الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه استئجار على المعصية، والمعصية لا تستحق على العقد قال: ولا يجوز
إجارة المشاع
عند أبي حنيفة رحمه الله إلا من الشريك. وقالا: إجارة المشاع جائزة
ــ
[البناية]
وقال الشافعي والنخعي نكير ذلك ويجوز، أما الاستئجار لكاتب يكتب له غناء ونوحا يجوز عند أبي حنيفة رضي الله عنه خلافا لهما والثلاثة، وعلى هذا الخلاف الاستئجار على حمل الخمر.
م: (لأنه استئجار على المعصية والمعصية لا تستحق بالعقد) ش: إذ لا يستحق على أخذ شيء يكون به عاصيا شرعا. وقال شيخ الإسلام الأسبيجابي في شرح " الكافي ": ولا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح والمزامير والطبل أو شيء من اللهو ولا على الحداء وقراءة الشعر ولا غيره ولا أجر في ذلك، وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأنه معصية ولهو ولعب.
[إجارة المشاع]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة رحمه الله إلا من الشريك) ش: وبه قال زفر وأحمد - رحمهما الله تعالى - فيما يقسم كالأرض، وفيما لا يقسم كالعبد.
م: (وقالا: إجارة المشاع جائزة) ش: وبه قال الشافعي ومالك. وقال الكرخي في مختصره: ولا يجوز إجارة المشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم عند أبي حنيفة رحمه الله وزفر - إلا أن يكون المستأجر شريكا في العقار فيستأجر نصيب شريكه أو شركائه كله في صفقة واحدة في قول أبي حنيفة، وكذلك قال أبو حنيفة رحمه الله في رجلين أجرا دارا لهما من رجل فهو جائز، وإن مات أحد المؤاجرين بطلب الإجارة، وفي نصيب الحي صحيحة على حالها، ولا يجوز أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله أن يستأجر من عقار مائة ذراع ولا من أرض جريبا أو جريبين إذا كانت أكثر من ذلك.
وفي شرح الطحاوي: إجارة المشاع من شريكه جائزة بالإجماع، ومن غير شريكه لا يجوز عند أبي حنيفة، وعندهما يجوز، وبيع المشاع يجوز من غير شريكه بالإجماع سواء كان مما يحتمل القسمة أو مما لا يحتمل. ورهن المشاع من شريكه أو من غير شريكه سواء كان يحتمل القسمة أو لا يجوز، وعند الشافعي يجوز.
وهبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة جائز وفيما لا يحتمل لا يجوز عندنا وعند الشافعي رحمه الله -يجوز وقرض المشاع جائز بالإجماع، وأما وقف المشاع فأبو حنيفة لا يرى الوقف مشاعا كان أو غيره، وعندهما يجوز الوقف ثم على قول أبي يوسف وقف المشاع جائز وعندهما باطل.
وصورته أن يؤجر نصيبا من داره أو نصيبه من دار مشتركة من غير الشريك. لهما أن للمشاع منفعة، ولهذا يجب أجر المثل والتسليم ممكن بالتخلية أو بالتهايؤ فصار كما إذا آجر من شريكه أو من رجلين وصار كالبيع. ولأبي حنيفة رحمه الله أنه آجر ما لا يقدر على تسليمه فلا يجوز، وهذا لأن تسليم المشاع وحده لا يتصور
ــ
[البناية]
م: (وصورته) ش: أي صورة عقد إجارة المشاع م: (أن يؤجر نصيبا من داره أو نصيبه من دار مشتركة من غير الشريك) ش: أو يؤاجر نصف عبد أو نصف دابة من غير الشريك.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن للمشاع منفعة) ش: يعني فيجوز، لأن موجب الإجارة تملك المنفعة م:(ولهذا يجب أجر المثل) ش: أي ولكون المشاع له منفعة يجب أجر المثل عند أبي حنيفة إذا سكن المستأجر فيها، ولو كان فائت المنفعة لما انعقد أصلا إذا استأجر أرضا سبخة م:(والتسليم ممكن بالتخلية) ش: جواب عما يقال إنه إجارة ما لا يقدر على تسليمه، فأجاب بأن التسليم ممكن بالتخلية بأن يرفع الشريك المؤجر متاعه من الدار وخلى بينهما وبين المستأجر.
