الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الوديعة قال: الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها لقوله عليه السلام: " ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان ".
ــ
[البناية]
م: (كتاب الوديعة) ش: ذكرها عقيب كتاب المضاربة، لأن مبناها على الأمانة وهي فعيلة بمعنى مفعولة من الودع، وهو الترك، وشرعًا هي تسليط الغير على حفظ المال أي مال كان بشرط أن يكون قابلاً لإثبات اليد عليه، حتى لو أودع الآبق أو الساقط في البحر أو الطير في الهواء لا يصح.
وركنها: الإيجاب والقبول، فإذا وضع عند آخر ثوبًا مثلاً ولم يقل شيئًا فذهب وذهب الآخر وضاع يضمن؛ لأن هذا إيداع عرفًا.
وكذا لو قال: هذا وديعة عندك بخلاف ما إذا قال الجالس لا أقبل فذهب وضاع حيث لا يضمن لأنه صرح بالرد. ولو ألقاه في بيته كان قابلا بالسكوت، فإذا ضاع يضمنه. وكذا لو قال لصاحب المال أين أضع ثيابي فقال ثمة فوضعه فسرق يضمن.
[ضمان الوديعة]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (الوديعة أمانة في يد المودع) ش: بفتح الدال، ويقال للمال أيضًا مودع بالفتح كما يقال وديعة. وما قيل إن الوديعة والأمانة لفظان مترادفان فلا يرتفعان على الابتداء والخبرية إلا بطريق التفسير، كما يقال: الليث أسد، والحبس منع، وليس المراد هنا التفسير.
فجوابه: أن هذا من باب الإخبار بالعام عن الخاص وهو جائز إلا أن الأمانة أعم من الوديعة.
وقال السغناقي رحمه الله الأولى أن يقال: إن لفظ الأمانة صار علما ًلما هو غير مضمون، فكان معنى قوله أمانة غير مضمون عليه، وتبعه على ذلك الكاكي رحمه الله.
وفيه ما فيه لأن العلم ما وضع لشيء بعينه وغير مضمون ليس كذلك، وليت شعري أنى علم هذا من أقسام الأعلام.
م: (إذا هلكت لم يضمنها) ش: لأن المودع متبرع والتبرع لا يوجب ضمان حق لو سرقت عنده، وإن لم يسرق معها ما له لم يضمن عند أكثر أهل العلم إلا عند مالك رحمه الله فإنه يضمن للتهمة إذا لم يسرق معه مال له.
م: (لقوله عليه السلام «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان»
ولأن بالناس حاجة
إلى الاستيداع فلو ضمناه يمتنع الناس عن قبول الودائع فتتعطل مصالحهم.
ــ
[البناية]
ش: أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في " سننهما " عن عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يتقدم المستودع على المستعير.
فإن قلت: هذا الحديث ضعيف؛ لأن الدارقطني قال: عمرو وعبيدة ضعيفان، وإنما يروى هذا من قول شريح غير مرفوع، ثم أخرجه من قول شريح، ورواه عبد الرزاق في مصنفه من قول شريح، وقال ابن حبان في كتاب " الضعفاء ": عبيدة يروي الموضوعات عن الثقات.
قلت: قول الدارقطني عمرو وعبيدة ضعيفان جرح مبهم فلا يقبل. أما عمرو بن عبد الجبار فهو ابن أخ عبيدة لم يضعفه أحد فيما نعلم، غير أن ابن أخيه ذكره ولم يزد على قوله: له مناكير.
وأما عبيدة: فهو بفتح العين وكسر الباء الموحدة ابن حسان البخاري وذكره البخاري في تاريخه ولم يذكر فيه جرحًا، ويؤيده ما رواه ابن ماجه عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أودع وديعة فلا ضمان عليه»
ورواه ابن حبان من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به، وأعله بابن لهيعة وهو عبد الله بن لهيعة المصري وثقه أحمد وأثنى عليه، والعجب من شراح الهداية كيف سكتوا عن بيان حال هذا الحديث ولا سيما الأترازي الذي يدعي بدعوى عريضة في الحديث، ولم يزد في شرحه على قوله فيه نظر؛ لأن أبا عبيدة جعله من كلام شريح في غريب الحديث وكذلك الزيلعي الذي أخرج أحاديث الهداية حيث نسب هذا الحديث إلى مخرجه وذكر ما قالوا فيه من الطعن وسكت.
قوله: غير المغل من الإغلال بالغين المعجمة وهو الخيانة والمعنى غير الخائن، وكذلك الغلول الخيانة ولكنه يستعمل في الغنم، والإغلال عام.
م: (ولأن بالناس حاجة إلى الاستيداع) ش: وهو طلب ترك الوديعة عند غيره، يقال أودعت فلانًا مالاً واستودعته إياه إذا لم يدفعه إليه ليكون عنده فأنت مودع ومستودع بكسر الدال فيهما، وزيد مودع ومستودع بفتح الدال فيهما م:(فلو ضمناه) ش: أي المودع بفتح الدال م: (يمتنع الناس عن قبول الودائع فتتعطل مصالحهم) ش: لأن كل واحد يمتنع عن قولها، فلو ضمناه أي المودع