعارض، فإن الأثرين إذا تعارضا وجهل التاريخ تساقطا، فيصار إلى ما بعدهما من الحجة، فبقي ما قالاه من الدليل بقوله: إن سبب الفسخ متحقق سالما عن المعارض.
قلت: هذا الذي ذكره الشراح كلهم، وفيه نظر؛ لأن الأثر الذي نسبه المصنف إلى ابن عمر