م: (أو بالتهايؤ) ش: هو تفاعل من التهيئة، يقال: هايأت زيدا وتهايأ القوم وهو أن يتواضعوا على أمر فيتراضوا به، وحقيقته أن يرضى كل واحد منهما بحالة واحدة ويختارها.
م: (فصار كما إذا آجر من شريكه) ش: فلو كان الشيوع مانعا لما جاز من شريكه كالهبة م: (أو من رجلين) ش: أي أو كما إذا آجر من رجلين فإنه يجوز.
وكل واحد من المستأجرين يملك منفعة النصف شائعا، وكذا لو أجر نصف داره شائعا يجوز م:(وصار كالبيع) ش: أي فصار حكم التخلية هنا كحكم التخلية في البيع من حيث إن التخلية تسليم فيه.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أنه آجر ما لا يقدر على تسليمه فلا يجوز) ش: هذا إما معاوضة وإما ممانعة.
فتقرير الأول: أنه أجر ما لا يقدر على تسليمه، لأن تسليم المشاع وجد سواء كان محتمل القسمة كالدار أو لا كالعبد غير متصور، وما لا يتصور تسليمه لا يصح إجارته لعدم الانتفاع به، والإجارة عقد على المنفعة فيكون هذا دليلا مبتدأ من غير تعرض لدليل الخصم.
وتقرير الثانية أن يقال: لا نسلم انتفاء المانع فإنه آجر ما لا يقدر على تسليمه وعدم التسليم يمنع صحة الإجارة م: (وهذا) ش: توضيح لكون إجارة المشاع إجارة ما لا يقدر على تسليمه م: (لأن تسليم المشاع وحده لا يتصور) ش: فلا يتصور استيفاء المنفعة، لأن الانتفاع أمر حسي
والتخلية اعتبرت تسليما لوقوعه تمكينا وهو الفعل الذي يحصل به التمكن ولا تمكن في المشاع بخلاف البيع لحصول التمكن فيه. وأما التهايؤ فإنما يستحق حكما للعقد بواسطة الملك وحكم العقد يعقبه والقدرة على التسليم شرط العقد، وشرط الشيء يسبقه، ولا يعتبر المتراخي سابقا. وأما إذا أجر من شريكه فالكل يحدث على ملكه فلا شيوع.
ــ
[البناية]
والشائع لا يحتمله.
م: (والتخلية اعتبرت تسليما) ش: جوابا عما قالا والتسليم ممكن بالتخلية.
ووجهه أن التخلية لم تعتبر تسليما لذاتها، حيث اعتبرت، بل لكونها تمكينا، وهو معنى قوله: م: (لوقوعه تمكينا) ش: أي لوقوع التخلية تمكينا من القبض وتذكير الضمير على تأويل رفع الموانع م: (وهو) ش: أي التمكين م: (الفعل الذي يحصل به التمكن) ش: من الانتفاع حسًّا م: (ولا تمكن في المشاع) ش: لأنه معدوم فيه، فالحاصل أن التخلية كأنها اعتبرت علة وهو وسلة إلى التمكن، والتمكين في المشاع غير حاصل ففات المعلول. وإذا فات المعلول لا معتبر بالعلة.
م: (بخلاف البيع لحصول التمكن فيه) ش: لأن المقصود به ليس الانتفاع بل الرقبة، ولهذا جاز بيع الجحش فكان التمكن بالتخلية فيه حاصلا.
م: (وأما التهايؤ) ش: جواب عن قولهما أو بالتهايؤ. وحاصله أن التهايؤ من أحكام العقد بواسطة الملك، وهو معنى قوله: م: (فإنما يستحق حكما للعقد بواسطة الملك) ش: يعني حكما لثبوت الملك م: (وحكم العقد يعقبه) ش: أي يعقب العقد، لأن حكم الشيء هو الأثر الثابت بعد الضرورة يتأخر عنه م:(والقدرة على التسليم شرط العقد وشرط الشيء يسبقه) ش: أي: سبق الشيء لتوقف وجود المشروط على وجود الشرط، فالمتوقف عليه سابق لا محالة م:(ولا يعتبر المتراخي سابقا) ش: وهو التهايؤ، لأنه حكم، فمتى اعتبر سابقا يلزم قلب الحكم شرطا، وذا لا يجوز.
م: (وأما إذا أجر من شريكه) ش: جواب عن قولهما فصار: كما إذا أجر من شريكه. ووجهه أنه إذا أجره من شريكه م: (فالكل يحدث على ملكه فلا شيوع) ش: يعني أن البعض له بحكم الملك، والبعض بحكم الإجارة، وكل المنفعة تحدث على ملكه فلا شيوع حينئذ.
قيل: لو لم يكن فيه الشيوع لجاز الهبة والرهن من الشريك، لكنه لم يجز.
وأجيب: بأن المراد بأن لا شيوع يمنع التسليم وهو المقصود فيما نحن فيه، فالمنفي شيوع موصوف، ويجوز أن يكون الشيوع مانعا فحكم باعتبار دون آخر، فيمنع عن جواز الهبة من حيث القبض، فإن القبض التام لا يحصل في الشائع ويمنع جواز الرهن لانعدام المعقود عليه
والاختلاف في النسبة لا يضره على أنه لا يصح في رواية الحسن عنه. وبخلاف الشيوع الطارئ لأن القدرة على التسليم ليس بشرط للبقاء.
ــ
[البناية]
وهو المنفعة، وإنما يتعذر التسليم وذلك لا يوجد في حق الشريك. والتحقيق في هذا الموضع أن الشيوع إما في العين أو في المنفعة، فإن كان في العين فقد منع من الهبة، والرهن دون التسليم في الإجارة، وإن كان في المنفعة فقد منع عن التسليم فيها إن كان ابتداء وإن كان طارئا لم يمنع، فافهم.
م: (والاختلاف في النسبة لا يضره) ش: جواب عما يقال سلمنا أن الكل يحدث على ملكه، لكن مع اختلاف النسبة، لأن الشريك ينتفع بنسبة الملك بنصيب شريكه بالاستئجار فيكون الشيوع موجودا.
فأجاب: بأن الاختلاف في النسبة لا يضره، أي لا يضر كون حدوث كل الانتفاع على ملكه، لأنه لا عبرة لاختلاف الأسباب مع اتحاد الحكم م:(على أنه لا يصح) ش: أي على أن عقد إجارة المشاع من شريكه أيضا لا يصح م: (في رواية الحسن عنه) ش: أي عن أبي حنيفة. وذكر القدوري في التقريب روي الحسن عن أبي حنيفة وزفر بطلان العقد في الجميع يعني إجارة المشاع من الشريك وغيره.
م: (وبخلاف الشيوع الطارئ) ش: بأن أجر رجل من رجلين ثم مات أحدهما فإنه يبقي الإجارة في نصيب الحي شائعا في ظاهر الرواية، وذكر الطحاوي عن خالد بن صبيح عن أبي حنيفة أنه يفسد في حق الحي.
وقال صاحب " العناية ": قوله: " وبخلاف الشيوع الطارئ " ليس له تعلق ظاهر، أراد أن ذكره هاهنا غير مناسب، وليس كذلك، بل تعلقه ظاهر لأنهما أجازا إجارة المشاع قياسا على ما إذا أجر داره من رجلين ثم مات أحدهما، فإنه تبقى الإجارة مع أن فيها الشيوع، كما إذا ذكرنا لا يقال على هذا يكون قوله وبخلاف ما إذا أجر من رجلين تكرارا، لأن قوله بخلاف الشيوع الطارئ مثل أصل قاعدة.
وقوله: " بخلاف ما إذا أجر من رجلين " من الفروع المبنية على هذا الأصل، فلا تكرار في ذكر الأصل من الفرع.
وإنما التكرار يكون إذا كانا رجلين متحدين أو فرعين متحدين م: (لأن القدرة على التسليم ليس بشرط للبقاء) ش: عند الابتداء، كما أن تكبيرة الافتتاح شرط لابتداء الصلاة وليس بشرط للبقاء.